|
ناج من القصف الكيمياوي يبحث عن هويته
جنار نامق
الحوار المتمدن-العدد: 5220 - 2016 / 7 / 11 - 20:27
المحور:
حقوق الانسان
تثير هذه القصة ماضٍ، لكنه مستمر بمعاناته ومحاكاته للحياة، كثيراً مانبحث عن جثث وبقايا ضحايانا في المقابر الجماعية، وهناك احياءً لن تحتضنهم الوطن. منهم شخص يبحث عن ذاته الضائعة ليتعرف عليها من جديد، يدعى (بارزان ..) نجا من الابادة الجماعية، في حلبجة، جراء القصف الكيميائي التي نفذتها الطائرات العراقية في الساعة 11.00 يوم 16/3/ 1988 . طفل كان في 9 أشهر من عمره، لم يحتضنه الموت كي يتوه في البحث عن ذاته و هويته الضائعة، ربيع مرهف الحس دهمته رائحة التفاح شلت الحياة في المدينة، والحقيقة انه الموت الكيمياوي بعطر التفاح الذي قذفته طائرات صدام. بينما التقط بين من كانوا على قيد الحياة لنقلهم الى مكان ما. لا أحد علاف من هو ، طالما هو نفسه لم يعرف شيئاً عن هويته، بينما كان يبكي على جثة والديه من بين عشرات الجثث. و اطلقوا عليه بارزان نسبة الى منطقة بارزان. مجهول ماضيه و مصير عائلته وكل ما اخبره به والده "الرجل الايراني الذي تبناه و كبره – محمد باقر جعفري" قبل وفاته " بني ابحث عن عائلتك لأنك لست ابني الحقيقي، هذا ماقاله بارزان لي بصوته الحزين المؤلم في اتصالي الهاتفي البعيدة المدى معه، لانه لايزال يعيش في الغربة في دولة "ايران" لحظة كتابة هذه القصة. بلغ بارزان الرابع و العشرين من عمره، حينما اعترف له الجعفري بهذه الحقيقة المرة، اذ قال له عليك البحث عن هويتك المفقودة، رغم انك اكثر من ابنٍ لي الا انك لست من دمي، لاننا انا وزوجتي لم ننجب وقد رزقنا الله بك، حينما كان عمرك تسعة أشهر، اتصل بي صديق عزيز وقال لي احضر لتأخذ هذا الطفل لك، فذهبت حينها الى مدينة سنندج لأختيارك من بين (47 ) اطفال اخرين انقذهم و احضرهم الجيش الايراني الى ملاجئ الاطفال في ايران، وقيل لي انك من مدينة حلبجة العراقية وقد نجوت من الموت اثناء ضربها بالاسلحة الكيمياوية، يومها قمت باختيارك في سنندج لأستلمك فيما بعد في مدينة كرمان شاه. واصل برزان حديثه قائلاً: لم يشأ أبي اخباري بهذه الحقيقة المرة ذات يوم لو لم يوشك على الموت، كوني ابنه الوحيد. ولم اكاد اصدق روايته رغم دموعه الغزيرة، الا أنه احضر لي الوثيقة الرسمية الذي كان قد وقعه حين استلامي عام 1988. و وثيقة اخرى تم التوقيع عليها من قبل 9 أشخاص من أقرباءه والمؤرخة بتأريخ 1988. وفي 1988 صدرت وثيقة من محكمة محافظة سنندج ، يشير الى ان الزوجين تقدما بطلب الى المحكمة لتسجيل الطفل " بارزان" باسمهم بغية اصدار هوية الاحوال المدنية، وبعد بضعة أشهر تم الموافقة على منحه الهوية الايرانية في 1988. جميع الوثائق الصادرة من جمهورية ايران تؤكد صحة ماقاله الاب ل "بارزان" قبل وفاته، وقد حصل بارزان سنة 2015 على وثيقة اخرى من ملجأ الأيتام تؤكد تسليمه الى الجعفري خلال احداث حلبجة. ولم يعد ل "بارزان" شيئ يربطه بإيران التي ترعرع وكبر في حضنها، وها هو معلق بين ايران وحلبجة، و قد قدم اوراقه و مستمسكاته واخذ منه عينة لإجراء فحص "DNA" لأول مرة في 17/7/2013. كما اخذ منه عينة اخرى الا انه لم يصل الى اية نتيجة الى الان. وفي اتصال هاتفي قمنا بإجراءه مع " رئيس جمعية ضحايا الاسلحة الكيميائية في حلبجة " لقمان عبدالقادر محمد اكد بأن ليس هناك شك حول هذه الحقيقة وكل الوثائق تؤكد 100% أن بارزان احد افراد حلبجة، وقد اخذ منه عينة للفحص ولحسن الحظ ان النتائج الاولية قريبة من بعض العوائل الا ان المقارنة لم تجري بسبب الاهمال من قبل حكومة إقليم كوردستان وعدم تخصيص ميزانية لهذا الشأن واشار الى انه راجع المسؤل عن الاختبار"DNA" الدكتور فرهاد صرح "بانه ليس لديه الميزانية الكافية ولم يتعاقد معه اية جهة لذا فهو عاجزعن انجاز النتائج" وأكد لقمان أنه على اتصال مع بارزان مرتين يومياً وهذه القضية ادى الى تدهور أحواله النفسية والاجتماعية والحياتية، ويطالب لقمان الحكومة بايجاد حل لقضية بارزان وجميع ضحايا الاسلحة الكيمياوية. قلقي تجاه بارزان جعلني اطرق ابواباً اخرى للوصول الى حل لقضيته، فأتصلت بمدير عام شؤون المفقودين في وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين " بري نوري " بأعتبار القضية ملف من ملفاتهم، فقد امتنعت عن التصريح و أخبرتني بأن المتحدث الرسمي هو رئيس لجنة متابعة اطفال حلبجة المفقودين، الذي يشغل منصب نائب محافظ محافظة حلبجة " علي عثمان" حيث صرح المتحدث الرسمي بأن ملف بارزان ليس الملف الوحيد بل هناك ملفات اخرى متشابهة ونحن نعمل للوصول الى نتائج دقيقة لإيجاد عوائلهم، الا ان هناك عقبات امام العمل الجدي وهي عدم وجود ميزانية مخصصة بهذا الشأن رغم اننا تقدمنا بطلب الى وزارة الداخلية و وزارة المالية تكراراً لكن للأسف لم يتم تخصيص اية ميزانية وتعد الازمة المالية السبب الرئيسي امامنا، والعقبة الثانية صعوبة الوصول الى ملفات كافة العوائل ذو الموفقودين ولحسن الحظ استطعنا التغلب على هذه العقبة ولكن الازمة المالية دون حل الى هذه اللحظة. لم يعاني بارزان طيلة حياته كما عانى بعد معرفته لحقيقته والسؤال عن : من هو ؟ وما اسمه الحقيقي ومن هم والديه؟ وماهو مصيره؟ فتدهور اوضاعه النفسية والحياتية و انتابه الاغتراب في ذاته، الان لم يعد له احد ان الاب الذي تبناه توفى ،كما توفت امه التي تبنته قبل والده بسنين. ولا يعلم بارزان ماذا يعمل فهو عاجز عن الرجوع الى ارض الوطن، طالما الجهات الرسمية عجزت عن ايجاد حل له.
#جنار_نامق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
-
مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك
...
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|