أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الدكتور محمد عنانى وترجماته















المزيد.....

الدكتور محمد عنانى وترجماته


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5220 - 2016 / 7 / 11 - 14:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدكتورمحمد عنانى وترجماته
طلعت رضوان
الدكتور محمد عنانى أحد المثقفين المصريين المحترمين ، والذى أثرى المكتبة المصرية بالكثير من اسهاماته المُـهمة سواء فى الترجمة أو التأليف. ومن بين ترجماته ، شـدّ انتباهى كتابه (مصر فى الشعر الإنجليزى فى القرن19- قصائد لأربعين شاعرًا) الصادر عن هيئة الكتاب المصرية- عام2015.
فى المقدمة أشار إلى رُوّاد الحركة الثقافية المصرية الذين أشادوا بجهود المستشرقين فى القرن18فى تعريف الغرب بالتراث الشرقى (الهندى والفارسى والعربى) ومن بين هؤلاء الرُوّاد فاطمة موسى التى وصفها ب (أستاذتنا) وهذا الوصف يدل على أنّ د. عنانى تميـّـز بالأدب الجم ويـُـكن التقدير لكل صاحب إسهام فى الثقافة المصرية. ولأنه قارىء جيد للتاريخ ذكر أنّ الحملة الفرنسية كان لها الأثر الحاسم فى الكشف عن مصر القديمة ، وهو الكشف الذى اتخذ طابعـًـا علميـًـا وماديـًـا بسبب نجاح العلامة الفرنسى (شامبليون) فى كشف اللغة المصرية القديمة. وكان حل رموز اللغة المصرية السبب لاكتشاف المزيد عن الحضارة المصرية فى النصوص المكتوبة على أوراق البردى وجدران المعابد التى نجحتْ فى قهر الزمن.
من بين الشعراء الذين ترجم قصائدهم عن مصر الشاعر (شلى) الذى بهر القراء والشعراء العرب والمصريين فى النصف الأول من القرن العشرين. كما أنّ (شلى) اشتهر بعدائه الشديد للإنجليز بسبب غزواتهم العسكرية ومكاسب الحروب فى سبيل بقاء الامبراطورية. وانتقد الفساد الحكومى المُجسّـد فى دكتاتورية السلطة ويـُـعادى الامبريالية عداءً شديدًا. وكذلك كان الشاعر (كولريدج) الذى دعا إلى الحب بدل البغضاء. أما الشاعر (كيتس) فقد كان يحسد البلبل على تحرره من عالم البشر، العالم الذى يسمع فيه أنين بعضهم بعضًا. أما الشاعر (بايرون) فكتب قصيدة سخر فيها من استبداد الحكم بأسلوب لاذع على الحكم السلطوى فى عصره بعنوان (رؤيا ليوم الحساب)
ومع الصراع الدامى بين الدول الأوروبية للسيطرة على شعوب العالم ، فى هذا الجو المُـلبد بالغيوم وحتى عام1815عندما نجحتْ الدول المتحالفة فى قهر نابليون ، كان الشعراء ينشدون الحرية للشعوب. وما بدأتْ صور مصر القديمة تنتقل إلى أوروبا حتى وجد الشعراء فيها رموزًا لكل ما كانوا يسعون فى سبيله ، فهذه أطلال امبراطورية مصرية وعلــّـمتْ الدنيا ما علمته. فما الذى انتهت إليه؟ وما أنْ نـُـشرتْ قصيدة أوزيماندياس (رمسيس الثانى) حتى فهم الناس رسالة الشاعر (شلى) وحفظوها، كما أنّ الشاعر (جيلدر) فى عام1905عاد إليها بعد قرن كامل. وذلك يدل على أنّ الشعراء وجدوا فى مصر القديمة ماءً زلالا ترتوى منه مخيلتهم العطشى لرؤية الزمن القديم ، فأعادوا صياغة الحوارت المُـتخيـّـلة بين المومياوات وأبى الهول والأحجار.
وشرح د. عنانى السبب الذى جعله يترجم شعر شعراء الإنجليزية ، وذلك بهدف إظهار مدى تأثيرمصر القديمة فى مسار الشعرالإنجليزى على اختلاف أشكاله الفنية. ومع ملاحظة أنّ بعض الشعراء يخلطون بين أبى الهول المصرى و(الهولة) اليونانية المشار إليها فى أسطورة أوديب.
نماذج من الشعر الإنجليزى :
قصيدة للشاعرهوراس سميث عن رمسيس الثانى قال فيها : فى مصر، ووسط الصمت الرملى.. تقف الآن وحيدة ساق هائلة.. تلقى ظلا لبقاع جد بعيدة.. لا ظل سواه بصحراء مديدة.. ويقول الحجر أنا رمسيس الأكبر.. ملك ملوك البر. ومدينتى تظهر كل عجائب شادتها هذى اليد.. لكن مدينته بادتْ.. لم تبق سوى الساق لتحكى للإنسان موقع بابل أخرى يطويها النسيان.. ما أقوى ذاك الشعب وأعرق أمجاده. وفى قصيدة أخرى لنفس الشاعر خاطب فيها (مومياء ملك مصر) فقال : لم يكن الدهر قد انقضّ بمعوله الهدام.. على معابد طيبة. بل إنّ الأطلال هنا تــُـغنى عن أى كلام.. منذ حلول كيانك فى هذا التابوت.. فى زمن فات.. جاء أباطرة الرومان بدولتهم ثم انتكستْ وهوتْ.. وعوالم مستحدثة نشأتْ.. وفقدنا أممًـا شاختْ فذوتْ..أما أنت فلم تتمزق من جسدك أى الشذرات.. هل صعد الأطفال على ركبتك وطبعوا القبلات على وجهك ؟ يا تمثالا من لحم بشرى يامن خـَـلــَـدَ من الموتى.. دعنا نرعى الروح ونحفظ فيها بالتحنيط الطهر.. فستبقى الروح الخالدة بكل سماء مزهرة.
وقصيدة للشاعر جيمزلى هنت عن النيل الذى ((يجرى بأرض مصر العريقة)) وعاهل رفيع اسمه رمسيس.. واالنور فى ذاك الجبين.. شمس الجنوب فى مُـحيـّـا الملكة الضحوك.. ويدوم فى خاطرنا دوام رحلة هادئة.. من أجل البشرية.
وفى قصيدة (أعين النيل) للشاعرة ليديا هوارد قالت : لا أقصد أنْ أوحى أنّ مُحيـّـا مصر، يخلو من كل مفاتن لطبيعتها فى هذا العصر.. والأهرام الساخرة من العصف الهدام.. مازالتْ تلقى بظلال فوق النمل من البشر الساعين.
وكتب الشاعر برناد بارتون : يوم كان الزمان يافعـًـا.. فى عصور بادتْ اليوم وزالتْ.. حين كانت أرض مصر ذات صيت وأصالة.. هـَـدَتْ الدنيا وسادتْ.. مَصدرًا للعلم فى عصر الجهالة.. تنشر الضوء وتزهو بجلالة.. وتراث من حروف كالمتاهات وهيروغليفية.. لا نزال اليوم فيها تائهين.. وكذا درس الفلك. علماء يرقبون النجم ليلا.. وأطلال القصور.. رمز تراث لا يبور.
وكتب الشاعر ألارك ألكسندر: العلم اكتسب هنا طاقة عين المجهر.. وبيده مصباح يمحو الأوهام.. ويـُـسافر كقطار يُسرع بين البلدان.. حتى ما سلمتْ أرض هذى الأيام.. من فحص عميق الأفهام . وكتب الشاعر وليم كايلر: يا بنت مصر لم تعد فى وجهك الذى ذوى.. تلوح أصباغ الحياة جمة وهاجة الهوى.. فى عصر وراء عصر عن سنا نور النهار.. فأنتِ مازلتِ الكيان الثابت الأركان فى ظل السماء.. وقهرتِ أسباب التدهور مثل وقفة ذلك الهرم الكبير.. فهو ابن مصر الأعظم . وكتب الشاعر ويليام باولز: كنا نتأمل ونـُـحـدّق فى أسرار القبر.. فإذا بالوالدة الملكة تبدو للعين.. ورمز الملك الروحى فى يدها.. إيزيس العظمى فى صادق هيئتها.. أنصت ألم تسمع ترنيمة أوزير؟ كم كنتِ مدينة زهو وشموخ.. فى وقت كانت فيه جزيرتنا المعمورة بالبشر.. مأوى للهمج القدماء.
وكتب الشاعر تشارلز دنت : يا من وطـِـئـْـتَ ممالكــًـا بأقدام الغزاة الفاتحين.. يا من له التاجان فى مصر يُزينان الجبين.. انظر: منزل إلهى بنيته بساعد الغرام.. للمرأة التى تفوّقتْ على النساء بعذوبة.. وهكذا استطعتَ رغم كل العظمة.. أنْ تـُـضمر الرقة فى الشعور.. فإنّ من يقوم رسمها المنحوت فى جوارك.. تــُـدعى نفرتارى.. حسناء ذات رقة فى لحظها.. وقد خطبتَ ودها فى ربيع حسنها.. وجعلتَ ما لديك ما لها.. ومثلما يكون عشق العاشقين.. ضممتها إلى فؤادك الأمين. وفى الهامش كتب د. عنانى ((لم يكن من المعتاد أنْ يـُـصوّر ملك من دون الملكة بجواره، وهذا ماراع الشاعر حين شاهد نفرتارى بجوار رمسيس الثانى ، أى أنه لمح خصيصة مصرية قديمة يجلها الغرب إجلالا خاصًـا)) (ص213)
وكتب الشاعر جيرالد ماسى : مصر تبدو لنا بماضٍ سحيق.. وخبايا والغور فيها عميق. وكتب الشاعر إيفلين دجلاس : فى أرض مصر حيث يجرى نهرها المقدس.. هناك كانت بنت آثور (يقصد شهر هاتور المصرى/ نوفمبرالميلادى) مرّتْ على رب الغرام فى وروده.. من أجل قبلة دافئة بشرية.. وصادفتْ ربّ الغرام فى نسائم الحرية.. وموسيقاها تقول كلمة سرية.
وكتبت الشاعرة آن شارلوت : مازالتْ الأهرام فى مصر.. وحتى يومنا هذا مهيبة.. أعجوبة الدنيا.. فقد تحـدّتْ الدهر.. لكن ما تبيه أنت الآن من صرح لفن أو لعلم من علوم العصر.. يحوى معانٍ سامياتٍ لا تدانيها هنا أحلام أهرام مصر. وكتب الشاعر (هـ رونسلى) هذى أرض حياة ليس الموت فيها غير عميق منام.. ألقيتُ هنا فى ماء النيل حياتى وغرامى.. والآن أبحث عن أوزير.. وأعود إليك بأيامى.
وكما ترجم د. عنانى قصائد لأربعين شاعرًا يكتبون بالإنجليزية ، فقد زوّد الكتاب بالكثير من الهوامش بالغة الأهمية والثراء.
ولكن الشىء الذى استوقفنى أنّ د. عنانى (الذى أكن له كل الاحترام والتقدير) ترجم عددًا من القصائد التى ردّد فيها الشعراء مزاعم بنى إسرائيل عن اضهاد اليهود فى مصر. وعن (قصة الخروج) التى لا يوجد أى دليل مادى (جغرافى أو تاريخى) على أنها قد حدثتْ بالفعل ، ومن بين تلك القصائد قصيدة الشاعر (جونز فرى) بعنوان (أوبئة مصر) تكلم فيها عن (جحافل الجراد) وأنّ ((الحى القدير سوف يـُـنجى قوم موسى.. محررًا إياهم من ربقة الرقيق.. ومرة أخرى سيسقط الفرعون.. وعندها ترى أبناء مصر يندمون))
وترجم قصيدة الشاعر (تشارلز دنت بل) بعنوان (رمسيس الثانى) ورغم أنه خاطب رمسيس قائلا ((إنك فرع أعظم لسلالة نسب عليا ملكية)) ومع ذلك كتب ((هل حقــًـا أبصر موسى هذا الوجه البارد ؟ هل نظر إلى هذا الشكل الجامد ؟ هل بـُـعث لإنقاذ مشيئة رب الكون القاهر؟ حتى يرغمك على إطلاق سراح العبرانيين؟ ويعارض رغبتك المشبوبة فى الإبقاء على الرق سنين؟)) وهذا الشاعر وقع فى التناقض بين تقديره للحضارة المصرية، وبين تأثره بالتراث العبرى، حيث أنه هو الذى كتب فى قصيدة أخرى بعنوان (أبوسمبل) عن رمسيس الثانى الذى قهر الغزاة.. وخاطبه قائلا ((وهكذا استطعتَ رغم كل العظمة.. أنْ تــُـضمر الرقة فى الشعور)) وفى تماثيله تظهر بجواره زوجته وحبيبته نفرتارى و((مثلما يكون عشق العاشقين.. ضممتها إلى فؤادك الأمين)) ويتواصل تناقض هذا الشاعر حيث وصف فى قصيدة (الكرنك فى ضوء القمر) رمسيس الثانى بأنه ((الأعظم منذ قرون وقرون)) وفى قصيدة (سهل طيبة) كتب ((وأنا أسير وحدى هنا على تراب مملكة.. لاقت هنا بعض القلوب سعدها وفرحها)) ثم يعود إلى التراث العبرى ليردد مزاعمه عن (العبودية فى مصر) كما وردت فى التوراة وذلك فى قصيدته بعنوان (رمسيس الثانى) فوصفه بأنه كان يرى أنّ ((كل الناس من عبيده)) وأضاف ((يا لغرور الباطل.. انظر قصورك التى سـدّتْ منافذها الرمال.. وانظر مدافنك التى تؤوى خفافيشـًـا وبوم))
وترجم قصيدة (غرق فرعون للشاعر (جون راسكين) الذى بدأها قائلا ((انتحبى يا مصر انتحبى.. فلتندب مصر الغرقى.. ولولة ونحيب.. ما أكثر من غرق من الجيش الجبار.. وبعل إلهك يا موسى القهار.. اهتف يا شعب نبى الله.. اهتف للفرحة بالبر.. ردّد أنغام النصر.. أسباطك يا يعقوب المرهقة تحرّرتْ الآن)) فى تلك القصيدة يـُـردّد الشاعر ما ورد فى التوراة (خاصة فى سـِـفر الخروج) بالحرف عن حكاية غرق (فرعون) مصر وجنوده.. وعن إله موسى (القهار) وعن أسباط يعقوب. فلماذا اختار د. عنانى ترجمة تلك القصيدة التى هى مجرد (صدى) لما جاء فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث (اليهودية/ المسيحية/ الإسلام) عن اضهاد بنى إسرائيل فى مصر، وعن قصة الخروج؟ وكيف وهو (المترجم) والقارىء الجيد للتاريخ ، لم ينتبه إلى أنّ تلك القصيدة (وغيرها) فيها جرح لمشاعره وهو حفيد المصريين القدماء ، وأنّ ما جاء فى الديانة العبرية لا علاقة له بعلم المصريات الذى أثبت أنّ (قصة الخروج) ليست أكثر من أسطورة اخترعها يهود الزمن القديم؟ بل إنّ د. عنانى المعروف عنه الدقة البالغة فى الترجمة يستخدم لفظ الإله العربى (الله) فهل كتب الشاعر بلغته الإنجليزية (الله) أم استخم المُـفردة الإنجليزيةgod ألا يعلم د. عنانى أنّ (الله) هو الاسم العربى للإله؟ بدليل أنّ كل شعوب العالم تستخدم الاسم القومى – وفقــًـا للغتهم القومية- للتعبير عن معنى الرب أو الإله. ولذلك فإنّ اسم الإله عند الإيرانيين (خدا) قدماء ومحدثين ((وترى المسلمين منهم يـُـترجمون باسم الله الرحمن الرحيم إلى ((بنام خدا باخشونده مهربان)) ويعادل (خداى) عند الأفغان- الباشتون. والأتراك عندما يرفعون الأذان يقولون ((تاكرى أولودر)) أى الله أكبر (بيومى قنديل- حاضر الثقافى فى مصر- ط 4 – عام 2008- ص95) فكيف غابتْ هذه المعانى عن د. عنانى وهو مترجم كبير ودقيق فى كتاباته؟ وهل لم يقرأ ما جاء فى مادة Allah فى قاموس أكسفورد أنّ (الله) هو الاسم الإسلامى للإله؟
وترجم قصيدة (عن الخلاص العظيم) للشاعر (جيمز سميثام) الذى ردّد فيها ما جاء فى الديانة العبرية عن مصر، فكتب ((قضى الله (الله وفق الترجمة) ألا تعود لمصر الكريمة (أى الفرعون) وأنْ تصمت اليوم صمت الأزل.. وصكــّـتْ مسامعه ضجة الزبد الهائل.. وهمهمة من لدن قوم موسى وهم خارجون.. وهل كان (الله) يتخلى عن العابرين.. ولكنه شقّ البحر شقــًـا سبيلا من البر.. لتيسير إخراجهم من ظلام الأسى فى مصر.. إلخ))
وترجم قصيدة (ضباب الصباح على الهرم الأكبر) للشاعر (هـ . د . رونسلى) الذى ردّد مزاعم بنى إسرائيل عن (العبودية) فى بناء الأهرام فكتب ((تغص حلوق الرجال بذر الرمال.. ويسمع رجع الأسى فى الحناجر.. يـُـساقون مثل قطيع البقر.. فقلتُ ألا يملك الدهر أنْ يستر الآن عار البناء شديد الضخامة.. ألابد أنْ تستمر بشاعته فى الزمان.. ألا من خليفة حكم جسور.. يقوم بتقطيع كومة هذى الصخور.. وتجريد عملاق مصر الكريمة.. من الثوب حامل ذكرى ذميمة.. صـِـرْحٌ على ألم العاملين شهيد.. ضريحـًـا رهيبـًـا لذكرى العبيد)) فى هذه القصيدة فإنّ (الشاعر) يتمنى أنْ يحكم مصر (خليفة جسور) يهدم الأهرام، فكيف فات هذا المعنى الخبيث والخطير على المـُـترجم (المصرى) خاصة وأنّ (الشاعر) استخدم تعبير (خليفة) فهل هو مع نظام (الخلافة الإسلامية)؟ وهذا الشاعر وقع فى التناقض – مثل من سبقوه- حيث تأرجحه بين نقل ما جاء فى الديانة العبرية، وبين إعجابه بالحضارة المصرية، حيث وصف إيزيس فى قصيدة بعنوان (نبوءة) بأنها ((إيزيس الكريمة)) وفى قصيدة أخرى بعنوان (الملكة حتشبسوت) امتدح تلك الملكة المصرية قائلا ((كانت هذى المرأة قد ألقتْ بخمار الأنثى.. وبذا أكسبت الوطن جديد الإقدام.. كانت تركب كى تتفقد أحوال جيوش البلد.. لابسة حلتها الفولاذية.. فإذا كان السلم بدتْ بملابس ملكية))
وشـدّ انتباهى تعليقات د. عنانى على القصائد التى كانت صدى لمزاعم بنى إسرائيل عن مصر، حيث اكتفى بأنْ كتب تعليقــًـا على قصيدة الشاعر (براوننج) أنّ الشاعر أورد ما جاء ((فى الكتاب المقدس عن عقاب (الله) لفرعون موسى، وهو ما يورده القرآن أيضـًـا حيث الجراد والقمل والضفادع)) وكان باقى التعليق عن أنّ (الفرعون) رفض خروج اليهود من مصر.. إلخ (ص194، 195) وهو نفس التعليق الذى كتبه عن قصيدة (أوبئة مصر) عن العقاب الذى أنزله (الله) بمصر (ص210) والملفت للنظر أنّ د. عنانى كتب عن الشاعر (جون رسكين) الذى كتب قصيدة (غرق فرعون) أنه كتبها وعمره 13 سنة. فإذا كان الأمر كذلك فلماذا أقدم د. عنانى على ترجمتها؟ وهل هى رغبة فى (حشد) أكبر عدد من القصائد حتى ولو كانت ضد مصر؟
وللأمانة فإنّ د. عنانى كان أمينــًـا وموضوعيـًـا عندما علــّـق على قصيدة (ضباب الصباح على الهرم الأكبر) للشاعر (رونسلى) الذى ردّد فيها مزاعم بنى إسرائيل الذين قالوا إنّ بناء الأهرام تـمّ بالسخرة ، فكتب د. عنانى : لقد أثبتتْ الدراسات الحديثة خطأ تلك المزاعم ((إذْ تدل الشواهد على أنّ العمال كانوا يقومون بالعمل باعتباره نوعـًـا من التجنيد الذى يـُـشار إليه باللغات الحديثة بتعبر (الخدمة الوطنية) وأما الزعم بأنّ اليهود سُـخروا لبنائه فقد أثبتتْ البحوث الحديثة أنّ الأهرام كان قد مضى على بنائها ألف سنة عند خروج اليهود من مصر)) (ص219)
ورغم أهمية هذا الكلام فإنّ ما لم يقله د. عنانى هو اكتشاف عالم الآثار (بترى) لمدينة العمال، وتبيـّـن من الآثار وجود نظام لتوزيع الغذاء ، بل والاشراف الطبى ، بدليل العثور على من تـمّ تجبير سيقانهم نتيجة اصاباتهم. كما تـمّ العثور على زجاجات عطر كانت توزّع على العمال ، وكل هذا يثبت تخاريف بنى إسرائيل ومن تبعهم من أبناء الديانة العبرية بشعبها الثلاث، فلماذا ترجم د. عنانى تلك القصائد المُـعادية لمصر، وللغة العلم وخاصة علم الآثار وعلم المصريات ؟ هل هى الرغبة فى (حشد) و(حشر) الكتاب بأكبر عدد من القصائد ؟ أم نتيجة تأثره بالديانة العبرية ومزاعمها التى كذبها العلم الحديث ؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصطفى سويف : العلم بروح إنسانية
- عداء بنى إسرائيل لمصر
- ما مغزى بيع الامتحانات ؟
- النقد العلمى لتأليف التوراة
- هل عمل الخير يحتاج إلى تشجيع ؟
- رد على السيد الأمازيغى التونسى الملحد
- هل سيخرج العرب من التاريخ ؟
- ما مغزى اعتراض الحكومة على حكم لصالح مصر؟
- ما مغزى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ؟
- المملكة العبرانية فى العهد القديم
- العلاقة بين كنعان وإسرائيل
- مصر بين التوراة وعلم المصريات
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (3)
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (2)
- المسرح فى الحضارة المصرية
- لماذا تجاهل جذر الغش المجتمعى ؟
- لماذا يخالف المسلمون النص القرآنى ؟
- هل سنفاجأ بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (1)
- لماذا يكون مدير آثار (مصرى) عبرانى الهوى؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الدكتور محمد عنانى وترجماته