أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى المغراوي - الثقافة الإسلامية .. الماضي المشرق و الحاضر المقلق














المزيد.....


الثقافة الإسلامية .. الماضي المشرق و الحاضر المقلق


مصطفى المغراوي

الحوار المتمدن-العدد: 5217 - 2016 / 7 / 8 - 03:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الثقافة الإسلامية .. الماضي المشرق و الحاضر المقلق
مصطفى المغراوي، المغرب
لقد طبع الإسلام الدول التي احتضنها بطابع حقق لها تفاعلا روحيا وحضاريا، حيث أسهمت بتراثها وخبرتها في بناء الثقافة الإسلامية، كما أنه لم يقطع الصلة بالثقافات التي عاصرت ظهوره، والتي استفاد منها وأفاد، لا عن طريق النقل والتقليد وإنما عن طريق الخلق والإبداع.
إن الفترة الوجيزة التي انتشر فيها الإسلام انتشارا اتسعت معه رقعة الخلافة الإسلامية، عرفت لمَّ شتات العديد من الأجناس المختلفة، فتحقق لها التعايش والإنصهار في بوتقة واحدة، مع الاستمرار في الحفاظ على كل مقوماتها التاريخية والحضارية، فتم وضعها في إطار نظيف يراعي الانسجام بين الوحدة الروحية والفكرية، فصارت أمة متماسكة تجمعها عقيدة كانت سببا في الاستقرار الذي لم تنعم به أبدا عبر تاريخها الطويل.
وبذلك فالإسلام دين منفتح على الديانات الأخرى والثقافات الأخرى، فهو يدعو إلى التعارف في أسمى معانيه، ولم يمنع أتباعه من الاستفادة من تجارب الآخرين كيفما كانت معتقداتهم، فكان من البدهي أن تتأثر الثقافة الإسلامية بالثقافات التي عاصرتها كثقافة الفرس والهند والروم واليونان.
وفي إطار هذا التفاعل يحلو لبعض الحاقدين على الإسلام وعلى العرب، و الذين يسخرون من منجزاتهم أن يروجوا لجملة أفكار تفيد بأن العرب لم يكونوا إلا ناقلين للترات وخصوصا اليوناني، وعملوا على الحفاظ عليه لحمايته من الاندثار كما اندثر تراث كثير من الأمم، فقدموه إلى أوربا التي قامت بتطويره.
فالحقيقة الثابتة التي لا غبار عليها هي أن الثقافة اليونانية، استفادت كثيرا من العلوم المصرية والبابلية والسومرية والأشورية والأكادية والفينيقية وغيرها، وإذا كان علماء اليونان قد أبدعوا في العديد من المجالات والمعارف، فإن علومهم تفتقر إلى التجريب الميداني، عكس العلوم العربية التي ارتبطت بالمختبر والتطبيق، بل إن العلماء المسلمين قاموا بابتكار علوم لم يكن لها أصل سابق في العلوم الإغريقية، فكان لهم الدور القيادي في الخلق والإبداع وقدموا لأوربا نسغ نهضتها، والذي هو في الأصل عصارة مجهودات العلماء العرب المسلمين.
لقد أنجبت الثقافة الإسلامية عددا لا يستهان به من قادة الفكر في شتى العلوم والميادين، والذين أسهموا بقدر وافر في الثقافة الإنسانية من خلال مدها بكل تطوير وإبداع، فاستحقوا بذلك عن جدارة المكانة الرفيعة بين الأمم قديمها وحديثها، والتي اعترف بها عظماء المفكرين في العالم، وبعض المستشرقين المعروفين بأمانتهم العلمية ونزاهتهم الفكرية، وليس الكائدين الذين كانوا يوظفون كتاباتهم من أجل الحط من المجهود الفكري الذي تكبده العلماء المسلمين.
وبرجوعنا إلى لائحة علمائنا العرب المسلمين ومفكرينا الجهابذة الأفذاذ، والذين يضيق المجال بحصرهم، نلاحظ أن جل ما توصلوا إليه من كشوفات علمية، خلّص الإنسان من بعض مشاكله، وقذف به خارج الأرض ليجوب أقطار السماوات، يسبر أغوارها ويكتشف أسرارها، فأصبحوا شعلة وهاجة سرعان ما استضاء بنورها سكان المعمور كافة.
وفي هذا السياق يقول المدرس بجامعة هارفارد الأستاذ دريبر " إن جامعات المسلمين كانت مفتوحة للطلبة الأوروبيين الذين نزحوا إليها من بلادهم لطلب العلم " وأضاف كذلك الدكتور غريسيب من جامعة برلين قائلا " أيها الطلاب المسلمون والآن قد انعكس الأمر، فنحن الأوربيين يجب أن نؤدي ما علينا تجاهكم، فهذه العلوم امتداد لعلوم أبائكم وشرح لمعارفهم ونظرياتهم ".
لقد انقلبت الأوضاع وتحولت الأَفهام، وصرنا ننظر للأمر بشكل معكوس خاضعين منقادين إلى كل ما هو أجنبي، منبهرين بالحضارة الغربية وما وصلت إليه من تقدم ورقي تجاوز حدود الزمان والمكان، في الوقت الذي عم فيه الجهل وانهار الذهن وأصبح فارغا إلا من إشباع الذات وتحصيل الملذات، وهو الوقت نفسه الذي كان فيه الغربيون يرتوون من نبع الحضارة العربية الإسلامية، وينهلوا منها ما يخدمون به بلدانهم، ويشيدون به أوطانهم، غير منحرفين عن نهج العلم النافع ، والدخول في مسارات الفساد التفسخ والانحلال.
وأخيرا يمكن القول أن ما يتعرض له العرب الآن من ذل وإهانة واستخفاف، مرده إلى الانفصال عن الحضارة الإسلامية، فتأخروا وتقدم الغرب، وسبقوهم إلى دروب العلم والمعرفة، وما عجزهم عن اللحاق بهم إلا نتيجة التخاذل والتماطل والتقاعس والتقليد الأعمى، وكلها مؤشرات تنذر بالانتكاسة الكبرى التي شملت المجتمعات العربية كلها ، فتكالبت عليها الدول وتداعت عليها الأمم وكانت النهاية مأساوية.
إن ما نحن الآن في حاجة إليه هو حمل ذلك المشعل من جديد، لاستئناف مسيرة حضارية جديدة على أسس من العقل والعلم، انطلاقا من تراثنا العلمي والحضاري الزاخر، حتى يكون إسهامنا في الإيقاع الحضاري والثقافي المعاصر إسهاما حقيقيا وفاعلا، ينطلق بنا نحو مستقبل سعيد ولا يجتثنا من ماضينا التليد.



#مصطفى_المغراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السفينة الايطالية الملغومة.. قنبلة موقوتة عرفت طريقها إلى ال ...
- المؤسسات السجنية بالمغرب ..تحسين الأوضاع رهين بتخفيف الاكتظا ...
- التوزيع السكاني بالمغرب .. إشكالية تداعياتها كارثية
- التنمية المستدامة بالعالم العربي .. علاج أخير لجسد يحتضر
- التعليم في عالمنا العربي .. الرهان المتعثر
- أزمة الشباب وإشكالية الهجرة
- المرأة العربية.. حريتها بداية مشاكلها
- حقوق الإنسان في العالم العربي الثقافة المهمشة
- الثقافة السياسية والنظام السياسي العربي ..التوافق المفقود
- مجتمعُ المعرفة .. مجتمعٌ غير عربي
- الدين و العلم .. صراع مفتعَل
- التكامل العربي.. البركان الخامد
- حوار الثقافات..عالَم مشروط وُلوجُه
- عولمة الهوية .. مشروع لن يكتمل


المزيد.....




- إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع ...
- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...
- أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م ...
- فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى المغراوي - الثقافة الإسلامية .. الماضي المشرق و الحاضر المقلق