هاشم تايه
الحوار المتمدن-العدد: 1400 - 2005 / 12 / 15 - 10:58
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
من أجل كراسينا الحائرات في برلماننا المنتظر أُتْخِمت الجدران وأسيجة المباني والدور بالملصقات وغصّت باللافتات وأضحت مدننا تعيش في الكلمات والصور وطوفان من الشعارات، وغدا صعباً على الكثير من الملصقات في معركة القبض على المكان المزحوم أن تجد فرصتها في أن تلتصق على جدار أو يحملها عمود كهرباء، أو تتأرجح في هواء، وصار الملصق يجور على الملصق الذي سبقه إلى المكان، بإقصائه منه وبطرده عنه شرّ طردة، إن لم يكن بالتمزيق فبالنوم عليه وتقطيع أنفاسه ومحو أثره، واحتلال مساحته وخنقه حتّى لو كان شبيهه بالصورة وبالكلمات !
وباتت اللافتة تطيح باللافتة وتنزلها من هوائها وتطرحها على الأرض بدماء كلماتها وحروفها ، ولم يتوانَ الملصق الديمقراطي عن قتل الملصق الديمقراطي في الضوء عمداً وعن سابق إصرار وترصّد، ولم تعد كلمة في لافتة، أو صورة في ملصق تأمن على وجودها في مساحة ظفرت بها...
خوفٌ يسكن كلمات الديمقراطية المتصارعة ويروّعها ، وخشيةٌ تقلق الوجوه في الصور المعلّقة في الشوارع والساحات.
بعض الشعارات بسبب رعبها من الطلقات المتربّصة ألصقت كلماتها على عجل فوق إسفلت شارع صامت وأنجزت مهمتها بحذر صارخةً بصمت:
(كلاّ....) و (يسقط... ) وقد توهّمت أنّها ستعيش طويلا مادامت على الأرض ناسيةً عجلات السيارات التي سرعان ما تدافعت عليها ، تدوس (كلاّ )، وتسحق ( يسقط ) بلا مبالاة..
وهكذا قُدِّر لنا أن نرى على مسرحنا الصاخب الديمقراطية تخنق الديمقراطية وتمزّق صورها وكلماتها شرَّ ممزّق في كلّ مكان ، وهذا أوّل الغيث !
ملصقات أخرى لفرط خوفها من الأيدي المأجورة للتمزيق طارت إلى أعالي الأعمدة الكهربائية وبالغت في علوّها لتحفظ أعضاءها فلاحت لنا في أعاليها، ونحن على موج الديمقراطية المتلاطم، مثل الأعلام الصغيرة المهدّدة في صواري سفن القراصنة المبحرين في شوارعنا المحتلّة !
#هاشم_تايه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟