|
أين الشعب من كوارث الحكومة
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 5215 - 2016 / 7 / 6 - 17:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ خمس سنوات ، والشعب المغربي يتجرع بمرارة قرارات الحكومة وإجراءاتها التي تمسه في معيشه اليومي ومستقبل أبنائه وحقوقه السياسية والاجتماعية وعموم الحريات الفردية والجماعية . فالحكومة الحالية ، ليس فقط أنها عجزت عن حل مشاكل التطبيب والتعليم والبطالة والهشاشة ، بل عمقتها ووسعت دوائرها لتشمل حتى الفئات الاجتماعية التي كانت تشكل الطبقة الوسطى .والوضع الحالي للشعب المغربي يثبت أنه في تاريخ المغرب القديم والمعاصر ، لم يفلح أي حزب ، حتى ما كان يعرف بالأحزاب الإدارية، في تحويل الشعب إلى خادم للدولة مثلما جدّ واجتهد ونجح حزب العدالة والتنمية ،ليس فقط في إخضاع الشعب للدولة بل في تجريد الشعب من ميوله التحررية ومقاومته للاستبداد . فالدولة وُجدت لخدمة الشعب والاستجابة لانتظاراته وتأمين حاجياته ، لكن حكومة السيد بنكيران قلبت المفاهيم والعلاقات بأن جعلت الدولة هي المركز الذي يتحلق حوله الشعب ويخدمه . لأجل هذا يسارع رئيس الحكومة الزمن لإخراج سلسلة من القوانين واتخاذ جملة من القرارات تكرس العنف والتمييز ضد النساء والفتيات ، من جهة، ومن أخرى الإجهاز على كل الحقوق والمكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة وعموم الموظفين (قوانين : عاملات المنازل، هيئة المناصفة، مناهضة العنف ضد النساء، الاتجار بالبشر، التنظيم القضائي، القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ومشروع القانون الجنائي ، قانون التقاعد). فالمغاربة باتوا أمام قوانين تمس كرامتهم الآدمية وحقوقهم الاجتماعية . وكان ، إلى وقت قريب ، المس بواحد من هذه المكاسب كفيلا بإطلاق موجة من الاحتجاجات والإضرابات تعبيرا عن غضب الشعب وإصراره على مواجهة وإفشال السياسات اللاشعبية للحكومات المتعاقبة .لهذا كانت الحكومات السابقة تضرب ألف حساب لردود فعل الشعب قبل أي قرار تقدم عليه ،حتى إن الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله ،وفي عز قبضته الحديدية ، أو ما بات يصطلح عليه بسنوات الجمر والرصاص، تراجع عن قرار الزيادة في الأسعار سنة 84 وأعلنها في خطابه الشهير .الآن، لم يعد الأمر يتعلق فقط بالزيادات في الأسعار التي تم تحريرها بل تجاوزها بكثير وبشكل خطير إلى الإجهاز على كل المكتسبات والحقوق التي ضحى من أجلها الشعب وقواه الحية.فمنذ تعيين حكومة السيد بنكيران ، وهي تفاجئ المغاربة بسلسلة من القرارات ما كانت تجرؤ على اتخاذها أي حكومة سابقة رغم الأزمات الاقتصادية والسكتة القلبية التي كانت تتهدد المغرب دون أن تلقى معارضة شعبية قوية تقودها القوى الوطنية والديمقراطية الحية .بل إن حكومة التناوب التوافقي برئاسة عبد الرحمن اليوسفي ، ثم التي تلتها ، ورغم حدة الأزمة الاقتصادية التي عرفها المغرب وارتفاع سعر البترول إلى 150 دولار للبرميل ، خفضت ديون المغرب إلى الثلث ورفعت من الأجور دون أن تسمح لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بالارتفاع ، بحيث حافظت على الدعم المخصص لها بزيادة الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة. وأكيد يحن كل الموظفين إلى الترقيتين الاستثنائيتين اللتين استفادوا منهما جميعا ، الأمر الذي شجع على نمو الاقتصاد بتوسيع شريحة الطبقة الوسطى التي هي طبقة استهلاكية بامتياز . أما حكومة بنكيران فكل الظروف الدولية مناسبة لها خاصة فيما يتعلق بانهيار سعر البترول وانخفاض أسعار القمح في السوق الدولية ، دون أن ينعكس هذا إيجابيا على جيوب المواطنين ويخفض تكلفة المعيشة ، بل الذي حدث هو العكس ؛أي بقدر انخفاض أسعار البترول في السوق الدولية بقدر ارتفاعها في السوق الداخلية . الأمر الذي يطرح السؤال التالي :ما الذي أفقد المغاربة زخمهم النضالي وجعلهم مستكينين خنوعين ؟هناك شيء ما غير طبيعي أصاب المغاربة وشل قدرات المقاومة لديهم رغم قدرة المواقع الاجتماعية على تعبئة أوسع الفئات . الإجابات الأولية التي يمكن تقديمها في محاولة لملامسة هذا الإشكال ، تستحضر عاملين رئيسيين : أولهما يتعلق بالصورة التي صارت عليها الأحزاب والنقابات التي كانت تحمل هموم الشعب وتضحي من أجل مصلحته .لقد اهتزت صورتها لأسباب ذاتية تعود إلى الصراعات الداخلية التي عرفتها وتعرفها هذه الهيئات بحثا عن المكاسب والمناصب ،الأمر الذي شغلها عن هموم المواطنين . والتصويت على قانون التقاعد دليل الاتجار بهموم ومصالح المواطنين .أما العامل الثاني فيتعلق بخوف المغاربة من أي مصير مجهول ينتهي بالشعب إلى الأوضاع التي تعانيها دول ما بات يعرف "بالربيع العربي" . وبات مطلب الأمن والاستقرار يحتل أولوية الشعب بدل مطلب الديمقراطية والكرامة والمساواة. لقد أفلحت الحكومة في استغلال حالة التوجس لدى غالبية الشعب من الآتي ، لتتخذ سلسلة من القرارات والإجراءات تمس مباشرة القدرة الشرائية للمواطنين . لهذا لم يعد من سبيل لمواجهة حالة التردي هذه سوى بانخراط المواطنين الجدي والواعي في العملية الانتخابية والقطع مع العزوف السياسي الذي يستغله حزب العادلة والتنمية في تصدر نتائج الانتخابات . وليعلم المواطنون أن أي عزوف سياسي سيكون كارثة على الغاربة باعتبار ما يدخره السيد بنكيران من الإجراءات والقوانين التي تجهز على ما تبقى من الحقوق ؛وآخر إبداعاته مشروع القانون القاضي بالتشطيب على الوظيفة العمومة لفائدة العمل بالعقدة.
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما العمل بعد أن صرنا -مغربستان-؟
-
أهل الكتاب مؤمنون والجنة ليست حكرا على المسلمين.
-
فصل المقال فيما بين الغنوشي وبنكيران من انفصال.
-
أية آفاق لفصل الدعوي عن السياسي في تجربة حركة النهضة.
-
ماذا بعد قرار المجلس الدستوري في قضية عزل القاضي الهيني ؟
-
دولة الخلافة حلم البيجيديين وعقيدتهم. 2/2
-
دولة الخلافة حلم البيجيديين وعقيدتهم. 2/1
-
استغلال القاصرات عقيدة الإسلاميين.
-
ذكرى 16 ماي وتعاظم خطر الإرهاب.
-
شتان بين دموع رجال الدولة ودموع رجال الدعوة.
-
داعشية جماعة العدل والإحسان2/2.
-
خطاب الرياض:التحديات والمسئوليات المشتركة.
-
أين الدولة من -شرع اليد- ؟
-
داعشية جماعة العدل والإحسان2/1.
-
معاداة الفلسفة عقيدة الإسلاميين.
-
ابحثوا عن جذور الدعوشة في ثقافتنا الدينية.
-
أي مصداقية لتقرير الوزيرة الحقاوي ؟
-
رجاء اتركوا جذوة الشعب متقدة !.
-
8 مارس يوم يناهضه المتشددون.
-
حوار حول المرأة والتطرف الديني
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|