أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمير مجدى - قراءة وتحليل فى أثار ضاهرة الشعب المتدين بطبعه















المزيد.....

قراءة وتحليل فى أثار ضاهرة الشعب المتدين بطبعه


أمير مجدى

الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 17:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك أصوات كثيرة اصبحت تسخر من ظاهرة الشعب المتدين بطبعه وتنتقدها وتتهكم عليها كلما اصطدمت بسلوكيات ومشاكلات تتنافى مع جوهر الدين. اذ ان الدين هو سلوك فرد وليس سلوك مجتمع وظاهرة الشعب المتدين بطبعه فى جوهرها هى اخراج الدين من ساحته الفردية الشخصية الى الساحة الشعبية الاجتماعية وبالتالى تحويل الدين من علاقة بين الله وشخص الى علاقة بين الله وأمة وهذا معناه ان هناك ثمة تحول للعلاقة الروحية بين الله والفرد الى علاقة سياسية بين الله والمجتمع فالعلاقة بين فرد وجماعة علاقة سياسية بالضرورة حيث يقوم الله فيها بدورالزعيم السياسى مع الاله الروحى وهذا أفضل مايقال عنه انه نسف لمعنى الدين تماما وتشويه لصورة الرب وتدمير للقيم الروحية والاخلاقية. وتأسيسا على ذلك سينشأ لدينا دينا للعامة وسيظهر مصطلح جديد يسمى بالدين الاجتماعى وهو يكافئ مصطلح الدين السياسى. ويتضح من ذلك ان تحليل هذه الضاهرة ليس طعنا للدين بل هو كشف عن اسلوب توظيف الدين فى حياة شعوبنا. ان فهم ظاهرة الدين الاجتماعى يعتمد على الرصد الدقيق لنتائجها وتأثيراتها التى تعود على المجتمع باثار سلبية عديدة. ان أحد أسوأ الاثار التى يعانى منها الشعب المتدين بطبعه هو تكريس مفهوم الامة على حساب مفهوم الفرد وهذا ما يترتب عليه اهدار الحريات الفردية التى تتعلق بحرية التعبير وحرية النقاش وحرية الاعتقاد وحرية الحياة بشكل عام والغاء الاستقلالية واعتبار الفرد مجرد عضو تافه ضمن كيان الامه ليست له قيمة كفرد ولا لرغباته ولا لأفكاره بل عليه ان ينصهر ويذوب فى الكيان العام للمجتمع ولاسيما اذا كانت هناك تعددية دينية أو مذهبية وهو ما يعتبر اجمالا قهرا للافراد. ان الشعب المتدين بطبعه غالبا مايقع فريسة لتجار الدين السياسى اللذين يجيدون مغازلة المزاج الدينى للشعب ويستطيعوا بخطابهم الدينى المسيس ان يحصدوا اصوات الشعب المغيب ليفوزوا بالسلطة ويصلوا الى سدة الحكم وبالتالى فهناك تربة خصبة ومهيئة لحكم الفاشية الدينية فى مثل هذه المجتمعات التى حولت الانتماء للدين كالانتماء الى النادى الاهلى. أضف الى ذلك ان النمط السياسى البديل للفاشية الدينية فى تللك المجتمعات هو الاستبداد الامنى وهو المرشح بقوة أيضا فى ظل غياب معارضة حرة ورأى حر وتنوع وتعدد التيارات الفكرية تحت سلطة المزاج الاحادى للمجتمع وبذلك فهذه الشعوب محصورة بين مطرقة الاستبداد الامنى وسندان الفاشية الدينية وليس لها بديل غير ذلك طالما ظلت توظف الدين بشكل خطأ يحول المجتمع الى كتل بشرية لها رأى واحد وفكر واحد وبالتالى ستصب أصواتهم فى جيب حزب واحد ليحكمهم حكما شموليا بكل تأكيد. بالاضافة الى ذلك ان المجتمعات من هذا النوع تقع بسهولة ضحية للنصب السياسى وللوعود السياسية الكاذبة حيث يتم مباركتها دينيا وحتى عندما تفشل هذه المشاريع تجد كثيرين يدافعوا عنها ويبرروها. أما لو كانت هناك ارادة سياسية حقيقية للتنوير فالمزاج الدينى للمجتمع سيقيدها ولا يسمح لها بخيارات متنوعة فهى لن تستطيع حتما ان تخرج خارج الصندوق وبالتالى فالمجتمع يحرم نفسه بنفسه من اى محاولات للتغيير والتنوير يقوم بها اى سياسى او مفكر. فضلا عن كل ذلك تسرب المزاج الدينى للعامة الى الدستور والقوانين وهو الامر الاكثر خطورة اذ يكتسب الدين الاجتماعى سلطة قانونية علاوة على سلطته الاجتماعية وهنا قد ننزلق الى الصدام مع مذهب أخر أو طائفة أخرى وهذا ليس الا صراع الاديان او المذاهب على السلطة الزمنية وعلى السيادة المادية وكأنها كأى مذهب او حزب سياسى هبطت بنفسها الى مستنقع الصراع العفن, مما قد يؤدى الى حرب أهلية طائفية هائلة وهنا قد تكون النتيجة سياسيا هى خلق دولة فاشلة أو تحلل الدولة وتقسيمها الى مجموعة دويلات على اساس مذهبى او دينى. ان من اسوأ الاثار الاجتماعية لظاهرة الشعب المتدين بطبعه انتشار التدين الظاهرى والرياء فتجد مضاهر الدين على اشخاص منافقين وكاذبين يستغلون مزاج المجتمع الدينى من اجل الوصول الى اغراضهم الى جانب ذلك تكثر عمليات النصب على البسطاء بدغدغة مشاعرهم واستدراجهم الى معاملات مالية او سوقية مشكوك فيها طالما يستطيع النصاب استغلال المزاج الدينى انها بيئة مواتية لتضخيم الثروات وجمع الاموال. فلاشك ان هناك ازمة اخلاقية يعانى منها هذا المجتمع المتدين فى مشهد متناقض وصادم فالمنافق والانتهازى والوصولى يجيد التدين وبالتالى يحرز مكانة اجتماعية ومادية معينة وهذا يصدم الكثيرين للاسف فى الدين والاخلاق مما يجعل البعض ينكر الدين ويبدأ تنامى تيار الالحاد داخل المجتمع المتدين المنافق وهذا ملمح اخر من عبثية المشهد وتناقض الشواهد. بالاضافة الى تجزرظاهرة التعصب فالمجتمع المتدين بطبعه لديه مشكلة مع الاخر مهما حاول ان يتظاهر بالتسامح ولكن الواقع عكس ذلك فهو يرفض الاخر الفكرى والاخر الدينى والاخر المذهبى على مستوى الشكل والمضمون مما ينتهى الى اضطهاد هذا الاخر والشئ المخزى ان هذا التعصب يتدرج من الفرد الى المجتمع الى الدولة فيكثر قمع الاخر ومحاكمته بتهمة الاختلاف وقد ينفجر الاخر وينقلب التعصب الى فتنة والخاسر الاول والاخير فى كل ذلك هو الانسان والمجتمع ككل. وعلى الجانب الاقتصادى ستلاحظ ان الفقر ونقص فرص العمل تلازم المجتمع المتدين بطبعه وينتشر الاقتصاد الخدمى والاستهلاكى واقتصاد البيع والشراء وهو ما يخلق فئة غنية تحتكر المال وفئة اخرى فقيرة تعانى نفقات الحياة. ومن الجهة الثقافية ستلاحظ انتشار الدجل والخرافة وغياب التفكير الناقد وتفاقم مشاكل المجتمع واللجوء دائما الى نظرية المؤامرة لتفسير تردى الاوضاع واستبدال التفكير بالفتاوى والفلاسفة برجال الدين والتنوير بالتكفير. وهنا يوضع كل مبدع مفكروناقد حر داخل قفص حديدى وتقصف الاقلام وتفرض الرقابة على الكلمة ويتم تصيد افكار وكلمات المفكرين لجرهم الى ساحات المحاكم والسجون.
ان ظاهرة الشعب المتدين بطبعه ليست سوى مرض يكرس للتعصب ضد الاخر ويقمع حرية الانسان ويستخف بقيمته كفرد وكوحدة مستقلة بذاتها ويطوع المجتمع للاستبداد السياسى الامنى وللحكم الدينى الفاشى ويجرف الثقافة ويشجع الخرافة ويزيف الاخلاق وينشر النفاق وللاسف ورغم كل ذلك ما زلنا نفتخرونتباهى بأننا شعب متدين بطبعه ومازلنا لم ندرك اثار هذه الظاهرة فى تخلفنا فمن له اذان للسمع فليسمع.





#أمير_مجدى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية والمسيحية
- المجتمع العربى بين الماضى والمستقبل
- قراءة فى موقف المسئولين المحليين من قضية الكرم
- بين سيادة القانون وسيادة العرف


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمير مجدى - قراءة وتحليل فى أثار ضاهرة الشعب المتدين بطبعه