|
البابا فرنسيس يؤسس اخلاقيات تخالف الموروثات الابراهيمية
عادل صوما
الحوار المتمدن-العدد: 5209 - 2016 / 6 / 30 - 08:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكبار عادة يلمحون ولا يصرحون وإن صرحوا فلمرة واحدة فقط، وقد يوعزون إلى حاشيتهم ليقولوا ما يريدون تسويقه. وجرت العادة ان يتريث الفاتيكان طويلا قبل التلميح أو التصريح أو الايعاز لأن قراره لا رجعة فيه ويجب ان يتماشى مع الرسالة المسيحية. من هذه الوقائع أجد ان تصريحات البابا فرنسيس الداعمة للمثليين، وتبنيه بشكل شخصي لهذه المسألة التي لا تخص سوى أقل من10% من سكان العالم على أعظم تقدير، مريبة جدا وتؤسس لرسالة مسيحية تشمل جميع الكاثوليك وهم أكثر من مليار نسمة، وستؤثر حتما في باقي طوائف المسيحية. رسالة لم يقلها أكثر مفكري الكنيسة انفتاحا، ولا حتى اباء عصر التنوير والنهضة الذين قوضوا تسيّس الكنيسة، وأسسوا الحقوق المدنية ومبادئ ميثاق حقوق الانسان. فاجأ البابا فرنسيس العالم منذ أول رحلة له خارج الفاتيكان إلى البرازيل سنة 2013، حين أكد موقف الكنيسة الكاثوليكية بأن ممارسة المثلية الجنسية تمثل ذنبا، لكن التوجهات المثلية ليست كذلك. وقال البابا اثناء عودته بالطائرة من البرازيل دفاعا عن بعض كهنته الملوثين بالزنا الذكوري، الذين أصبحوا لوبي قويا داخل الفاتيكان دفع البابا بنديكتوس السادس عشر الذي وقف في وجههم إلى الاستقالة بعدما اشاعوا عنه انه اصولي متزمت: "إذا كان هناك شخص مثلي الجنس. ونيته طيبة ويسعى في سبيل الرب. فمن أكون أنا لأحكم عليه؟". لا اعرف صراحة ما هي النية الطيبة التي دفعت من اجلها الكنيسة الكاثوليكية في اميركا فقط حوالي مليار دولار تعويضا لمن تحرش بهم كهنة البابا جنسيا. ثم وصلت مبادئ اخلاقيات البابا فرنسيس المسيحية الجديدة (حتى اليوم) إلى ذروتها اثناء رحلة عودته من ارمينيا منذ ايام، حين قال: "إن على الكنيسة الكاثوليكية أن تعتذر للمثليين جنسيا بسبب الأسلوب الذي تعاملت به معهم". و"أنه ليس من حق الكنيسة إطلاق الأحكام على المثليين، وأنها يجب أن تظهر لهم الاحترام". "سوف أكرر ما تقوله تعاليم الكنيسة، وهو أنه لا ينبغي أن يكونوا (المثليون جنسيا) عرضة للتمييز، وأنه ينبغي احترامهم ومرافقتهم أبويا". وأضاف "اعتقد أنه لا يجب فقط على الكنيسة الاعتذار... لشخص مثلي الجنس أساءت إليه لكن يجب عليها الاعتذار للفقراء والنساء اللائي تعرضن للاستغلال والأطفال الذين تعرضوا للاستغلال (بإجبارهم على) العمل. ويجب عليها الاعتذار على مباركة الكثير من الأسلحة". تجاوز البابا فرنسيس ان الكنيسة تستمد تعاليمها من الانجيل وتحاول أن تمثل دائما عصرها، ولأن الانجيل يرفض فكرة المثلية من منظور الحلال والحرام وليس من منظور الحرية الجنسية أو حقوق الانسان، كانت العصور السابقة لا تتقبل فكرة المثلية كواقع بشري من خلال فكرة الحلال والحرام نفسها. تغيّرت النظرة اليوم بسبب انفتاح العقول وسايرت الكنيسة العصر، فعلى ما يجب الاعتذار؟ اقتبس البابا فرنسيس من البابا يوحنا بولس الثاني أسلوب الاعتذار نفسه، لكنه هوى بها من الاعتذار لغاليليو إلى الاعتذار لمن يخالفون قوانين الطبيعة العلمية. إعتذار ذو تناقض غريب ايضا إذ رفض هو شخصيا تعيين سفير مثلي فرنسيا لدى الفاتيكان رغم دعمه الواضح المتكرر للمثليين. ومن جهة اخرى تعتبر اخلاقياته الجديدة غامضة ومتناقضة ايضا مع الموروثات الإبراهيمية كافة، بدءا من موسى حتى رسول الاسلام مرورا بالمسيح وجميع الرسل خصوصا بولس الرسول الذي وسم ممارسي المثلية بالهوان والضلال، وفوق كل هذا كله تجاوز البابا فرنسيس ضرب ربه لمدينتي سدوم وعامورة بالكبريت والنار لتفشي اللواط بهما. ومرة اخرى لمن يجب الاعتذار؟ السير نحو المجهول يبدو ان البابا فرنسيس الاول بابا "علامات الازمنة" لأنه لا يدرك تماما ما الذي يفعله بأوروبا والعالم الكاثوليكي والبذور التي يلقيها في وعي شباب الموروثات الابراهيمية الضائعين ما بين سيئات وقنابل المستفيدين من الاسلام سياسيا وانزواء المسيحية كحضارة، والتهديد بمعاداة السامية لمن يجرؤ ويقول أي كلمة ضد سياسات إسرائيل. البابا يريد لعب دور ما في الاعلام لأنه لا يستطيع ان يغير الواقع، لكنه لا يدرك كما يبدو أن معظم الناس غير ملمّين بقرارات المجامع المسكونية ولا بأسباب نزول القرآن أو حتى صراع الاساطير على فلسطين، ولا أدرى حقيقة ماذا يقول له كرادلته في هذا الشأن. هل يقولون له آمين يا مولانا، بينما أرسي المسيح في ابائهم قواعد الديموقراطية اليونانية. رجل الشارع العادي بغض النظر عن دينه يقول ببساطة: البابا يدعم المثليين. انا افهم تماما ان يقول البابا ولمرة واحدة فقط ان الكنيسة لا تميز بين ابنائها بسبب ميولهم الجنسية. وأفهم لو تجرأ وأدان داعش التي اعدمت المثليين، مثلما فعل بعض العلمانيين، لكن لا أفهم بتاتا تصريحاته السنوية المثيرة للجدل حول هذا الامر خصوصا، ولا مباركته ضمنا لعمادة ابناء التبني للسحاقيات، التي لم تتكرر لعدم هضم الشارع المسيحي لها، ولا حتى مباركة كاردينال كاثوليكي، بدعم شخصي منه، في كوبا لحفل مثليين، ظهر فيه الرجل مرعوبا من فجور كلامهم وصراخهم وإشارات اياديهم وحركات مؤخراتهم. هل يعتقد البابا فرنسيس ان هذه إيديولوجية اخلاقية جديدة يساير به العصر؟ هل يعتقد البابا ان هذه الايديولوجية ستقاوم إيديولوجية الارهاب الذي بدأ ينتشر كالسرطان المميت في اوروبا؟ هل يعتقد البابا ان دعمه للمثلية وقرار زواج المثليين الذي بدأت اوروبا تنفيذه وكانت آخر دولة تطبقه حتى اليوم هي معقل الكاثوليكية إيطاليا، إيديولوجية تستطيع ان تقاوم بها حضارة اباء التنوير والنهضة تمزق أوروبا وسقوطها الوشيك بأيادي التطرف والارهاب؟ مقولة مُفسدة فاسدة كانت المثلية حتى سنة 1973 مدرجة في قائمة الاضطرابات السلوكية، لكن ضغوط جمعيات المثليين تسببت في تشكيل لجنة مراجعة لهذا التعريف، ولم يكن في تلك اللجنة، عن سابق تصور وتصميم، أي عالِم سلوكي يعتقد ان المثلية اضطراب سلوكي، وقررت اللجنة بدعم ممن كفلوها وتجاوز الكثير من القنوات الشرعية، حذف الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية كاضطراب نفسي من الكتيب التشخيصي للأمراض السلوكية، إلا أنها تركت في الكتيب حالة تُعرّف بأنها عدم رضا الشخص عن اتجاهه الجنسي ما يسبب له ألما نفسيا شديدا، ولكن سرعان ما اختفت حتى تلك الحالة من الكتيب. ورغم ذلك وبالإضافة إلى دعم ارفع المرجعيات السياسية والدينية للترويج للمثلية وزواج المثليين منذ ثماني سنوات، لجعلها حالة طبيعية مقبولة شعبيا ولا تحتاج حتى إلى علاج سلوكي، أو توعية على الأقل، يعتقد أغلب علماء السلوك حتى اليوم ان ممارسة المثلية علامة من علامات المرض السلوكي، كما يعتبر المثليون أنفسهم نسيجا لا يندمج في المجتمع السوي، والدليل هو نواديهم الخاصة ومجتمعاتهم المغلقة، التي يمارسون فيها أنشطتهم ويطلقون على فتحة الشرج "الفتحة المقدسة" The holly hole، ناهيك عن الأطباء، خصوصا اختصاصي السرطان، الذين يتحدثون عن أنواع منه لم تكن موجودة قبل تفشي المثلية في العالم، بسبب دعمها ونواديها وإباحيتاها المنتشرة في أفلام البورنو غرافيك. بالنسبة للفم واللوزتين فقط ظهر انواع سرطان جديدة، لا يستجيب فيها على سبيل المثال سرطان خلف اللوزتين للعلاج. هذا السرطان يظهر تحديدا بسبب قبلات الجنس الواحد لبعضهم بعضا واختلاط اللعاب نفسه، وممارسة مص ولعق الجنس الواحد للأعضاء التناسلية نفسها، كما ظهرت انواع جديدة من تضخم البروستاتا سببها احتكاك العضو الذكري المستمر بها نتيجة لممارسة المثليين الرجال. إذا كان البابا فرنسيس ليس على علم بهذه الامراض، فهو على الأقل على علم بالكنائس المثلية وكهنتها والرسالة المسيحية الجديدة التي يؤمنون بها ومفادها جعل الأجساد المتماثلة جسدا واحدا، وهي على منوال إباحي من مقولة المسيح ان الكنسية جسد واحد. والمؤكد إنه على علم أيضا انهم يقولون همسا أن المسيح كان مثليا جنسيا لأنه لم يتزوج، وهو أمر لم تقله بتاتا جميع الادبيات الابراهيمية ولا حتى الاناجيل المزورة. يا باي يا بوووووي في عالم اصبحت فيه اخبار أهل الموروثات الابراهيمية سرقة الاراضي وإزلال الشعوب وذبح الناس وحرقهم وبيع النساء على الانترنت واغتصاب البنات ما دون العاشرة وهدم الدول القومية والتجارة بالأدبيات الابراهيمية نفسها لجمع المليارات وبعث الظلاميات من قبورها وتأسيس اخلاق لم تعرفها الانسانية واديانها كافة، لم يعد بوسعي سوى السخرية مما يحدث بسيناريوهات كوميدية سوداء، لعلها تخفف على القارئ رغم تراجيدياتها وخطورة الموضوع الذي اتحدث عنه. بعد الدعم السياسي الرفيع للمثلية والاعتراف القانوني بزواج المثليين ودعم بابا روما للمثلية، ليس مستبعدا في صناعة السينما تغيير مشهد الخيانة الزوجية المألوف، ليدخل الزوج فجأة بعد عودته من سفر ليتفاجئ بزوجته في احضان امرأة تلعب معها دور الرجل. وقد يعترف على الشاشة الفضية روميو عصرنا لجوليت، بعد الاشعار التي ارسلها لها على بريدها الإلكتروني ولينكات الاغاني الملتهبة التي دغدغ حواسها وشهوتها بها، إنه كذب عليها منذ البداية واتخذها مجرد وسيلة لدخول بيتهم، لأنه في الحقيقة مغرم بأخيها الحليوة. كان البابا يوحنا بولس الاول يقبّل الارض التي يزورها فور نزوله من الطائرة، وقد سأله صحافي يوما عن معنى ذلك فأجابه بسؤال: هل سافرت على متن "أليطاليا"، فرد الصحافي مندهشا: لا. "إذا سافرت على طائراتهم ستعرف لماذا أقبل الارض عند وصولي". رد البابا وهو يبتسم ساخرا من السؤال اللئيم. وفي هذا السياق هناك مشهد مُقترح لفيلم وثائقي عن البابا فرنسيس ينصحه صديق فيه بعدم السفر بالطائرة لأنه اثناء كل رحلة جوية يدلي بتصريح غير مثالي عن المثلية والمثليين، ربما بفعل تغيّر الضغط الجوي الذي يؤثر على ذاكرته ورسالة المسيحية الكاثوليكية التي تربى عليها. ليس مستبعدا سينمائيا أن يسأل مثلي زوجته (الرجل الذي يلعب دور المرأة) عن سبب خيانته له رغم إنه يتعاطى من أجل متعته أقوى المنشطات، فيرد الرجل/الزوجة: أفعل ذلك لأن رواتبنا لا تكفي لحياة البذخ التي نعيشها. وعلى عادة غناء المطربين لأغاني مطربين آخرين، ليس مستبعدا ان يغني مطرب مثلي لأمثاله الاندلسية المعروفة: كلف بغزال ذي هيف خوف الواشين يشرده نصبت عيناي له شركا في النوم فعز تصيده وأن تغني مطربة سحاقية لمثيلاتها أغنية وديع الصافي: على رمش عيونها قابلت هوى طار عقلي مني وقلبي هوى وانا يلّي كنت طبيب الهوى ولأهل العشق ببيع الدوا من لحظة لقيتني صريع الهوى يا يا ياباي يا يا يا بووووووووووووووووي
#عادل_صوما (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أتنادون باالخلافة وتبخلون على خليفة رسولكم بجزيرتين؟!
-
في معضلة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم
-
يعيش يعيش حكم المرشد
-
هل أفلست الاديان شكلا ومضمونا؟
-
افراط البطش الذي يتجاهل القرآن والاحاديث
-
تعدي مؤسسة على صلاحيات الله المطلقة
-
-موال الهوى-: رواية تعبق بثقافات البحر المتوسط
-
المسلمون المتنورون والصم المسيحيون
-
ختان العقل ووأد الروح واستهجان الاستنارة
-
تحت خط الفقر العلمي
-
التمييز والعنصرية والتقية ومصادر التمويل
-
الازدواجية الاخلاقية في الضمير الجهادي
-
ليته يستقيل قبل تشرين
-
الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم
-
تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين
-
قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا(8)
-
قراءة في فكر المستفيدين من الاسلام سياسيا (7)
-
قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (6)
-
قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (5)
-
قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا (4)
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|