أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - موسم تسريب الامتحانات














المزيد.....

موسم تسريب الامتحانات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 15:02
المحور: المجتمع المدني
    


==============

كل عام في مثل هذه الأيام، تهيج الدنيا في مصر بسبب تسريب أسئلة الامتحانات ووقوعها في أيدي الطلاب قبل موعد الامتحان. ولا أدري سببًا واضحًا لكل هذا الصخب حول واقعة لا تقدّم ولا تؤخر. لماذا تصير تلك الواقعة حديث المدينة ومحور تندّر الناس ودليلهم الدامغ (والأوحد فيما يبدو) على فساد المنظومة التعليمية بمصر؟! “الامتحان" هو الخطوة النهائية من طقس التعليم على مدار العام. فهل صلُحَ الطقسُ خلال ذاك العام، ليغدو فسادُ خطوة النهاية كارثة؟ ما دليلُ الغاضبين والغاضبات من تسرب أسئلة الامتحانات، على أن هناك تعليمًا من الأساس؟ أم يا تُرى صدقنا تلك المهزلة السنوية التي تُفرّخ لنا كل عام آلاف الأميين، فأسميناها "تعليما"، فيحقّ لنا أن تثور حفيظتنا اليوم من تسرّب الأسئلة وغياب مبدأ تكافؤ الفرص، فيختلط المجتهد بالكسول، والذكي الأريب اللبيب بالخامل العاطل البليد؟! كم مجتهدًا في كل فصل دراسي تبكون على جهدهم المُهدَر، في مقابل حشود الأميين الجالسين على مقاعد الدرس بجميع الصفوف الدراسية من الابتدائي إلى الثانوي، بل إلى الجامعة، ثم يتخرجون؟ مَن الأولى بالبكاء عليه؟ حفنةٌ محدودة من المتفوقين النجباء، لا خوفٌ عليهم إن تسرّب سؤالٌ أم لم يتسرّب؟ أم حشودٌ حاشدة من الأميين تلفظهم الجامعاتُ كل عام إلى الدولة ليشغلوا مناصبَها؟!
لماذا لم يغضب الغاضبون والغاضبات بعد تصريح السيد وزير التربية والتعليم العام الماضي بأن هناك 303 ألف طالب وطالبة بالمرحلة الابتدائية حصلوا على درجة "صفر" في الإملاء خلال اختبارات القراءة والكتابة التي أقامتها وزارة التربية والتعليم قبل عام؟!
أين يختفي غضبهم حين يصطدمون كل نهار بعشرات من حاملي الشهادات يخفقون في كتابة أسمائهم على النحو السليم؟! أين يختبئ غضبُهم حين يشاهدون الأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية تملأ الصحف وشاشات الفضائيات والإعلانات في الشوارع والمحال، بل وفي الكتب المدرسية وفي محطة القرآن الكريم بالإذاعة المصرية (التي كانت منبرًا للتثقيف الرفيع فيما مضى) حين يقول المذيع بثقة: “أحاديثٌ قدسية"، غافلا أن "أحاديثَ" ممنوعةٌ من الصرف لا يجوز تنوينها، على الأقل في محطة تبثُّ القرآن الكريم، الذي معجزتُه هي اللغةُ والبيان؟!
متى يفطن أولئك الغاضبون والغاضبات إلى أن ما يُسمى "عملية تعليمية" ليست إلا ملهاة تراچيدية إغريقية ركيكة يؤديها ممثلون فاشلون تنتهي بموت كل طاقم التمثيل والجوقة والعازفين ليخرج الجمهورُ وقد حصدوا شيئًا من "التطهّر الأرسطي" والشعور ببعض الراحة الزائفة، فيصدق الناسُ أن أولادهم يتعلمون، ويصدق التلاميدُ أنهم يتعلمون، وتصدق الدولةُ أنها توظّف خريجين متعلمين، بينما كل ما سبق حفنةٌ من الأوهام الهزلية، لا سيما حين تحدث في بلد علّمت العالمَ فنونَ الكتابة والتدوين منذ فجر التاريخ الأول؟!
بعد تخرجي من الجامعة قررت أن "أغيّر العالم"، شأن ما يفعل الشبابُ في فورة حماسته وتصديه لمشكلات مجتمعه. اشتريت سبورة وبعض الطباشير الملون ومائة كشكول وكراسة وأقلام رصاص ومجلدات لوحات عالمية وغيرها، ثم جمعت مجموعة من الصغار من أبناء البسطاء في الحي الذي أسكن فيه. ثم راهنتُ نفسي أن أصنع منهم فلاسفة وعلماء صغارًا بعدما أعلمهم مبادئ المنطق والرياضيات والفلسفة والعلوم والآداب والفنون البصرية وغيرها مما تخفق مدارسُنا في تعليمه. منهجي كان: “ما لن يجدوه في مناهج التعليم النظامي”. قررتُ بدايةً اختبار مستواهم اللغوي، قبل الشروع في تعليمهم قصائد الشعر الأشهر والمعلقات وفنون الآداب الرفيعة. أخبرتهم أن يخرجوا كراساتهم لُأملي عليهم قطعة من الأدب العربيّ، حتى أحدد مواطن الموهبة اللغوية لديهم ومكامن قصورها لأنطلق من ترميمها قبل تشييد الطوابق العليا. فسألني أحدهم ببراءة: “إملاء منظورة يا ميس؟" ولم أفهم ما هي "الإملاء المنظورة"! سألته؛ فأجاب بآخر ما يمكن لإنسان أن يتوقعه! الإملاء المنظورة أيها السادة هي أن أكتب القطعة الإملائية على السبورة، ثم يقوم التلاميذ "بنقلها"، أو بالأحرى "رسم" الأشكال (الحروف) كما هي أمامهم، دون أية مقدرة على قراءتها أو معرفة ماذا تعني الكلمات المكتوبة. علّكم تسألون: وكيف يتم تقييم الطلاب بعد الإملاء المنظورة؟! هل هناك أيُّ احتمال أن يفشل أيُّ طالب في "نقل" الحروف كما يراها؟ الإجابة المُرّة: نعم، يخفقون أيضًا!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف سمحنا بأن نسقط؟
- ناضجون ومراهقون
- عين الطائر ودو كيخوتي
- البابا شنودة يرفض اعتبار أقباط مصر أقليلة، هل سينال سبابكم م ...
- كل سنة وأنت طيب أيها الصندوق الطيب
- جنونٌ أمْ كفر؟ 1/3
- أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟
- لماذا يهاجمني نشاط من أقباط المهجر؟ بيان فاطمة ناعوت
- لماذا يحمل الشباب المسيحي التمرَ على النواصي؟
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟
- كلمة الكاتبة فاطمة ناعوت في مؤتمر (دعم الأقباط) بواشنطن
- رصاصةُ فرج فودة؟
- الأبكم
- يقتلون براءتَهنّ!
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟!
- هل الأقباطُ أقلية في مصر؟
- كونشرتو اسمه: رمضان
- سمكة وحصان ... وسجني
- بيت شاهندة مقلد
- ومات معها كل شيء!


المزيد.....




- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...
- لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
- اعتقالات واقتحامات بالضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة تل الرميدة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - موسم تسريب الامتحانات