|
رسالة لم أرسلها عن واقعة فهمها الجميع
طارق المهدوي
الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 11:52
المحور:
سيرة ذاتية
رسالة لم أرسلها عن واقعة فهمها الجميع طارق المهدوي السيد رئيس الجمهورية...تحياتي... لا شك إنكم قد تابعتم الاجتماع المنعقد في أحد مكاتب ديوانكم عند مطلع تسعينيات القرن العشرين لرئيس هيئة الاستعلامات برئاسة الجمهورية ورئيس هيئة الخدمة السرية الخارجية بالمخابرات العامة ورئيس قطاع السلكين بوزارة الخارجية معي، ولا شك إنكم قد طالعتم تفاصيل موافقتي خلال الاجتماع المذكور على تنفيذ قراركم بانتدابي من جهة عملي الأصلية التي هي هيئة الاستعلامات إلى هيئة الخدمة السرية تحت الساتر الدبلوماسي لقطاع السلكين في وظيفة المستشار الإعلامي بالسفارة المصرية في السودان، وهي الموافقة التي كانت مشروطة باقتصار عملي المعلوماتي على الأنشطة السياسية التي يمارسها السودانيون والمقيمون من الأجانب وتكون مؤثرة على مصر سلباً أو إيجاباً، بما يعنيه ذلك من الامتناع عن تكليفي بأي عمل معلوماتي يخص الشئون الداخلية المصرية أو شئون المصريين في الخارج أو شئون غير المصريين التي لا تؤثر على مصر، ورغم الغرابة الواضحة في اجتماع كل هؤلاء المسئولين الكبار معي وأنا مجرد مرؤوس لهم جميعاً ورغم الغرابة الأوضح في موافقتهم الفورية على شرطي التعجيزي المشار إليه، عقب إدراكهم بمكرهم المعهود أنني ما طرحتُه وتمسكتُ به من جانبي إلا لكي يرفضونه ويلغون قرار انتدابي على نحو يحفظ لي وظيفتي الأصلية المرموقة داخل الدولة ويحافظ في الوقت ذاته على نقاء موقفي السياسي كشيوعي معارض للدولة، فإن غرائبيات أخرى عديدة قد ظلت مخبوءة بمهارة في طيات اجتماعهم وموافقتهم لفترة طويلة حتى أنها لم تتضح لي سوى بعد فوات الأوان مثل تلك الواقعة ذات التفاصيل والتطورات المتعددة التي كان أبرزها الآتي:- أولاً: من أجل تقوية وتدعيم السواتر الدبلوماسية والإعلامية لمهمتي المعلوماتية في ظل إعلان العداء المتبادل بين حكام مصر والسودان خلال تسعينيات القرن العشرين، كان لابد من تكوين وتوطيد أواصر علاقاتي الشخصية الطيبة مع فئات إنسانية بعينها تشمل فيمن تشمله الدبلوماسيين والإعلاميين والصحفيين إلى جانب أبناء الجالية المصرية في السودان بالإضافة إلى السودانيين ذوي الأصول المصرية، ومن وسط هؤلاء برز ضمن علاقاتي مثلث إنساني يضم صحفية مشهورة ذات أصول مصرية وميول سياسية ليبرالية غربية تقدم برنامجاً تليفزيونياً ناجحاً باللغة الإنجليزية، وخطيبها الذي هو في الوقت ذاته صحفي زميلها يقوم بإعداد برنامجها التليفزيوني وهو سوداني شمالي ذو ميول سياسية ماركسية عروبية، ومدير القناة التليفزيونية التي تبث البرنامج وهو صحفي سوداني زنجي من جنوب دارفور يشغل موقعاً سياسياً بارزاً داخل الجبهة الإسلامية المتشددة الحاكمة في السودان آنذاك. ثانياً: حاول مدير القناة جاهداً التفريق بين الخطيبين حتى يجد مدخلاً يحصل من خلاله على الفتاة لنفسه لكنه فشل بشكل فاضح ومهين، فحاول فصل معد البرنامج من عمله على خلفية ميوله الماركسية لكن الأصول القبلية للمعد ونفوذ عائلته أفشلا تلك المحاولات بشكل فاضح ومهين أيضاً، ثم حاول المدير فصل مقدمة البرنامج من عملها على خلفية ميولها الليبرالية لكن تميزها المهني واتساع نطاق جماهيريتها أفشلا تلك المحاولات بشكل فاضح ومهين مجدداً، وأخيراً حاول مدير القناة استمالتي إلى صفه فما كان مني سوى حث الخطيبين ودفعهما لإتمام زواجهما ومساعدتي إياهما في الإسراع بذلك حتى يضعاه أمام الأمر الواقع فيكف عن مضايقتهما، لكنه قام بتصعيد مضايقاته عبر نقلها من المضمار العاطفي إلى المضمار السياسي والأمني لاسيما عقب مغادرة العروسين سراً للسودان ولجوئهما إلى بريطانيا حيث اتهمهما بعضوية شبكة تجسس معلوماتي تحت رئاستي، وأصابه سعار من ناحيتي فراح يصب جام غضبه ضدي عبر كيله العشوائي لكافة أنواع الاتهامات في جميع الاتجاهات حول كل ما يخصني من أمور خاصة وعامة. ثالثاً: تمت ترقية مدير القناة المصاب بالسعار فجأة ليصبح رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة أسبوعية رسمية تابعة للجبهة الإسلامية الحاكمة في السودان فجعل من صحيفته منبراً خاصاً لمهاجمتي لحظة بلحظة، مرة لذهابي إلى النادي مرتدياً شورت أو إلى السوق مرتدياً جلابية ومرة أخرى لإصابتي بوعكة صحية ناتجة عن تسمم غذائي ومرات لأنني زرتُ هذا في منزله أو مكتبه أو استقبلتُ ذاك في منزلي أو مكتبي ومرات أخرى لأنني احتفلتُ مع هؤلاء أو لعبتُ مع أولئك، وظل الأمر بالنسبة لي مجرد فاصل كوميدي حتى حصل الصحفي المسعور فجأة على مدد معلوماتي هام ساعده شكلاً وموضوعاً في تطوير هجومه ضدي بنشر تفاصيل بعض الوقائع الموجودة حصرياً داخل ملفات الأجهزة السيادية المصرية، الأمر الذي أضر كثيراً بصورة أجهزتنا العريقة أمام جميع الدبلوماسيين والإعلاميين المحليين والإقليميين والعالميين حيث بدت وكأن نظيراتها السودانية المبتدئة قد اخترقتها. رابعاً: سرعان ما فهم الجميع حقيقة الأمر عقب إعلان افتتاحية أحد أعداد الصحيفة عن فشل محاولاتي المزعومة لتحويل وظيفتي في المخابرات العامة المصرية من وضع الانتداب المؤقت إلى وضع النقل الدائم، بما تضمنه الإعلان من عبارة نصها هو: "هذا شرف صعب المنال على المستشار الإعلامي لأن جهاز المخابرات العامة وطني شريف لا يثق أبداً في الشيوعيين الملاحدة حتى لو اضطر إلى استخدام أحدهم كالمستشار الإعلامي عند الضرورة"، ورغم أن الأكذوبة الخاصة بمحاولاتي للنقل الدائم إلى جهاز المخابرات لم تقلل من خطورة تسريب حقيقة انتدابي المؤقت السري للجهاز، فقد توقف الجميع أمام وصف جهاز المخابرات العامة المصرية بأنه "وطني شريف يعد العمل فيه شرفاً صعب المنال" وذلك من قبل صحيفة تصدرها الجبهة الإسلامية الحاكمة في السودان والتي يفترض عدائها للجهاز، وهو الوصف الذي كشف للجميع قيام أحد أو بعض الأجهزة السيادية المصرية بمهاجمتي عبر وكلائها من شاغلي المواقع الرسمية السودانية العليا مما كشف لهم بالتالي أن إعلان العداء المتبادل بين حكام الدولتين هو مجرد أكذوبة. خامساً: سارعت السلطات السودانية بإغلاق الصحيفة الأسبوعية الرسمية التي كادت أن تكشف مستورها مع سحب وإلغاء تصريح صدورها وتوزيع العاملين فيها على مختلف مؤسسات الدولة الرسمية الأخرى، أما رئيسها الصحفي المسعور فقد تم انتدابه في وظيفة المستشار الإعلامي بالسفارة السودانية في مصر حيث رحبت به السلطات والأجهزة السيادية، في الوقت الذي وصلني فيه عبر السفارة البريطانية بالخرطوم مظروفاً من الزوجين اللاجئين يحوي عدة صور فوتوغرافية لابنهما الأول الذي أسمياه "طارق" على اسمي، مع رسالة يعتذران فيها عن مغادرتهما السرية إلى بريطانيا هرباً من الألاعيب القذرة للأجهزة السيادية المصرية والسودانية التي لا طاقة لهما بمكافحتها. لو كنتم تعلمون بالأمر في حينه فتلك مصيبة ولو كنتم لا تعلمون به حتى اليوم فالمصيبة أعظم...مع تحياتي. طارق المهدوي
#طارق_المهدوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة لم أرسلها عن واقعة لم أفهمها
-
من الوثائق القضائية المصرية (1 - إعلان بشواهد تزوير)
-
المثليون جنسياً في مصر المعاصرة
-
الحكم القضائي حول الجزيرتين بالموازين الثورية
-
كابوس -المواطنين الشرفاء-
-
رسالة إلى أبناء الغد وبعد الغد
-
سيدة القصر
-
جوليو ريجيني...شيوعي آخر يدشن نضاله بمصرعه
-
عواد باع أرضه
-
حكايات الجوارح والمجاريح
-
رفعت السعيد...جه يكحلها عماها
-
أوراق من دفتر الأوجاع
-
المدينة بين زلزالين
-
عشرات السنتيمترات
-
دعاء جدتي ضد الظالمين
-
معلهش إحنا بنتبهدل
-
عالجوهم أو اعزلوهم
-
أشعار نازفة وشعارات ناسفة
-
فوبيا العداء للجنس في الأذهان الفاشية
-
صديقي المحارب الأممي كارلوس
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|