أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - اخناتون - الحاكم بأمر الله: السباحة ضد التيار














المزيد.....

اخناتون - الحاكم بأمر الله: السباحة ضد التيار


محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 5207 - 2016 / 6 / 28 - 13:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حاكمان لمصر يفصل بينهما نحو 2300عام، تميزا برجاحة العقل وتوهج الذهن خالفا الحضارة السائدة في عصريهما وثقافة مجتمعيهما بدوافع فكرية وروحية وسياسية. وتملكتهما رغبة في توحيد ديانات ومذاهب الرعية التي أحبوها وتواضعوا لها, لكي تسلك طريق واحد قويم يكفل لها السلامة والسعادة محاولين توحيد دياناتها المتنوعة ودور عباداتها ومناسكها وطقوسها المختلفة. وفي سبيل تحقيق هذا الحلم تحتم عليهما مواجهة ثقافة المجتمع التعددية وتنوع عقائدة الدينية, وبنيانه الحضاري القائم على تلك الدعامتين رغم تباعد الزمن بينهما، ومواجهة السلطة الزمنية المتمثلة في نظام سياسي تتحكم فيه أسر قوية ممتدة، ومواجهة رجال دين يمثلون سلطة روحية قوية، مستميتين في الدفاع عن نفوذهم .
فأخناتون " تسمية تعني الروح الحية لآتون" كان قد تسمى بها في العام الخامس من حكمه الذي استمر نحو 17 عام، بـعد أن كان أسمة أمنمحتب الرابع. وهو أحد فراعين الأسرة الثامنة عشرة، توفي عام 1336 ق.م. مرّت السنوات الأولى من حكم أمنحوتب الرابع/ أخناتون, مشاركاً للسلطة مع أبيه في العاصمة طيبة. ولكنه كان مصمماً على تحقيق حلمه في إِصلاح جذري تمثل في الإقتصار على عبادة إِله واحد أكثر قرباً من جميع الناس, يمنح (آتون- الاله الواحد) عند شروقه القوة للكائنات ويحييها حتى تستمر نعمة الحياة، إله موجود في كل مكان من أرجاء مملكته التي أمتدت من الأناضول شمالا حتي بلاد النوبة جنوباً, وأدخلت ديانة أخناتون الجديدة تعديلات عميقه على النظريات المتعلقة بالخلق والموت والشعائر الجنائزية, وتقاليد الدفن والعالم الآخر. مما تطلب إعادة النظر في أسس الحياة السياسية في البلاد ومرّ زمن كان قابضاً فيه بيد قوية على زمام الأمور. وكان باستطاعته أن يأمر بتحطيم تماثيل آمون وبمحو اسمه من النقوش واتسع نطاق هذا التغيير في الحياة الدينية في مصر وفي أرجاء المملكة، حتى شمل محو صور ورموز جميع الآلهة, وأصدر أوامره, بإِحلال عبادة آتون وتشييد معابد ضخمة له في كافة أنحاء البلاد حتى حدود النوبة. ولكن بعد السنة الثانية عشرة من حكمه أخذ الضعف يدبُّ في بنية السلطة، ووقع الإنشقاق في الأسرة المالكة, ووسّعت جبهة المناهضين لحركته الدينية، وفقدت الدولة هيبتها داخلياً وخارجياً, فتوغلت دول الأناضول القوية في سورية والرافدين. وفقدت مصر كافة مواقعها في آسيا الغربية. كما انهارت الحياة الإقتصادية داخل البلاد من زراعة وتجارة وحرف وعمران وانعدم الأمن والاستقرار وتدهورت أحوال الناس, وانتهت أيام الملك في خضم أضطرابات مأساوية أختفى خلالها اخناتون ولم يتم العثور على مومياؤه حتى الآن، ولم يعرف أحد ماذا حلّ به, ولا بمصير أتباعه ومؤيديه. و طويت صفحته وآلت الأمور إلى إِعادة مصر إِلى التعددية والتنوع الديني وعاد الاحترام لآمون وباقي الآلهة، ولكهنة طيبة الأقوياء. وهكذا انهارت محاولة اخناتون لإحلال الوحدانية محل التعددية وقلب وجدان ِالمصرين وطمس ثقافتهم القائمة على التعددية والتنوع.
أما الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي السادس الذي حكم مصر مابين969 - 1021، والذي تعرضت سمعته للتشويه والإغتيال المعنوي من قيادات أهل السنة والشيعة على السواء. وقد كان زاهدًا في الدنيا ، متقشفًا يلبس الصوف، ومنع الناس من ذكر عبارة " سيدنا ومولانا " التي كان الناس يخاطبونه بها في الشكاوى والمكاتبات العامة،كما منع ألا يقبل أحد الأرض بين يديه، وأمر ألا يصلى عليه أحد في الخطب الدينية، ونهى أيضًا عن إقامة الزينات في طريقه أثناء ذهابه إلى الصلاة، وحرص على توزيع الأموال على الفقراء والمساكين. في السنوات الأخيرة من حياته اعتاد أن يجتمع في أحد كهوف جبل المقطم بجماعة من المفكرين ورجال الدين المسيحيين والمسلمين سنة وشيعة ليتدبرون في ملكوت الله ويكثرون من النظر فى العقائد، بهدف التوصل إلى عقيدة توحيدية واحدة فقد كان يزعجه التعدد الديني والمذهبي بين الرعية، مابين المُسلمين السنة والشيعة واليهود والأقباط واللاتين والرومٍ والسُريانٍ والموارنة... وفي ليلة الثلاثاء 13 فبراير سنة 1021 خرج الحاكم من باب القصر الشرقي الكبير، ركب حماره، متوجهاً إلي جبل المقطم ولم يعد ولم يتم العثور على جثته حتى الآن. كثرت الأقاويل والحكايات والأساطير، حول اختفاؤه. ويعتقد الموحدون الذين يعيشون حاليا في لبنان وسوريا واسرائيل ويستوطنون جبل الدروز بلبنان وهضبة الجولان، وهم أحفاد اتباع الحاكم بأمر الله وحواريوه، الذين فروا إلى الشام من بعد اختفاءه في ليلته الغامضة هرباً من مطاردة ست الملك أخت الحاكم ورأس الأسرة الفاطمية آنذاك، ويعتقد الموحدون الحاليون بأن الحاكم بأمر الله هو المهدى المنتظر، الذي رفع إلى السماء وسينزل آخر الزمان ليخلص الأرض من العذاب والفساد والظلم، وينتظرون عودته، ولايعتدون بما ذهب إليه المؤرخون المسلمون من قتله على يد أخته وقائد جيشه، أو فيما اعتقده المؤرخون الأقباط من اعتناقه المسيحية واختفاؤه في أحد الأديرة، ولكنهم يعتقدون في دعوة الحاكم التوحيدية التي مزجت بين العقائد الإبراهيمية فى عقيدة واحدة بنيت على وحدَة الله والابتعاد عن أي شرك به أو وسيط له. وتعد عقيدتهم خليط من عدة أديان وأفكار وفلسفات، وأسقطت جميع التكاليف الجسمانية اليهودية والمسيحية والإسلامية بين اتباعه، الذين يعتبرون الصلاة صلة روحانية بين الإنسان والخالق لاتخضع لأي طقس. وتعتمد الدعوة على السرية الكاملة في عقائدها فلا يعلمها حتى عوامهم.
وهكذا نجد أن ملكَينا قد لاقيا نفس المصير المجهول، ولاقى أتباعهم ومؤديهم التنكيل والمطاردة. والنسيان وطوي المصريون صفحتيهما القصيرة، مقدمين تعويذة تاريخية لحكامة على مر العصور، مفادها أن كل حاكم يحلم بالقضاء على تعدديتة و تنوعه، سيجرفه التيار.



#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الفاطمية: التنوع وقبول الآخر
- أحمد بن طولون: حاكم أحبه المصريون
- إبن يونس المصرى
- صلاح الدين الأيوبى ونائبه قراقوش
- الأزهر
- الآثار المترتبة على القواعد الاستيرادية الأخيرة
- مصر التى فى خاطرى
- نوبار باشا: شخصية من مصر
- التقلص السياسى ، والتمدد الثقافى للتيارات الإسلامية
- عمر لطفى: شخصية من مصر
- محمود مختار: شخصية من مصر
- دكتور نجيب محفوظ: شخصية من مصر
- الشيخ الباقورى: شخصية من مصر
- على باشا مبارك: شخصبة من مصر
- العارف بالله، السيد ابراهيم الدسوقى
- سلامة موسى: شخصية من مصر
- الأب أثناسيوس: شخصية من مصر
- بديع خير: شخصية من مصر
- دكتور ثروت عكاشة: شخصية من مصر
- مينا دانيال: شخصية من مصر


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - اخناتون - الحاكم بأمر الله: السباحة ضد التيار