أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسن محاجنة - التَزَمُّت ..














المزيد.....

التَزَمُّت ..


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 17:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التَزَمُّت ..
جارنا القديم، أبو عبدالله ، كان رجلا غير إجتماعي ، متدين شديد التدين وحتى أثناء تأدية صلاة العشاء وهي الصلاة الوحيدة التي كان يؤديها جماعةً، كان يُخالفُ المصلين في وضع اليدين وفي بعض الحركات الأُخرى .. لكنه ، وذلك يُحسبُ له، كان انساناً نشيطاً جدا ،يُتاجر بالجبن العربي الريفي وبعض المواد الأخرى كالبهارات ..
كان يجمع الجبن من بيوت القرية ويبيعه لسكان المدينة وخصوصاً ذوي الأصول القروية الذين يَحِنُّون للجبن البيتي التي تصنعه القرويات. حتى وبعد ان بلغ سنّاً تسمح له بالتقاعد وتلقي مخصصات الشيخوخة ،لم يتوقف عن العمل..
في بيته كان شديدا، لا يُظهر الحب والمودة لزوجته واولاده ، بل كان دائم الخصام معهم ومقاطعتهم .. وكان الى جانب هذا بخيلاً شديد التقتير على نفسه واهل بيته .. رغم أن عمله كان مربحاً وجرت النقود في يديه ..وكان من اؤلئك الذين يتحدثون الى أنفسهم بكثرة ، فهو لا يعرف اللغة الداخلية ، ما يدور في خلده وفكره يقوله بصوت مسموع وعال..
كان كثير الانتقاد للآخرين في مواضيع دينية ، فقد كان مولعاً بالتفاصيل الدقيقة، ككيفية السجود، والنية ، الركوع وتحديدا وضع اليدين على الصدر اثناء الصلاة ، مخالفا بذلك الجميع ، معتبرا صلاتهم باطلة لأنها لا تتفق مع فهمه لكيفية إدائها .
والقضية التي ضايقت زوجته وأبناءه أكثر من غيرها ، هي رفضه لتلقي مخصصات الشيخوخة التي يستحقها كل من بلغ سن الخامسة والستين .. بحجة أن هذه المخصصات تأتي من دولة غير إسلامية .. لذا فهي حرام ، وبناءً عليه فكل من يحصل على هذه المخصصات، إنما يعتاش من مال حرام، شرعاً .. مما يعني عملياً بأن كل كبار السن ، يأكلون مالا حراماً.
لكن حاجة الزوجة لدخل ثابت ، دفع أبنائها للتوجه الى المؤسسة الرسمية ، ودون علم الوالد (ابو عبدالله) ،طالبين ان تدفع المؤسسة مخصصات الشيخوخة للوالدة .. وهكذا كان .. ولو علم أبو عبدالله بالأمر لأقام الدنيا وأقعدها ، وقد يقوم بتطليق زوجته لأنها تأكل حراماً ، والأنكى لأنها تطعمه من مال حرام .
لكن لماذا يصل الأمر بالبعض الى التزمت الشديد ، الذي يدفعهم لسلوكيات ومواقف تُخالف المجتمع ، بل وتحرم الحلال على سبيل المثال.. وهل من الممكن أن تتبنى فئات اجتماعية واسعة ، التزمت كنهج حياة ؟
يقول الأطباء النفسيون ، بأن 1-2% من السكان يُصابون بنوع من إضطراب الشخصية المعروف بإضطراب الشخصية الوسواسية القهرية ، وهو في الرجال ضعفه عند الإناث.. وتتجلى عوارض هذه الاضطراب ،في الحاجة الى التقيد بالنظم الإدارية والإغراق في التفاصيل ، والبحث عن الكمال لدرجة عدم تمكنهم من البدء بالعمل قبل ان يستوفي كل الشروط اللازمة .. بل وإذا كان في منصب اداري فإنهم يبحثون عن السيطرة ، ولا يوافقون لمرؤوسيهم على انجاز عمل ما دام يفتقد الى المعايير الصارمة التي وضعوها ، وهي في هذه الحالة، معايير غير قابلة للتنفيذ.
وعادة ما يتجلى هذا الإضطراب ايضا في الوساوس الدينية ، فالمصاب به ، يعتقد بأن تزمته هو الدين ، وحرصه على التفاصيل هو من تمام العبادة .. وعادة ما يكون اقصائيا ، لا يقبل سوى وجهة نظره المتزمته.
فهل يمكن تفسير التطرف الديني ، بناءً على معايير إضطراب الشخصية الوسواسية القهرية ؟ اترك لكم الجواب ..



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديخوتوميون-dichotomy
- السجدات الضائعة ..
- صُنعَ في السعودية
- الشيخ والسّكير..
- حزيران، رمضان والاستاذ افنان..!!
- توقف الذاكرة ..
- الجيل الثالث يقرأ.. في تل السمك .
- حقوق اللاجئين : مساهمة في الحوار مع الاستاذ عبدالله أبو شرخ.
- مفاهيم -عديدة- للثورة ..!!
- مبروك لكتاب وقراء الحوار المتمدن.
- بين العِظة والعَظَّة ..
- تداعي الذكريات ..!!
- دولة قومية ،إثنية وأرثوذكسية ..
- الدونكيشوتية في -محاربة- الأديان ..
- ذكرى الهولوكوست ..
- لا أراكم الله مكروها بعزيز ..
- ضيقٌ في الصدر .
- طبقتان عاملتان ..؟!
- ثقافة الثأر..
- أيها الموت، تباً لك ..!!


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسن محاجنة - التَزَمُّت ..