عمار عكاش
الحوار المتمدن-العدد: 1398 - 2005 / 12 / 13 - 11:08
المحور:
الادارة و الاقتصاد
1- مقدمة عامة: استقلال الدول العربية و الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي العام.
2- شرائح المجتمع العربي و طبقاته بُعَيْد الاستقلال:
3- عجز البرجوازية المحلية عن النهوض بمشروع التنمية الوطنية.
4- وصول البرجوازية الصغيرة إلى السلطة.
5- الإصلاح الزراعي و محاولات التصنيع و التغييرات الاجتماعية.
6- فشل فك الارتباط و إعادة إنتاج التبعية.
7- سقوط مشروع التنمية الوطنية و صعود البرجوازية الجديدة.
8- (معوقات التنمية و الحلول).
1- مقدمة تمهيدية:
مع نهاية الحرب العالمية الثانية تغير مجمل الوضع السياسي العالمي, حيث ظهرت المنظومة الاشتراكية كقوة ثانية على المسرح السياسي العالمي مقابل قوة أخرى تتمثل بالمعسكر الرأسمالي الذي تزعمته القوة الاستعمارية الجديدة و هي الولايات المتحدة الأمريكية, و بدأ الصراع الاقتصادي- السياسي - الإيديولوجي بين القطبين لتقاسم مناطق النفوذ في العالم في ظل ما سمي بالحرب الباردة بعد أن كان التدشين لهذا الصراع قد بدأ بشكل صريح و معلن من خلال إنشاء جدار برلين كحد فاصل بين معسكرين أوروبيين شرقي و غربي , معسكر خاضع للنفوذ السوفييتي, و معسكر رأسمالي… و من جهة أخرى كانت مقاومة شعوب العالم الثالث و منها الشعب العربي قد اشتدت ضد المستعمرين الغربيين, و لم يعد أسلوب الاستعمار المباشر مجدياً من الناحية الاقتصادية و الجيوسياسية, و تزاوجت مقاومة المستعمر مع الفيتو السوفييتي في الأمم المتحدة الداعم لاستقلال الشعوب الواقعة تحت نير السيطرة الاستعمارية فكان سقوط النظام الاستعماري, و استقلال الدول المستعمَرة و منها الدول العربية الواحدة تلو الأخرى.
بعد الاستقلال برزت في الدول العربية المستقلة معضلات كبيرة, فالبورجوازية الناشئة و الإقطاع ذو الجذور التاريخية العميقة تحالفا معاً ليعيدا إنتاج التبعية و ليحولا الاستقلال إلى استقلال شكلي, حيث تحولت الدول العربية إلى متروبول وظيفته تزويد رأس المال العالمي بالمواد الأولية التي تحتاجها صناعاته ، و بالمقابل تحولت السوق العربية إلى سوق للمواد الاستهلاكية الغربية, فظل الانقسام الطبقي كبيراً في المجتمع العربي فحفنة من الإقطاعيين و الكومبرادوريين تملك فيما السواد الأعظم من أبناء العشب يعيشون تحت خط الفقر و في ظل ظروف اجتماعية متردية محكومة بعادات و تقاليد القرون الوسطى إضافة إلى ذلك كان التعليم ضعيفاً و مقتصراً على فئة صغيرة من أبناء الذوات ، بل إنه كاد ينعدم في الأرياف التي يشكل أبناؤها الغالبية العظمى من أبناء الوطن العربي ، و نفس الأمر يقال عن الخدمات الصحية,….و من هنا كانت الظروف الاقتصادية و الاجتماعية مهيئة لبروز قوى اجتماعية جديدة أخذت على عاتقها النهوض بمشروع التـنمية العربية و تحقيق الاستقلال الوطني و عبرت عنها بشكل خاص أحزاب اليسار من شيوعيين و ناصريين و بعثيين.
2- شرائح المجتمع العربي و طبقاته بُعَيْد الاستقلال:
إذا ما أردنا تحديد طبيعة البنية الاجتماعية العربية بُعَيْد الاستقلال يمكننا التركيز على كون الغالبية العظمى من أبناء الوطن العربي كانت من الأرياف التي انقسم سكانها إلى إقطاع ذو جذور تاريخية مغرقة في القدم و مسيطر اقتصادياً و اجتماعياً و سياسياً , و على الطرف الآخر فلاحون خاضعون للإقطاع يعيشون حياة البؤس و الفقر.
أما في المدن فقد تشكلت طبقة برجوازية أقامت بعض الصناعات الاستهلاكية البسيطة ، و لعبت دور كومبرادور في ظل الاستعمار رافقتها طبقة عاملة صغيرة العدد , و طبقة وسطى من مهندسين و موظفين و أطباء و حرفيين , إضافة إلى طبقة من البرجوازية الصغيرة.
في ظل هذا التوزع الطبقي, تراوحت النظم السياسية العربية بين نظم ملكية تحكم بالأساليب القديمة, و نظم برلمانية , إلا أن معظم هذه البرلمانات كان لا يمثل أنظمة ديمقراطية فعلية و ذلك لسبب بسيط ، و هو أن السواد الأعظم من أبناء الوطن العربي كانوا من الفلاحين الأميين و عدا عن أميتهم كانوا تابعين للإقطاعيين تبعية شخصية , لذلك غالباً ما كانوا يجبرون على انتخاب ممثلي الطبقة السائدة الناتجة عن تحالف الإقطاع مع البرجوازية المدينية الناشئة.
3- عجز البرجوازية المحلية عن النهوض بمشروع التنمية الوطنية:
كان لعجز البرجوازية المحلية عن النهوض بمشروع التنمية الوطنية و بناء مجتمع علماني ديمقراطي حديث, أسبابه العميقة النابعة من خصوصيتها في المنطقة العربية, إضافة إلى أسباب تاريخية و عالمية, فالبورجوازية الناشئة قدمت دعماً في بداية نهوضها لمثقفي النهضة العربية و لكنها ما لبثت أن أفصحت عن نزوعها الكولونيالي و الكومبرادوري بعد الاستقلال وعقليتها المحافظة .
فالبرجوازية الناشئة بعد الاستقلال كانت مطبوعة بطابع التأخر إضافة إلى هشاشة بنيتها الاقتصادية و ضعف قاعدتها الاجتماعية, كما أن قسماً كبيراً منها لم يكن ذو تقاليد برجوازية بالمعنى الحداثي, و ذلك يعود إلى أن قسماً كبيراً من أفراد هذه الطبقة كانوا إقطاعيين انتقلوا إلى الاستثمار في المدن, لذلك يمكن أن نقول عن البرجوازية العربية و منها السورية أنها (بنت الإقطاعي, أبوها التاجر و المرابي) على حد تعبير الأستاذ ياسين الحافظ , و هذا ما يفسر افتقارها لقيم الحداثة و العلمنة و الديمقراطية بل و تحالفها العضوي و ارتباطها البنيوي بالإقطاع, حتى أنه من الصعب إذا ما عدنا لتاريخ سورية في الخمسينيات التمييز بين الممثلين السياسيين لطبقتي الإقطاع و البرجوازية و مرشحيهم أثناء الانتخابات, انعكس هذا الأمر فيما بعد في افتقار هذه الطبقة لأية مبادرة تـنموية, فظلّت الغالبية العظمى من أبناء سورية تحت خط الفقر, و اقتصر التعليم على بعض المدارس في المدن ، كان معظم طلبتها من أبناء الذوات أما في الأرياف فكان التعليم ضعيفاً جداً .
و كان التجلي الأكبر لتخلف البرجوازية السورية و ارتباطها البنيوي بالإقطاع ظاهراً في مسألة الإصلاح الزراعي ، فكما نعلم أن الإصلاح الزراعي مهمة برجوازية تهدف لتمدين الريف و إنشاء استثمارات زراعية رأسمالية, لكن هذا الأمر لم يتحقق مع البرجوازية المحلية, فبقي الريف السوري كما في القرون الوسطى يعيش ثنائية (الإقطاعي/الفلاح) في ظل تخلف اجتماعي مريع ( بلغت نسبة سكان الريف السوري 63 % من إجمالي سكان سورية عام 1960) ( 1 ) , مع فقر في التعليم ( فقد بلغت نسبة الأمية في سورية 62 % بتعداد 1960) ( 2 ) و الخدمات الصحية و الحد الأدنى من الشروط الإنسانية, و هذا ما يجعلنا نستغرب ما يردده الكثيرون – لا سيما من المعارضة السورية - عن فترة ذهبية ديمقراطية عاشتها سورية في الخمسينيات و يصفونها بالفردوس المفقود و يتباكون على أطلالها متناسين - بدافع مصالحهم الطبقية و دوافع الثأر السياسي - أن الديمقراطية كقيمة كونية لا ينفصل فيها الجانب السياسي عن الجانب الاجتماعي حتى في كبرى الدول الرأسمالية … إنها حقيقة تاريخية يذكرها و يشهد عليها بشكل خاص أبناء الريف السوري: لقد فشلت البرجوازية السورية في تحقيق أدنى تحديث للمجتمع السوري, و افتقرت إلى أية مبادرة تنموية أو خيار سياسي مستقل لقطع التبعية, فهي كانت تركز على الربح الاستهلاكي و السريع و لم تكن لتُعنى بمشاريع عامة و بتطوير قضايا الخدمة الاجتماعية للمواطنين مثل ( تخديم الريف و تطوير القطاع الصحي و بناء السدود, بناء الشبكات الكهربائية ) كونها تحتاج لرأس مال ضخم و كوادر لم تكن لتملكها نذكر مثلاً أن ممثل البرجوازية الوطنية خالد العظم كان في برنامجه الاقتصادي يركز على المشاريع الاستهلاكية فيتركها للقطاع الخاص مستفيداً من الإعفاءات الضريبية, أما المشاريع التخديمية فكان يتركها للقطاع العام الذي كان طبعاً يعتمد في عمله على اقتطاعات ضريبية ضخمة تقع على كاهل الفئات الفقيرة و المتوسطة من أبناء الشعب السوري.
4- وصول البرجوازية الصغيرة إلى السلطة:
كما ذكرنا فشلت الطبقة العربية الحاكمة المؤلفة من تحالف الإقطاع و البرجوازية الناشئة في بناء أي مشروع تنموي وطني تكون دعامته استقلال القرار الاقتصادي و السياسي عن الغرب الاستعماري ، و جاءت هزيمة الجيوش العربية في فلسطين عام 1948م بمثابة تعرية شاملة لمجمل النظام الاقتصادي, السياسي, الاجتماعي العربي و القائمين عليه من الطبقات السائدة , فانفتحت على البلاد العربية و منها سورية بوابة الانقلابات العسكرية (انقلاب حسني الزعيم, سامي الحناوي, أديب الشيشكلي), هذه الانقلابات عبرت بشكل أو آخر عن التململ الاجتماعي العام و عن طموح الشعوب العربية للانعتاق من نير التخلف و التبعية ، فحدثت إصلاحات معينة لكنها لم تصل إلى مستوى التغيير الجذري , و جاءت ثورة 23 تموز/يوليو في مصر كفاتحة لتحرر قومي, وطني يعم البلاد العربية بل و بلدان العالم الثالث, فاكتسح المد الناصري البلاد العربية, و حدث تقارب كبير بين سورية و مصر كانت خاتمته الوحدة في عام 1958م التي أتت بعد استفتاء شعبي و كان من الممكن لهذه الوحدة أن تكون فاتحة لمشروع نهضوي عربي لكن الرياح لم تجري بمشيئة الربان.
حققت حكومة الوحدة إصلاحاً زراعياً جزئياً بخطوات متسارعة فتم تخفيض سقف الملكية و توزيع الأراضي على الفلاحين و إقامة تعاونيات زراعية ، كما أُمِّمت أعداد ضخمة من المصانع في شتى القطاعات,...و بدأت الدولة بتبني سياسات تعليمية شعبية في محاولة منها لتطوير البلاد إضافة إلى المبادرة بتطوير القطاع الصحي و سن قوانين تحمي المرأة من تعسف القيم البالية,... لكن مقابل كل هذه الإصلاحات حدث نقل تعسفي للواقع المصري إلى السوري, فتم إخضاع الاقتصاد السوري للاقتصاد المصري و اعتماد مركزية مصرية لإدارة البلاد في ظل حالة استبدادية أمنية تمثلت بمنع الأحزاب,... أدت هذه الحالة اللاعقلانية إلى استنزاف الاقتصادي السوري و إلحاق خسائر فادحة به لا سيما في القطاع الزراعي ، حيث استوردت سورية القمح في ظل دولة الوحدة بعد أن كانت قد حققت اكتفاءً ذاتياً في هذا المجال, و نظراً لحرمان الفئات الشعبية من التعبير عن مصالحها من خلال النقابات و الأحزاب السياسية, فقد كانت الفرصة سانحة أمام البرجوازية المقصاة لتحريك عناصرها في الجيش لتعيد مواقعها بانقلاب عسكري بقوة أبناء البورجوازية( العسكريين) فأسماء مثل الكزبري والدواليبي لم تكن مجهولة الهوية الطبقية في سورية (و قوامه البرجوازية الحلبية و الدمشقية ) فحدث الانفصال في عام 1961م, ليتم التراجع عن كل الإنجازات التنموية (أو على الأقل المبادرات التنموية) التي تمت في عهد حكومة الوحدة, و بدأ التدشين لعهد جديد من الاستبداد و التبعية من خلال إطلاق الرصاص على التظاهرات التي عمت المدن السورية دفاعاً عن الوحدة, و للمطالبة بالحفاظ على الإصلاح الزراعي و تنمية الريف و التأميم و الإنجازات التي تحققت في مجال التعليم و الصحة و لصالح الفئات الشعبية, و هذا ما تجلى بوضوح حين خرج أبناء بلدة السلمية في مظاهرة مطالبين فيها بتوزيع الكتب المدرسية عليهم مجاناً كما كان الأمر أثناء دولة الوحدة فكان الرد بإطلاق الرصاص على المتظاهرين.
و ترافق هذا التراجع عن دعم الطبقات الفقيرة بالعودة المبطنة إلى أحضان الحلف الاستعماري العالمي,... هذه الأوضاع أدت إلى غضب شعبي عارم سببه تردي الوضع الاقتصادي و الاجتماعي للسواد الأعظم من أبناء الشعب السوري إلى جانب تطلعاته القومية في تحقيق الوحدة,... استفاد اليسار القومي العربي ( الناصريون و البعثيون ) من هذا الوضع فحرك قواعده في الجيش في 8 آذار عام 1963م ليصل إلى السلطة في سورية,... و لتدخل بذلك سورية عهداً جديداً هو عهد البرجوازية الصغيرة الفلاحية العسكرية التي طرحت مشروعاً جديداً للتنمية الوطنية و الاستقلال و فك الارتباط.
5- الإصلاح الزراعي و محاولات التصنيع و التغييرات الاجتماعية:
بدأت حكومة البعث بحملة إصلاحات اقتصادية بدافع من نزوعها الاشتراكي و أرضيتها الاجتماعية المنبثقة من الفئات الفلاحية الفقيرة, فكانت أولى الخطوات القيام بإصلاح زراعي ضخم ، فتم توزيع الأراضي على الفقراء و المعدمين من الفلاحين, و تم تأجير قسم آخر من الأراضي للميسورين و المتـنفذين, ساهم هذا الأمر بتحسين الوضع المعاشي لأبناء الريف السوري, و في نفس الوقت حدثت تأميمات واسعة للصناعات, و تم احتكار التجارة الخارجية و صناعة النفط من قبل الدولة, لتحل الدولة كرأسمالي محل الرأسمالية التقليدية, و كان من الطبيعي أن يتم توسيع القطاع العام بشكل كبير, لتـنشئ الدولة عدداً من الصناعات الاستهلاكية و الزراعية و التحويلية, كما تم تبني مسألة ديمقراطية التعليم و مجانيته, إضافة إلى التوسع الكبير في القطاع الصحي سواء في المدن أو الأرياف, و على الصعيد الاجتماعي تم إصدار قوانين جديدة في محاولة لتحسين وضع المرأة السورية اجتماعياً و زجها في كافة مجالات الحياة,... و بدأت الدولة كذلك بمشاريع لتمديد مياه الشرب لجميع مواطني سورية و التوسع في شبكة الكهرباء, و تجلى ذلك في بناء سد الفرات بدعم كبير من الاتحاد السوفييتي و المعسكر الشرقي إضافة إلى عدد كبير من السدود الأخرى.
أسهمت كل الإصلاحات السابقة في تحسين الوضع المعاشي للسوريين من أبناء الطبقات الفقيرة ، و إحداث نوع من التقدم الاجتماعي كان قوامه توسع دور القطاع العام و الإصلاح الزراعي و دعم السلع التموينية الأساسية التي يحتاجها المواطنون ، و الأهم مجانية التعليم و توسيعه,... لكن مقابل ذلك عانى الاقتصاد السوري أمراضاً كانت بمثابة أورام سرطانية ما لبثت أن استفحلت لتلتهم الجسد الاقتصادي السوري و تعيد إنتاج التبعية.
6- فشل فك الارتباط و إعادة إنتاج التبعية:
كثرت المؤلفات و الكتب التي نظرت لنمط الإنتاج الكولونيالي إلا أن أهم الملاحظات التي يمكن لنا أن نصدرها فيما يتعلق بنمط الإنتاج الكولونيالي هي:
1- شكل العامل الخارجي (الغزو الاستعماري) بداية تكون منظومة الهيمنة و التبعية, و أعيد من خلاله صياغة بنية المجتمعات المستعمرة لتصبح مكوناتها أساساً للتبعية ، فأصبح العامل الداخلي الآن هو الحاسم في إنتاج التبعية, وبذلك أصبح العالم عبارة عن أمم في المركز و أخرى في المحيط, و في ظل التنافر المصلحي القائم بين الأمة المحيطة و الأمة في المركز ((يرى مركز الأمة المحيطية نفسه شريكاً لمركز المركز أكثر مما هو شريك لمحيط المحيط)) ( 3 ) كما يقول يوهان غالتونغ, بناء على ذلك نستطيع أن نقول بوضوح ((إن مركز الأمة المحيطية سواءً أكان ممثلاً بالبرجوازية المحيطة التقليدية أو البرجوازية الجديدة التي نشأت من خلال رأسمالية الدولة المرتبطة بالقطاع العام هو شريك للمركز لا بد منه لاستمرار التبعية و إعادة إنتاجها)) ( 4 ) , فالمسألة المركزية في البلد المعني لتحديد طبيعة النظام الاقتصادي, الاجتماعي فيه من حيث كونه يسلك طريقة التنمية الوطنية أم لا هي التركيز على ((درجة تبعية البلد المعني للنظام الرأسمالي العالمي)) ( 5 ) .
2- إن التخلف ناجم عن التبعية للنظام الرأسمالي ، و من هنا يرى الاقتصادي المصري سمير أمين الحل في فك الارتباط و سلوك طريق التنمية الوطنية المستقلة ، و ذلك من خلال :
أ – فك الارتباط من حيث إخضاع العلاقات الخارجية للمصالح الوطنية الداخلية لا إلى معايير رأس المال العالمي .
ب – توافر سلطة سياسية صاحبة مصلحة في فك الارتباط و تهيئة البنية الاجتماعية الملائمة لذلك .
ج_ القدرة على الإبداع التكنولوجي ، و تطوير هذه القدرة بشكل مطرد ، فلا يخفى علينا الدور المتعاظم للتكنولوجية في شتى الميادين من أجل التنمية الوطنية .
و يمكن لنا أن نقول أن التبعية بدأت عسكرية في ظل الاستعمار ثم تحولت إلى تبعية اقتصادية حيث تستند الشركات متعددة الجنسيات إلى شبكة من المؤسسات العالمية لدعم مصالحها سواءً في المجال الاقتصادي ( صندوق النقد الدولي – منظمة التجارة العالمية ... ) و كذلك في المجال العسكري و السياسي حيث يبرز دور الأحلاف ( حلف شمال الأطلسي ، حلف الناتو ) ، إضافةً إلى دور المؤسسات التعليمية في إعداد الكفاءات اللازمة للشركات الدولية ، و التي تشمل الجامعات و المعاهد البولتانيكية في الدوال الرأسمالية و الجامعات المرتبطة بها في دول العالم الثالث ، كما تلعب وسائل الإعلام دوراً هائلاً في ترسيخ قيم الاستهلاك الرأسمالي و ثقافة الاستهلاك ، فقد أصبحت وسائل الإعلام في ظل ثورة المعلومات ركناً رئيسياً في بناء امبراطورية رأس المال العالمي و هيمنته .
بناءً على ما تقدم يمكن لنا أن نعرف التبعية بأنها : (( منظومة متكاملة من العلاقات و البُنى الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية تتجلّى في أشكال أهمها التبعية التجارية و التبعية المالية و التبعية التكنولوجية و التبعية العسكرية و التبعية الثقافية )) ( 6 )
فإذا قمنا بسحب هذا التعريف على الواقع السوري لوجدناه ينطبق بكل حذافيره عليه ، طبعاً مع وجود اختلاف في الدرجة مع الدول العربية المجاورة ، و لا سيما في المجال السياسي إذ لا يمكن أن ننكر أن البيروقراطية الحاكمة في سورية تتمتع باستقلالية جيدة في سياسياتها الخارجية قياساً للوضع العالمي الجديد الذي يقوم على التفرد المطلق لقوى رأس المال العالمي و إعادة تشكيل العالم ( جغرافياً – سياسياً – اقتصادياً ) .
من الناحية التجارية تضاعف حجم التجارة مع الغرب الرأسمالي بشكل مطرد في سورية ، دون الانطلاق من بعد تنموي أو استراتيجي يكفل مصالح المواطنين ، حيث أن هذا التبادل يقوم على بنية كولونيالية تقليدية متروبولية ، تتمثل بتصدير سورية للمواد الخام و السلع نصف المصنعة و المنتوجات الزراعية و النفط الخام ، فيما تكون الواردات في معظمها من السلع المصنعة و المواد الغذائية رغم أن سورية بلد زراعي تكفيه خيراته لتحقيق اكتفاء ذاتي في حال توافر إدارة رشيدة .
أما من الناحية التكنولوجية فقد ظهرت أزمة التبعية بشكل خاص بعد سقوط المنظومة الاشتراكية ، حيث ترتب على سورية استيراد التكنولوجية الحديثة من الدول الرأسمالية بتكاليف مرتفعة جداً ، هذا إضافةً إلى فقر الخبرات الفنية و الخبراء الوطنيين القادرين على التعامل مع هذه التقنية ، مما يفسح المجال لممارسة ابتزاز واسع من قبل الشركات الأجنبية في حال تعطل الآلات أو الحاجة إلى قطع الغيار .
إن حل مسألة التكنولوجية لا يكمن بمجرد استيراد التكنولوجية الحديثة (( فالتكنولوجية ليست مجرد آلات و منظومات إنتاجية معقدة غالية الثمن ، بل هي نتاج ظروف تاريخية معينة تكونت خلالها أنماط معينة لاستخدام العناصر التكنولوجية ، لذا لا يمكن لنا نقلها ببساطة كما يتصور البعض من ساستنا و مفكرينا )) ( 7 )
وهنا لا يفوتنا أن نشير إلى خصوصية دور التكنولوجية في التـنمية في ظروف بلد مثل سورية ، حيث أن أفضل استراتيجية تنموية لدول تعاني من فيض سكاني في العمالة هي الاعتماد على توسيع العمالة أكثر من الكثافة التكنولوجية من أجل امتصاص فيض العمالة و البطالة السكانية.
و في المجال الغذائي تظهر التبعية أيضاً على الرغم من أن سورية بلد زراعي ، و ذلك بسبب سوء الإدارة و ضعف مردود العمل الزراعي ، و المفارقة الأكبر هي أن معدل الاستهلاك الغذائي لدى الفرد الواحد في البلدان النامية و منها سورية يبلغ نحو ثلث متوسط استهلاك الفرد في البلدان المتقدمة ، و مع ذلك فنحن عاجزون عن تلبية احتياجاتنا الغذائية بأنفسنا .
و سنذكر هنا بعض الأرقام التي أخذناها من بداية الثمانينيات أي منذ سقوط مشروع التنمية الوطنية في سورية و تراجع الوضع الاقتصادي .
(( بلغت مستوردات سورية من الأغذية و الحيوانات الحية ما قيمته نحو 2 مليار ليرة سورية عام 1982 ، و ارتفعت هذه المستوردات إلى 3,275 مليار ليرة سورية عام 1983 ، كما زادت مستوردات بعض المواد الغذائية كالحليب و السمن و الجبن و الأرز و الطحين و الذرة و البرتقال و التفاح و السكر و كسب الزيتون ( مجتمعة ) كما يلي بألوف الليرات السورية :
العام قيمة المستوردات
1979 721471
1980 882848
1981 1658423
1982 1442005
1983 2015634
)) ( 8 )
و في المجال الثقافي رغم محاولات السلطة السورية لاتباع النهج القومي في التعليم و الإعلام ، إلا أن النهج القومي تحول إلى نهج ديني نصي سلفي حوّل العروبة من مفهوم حضاري إلى مفهوم شوفيني ، و هذا ما أعاق تكوين بنية ثقافية قومية عربية حداثية تستوعب مكونات الشعب السوري الثقافية المتنوعة إثـنياً و قومياً و دينياً .
كما أن ضعف تمويل العمل العلمي و المبدعين جعل معظم الكفاءات تهاجر إلى الخارج حتى أصبحت المناهج السورية من نوعين إما مناهج متخلفة تعود إلى الاقتباس من النظام الاشتراكي المنهار أو مناهج مأخوذة حرفياً عن الغرب ، و من الناحية الإعلامية فإن مجمل ما يقدّم على التلفزيون السوري و إذاعاته يعتبر بشكل أو بآخر جزءً من امبراطورية رأس المال العالمي التي أخذت على عاتقها نشر ثقافة الاستهلاك و تمييع الإنسان عبر جرافة الانحطاط التي تقودها لتقتلع في طريقها كل ما هو إنساني و صادق و نبيل .
و الأخطر هو ما يتجلى في الجانب العسكري فقد كان الاعتماد سابقاً في التسليح على المعسكر الاشتراكي ، و بسقوطه بات موقف سورية حرجاً فمسألة التسليح كما نعلم ليست مسألة اقتصادية بحتة بل تخضع لاعتبارات سياسية .
استناداً إلى كل ما سبق يمكن أن نقول أن سورية تـندرج ضمن البنية الإنتاجية الكولونيالية التابعة للنظام الرأسمالي لعالمي لا سيما من خلال شريحة البورجوازية الجديدة التي تكونت من خلال نهب القطاع العام ، و التي تحاول حالياً تكييف نفسها الآن مع آليات النظام العولمي الذي يقوم بعملية إعادة إنتاج التبعية على أسس جديدة .
7 – سقوط مشروع التنمية الوطنية و صعود البورجوازية الجديدة :
ما لا شك فيه أن توطيد و توسيع القطاع العام ضرورة موضوعية تمليها طبيعة تطور بلدان العالم الثالث ، فقد برهنت التجارب على أن طريق التطور الرأسمالي عاجز عن تحقيق أية تنمية ، لذلك لا بد من (( تنفيذ مشاريع التنمية من قبل الدولة و زيادة إشرافها على النشاط الاقتصادي هو الطريق الوحيد الذي يؤمن الاستقلال الاقتصادي ، و القضاء السريع على التخلف و يعجل بالتقدم الاقتصادي و الاجتماعي )) ( 9 )
و في سورية توسع دور القطاع العام ليبلغ في أواخر السبعينات ما نسبته 80 % من إجمالي الاستثمارات الموجودة في سورية إلا أن مجموعة من العوامل أسهمت في استنزاف طاقات هذا القطاع حتى وصل في الوقت الحال إلى حالة يرثى لها ، و من هذه العوامل :
1 – دور الرأسمالية الطفيلية المكونة من السماسرة و الوسطاء و المستوردين و تجار الجملة قي تطويق القطاع العام .
2 - الآلية البيروقراطية في إدارة مؤسـسات الدولة و انعدام الرقابة الشعبية .
3 – استثمار الجهاز المصرفي المؤمم بإقراض أموال طائلة لنشاط القطاع الرأسمالي كان كثيراً ما يتم تهريبها إلى الخارج طبعاً عبر الرشاوي الضخمة لمسؤولي القطاع العام .
4 – ضعف التطور العلمي و التقني ، و ضعف تأهيل الكوادر الفنية و الهجرة المستمرة للعقول ، مما أدى إلى تردي الإنتاج و فقره .
هذه العوامل مجتمعةً أدت إلى نمو شريحة بيروقراطية بورجوازية اعتمدت على نهب القطاع العام لمراكمة ثرواتها ، و لم تظهر طبعاً أزمة القطاع العام مباشرةً في سورية علماً أن روائح الفساد بدأت تفوح منذ أواسط السبعينيات حين تم تشكيل لجنة خاصة لمكافحة الفساد ، و السبب يعود إلى التدفقات النقدية الهائلة إلى سورية بعد حرب تشرين و مساعدة الكتلة الشرقية ، لا سيما من خلال رأس المال التقني و تدفق أموال النفط المكتشف ، لذلك فقد حقق الاقتصاد السوري معدلات نمو وصلت إلى 10 % ، و لكن الأزمة تفجرت مع توقف المساعدات منذ نهاية السبعينيات ، .... إن القطاع العام منذ البداية افتقر إلى وجود الإدارة العملية المبنية على فهم قوانين الاقتصاد إضافةً إلى ضعف السياسات التخطيطية ، فعانى من رداءة في الإنتاج و في المردود ، و تدريجياً بدأ عدد كثير من الموظفين و العاملين يتحول إلى عمل روتيني شكلي ( البطالة المقنعة ) مما زاد من خسائر هذا القطاع ، و أعاق توفر الشروط الضرورية لتحقيق التـنمية ، و بات القطاع العام شيئاً فشيئاً ينفصل عن الشرائح الشعبية التي يفترض أن تكون صاحبة المصلحة الحقيقية في نشاط هذا القطاع ، و تكونت شريحة بورجوازية بيروقراطية جعلت من القطاع العام وسيلةً لمراكمة الثروات تشاركها في ذلك طبقة الرأسمالية الطفيلية عبر الوساطة بين القطاع العام و السوق العالمية و الاحتكار لا سيما في مجال المواد الاستهلاكية إضافةً إلى إشرافها على عمليات التهريب في السوق السوداء ، وطبعاً هذا كله بترابط بنيوي عضوي مع البورجوازية البيروقراطية (( ففي كثير من الحالات كان القطاع الخاص الرأسمالي يقوم بإنتاج المادة الأولية و يبيعها إلى القطاع العام ليصنِّعها ثم يقوم القطاع الخاص بتوزيع المادة المصنعة و تسويقها ، و في مثل هذه الحالات يفقد القطاع العام إمكانيات كبيرة للتراكم المالي بينما يحصل القطاع الخاص على أرباح طفيلية طائلة من خلال الاحتكار و التحكم بالأسعار )) ( 10 ) ، لتقوم بعد ذلك بتهريب أموالها إلى البنوك الأجنبية – و هذا ما يخفض القوة الشرائية لليرة السورية - طالما أنها ستنشط بأموال الدولة عبر قيامها بدور السمسار لمعظم مؤسسات القطاع العام دون أن تقدم أي مساهمة في خدمة الاقتصاد الوطني ، إضافةً إلى ذلك فهناك طبقة تجارية و صناعية تمكنت من الدخول في مساومات مع السلطة السورية و الحفاظ على مواقعها ، علماً أن ممثلي هذه الشرائح الثلاث ( البورجوازية البيروقراطية – بورجوازية السمسرة و التطفل – البورجوازية الصناعية و التجارية ) لا يمكن الفصل بينهم فهناك تشعب و تداخل غريب بين الشرائح الثلاث هو أهم ما يسم الوضع الرأسمالي المشوه الطرفي في سورية ، و هو مصدر صعوبة التوصل إلى ضوابط دقيقة تجعلنا نفهم آليات اتخاذ القرار الاقتصادي في سورية و آليات اتخاذ القرار السياسي .
و بدأت تدريجياً مؤسسات القطاع العام بالتدهور ، و بدأت فضائح الاختلاس تملأ سورية ، و أصبحت البورجوازية الجديدة ذات وزن اقتصادي – سياسي هائل ، و أخذت توجه النشاط الاجتماعي لخدمة مصالحها ، و حتى تحصل على مسوغ لنهبها و إثرائها غير المشروع قامت ْ بتعميم ثقافة الفساد ، لتصبح الرشوة عرفاً اجتماعياً عاماً و أمراً مبرراً أخلاقياً .
و مع بداية الثمانينيات بدأ التدهور الاقتصادي العام في سورية الذي تزامن مع حصار اقتصادي امبريالي جائر زاد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية ، حيث بدأت معدلات النمو الاقتصادي بالهبوط التدريجي من 11 % عام 1981 إلى 3 % عام 1982 إلى الصفر عام 1983 إلى 2 % عام 1984 ، و تضاعفت الكتلة النقدية المتداولة بين أعوام 1970 – 1984 بمقدار 14 مثلاً ، فيما تضاعف الناتج المحلي الصافي الذي يعبر عن النمو الاقتصادي الفعلي بمعدل 3 مرات فقط وفقاً لمصادر السلطة السورية الإحصائية .
إزاء هذا الوضع توجهت السلطة السورية إلى الاعتماد على الموارد المحلية لا سيما بعد توقف المساعدات الخارجية و الحصار الاقتصادي الامبريالي الجائر :
1 – التركيز على استثمار الثروات الباطنية بأسرع السبل و أقصر الأوقات .
ب – محاولة دعم القطاع الزراعي للحد من مسألة الاستيراد الغذائي ، و هذا الأمر انعكس بحدوث تحسن نسبي في هذا القطاع من حيث الكم و النوع .
جـ - اعتماد أسلوب التضخم النقدي لدعم موازنة الدولة و رفع أسعار المحروقات و رفع الدعم بشكل تدريجي عن السلع التموينية الأساسية ، و كل أشكال الخدمة الاجتماعية المجانية .
و في عام 1991 صدر قانون الاستثمار رقم 10 الذي قدم للمستثمرين كثيراً من الإغراءات و الإعفاءات الجمركية و الضريبية و الاستثناء من قانون العمل في مجال القطع و التصدير ، و طبعاً كالعادة كان هذا الإجراء فوقياً لم تتوفر له بنية قانونية و إدارية ملائمة ، لذلك فقد كان عملياً إنعاشاً للبورجوازية الاستهلاكية و الطفيلية ، و لم يقدم شيئاً للشرائح الشعبية الواسعة التي تعاني من تردي مستمر في الأوضاع الاقتصادية ، فاستمر اقتصاد تقاسم الغنيمة و الفساد بين البورجوازية البيروقراطية و الكومبرادورية الطفيلية .
و في التسعينيات بدأ الانكماش في الناتج المحلي فوصل إلى 4,4 % عام 1997 ، و تم تسجيل عجز في ميزان المدفوعات هو الأول من نوعه منذ عام 1989 على الرغم من الازدياد الكبير في عائدات النفط في السنوات الأخيرة من القرن العشرين ، و تحولت سورية إلى دولة مصدِّرة ، كما تراجعت نسبة الصادرات السورية بنسبة 30 % بين عامي 1997 – 1998 ، و بحلول عام 2000 دخلت سورية القرن الحادي و العشرين باقتصاد منهك قوامه ألوف مؤلفة من الفقراء والمعدمين و العاطلين عن العمل حيث بلغت نسبة البطالة 20 % من إجمالي قوة العمل السورية ، و بدأت فضائح الفساد بما يشبه تساقط أحجار الدومينو: ساد كوب – موت محمود الزعبي - انهيار سد زيزون الذي يحيلنا بشكل تلقائي إلى المقارنة بينه و بين انفجار مفاعل تشيرنوبل في الاتحاد السوفييتي ، فالعبرة هنا تكمن في أنه لم يعد من الممكن إدارة الاقتصاد بالطريقة القديمة الخاضعة لنظام سياسي شمولي ، و أن هناك نظاماً جديداً قادماً قد يكون الأسوأ .
لقد بات الاقتصاد السوري جثةً عفنة تزداد عفناً يوماً بعد يوم رغم مبادرات الإصلاح الصادقة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد منذ وصوله إلى رئاسة الجمهورية .
8 - (معوقات التنمية و الحلول):
أخيراً لا بد لنا أن نتساءل عن سبب فشل الإصلاح الاقتصادي ، الإجابة بسيطة جداً ، فالإصلاح الاقتصادي في سورية مرتبط عضوياً بالإصلاح السياسي ، لأن حالة الاستبداد أكبر عائق في وجه القوى الاجتماعية المختلفة للتعبير عن مصالحها ، و هذا ما يدعونا إلى المطالبة بصياغة قانون أحزاب عصري يتيح المجال للجميع للتعبير عن منحاه ، و توجهه في صياغة مصير الوطن ، و الأهم هو رفع هيمنة الحزب الحاكم عن النقابات فالنقابات هي أكثر المؤسسات التي تعبر بشكل مباشر عن مصالح الفئات العاملة المختلفة ، و هناك عائق تـنموي أيضاً يتمثل في حرمان عدد كبير من مواطني سورية من الأكراد من التمتع بالجنسية ، و عددهم لا يقل عن 150 ألف ، و هذا الرقم ليس بسيطاً و يعبر عن تعطيل طاقات بشرية من الأوْلى الاستفادة منها في عملية التنمية ، و الأهم معاملة المواطنين وفقاً لكفاءاتهم ، و ما يمكن أن يقدموه لخدمة الوطن لا وفقاً لانتماءاتهم السياسية أو أية انتماءات أخرى ، ....
و لأن التنمية تعني بشكل أو بآخر التحديث سنجد أنفسنا محتاجين إلى القضاء على بنى المجتمع التقليدي و التخلف و هي مسألة أشار إليها باكراً المرحوم ياسين الحافظ منذ الستينات من القرن الماضي .
التحديات كثيرة و أعظمها الخطر الاستعماري الأمريكي الذي بات على حدودنا ، و الحل لا يكون بدفن الرأس في الأرض أو إطلاق الشعارات الطنّانة أو المراوحة في المكان من خلال الحفاظ على الحالة الراهنة كما يردد الكثير من اليساريين الكلاسيكيين ، بل لا بد من إعادة صياغة جديدة لطريقة تسيير المجتمع السوري يتم الاستفادة فيه من كل إنجازات المرحلة السابقة ( و ليس بالعودة إلى مسار التطور الطبيعي الذي تم قطعه من قبل حزب البعث كما يردد البعض من المصابين بفوبيا السلطة السورية ) ، علماً أن الإصلاح عملية معقدة و شائكة لا يمكن فيها الركون إلى وصفات جاهزة أو حلول سحرية .
عمار عكاش - حلب البريد الالكتروني [email protected]
المصادر و المراجع :
1 – حزب الشعب الديمقراطي : أعمال المؤتمر السادس .www.ARRAEE.COM
2 – الحزب الشيوعي السوري : وثائق المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوري . د . ط (منشورات الحزب الشيوعي السوري ، دمشق : أيار 1980) .
3 – الحافظ ياسين : حول بعض قضايا الثورة العربية . ط 1 . ( دمشق ، دار الحصاد : 1996 ) .
4 – زكريا ، د . خضر : محاورات سياسية في الاشتراكية و الديمقراطية . د . ط . ( دار الفارابي ، بيروت : تموز 1990 ) .
5 - ملحم ، منيف : من الديمقراطية إلى اليبرالية الجديدة ( خيارنا الراهن ) ..
www REZGAR.COM
الهوامش و الإحالات :
1 – سليمان ، د. إيمان : محاضرات في علم السكان . جامعة حلب . قسم علم الاجتماع . السنة الثانية : 1/ 10 / 2004.
2 – م . س . ن . 15 / 11 / 2004.
3 - زكريا ، د . خضر : محاورات سياسية في الاشتراكية و الديمقراطية . د . ط . ( دار الفارابي ، بيروت : تموز 1990 ) ، ص : 9 .
4 – م . س . ن ، ص : 10 .
5 – م . س . ن ، ص : 10 .
6 - م . س . ن ، ص – ص : 13 – 14 .
7 - م . س . ن ، ص : 27 .
8 - م . س . ن ، ص : 19 .
9 - الحزب الشيوعي السوري : وثائق المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوري . د . ط (منشورات الحزب الشيوعي السوري ، دمشق : أيار 1980) ، ص : 173 .
10 - م . س . ن ، ص – ص : 177 – 178 .
#عمار_عكاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟