|
مَن سيفوز في الانتخابات ؟
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 1398 - 2005 / 12 / 13 - 11:07
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم يبقَ سوى ثلاثة أيام على إجراء الانتخابات المصيرية في العراق ، في وقت تصاعدت فيه حمى الدعايات الانتخابية للقوائم المشاركة في الانتخاب وفي المقدمة منها القائمتين الرئيسيتين اللتين تتصدران الصراع في هذه المعركة الانتخابية والمتمثلة في القائمة الائتلافية للأحزاب الدينية [ الطائفة الشيعية ] التي يقودها السيد عبد العزيز الحكيم ،والقائمة العراقية الوطنية للأحزاب العلمانية التي يقودها رئيس الوزراء السابق الدكتور أياد علاوي ، وهناك قوائم أخرى قسم منها ذات طابع علماني وديمقراطي ، وقوائم أخرى ذات توجه طائفي سني ، وقوائم رابعة ذات توجه قومي ، وقسم منها مرتبط بوشائج مع حزب البعث والنظام الصدامي المسقط من السلطة ، يقودها الدكتور صالح المطلك الذي يمنى نفسه بتحقيق انتصار كبير في الانتخابات! . و كانت بعض هذه القوائم قد قاطعت الانتخابات السابقة ، وهي اليوم قد عزمت على المشاركة في الانتخابات على أمل أن يكون لها دور مؤثر في البرلمان القادم . وفي ظل الصراع المتصاعد بين القائمة ذات التوجه الديني والطائفي بقيادة الحكيم ، والقائمة ذات التوجه العلماني بقيادة علاوي يبقى مصير العراق وشعبه معلقاً على نتائج الانتخابات ، فإما أن يقود العراق خلال الأعوام الأربعة القادمة حكومة علمانية ديمقراطية تضع في مقدمة أهدافها تحقيق الأمن والسلام في ربوع العراق ، ومنع تطور الأزمة العراقية العاصفة نحو الحرب الأهلية الطائفية ، والتوجه نحو أعادة بناء البنية التحية للعراق ، وتأمين الخدمات الأساسية للشعب، والتي يعاني من انهيارها في مختلف المجالات ، ومعالجة مشاكل البطالة والفقر وأزمة السكن وغيرها من المشاكل الأخرى ، وإما أن تقود الأحزاب الدينية للطائفة الشيعية بقيادة الحكيم ، ويستمر الوضع الأمني المأساوي في التصاعد نحو الحرب الطائفية ، فالشعب العراقي متعدد القوميات والأديان والطوائف ، ولا يمكن أن يحكم من جانب طائفة معنية مهما كان حجمها ، كما أن هذه الأحزاب لا يمكن أن تكون ممثلة لكل الطائفة الشيعية ، فهناك جانب كبير من هذه الطائفة ممن يؤمنون بالعلمانية ، ويسعون لإقامة نظام حكم ديمقراطي علماني تتساوى فيه كافة أطياف الشعب في الحقوق والواجبات، نظام يحترم جميع الأديان لكنه لم يرتضِ أن تقوده أحزاب دينية لا يمكن أن تتفق توجهاتها مع الديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص موقف هذه الأحزاب من المرأة التي تمثل نصف المجتمع العراقي ، والتي تطمح في تحقيق المساواة الكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات ، وتحررها من هيمنته واضطهاده ، ولقد أحدثت محاولة السيد الحكيم ،عندما كان رئيساً لمجلس الحكم ، لإلغاء قانون الأحوال المدنية الذي سنه الشهيد عبد الكريم قاسم ، والذي لم يجرأ البعثيون وعبد السلام عارف على إلغائه بل اكتفوا بتعديل بعض مواده ، لكن الحاكم المدني بريمر حال دون إلغائه ، وأبطل القانون الذي سنه الحكيم ، ولذلك فالمرأة العراقية تنظر بريبة وحذر وعدم الاطمئنان في ظل حكومة تقودها هذه الأحزاب الدينية . لقد حققت القائمة الائتلافية في الانتخابات السابقة نصراً كبير بسبب عوامل عديدة تفتقدها في الانتخابات القادمة بعد 3 أيام ، فقد استغلت هذه القائمة اسم المرجعية وأسم السيد علي السيستاني في حملتها الانتخابية ، واستغلت الجهل الناشر أطنابه في مختلف المناطق ، وبشكل خاص في الريف المتخلف ، واستغلت معانات أبناء الطائفة الشيعية على أيدي جلاد العراق صدام وعصابته المجرمة وحزبه الفاشي ، فكان التصويت قد جرى ليس على أساس برامج سياسية واقتصادية واجتماعية عادة ما تطرحها الأحزاب المتنافسة في الانتخابات ، بل جرت الانتخابات على أساس طائفي محض بعد أن عانت الطائفة الشيعية من التهميش والظلم والطغيان والقبور الجماعية التي ضمت مئات الألوف من المواطنين الأبرياء . كما جرت الانتخابات في منطقة كردستان على أساس قومي بعد تلك المصائب والويلات التي عانى منها الشعب الكردي على أيدي نظام الطغيان الصدامي ، حيث دفع ثمناً باهضاً من دماء أبنائه في ما سمي بحملة الأنفال المجرمة وجريمة حلبجة الشهيدة ، وما زال الشعب الكردي تساوره الشكوك والقلق على المستقبل ، وعلى مصير الفيدرالية التي لا يمكن أن تستمر وتتعزز دون قيام نظام حكم ديمقراطي ، فالديمقراطية تمثل الضمان لنجاح وتعزيز الفيدرالية ، وتعزيز الثقة بين أبناء الشعب ، وإعادة اللحمة وروابط الأخوة بين أبناء الشعبين العربي والكردي ، ومع سائر القوميات الأخرى . ومن جهة أخرى فقد استفادت القائمة الائتلافية من مقاطعة الطائفة السنية للانتخابات السابقة حيث توزعت مقاعد هذه الطائفة التي تشكل نسبة كبيرة من الشعب العراق ، فتوزعت مقاعدهم على القوائم المشاركة في الانتخابات ، وكانت للقائمة الائتلافية حصة الأسد من تلك المقاعد . غير أن الانتخابات التي ستجري بعد 3 أيام سوف تسفر عن استقطابات جديدة تتوزع عليها مقاعد البرلمان مما سيحول بلا أدنى شك دون إمكانية تحقيق القائمة الائتلافية النصر الذي حققته في الانتخابات السابقة . وهناك مؤشرات تعزز هذا التوقع نستطيع تحديدها بما يلي : 1 ـ رفض المراجع الدينية الأربع وفي مقدمتها السيد السيستاني دعم القائمة أو أي قائمة أخرى ، ورفضه استخدام اسم المرجعية واسمه بالذات وصوره في الحملة الانتخابية . 2 ـ خروج حزب المؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي من الائتلاف . 3 ـ خروج العناصر العلمانية والمثقفة من الائتلاف ، وتغيّر مواقف جانب كبير من العلمانيين من أبناء الطائفة الشيعية تجاه القائمة المذكورة . 4 ـ التصرفات الشائنة للمليشيات التابعة للأحزاب الدينية المتمثلة في القائمة الائتلافية من الاغتيالات والسجن الكيفي والتعذيب ، واضطهاد أبناء الطوائف المسيحية والصابئة ، وخاصة في البصرة والعمارة ، وتفجير محلات بيع المشروبات الروحية ومحالات الحلاقة الرجالية منها والنسائية ، وقتل الحلاقين والحلاقات والتجاوز على طلاب كلية الهندسة في البصرة ، ومحاولة التدخل في حياة المواطنين الشخصية صغيرها وكبيرها باسم الدين والشريعة ومنها فرض الحجاب بالقوة . 5 ـ تصرف رجال الشرطة المرتبطة بهذه الأحزاب الدينية ، ومنظمة بدر وجيش المهدي وثأر الله وحزب الله والتي تدين بالولاء للأحزاب المنتمية لها ، والمخالفات التي ارتكبتها ولا تزال ترتكبها من دهم لبيوت المواطنين والاعتقال العشوائي والقتل والاغتيالات ، ومعتقل الجادرية يمثل خير شاهد على هذه التصرفات المخالفة للقانون ، وحقوق الإنسان، والتي كان لها دوي هائل لدى أبناء الشعب . 6 ـ فشل الحكومة التي تقودها هذه الأحزاب في تحقيق الأمن ، وفي تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من الماء الصافي والكهرباء والصرف الصحي و الخدمات الصحية ، والتربوية والتعليمية ، ومعالجة أزمة السكن والبطالة والفقر ، والنزف الحاد في صفوف الأطباء والمهندسين والاختصاصيين في مختلف المجالات العلمية بسبب التدهور الأمني ، وجرائم الاغتيالات التي حصدت أرواح أكثر من 160 طبيباً ، واضطرار أكثر من 3000 طبيب لمغادرة البلاد هرباً من عصابات السلب والقتل ، مما خلق موجة واسعة من الاستياء في صفوف الشعب ، مما سيؤثر سلباً على نتائج الانتخاب . 7 ـ موقف القائمة الكردية من مسألة الائتلاف لا يمكن ضمانها من جانب القائمة الائتلافية ، ولاسيما وأن فترة التجربة الحالية قد أظهرت عمق الخلافات بين القائمتين ، كما أن تحول القائمة الائتلافية إلى قائمة دينية طائفية محضة ، بعد أن غادرها العلمانيون يبعد أمل تجديد الائتلاف الحالي . إن كل هذه المعطيات تعزز من فرص فوز القائمة العراقية الوطنية بنسبة عالية من المقاعد مما يؤهلها للتآلف مع الأحزاب الكردية لتشكيل الحكومة القادمة . كما أن القوائم الإسلامية السنية والقومية والعناصر المرتبطة بوشائج مع النظام السابق لا يمكن أن تلتقي مع القائمة الائتلافية ، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تحقق نصراً يؤهلها للعب دور رئيسي في التشكيلة الوزارية القادمة وأغلب الظن أنها ستكون في المعارضة ، وربما يستقطب علاوي جانب منها . إن الأزمة العراقية الراهنة كبيرة وخطيرة ، وهي تتطلب تكاتف جهود كل الوطنيين من مختلف الاتجاهات لتشكيل حكومة ائتلافية على أسس واضحة وثابتة ومحددة قائمة على أساس إقامة نظام حكم ديمقراطي علماني يحفظ للدين قدسيته واحترامه ، شرط عدم تسيسه ، وفصل الدين عن الدولة ، وقيام مؤسسات المجتمع المدني ، وسيادة القانون ، واحترام حقوق الإنسان ، والعمل الجدي الصادق لتحقيق حياة كريمة للشعب في ظل الأمن والسلام المنشود .
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خاب أمل الشعب بأسلوب محاكمة طاغية العصر وزبانيته
-
مبروك لمنبر الحوار المتمدن عيده الرابع
-
الانتخابات العراقية المرتقبة وخيارات الشعب
-
الإرهاب واحد سنياً كالن أم شيعياً ولا حل لأزمة العراق غير ال
...
-
المشاكل والاضطرابات الشخصية التي تجابه أبناءنا
-
حارث الضاري ومؤتمر الوفاق
-
مقترحات من أجل قانون دولي لمكافحة الإرهاب
-
الأشقاء العرب وجرائم الإرهابيين في العراق والأردن
-
َمنْ يقود النشاط الإرهابي في العراق البعثيون أم الزرقاوي ؟
-
هل الولايات المتحدة جادة في محاكمة جلاد الشعب العرقي صدام حس
...
-
الشعب العراقي وعمرو موسى والجامعة العربية
-
مستقبل الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي
-
حكام سوريا والحسابات الخاطئة
-
الحكومة العراقية والتدخل الإيراني المكشوف
-
ماهي حقيقة أزمة الفرطوسي والجنديين البريطانيين في البصرة ؟
-
الأكثرية السنية الوطنية مغيبة ، وصالح المطلك لا يمثل سوى حزب
...
-
بمناسبة طرح موضوع اصلاح منظمة الأمم المتحدة ، هذاهو الطريق ل
...
-
حقوق المرأة العراقية والدستور
-
الدين والدولة وضرورة الفصل بينهما
-
ماذا أعدت قوى اليسار والديمقراطية والعلمانية للانتخابات القا
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|