أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مراد مسعف - انفعالات عاطفية















المزيد.....

انفعالات عاطفية


مراد مسعف

الحوار المتمدن-العدد: 5202 - 2016 / 6 / 23 - 21:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




اننا لاندرك ذاتنا الا بالقدر الذي نحس به ذاتنا، فالوجود هو تجربة محسوسة للوجود، و ليس فكرة مجردة بالمعنى الارسطي و الديكارتي، الوجود احساس، فانا لا ادرك نفسي كما ظن ديكارت "فكرا محضا" بل باعتباري متجسدا في بدن هو نواة كل موقفي الوجودي ، انني اكتشف نفسي في هذا العالم في اللحظة التي يبدأ فيها وعيي في الاعلان عن نفسه، ينفتح و يمتد مع العالم الذي اوجد فيه ، ان وعيي المحلق لايمكنه ان يتعرف على العالم إلا من خلال جسدي الذي هو اول ظهور له باعتباره قناة للتواصل مع العالم ،اذ ذاك احس بالانتماء الى هذا العالم ، وينكشف و عيي كإحساس بهذا الانتماء ،لم يعد الوجود قصرا من الافكار تشيده ميتافيزيقا الغياب في سماء المتعالي ،الوجود هو امبيريقا الوجود ، حياة تعاش كمسرح للضياع و الاهمالية و القلق المتوتر ...حيث لا ادرك نفسي كوعي متامل لسبب بسيط هو كون العالم ينفلت من البداهة , و الاشياء يكتفها الانغلاق و السديمية التي لا تترك مجالا للوضوح ، اما العقل فهو مجرد مغامرة فاشلة للاستحواد على العالم،هنا اجد نفسي مهجورا متروكا لوحدي و الغربة هي العلاقة التي تربط بيني و بين عالم فاقد للدلالة ، من الصعب ان اعرف نفسي بهذه السهولة الديكارتية و هذا الوضوح الذي يجعلني اشك في كل تلك المعانات او هذا التلاشي ، بل الالم هو الذي يكشف بشكل صريح حقيقة انني موجود، حاضر في جسد مقدوف به الى الهاوية نحو كوجيطو جديد انا اتالم اذن انا موجود، فينكشف الوجود كإحساس جسدي بالألم، و الرغبة في هذا الوجود تظهر عن طريق العواطف انها ما يجعل ذاتنا العاطفية حاضرة مباشرة في قلب الالم , الم الذات , الم وجود , الم هائل معتم يحيط بنا من كل جانب و لا نستطيع ادراكه , هذا الالم هو الم ذاتي , لان ذاتي وحدها التي تحس و تتألم , تنوح و تشتكي , الشيء الذي يؤكد بشكل لايترك مجالا للشك بانني جسد يخطو في درب الوجود الذي ضحى به ديكارت و من قبله سقراط-افلاطون الذي زج بالجسد في عالم العقاب "طارطاروس" ، ليعلن ان النفس بانفصالها عن الجسد بواسطة فن ممارسة الموت تتحرر من ربقة الجسد، لكن واقعة العيش و الانتماء لهذا الوجود المشخص ، قد جعلتنا ندرك هذه اللاجدوى للفكر المتامل غير المبالي بالسقطة في عالم عرضي مجاني ، لم ينتج الفكر المتامل سوى الابتعاد عن انسانية الاحساس و التوتر العاطفي ، فالفكر المتامل هو انفلات من الاحساس الذي هو انا ، فكر يقطع الصلة بالعالم ، فرار دائم من العالم ، فكر يتنكر للاحساس بهذا الوجود الكئيب الذي هو وجودي انا كجسد في مهب العاصفة، والاسوء من ذلك هو ان ميتافيزيقا التنكر قد اعادت احياء الاوهام البائدة المستبدة و البستها ثوب الراهب الزاهد و الحاج الناسك و بدات تخطب فينا و تسدي لنا موعظة الخلاص ؛ شعوركم بالخطيئة واغتفاركم لذنوبكم على الارض سيجعلكم قديسين في السماء، لقد اراد هذا الضلال المقدس ان ينتزع منا ارادة ان نكون انسانا يطلب مجده و ينشد ملكوته على هذه الارض ، يرسم لوحة ، ينحث منحوثة، يعزف للحياة ينشد للفرح .
منذ اللحظة التي اوجد فيها لا اجد ذلك التمييز او الفصل بين الوعي و الجسد ، الوعي هو الجسد ، الوعي يمتد مع عالم الجسد، لتصبح لي حقيقة اخرى ، جسدي بوصفه معروفا من قبل الغير ، موضوعا لكل التقديرات و الاحكام التي قد تبتعد عن ما انا عليه في غالب الاحيان، وجودي الخاص قلقي المتوتر و احساسي بالتلاشي عصي على الفهم ، لايمكن بلوغه، هو الان يمثل امام محكمة الغير، قد افضل الذهاب الى جحيم دانتي على ان اقبل بهذه المحاكمة ،لانها لاتصدر احكاما فحسب بل تصوب الرصاصات غير الرحيمة الى جسدي النحيف، يمكنكم ايها القضاة الزاعمون للعدالة ان تقتلونني لكنني لن اسمح لكم بمحاكمتي، فانطولوجيا التدفق و السلب تسكن دواخل الانسان، و حقيقة الوعي لاتقوم الا بهذا الهروب و الانفلات من الكائن نحو الكينونة ، الذات خيط سراب انطولوجي و الوعي لايتحقق الا في سعيه خلف امكاناته نحو الحرية ، هذه التلقائية التي فرضت نفسها و اصبحنا اسرى في معتقلها، لسنا احرارا في ان نطلب حريتنا من الحرية ،فهي التي اختارتنا ان نكون احرارا في كنفها.
ان الوعي يريد ان يستحود على العالم ، يريد تغيره او ان يقلبه راسا على عقب ، يريد للمتعالي ان يسقط للحضيض ، لا لشيء سوى لاننا احرار نقرا اشعار بوشكين وننصت لموسيقى بتهوفن حيث يحلق الوعي في سماء الحرية و الاحساس و الانفعال العاطفي ليقتلع معه كامل الجسد نحو طقوس الرعشة و توراة الوجدان ، فالجسد الذي لايرقص هو جسد ميت ، جسد نسي انه جسد، قتله اولئك الذين ينصبون انفسهم كاوصياء على اجسادنا باسم الخطيئة و الطهارة و الدنس والقداسة ، ضد كل هذا الازدراء و ضد كل الاخلاق البائسة اقول لكم لنبشر بميلاد حياة انسانية جديدة تعترف بروحانية الجسد ،و لنلبي نداءها ، ليس تمة من حقيقة سوى ما تقتضيه الحياة فهي اهم من كل القيم التي فرضها الانسان البائس على نفسه ، نسي الموسيقى و الشعر و الجمال ، فعاش تعيسا مقدسا اوهام الميت المفارق يردد باسمه و هو يرقص رقصة الديك المذبوح الاخيرة ، اقتلوا كل جسد تسكنه الحياة ، اقتلوا كل حياة تسكن جسدا .
الاموات لا ينبعتون احياء فكيف لهم ان يحكموننا؟ّ! اما الحرية فهي تمتد مع الوجود الانساني و هي شرط لكينونته ، لقد تملكتنا و اصبحنا خداما عند اعتابها ، لنتطهر بالموسيقى و بالشعر في سبيلها ، ولندخل في احتفالية راقصة من اجلها ، و لنعزف سمفونية الاحساس داخل اوبرا جديدة لاتفتح ابوابها الا لانسان يقدس حريته ، يعتز بنفسه في ما يشبه الشموخ و العظمة ، يرفض الموت و يرقص للحياة في حضرة امهر العازفين و المنشدين لترانيم تخبر بافول الوهم المقدس و بسقوط اقنعة احتفاليته الكرنفالية، لا احد يخاطبنا و لاقبة تحت السماء خذوا قداسكم الجلاجولي، ليس تمة من حب حقيقي يخلص من الخوف، القوا باغنية الناسك و رحلة الحاج في مقصلة حواريات الكرمليات ضمن قداس جنائزي يردد اربع اغنيات اخيرة ،هذا هو الموت الذي يسال كيف يكون الموت؟ اما نحن فسننصت لتورانجاليلا، اغنية للحب و ترتيلة للفرح ، و الزمن ، والحركة ، و الايقاع و الحياة ، سنصغي لانشودة الارض الشديدة الحنين و العميقة التاثير . فكتيرا ما ضللتنا اقنعة الوهم و اخفت عنا كل هذا المعنى الذي افتقدناه، ليصرخ كل عازف منكم بموت قيم الموت التي تجعل القاصر و صيا على الحر،ليصرخ كل عازف منكم في وجه الموت الذي يريد ان يغتال حريتنا ، اننا احرار و نريد الحياة اذا ما استطعنا اليها سبيلا، و اننا احرار مادامت اجسادنا ترقص ترفع صوتها منشدة : كم هي بئيسة تلك القيم التي تجعل من العبد وصيا على سيده الحر.



#مراد_مسعف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارتر بين الانطولوجيا و النزعة الوجودية


المزيد.....




- سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع ...
- مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ ...
- كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مراد مسعف - انفعالات عاطفية