عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5201 - 2016 / 6 / 22 - 21:24
المحور:
سيرة ذاتية
سِنْكَام
لأنّها كانت تشبهُ "فيجانتي مالا".
لآنّها كانتْ صبيّةً جامحةً يومها .. وعُمرها الآن 61 عاماً.
ولأنّكم كنتم مشغولونَ بقضايا وموضوعات أهمّ .. وكأنّكم تخوضون حروبكم الصغيرة والكبيرة ، والحقيقيّةَ والمُلَفّقةَ ، والمُقدّسةَ والشائنة .. لأوّل مرّة.
أنا الذي اكتفيتُ من كلّ شيءٍ ، وامتلأتْ روحي ضَجَراً ، وغياب جدوى .. أنفقتُ الأيّام الستة الماضية وأنا أشاهدُ ، وأعيدُ مشاهدة ، فلم "سنكَام" Sangam ، الذي شاهدتهُ قبل خمسين عاماً في سينما "الوطني" ، مقابل "اوروزدي باك" المُنقَرِض ، في شارع الرشيد البائد.
أنا العجوزُ الحالِمُ ، الشاردُ الذهن .. حفظتُ من جديدٍ كلّ الأغاني التي كنتُ قد حفظتها عام 1966 . كان يساعدني على ذلك ، في حينه ، كرّاسُ أغانٍ صغيرٍ عنوانهُ "سِنْكَام" ، كنّا نشتريه بعشرةِ "فلوسٍ"، ونجد فيه أغاني الأفلام مكتوبة بالعربية ، كما كانت تُنطقُ من قبلِ مُغنّيها بالضبط ، وبدرجةِ دقّةٍ "لفظيّةٍ" عالية جداً.
لقد بكيتُ كثيراً وأنا أشاهدُ الفلم في الخامسةِ والستّين ، كما لم أبكِ وأنا في الخامسة عشرة.
كنتُ أجهشُ بالبكاءِ مع كلّ أغنيةٍ ، ولمجردِ سماع لحنها الافتتاحيّ ، وحتّى قبل أن يبدأ الممثلونَ بترديد الكلمات التي كانت تُعيدني الى شواطيء "العطيفية " ، يوم كنتُ أغنّيها على ضفاف "دجلة" ، قبل نصفٍ قرنٍ من هذا الزمن الشاحب الطَعْم .
يا لهُ من فلمٍ كلاسيكيٍّ ، هنديٍّ ، عظيم .
نحنُ أيضاً أفلام .
وبالنسبةٍ لرجلٍ عاش في هذا البلدِ طيلة عمره(الذي طال بطريقةٍ مُدهشةٍ الى الآن ، خلافاً لمنطق جميع الوقائعِ ، وكَسْراً لاستشرافٍ جميع التوقعات) .. فأنا أجدُ نفسي ، في "فلم" بلادي الطويل ، كواحدٍ من "الكومبارس" ، حاملي السيوف ، الذين يُشاركونَ في معركةٍ "ملحميّةٍ" لانهاية لها .
هناك .. في أبعدِ زاويةٍ من زوايا "اللقطة" .
هناكَ .. حيثُ يسقطُ الكثير من القتلى بسهامٍ كثيفةٍ هابطةٍ من سماءٍ مجهولةٍ ، ليس لها أُفقٌ ، أو مدى ، أو حدود .
هُناكَ .. دونَ ملامح .
دون هويّةٍ .
دون وطنٍ .
دون قبر .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟