غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 5201 - 2016 / 6 / 22 - 14:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الــربــيــع الــعــربــي؟؟؟... أو الغباء العربي؟؟؟...
"أكثر شيء أضحكني من الثوار الأغبياء أيام حرب ليبيا.. أنهم يصرخون بوصف الــقــذافــي " باليهودي "... وأنا كنت اليهودي الحقيقي بينهم.. وكانوا يحرسونني!!!..."
(برنار هنري ليفي)
من منا اليوم لا يعرف صاحب هذه الأقوال.. نبي ورسول ومرسال وممثل ممولي ومخططي مؤامرة ومجزرة ما سمي ألف مرة خطأ " الربيع العربي " والذي يتمختر منتفخا اليوم أمام كافة وسائل الإعلام الغربية ــ المتصهينة.. وبأفلام من أدنى المواصفات.. عن نتائج تحركاته وتحريضاته الآثمة خلال العشر سنوات الأخيرة.. عن هذا الخريف القاتم.. بلا خجل أو ندم... مفتخرا بذكاء أفعاله.. وصحتها (لمصلحة إسرائيل وأبعاد تمركزها ويهودية قوانينها العنصرية.. على المدى المتوسط والبعيد) تــوازيــا مع اتساع غبائنا العربي.. وجيناته التاريخية والدينية.. وما رأينا من نتائجه المهترئة خلال الخمسين سنة الماضية.. والتي ما زالت تــخــتــمــر و تــفــســد على مزابل الواقع والتاريخ والحقيقة.. حتى هذه الساعة... رغم أننا نردد ونقرأ ونعتقد ونتعنتر ونتمختر.. صارخين " أننا أفضل أمــة عــنــد الـــلـــه "!!!...
واليوم.. وايوم وبعدما كل ما أصابنا منذ خمسة عشر قرن من احتلال وغزو وانحدار تاريخي وتمزق وخلافات وكراهيات وقتل لبعضنا البعض... بينما كانت بقية الأمم والشعوب تصحح أخطاءها وتبحث عن أنظمة وقوانين وقواعد لتسهيل حياة الإنسان ورفاهيته وحرياته وأمان حياته.. كنا نحن نغرق بالخرافات والهلوسات وتكفير بعضنا البعض.. بعد تكفير الآخر أو جارنا القريب والبعيد... ولم نخترع طيلة كل هذه السنوات لا قلم رصاص.. ولا حتى أبسط اختراعات الطباعة... وبينما وصل الآخر إلى القمر..ما زال بعضنا يعتقد أن الأرض مسطحة مسكونة بالــجــن والكفار.......
كل البشرية انتقدت أخطاءها وصححت معتقداتها وطورتها لخدمة الإنسان وحرياته.. ونحن كل سنة نعود مائة وحتى ألف سنة إلى الوراء.. فكرا وزيــا ومعتقدا.. ونجنزر المرأة والرجل بممنوعات ومحرمات وموروثات بدوية صحراوية.. تــنــفــر منها اليوم أبسط الطبائع الإنسانية العادية... وكلما حاول مفكر أو كاتب أن يخفف من وطئها.. حتى يفتح طاقة بسيطة للنور والتطور والمعرفة وخدمة الإنسان والبشرية.. نعلنه كافرا زنديقا محللين قطع أرزاقه وأعناقه... والفظائع الآثمة اللاإنسانية التي فجرتها جحافل قاعدية ــ نصروية ــ داعشية خلال العشرين سنة الماضية ببلداننا المختلفة باسم الدين.. وتــحــت ستار ما سمي ألف مرة خــطــأ " الربيع العربي " لــم يــأتــوا من المريخ أو زحل.. إنما كانوا منا وفينا.. حاملين رايات الله ورسوله.. وسببوا ما سببوا من ملايين الضحايا وملايين المهجرين.. جاعلين من المشرق ومنطقة المتوسط.. وفي عديد من بلدان العالم آلاف الضحايا.. من أين أتــوا؟؟؟... هل كانوا ملائكة من السماء.. أم أســود ما انتجت الإنسانية من مخلوقاتها.. خلال الخمسة عشر قرن من تاريخها حتى اليوم... حتى بــدأ الــعــالــم كله, وبكل مكان.. يغير قوانينه.. ويــحــد من حريات شعبه.. لــدرء هذا الخطر الجديد الذي بدأ يهدد الإنسانية كلها.. بدون أي استثناء.. زارعا ناشرا دافعا كراهيات مفتعلة ضدنا.. وضد مشاكلنا وحــكــايــاتــنــا... وبدأت تغلق الحدود والأبواب والنوافذ والمعابر والممرات الإنسانية التي كانت مفتوحة للعالم كله.. تــغــلــق وتـتـمـتـرس وتــلــغــم ضــدنــا وضد الهاربين المهجرين من بلداننا المرعبة المتفجرة... وأصبحنا الخطر الجديد على الإنسانية... لما فعلته وما زالت تفعله شــراذم أو جحافل داعشية.. تعلن أنها تــريــد أن تــؤســلــم البشرية جمعاء.. حسب أساليبها التي فاقت إجرام نيرون أو تيمورلنك أو غزوات القرون البعيدة.. وأصبح القتل الجماعي ــ بلا إدانة أو سبب ــ أقصر طريق للوصول إلى الجنة وحورياتها الموعودة!!!.....
كيف نستمر بالتطبيل والتزمير والعنتريات والمنفخيات وبيع علب الحكمة.. على ستائر وخطوط الفيسبوك.. بينما إنسان مثل برنار هنري ليفي لوحده استطاع أن يلعب بمصير الملايين منا, ويشعل الحرب ببيوتنا ويحرقنا.. حتى اصبحنا اليوم بلا مصير.. بلا بوصلة.. بلا قرار.. لا نعرف متى تنتهي حروبنا.. ولا أين تنتهي.. ولا أين توجد حدودنا.. وأينما رحلنا.. تغلق بوجوهنا المغبرة الكالحة.. كل أبواب الأمل.. لأننا اصبحنا بعبعا يخاف من ذكراه أي حـي عــاقــل...
تعالوا نفكر.. إن كان للفكر عندنا بقايا أمل أو وجود... ونقول من نحن اليوم؟؟؟!!!... هل كنا ضحايا.. أم حــراقــيــن؟؟؟!!!....................
***************
عــلــى الــهــامــش :
ــ الاعدام حــرقــا
منذ اسبوعين قام تنظيم داعش أو خلافة داعش الإسلامية بالعراق والشام, بحرق تسعة عشر فتاة وامرأة أيزيدية.. داخل أقفاص حديدية.. لأنهن رفضن الانصياع لبيعهن بسوق البغاء والنخاسة, بواسطة هذا التنظيم الخلافي... ولم أسمع حتى هذا اليوم أية إدانة حقيقية.. أو تحقيق بهذه الجريمة ضد الإنسانية, من المنظمات الأممية وحكوماتها الغربية والعربية التي كانت تتاجر ومازالت مع هذه المنظمة الإجرامية... ما عدا حملة اعتراض بالكتابة والتواقيع من موقع الحوار المتمدن... حتى نسيت هذه الجريمة البشعة كليا بالإعلام الغربي والعربي الشغول والمنشغل بمباريات كرة القدم الأوروبية L’Euro مما يغرق الشعور الإنساني الصادق أو ما تبقى منه بوحول النسيان... يا للخجل.. يا لضياع الإنسانية.. وكل الخطابات الرسمية عن احترام المرأة.. وحتى عن أنظمة احترام الأسير الدولية.. والتي تحرقها وتخرقها داعش وأبناء داعش وحلفاء داعش.. كل يوم ألف مرة في العراق والشام.. رغم كل تراجعاتها وخسائرها الأرضية والعسكرية والاستراتيجية.. مما يزيدها ضياعا لكل فكر إنساني ويزيدها عنفا وإجراما وتضحيات بشرية من مناصريها وانتقاما من أسراهم أو محاربيهم.. بكل من سوريا والعراق.. وبأية بقعة من العالم, حيث نشرت حاضناتها النائمة التي توقظها حسب العرض والطلب.. كما نرى بالعمليات الفردية الانتحارية التي تقوم بها.. حيث يقوم بها انتحاريون محليون.. أو عائدون من معسكراتها حيث انتشرت خلافتها التي تتقلص وتتضاءل........
كنت آمل من المنظمات الإنسانية التي استعملت بالماضي وممثليها بالأمم المتحدة, والتي مــورســت دوما بالسنوات الماضية, كحصان طروادة أو أبواق تهويل وتطبيل وتزمير.. لبيعنا ــ ما سمي ألف مرة خطأ ــ " الربيع العربي "... كنت أمل منها أن تصرخ بصدق ضاغطة على حكوماتها.. كي تعلن بوضوح تحويلها ملف حرق التسعة عشر ايزيديات, وآلاف جرائم داعش السابقة والحالية إلى محكمة الجنايات الدولية للجرائم ضد الإنسانية, في مدينة لاهاي.. حتى لا تبقى هذه المحكمة أداة سياسية.. تتبع دوما رغبات وقرارات السياسة الخارجية الأمريكية وحــدهــا.......
ــ الشركات الفرنسية وداعش
نشر موقع Média Part الفرنسي المعروف صباح البارحة.. نقلا عن تقرير مفصل لجريدة Le Monde عن علاقة أكبر شركة فرنسية عالمية La FARGE وشريكتها السويسرية HOLCIM مع داعش من ربيع 2013 إلى آخر صيف 2014 بعد احتلال هذه الأخيرة لمدينة جلبية بشمال شرقي سوريا, إثر دخول داعش واحتلالها لهذه المدينة, حيث تابعت هاتين الشركتين اللتين تملكان بهذه المدينة أكبر وأحدث معمل للإسمنت بالشرق الأوسط.. وتابعتا تمويل داعش وحاجاتها ومستلزماتها من المواد والعتاد والتموين.. ودفع جــزيــة بــاهــظــة.. لاستمرار هذا المصنع الضخم حتى توقفه بآخر 2015 لدى دخول القوات الكردية للمدينة... وحيث تحول المصنع إلى أكبر مستودع ومراكز تجمع للقوات الغربية المشتركة التي تدعم المحاربين الأكراد الذين طردوا داعش من المنطقة.
رأسالمال Le Capital بلا جنسية, بلا مشاعر, بلا وطن, بلا صديق.. وخاصة لا عدو له... طالما تتم المعاملة والتعامل والتبادل لديمومة مصالحه المتعددة...
ولكن مع كل هذا.. هناك ســؤال تشكيك يحب أن يطرح حتى لا نغرق كليا بتشكيكات الإعلام.. وحتى ولو عودنا موقع Médiapart وجريدة Le Monde على مزيد من الدقة والإيجابية والمصداقية بتحقيقاتها... ولكن لماذا انتظرا الاسبوع الثالث من 2016 ليحدثونا عن علاقة هاتين الشركتين العالميتين بداعش, لفترة زمنية من 2013 و 2014.. وكيف استقرت بسوريا.. وما كانت علاقاتها أيضا مع حلقات السلطة ووسطاء السلطة.. حتى تمكنت من بناء مصنع عالمي لـلاسـمـنـت.. بهذه المنطقة بالذات.. منذ 2010؟؟؟... وخاصة ديمومة تصدير منتجاته للعالم...
أيام فتوتي وشبابي في ســوريـا.. وأثناء وجودي بفرنسا منذ ثلاثة وخمسين سنة.. تعرفت ولاقيت وقابلت أفرادا عادي المظهر والكلام والتعبير والأحاسيس.. يشبهون هذه الشركات الرأسمالية المتعددة الجنسيات... بلا وطن.. بلا مشاعر.. بلا صديق.. وخاصة بلا عدو... عاديون.. هادئون.. بلا غضب.. يستطيعون بيعك كل ما يرغبون.. بكل سهولة طبيعية عادية... مصلحتهم فوق كل مصلحة... هذه الفئة من البشر.. هي خــطــر على الإنسانية... مثل داعش وأبناء داعش وحلفاء داعش وحاضنات داعش... لأن الرأسمالية المتعددة الجنسيات, تبقى بلا جنسية.. وهي خطر على الإنسانية مثل إرهاب داعش... وجميع المؤسسات العالمية التحليلية تعتبر داعش بثروتها التي قدرت بمنتصف 2015 بحوالي أكثر من ألفي مليار دولار (نعم ألفي مليار دولار).. غالبها من الغزو والجزية والفديات والبترول والقطن والقمح والشعير.. وبيع النساء والأعضاء البشرية.. إذن هي مؤسسة رأسمالية.. وتملك حتى الآن عشرات البنوك والمؤسسات المصرفية... وأيــن الــديــن من كل هـــذا؟؟؟!!!.....
بــــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان بالعالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأطيب وأصدق تحية إنــســانــيــة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟