|
العراق بين التقسيم وتقبل الآخر
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 14:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان مشكلة داعش والمنتمين له هي مشكلة كل من يؤمن بثنائية القطب ، بمعنى اننا مسلمون جيدون ، والمقابل غير مسلم وسئ ، بل انه عدو يجب القضاء عليه واستاصاله . وهذا مانراه في القبائل الافريقية ايضا . حيث يعتقدون ان قبيلتهم جيدة ومقدسة . والقبيلة الثانية سيئة بل حيوانات ، او صراصر ( حسب ادعاء قبائل الهوتو والتوتسي في المجازر التي حصلت في رواندا مثلا ) . وهذه المشكلة ليست مشكلة داعش والشعوب المتخلفة فقط . وانما هي مشكلة كل الحركات والافكار المتطرفة . فالنازيون يعتبرون انفسهم فوق الجميع ، والاخرين يجب ان يكونوا عبيدا لهم .ومثل هذه النظرية عند اليهود الارثذوكس ، الذين يدعون بانهم شعب الله المختار ، وما عداهم ليسوا من البشر . وكذلك عندنا في العراق ، عندما يقول السيد المالكي ، اننا معسكر الحسين وهم معسكر يزيد . بمعنى ان معسكر يزيد يجب ابادتهم ، والابقاء على معسكر الحسين . . ونحن هنا لسنا في معرض مناقشته عما اذا كان هو حقا يمثل معسكر الحسين . او من شيعة الامام علي عليه السلام كما يدعي . او ان الطرف الاخر هم من انصار يزيد فعلا ويجب القضاء عليهم . . ان هذا الفكر الثنائي القطب ، هو اساس مشاكلنا ، اي اننا نرى فقط ابيض واسود . ان هذا يمثل منتهى ضيق الافق ومحدودية التفكير . فما نراه اسود هو بالحقيقة مجموعة من الوان الطيف الجميلة اختلطت وبدت لنا سوداء . ولو كان لنا افق واسع لنظرنا الى الجميع بنظرة الالوان المختلفة والمتجانسة في نفس الوقت . نحن لا ندعو الى ان تتطابق افكارنا مع افكار الآخر ، ولكن هناك نقاط التقاء ونقاط خلاف . فاذا نظرنا الى نقاط الخلاف فقط فاننا سنكون مثل داعش ، اي نؤمن بقطب صالح وقطب طالح . ان هذا الموضوع غير متعلق بالجينات الوراثية ، اي اننا لا نتوارثها ، بل نكتسبها . . نكتسبها اولا من العائلة ، ثم من المدرسة ، وبعدها من المسجد او الحسينية او الكنيسة . . والقادة السياسيون لهم دور فاعل في هذا الاتجاه . فالناس على دين ملوكهم . واذا كان رب البيت بالدف ناقر ، فشيمة اهل الدار الطرب .! . اننا يجب ان نتصالح مع انفسنا ، قبل ان نتصالح مع الآخرين . فنحن اذا كنا جيدين ، سنرى الناس جيدين ايضا .ان عنصر الارتياب ، ياتي من الحرمان ، والشعور بالاضطهاد . ان كثير من الناس يحلو لهم ان يكونوا مظلومين ، حتى يبرروا تصرفاتهم الشاذة تجاه الاخرين . والآن ننتقل الى العراق ، ان الكورد يشعرون بانهم مضطهدين من الاخر العربي . والسنة يقولون مثل هذا الكلام تجاه الحكم الشيعي . والشيعي يعتقد بانه لا يستطيع التعايش مع السني ، لانه لم يستطع تدجينه او اخضاعه . ان المسألة ايها السادة ليست مسألة اما انا ، او ليكن الطوفان . . المسالة مسالة تعايش . . ان من بيده الحكم هو الذي يجب ان يضرب المثل الاعلى بالتعايش . لان من يمسك بالحكم تكون له السلطة الفعلية على الاخرين ، كل الاخرين ، ومتى ما شعر هؤلاء بالضطهاد او التهميش ، فانهم سيتبنون مفهوم القطب الثنائي ، اي اما نحن ، او هم . وهذا ما حدث فعلا عندنا في العراق . ان التفكير بتقسيم العراق بين دول شيعية وسنية وكوردية ، سوف لن يحل المشكلة . لاننا سنظل نفكر باننا احق من الآخر ، وان المقابل يستغلنا ، ومن هنا تأتي مشاكل المناطق المتنازع عليها ، او الاماكن المختلطة . ان انفصال الباكستان عن الهند قد ادى في الاشهر الاولى الى ان انتقال الآلاف بل الملايين من البشر من مكان الى آخر . وكانت القطارات تنقلهم من الهند الى الباكستان ، وبالعكس . . ولكن هل حلت المشكلة . بالتاكيد لا . . لاننا لحد الان نرى الحروب بينهم مستمرة وبصورة دورية . ان الواجب يحتم علينا ان نتقبل الآخر ، لان الآخر له حق العيش مثلي ، فانا لست بشرا فقط ، والآخر اقل من بشر . كما ان عقيدتي ليست افضل من عقيدته ، هي مجرد افكار واجتهادات قابلة للتغيير والتطور . كما ليست هناك قومية افضل من قومية . اننا يجب ان نزيل كل انواع الشعور بالتهميش او بالاقلية ، مثل المنبوذين في الهند ، فليس بيننا في العراق قومية او طائفة منبوذة . وبالمقابل فان منطق دكتاتورية الاغلبية يجب ان يغادرنا ، لان ليس من حق الاغلبية استعباد الاقلية . الكل يعيشون بحرية وبحقوق متساوية في كل مجالات الحياة . ان دكتاتورية الاغلبية لايمكن تصورها في الديموقراطية الحقيقية ، المستندة على مفهوم المواطنة ، والاولاء للوطن وليس لدين اوطائفة معينة . وهذا لايتم الا عن طريق احزاب وطنية ، لها مشاريع للنمو والنهوض بالمجتمع . وان الانتخاب يتم على وفق برامج هذه الاحزاب والمفاضلة بينها . وليس على اساس الولاء للعائلة او الدين او المذهب او القومية ، كما هو جاري في لبنان والعراق . لقد وضح بما لا شك فيه ، ان الصراع عندنا في العراق هو صراع بين مستغِل ومستغَل . وقد غلفت العملية كلها بغلاف طائفي او قومي . . ان التركيز والتاكيد على المفاهيم الدينية المزيفة ، قد دفعت الناس الى الجهل ، وبالتالي يكون المواطن كالاعمى ، لا يرى الا مايراه قادته الانانيون والوصوليون ، فمتى سندرك هذه الحقيقة ونثور على الواقع الشاذ والمؤلم الذي وضعنا فيه بغفلة من الزمن ، ولا زلنا كالعميان يقودنا من بيده السلطة الى الخراب والتهلكه . . لنفرط في وطن يجمعنا ، واخوة يشدون من ازرنا عند الشدائد .
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيكون العبادي غورباتشوف العراق
-
اعادة تنظيم الحشد الشعبي
-
من الاصلاح والفلوجة الى الموصل . . مهمات غير منجزة
-
تعذيب النازحين . . اعظم هدية لداعش ولدعاة التقسيم
-
هل فقدنا الهوية الوطنية
-
مؤتمر باريس . . . ما اشبه اليوم بالبارحة
-
ديموقراطية البنادق والتضليل
-
الطريق المسدود . . والسيناريوهات المحتملة
-
الدراسات الحديثة للتاريخ
-
الدين . . بين العقل والقلب
-
مشروع المالكي الجديد
-
امريكا . . . من ابو طبر الى اوراق بنما
-
تحالف القوى . .. الموقف الانتهازي
-
التكتلات السياسية . . . والبركان القادم
-
ماذا بعد الدين .. ؟
-
مقتدى الصدر .. والروح البروسية
-
حكم الشيعة
-
السياسات الدافعة للفرقة والتقسيم
-
مافيش فايدة . . . دي شعب زلط
-
اين هو الاسلام . . . ومن هو المسلم
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|