أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - الرثاثة ضد صناعة الحياة















المزيد.....

الرثاثة ضد صناعة الحياة


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 12:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



الرثاثة: تعني كل ماهو سيء , العنف والفوضى ,الاخلاق السيئة والرثة وكل القيم المنافية للطبيعة .
ظهرت ثقافة الرثاثة والفئات الرثة في اربعينات القرن الماضي , عندما هاجر الفلاحون في العراق الى المدن الرئيسية والى العاصمة بغداد .
حيث اعطت الحكومة الملكية للشيوخ حق تملك الاراضي الزراعية .وتحول الشيخ الى اقطاعي يمتلك مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية .

قام الاقطاعيون بتعيين وكلاء لهم (سركيل )لجباية الضرائب من الفلاحين . وقاموا بالسكنى في بغداد والمدن الرئيسية الاخرى . وقام الوكيل بجبي الضرائب بكافة الوسائل , بما فيها استخدام العنف . هذه التطورات اشار اليها عالم الاجتماع العراقي الراحل الدكتور علي الوردي , رائد علم الاجتماع الحديث في العراق في مؤلفاته .

ازدادت الهجرة الى المدن بعد انقلاب – ثورة 14 تموز 1958 . وقام عبدالكريم قاسم بتمليك الفلاحين الوافدين الى بغداد للدور السكنية ولقطع الاراضي المخصصة للسكن . وجعل من هذه الاماكن حاضنات لثقافة الريف .بدلا من ان يقوم باستشارة مختصين في العلوم الاجتماعية والانسانية ومراكز البحوث والجامعات ,وعلماء الاجتماع وعلماء النفس والمهندسون المعماريون حول كيفية حل مشكلة المهاجرين .وذلك بحل مشكلة ملكية الاراضي الزراعية واعادتهم الى الريف وتملكهم للاراضي الزراعية, وتحويل الريف الى مدينةعن طريق شبكة حديثة للمواصلات ومد اسلاك وخطوط الكهرباء وانابيب الماء الصافي والصالح للشرب .او باعادة دمجهم في مجتمع المدينة.

الا ان عبد الكريم قاسم قام بتوزيع المنازل والاراضي السكنية عليهم في ضواحي بغداد , فتحولت بغداد الى مضارب للعشيرة . وانتصرت قيم البداوة والقرية على قيم المدينة والحضارة.ان قيم الرثاثة تقوم على فكرة الثار والانتقام والغنيمة. لذا اعتبرت ممتلكات الدولة من الغنائم يجوز مصادرتها.,وجرى تقاسمها بين الاحزاب الكبرى بعد العام2003 .

لقد عاش صدام حسين طفولته في بيئة فقيرة وكان منبوذا من قبل اغنياء العشيرة , ومعدما وكانت امه قد تزوجت من اربعة رجال , ولا يعرف نسب صدام على وجه اليقين , ولا من هو ابوه .لذا قام صدام بعد تسلم البعث للحكم بتزوير وثيقة تربط نسبه بنسب الامام علي بن ابي طالب .

اتسمت نفسية صدام في طفولته بمشاعر سايكوباثية عدائية .وكان يعيش الفقر والتهميش ويشعر بالعجز . لذا كان يفكر طوال الوقت بالانتقام ممن وقف ضده في صغره . وبعد وصول البعث الى السلطة في العام 1968 ,اخذ يلبس الملابس والاحذية الفاخرة والمستوردة . ويدخن السيجار الكوبي الفاخر.

ورغم معادته الظاهرية للامبريالية الامريكية , الا انه كان يلبس افخر الملابس الغربية والامريكية . في زمن الحصار الاقتصادي, قام صدام ببناء الكثير من القصور الرئاسية .وكان مولعا ,كنتاج للثقافة الدكتاتورية – الرثة ببناء القصور والبنايات الفخمة والغرائبية , مثل بناء اضخم مسجد في العراق , وهو جامع الدولة الكبير , مشروع لم ينجز .وبناء اعلى برج ( برج صدام ).

تميزت الاحتفالات بعيد ميلاد صدام بمظاهر البذخ الفاضح والاسراف في الصرف رغم الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب العراقي.

الرثاثة في زمن المحاصصة الطائفية – الاثنية

ان الرثاثة في زمن المحاصصة الطائفية- الاثنية تعني تقاسم للعنف وللغنائم .قامت الرثاثة في الزمن الامريكي على فكرة الثار والانتقام . لذا تم تشريع قانون اجتثاث البعث وقانون لمكافحة الارهاب.
ان الرثاثة السياسية في العراق هي فاشية الجوهر ,ديمقراطية المظهر,صناعتها امريكية , ويتم تنفيذها بايدي اسلامية.ان فكرة الثار والغنيمة تجذرت عميقا في لاوعي الانسان العربي- المسلم وخصوصا لدى العراقيين .فنحن في صغرنا سمعنا ام كلثوم وهي تغني قصائداحمد شوقي ومنها قصيدة (حديث الروح)و (سلوا قلبي ),والبيت الشعري الشهير :
(وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا ). وعجز البيت الشعري الاخر :
( اخذنا امرة الارض اغتصابا ).اي ان ملكية الارض انتزعناها انتزاعا من ملاكها الشرعيين .والجمهور في القاعة يصفق بهستيريا ويطالب ام كلثوم باعادة المقطع .انها عبارة شعرية رثة تقوم على المغالبة والسرقة والغنيمة .ومع ذلك يسئلونك عن سبب ظهور الجماعات الاسلامية والتكفيرية والجهادية. واخر الجماعات والقابضة على الفائض من العنف هي داعش.

اما الرثاثة على المستوى العائلي فتتمثل بسيطرة القوي على الضعيف .وسيطرة الاب او الاخ الاكبر, او الزوجة المسيطرة والتي تمتلك شخصية قضيبية كقضيب الذكر .مثل شقيقتي التي اغتصبتني نفسيا .اخاطبها واقول لها كما كتب جبران خليل جبران :( الوقاحة هي ان تنسى فعلك , وتحاسبني على ردة فعلي ).

لاتتقبل الرثاثة قيم التسامح والتي تعني القبول بالاخر .وبتجاوز الاخطاء دون نسيانها . ان التسامح يقود الى المحبة, لذا تكون قيم الرثاثة ضد المحبة والسلام الاجتماعي على طول الخط .تتميز ثقافة الرثاثة بسؤ الذوق وتدني المعايير الجمالية والثقافية والاخلاقية.والمتدين الرث يقوم بالصلاة والصوم لكنه لايمانع في الكذب واختلاس الاموال والسرقة وخداع الاخرين .

وتظهر الرثاثة في اهمال مظاهر الحضارة والثقافة المدنية , مثل : المسارح ,صالات السينما ,الملاعب الرياضية , المنتديات الثقافية ,صالات الفنون التشكليلية .
تنتشر العشوائيات والنفايات في المدن العراقية, وفي وسط البلد , مثل ساحة الطيران في بغداد.تتميز الرثاثة في اللانظام وفي خرق القانون .
الانسان الرث , هو انسان يشعر بالفشل والعجز والنقص .لذا يتولد لديه الغضب وحب الانتقام

تميل الفئات الرثة الى الترويج للتدين الشعبوي ولثقافةالقطيع . وهي على خلاف اخلاق المدينة,التي تعتني بالمظهر وباظهار المعنى , باعتبار الثقافة هي صناعة للحياة , ولاعطاء المعاني للكلمات .في المقابل نجد الفئات الرثة تروج لثقافة الخطابات الطنانة والتعبوية , والاغاني الخالية من المعاني.وتعمل على تحشيد الاتباع ضد الاخر المختلف عنها .

على العكس من ذلك , تكون الثقافة صناعة للحياة , لذا يكون الفلاح الامي مثقفا وفاعلا اجتماعيا لانه خبير بالزراعة وبالانتاج الزراعي .تقوم الثقافة الرثة على تدمير البيئة من اجل تحويل المجتمع الى قطيع , يطيع ولايناقش لايمتلك الانسان الرث مخيالا ولا رومانسية ولايعرف الاسترخاء والتامل , ولا يجيد التنفس الطبيعي .ان ثقافة الانعزال تعمل على تقطيع المدن والمناطق .هذا العزل والانعزال يعمل كحاضنات للسلفيات وللارهاب .

مقالات ذات صلة:

مقالتنا (الفاشية المجتمعية وهرميتها ) المنشورة على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=520832

مقالتنا(انتهاك حقوق المواطنة والانسان: جزء من سيرتي الذاتية ),والمنشورة على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=516779



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاشية المجتمعية وهرميتها
- المثلية الجنسية مرفوضة مجتمعيا
- الالوهة تحت مجهر النقد والمساءلة
- مراسيم الحج قبل الاسلام ورموزها الجنسية
- الجنس : ذلك الثقب الاسود العملاق - ج 2
- الجنس : ذلك الثقب الاسود العملاق
- الجنس في القران : انزياح المفاهيم وانقلاب معانيها
- بين الحداثة وقيم المجتمعات القديمة
- انتهاك حقوق المواطنة والانسان :جزء من سيرتي الذاتية
- مكة بين التاريخ الاسطوري وحقائق التاريخ
- الفتنة تجدد نفسها
- الموسيقى في بلاد الرافدين ومصر
- بيئة مكة والمدينة والمطر
- بدايات المسيحية في فلسطين وخارجها
- تصنيع اسطورة عبدالله بن العباس
- صراع الاجيال والطبقة الوسطى المدينية
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج 3 والاخير
- يسوع من الناموس الى درب الصليب
- التوظيف الايديولوجي للحديث النبوي - ج 2
- طائفة قمران : قراءة اضافية


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - الرثاثة ضد صناعة الحياة