أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سندس القيسي - الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة؟














المزيد.....

الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة؟


سندس القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 03:25
المحور: حقوق الانسان
    


الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة؟

كثيرًا ما نسمع عن التجاوزات الكبيرة لأجهزة الشرطة تجاه مواطني الدول العربية، كإلقاء القبض التعسفي وتلفيق التهم والتخويف والترويع والتعديب والحبس، وطالما اعتقدنا بيننا وبين أنفسنا أن من يدعي أن أجهزة الأمن والشرطة (ولا أقول المخابرات) تلاحقه ظلمًا وتكيل له الإتهامات زورًا وبهتانًا وتريد الإيقاع به لجعله عبرة لمن يعتبر، طالما ظننا أن هكذا ضحايا هم من يتسببون بالمشاكل ولا بد أنهم يستحقون ما يجري لهم، كما أنهم لا شك يبالغون في مسألة الملاحقات الأمنية. لكن الحقيقة هي غير ذلك تمامًا، وإذا حصل أن وقع أحدنا في أيدي أجهزة الأمن لأي سبب بسيط كحادث سيارة مثلاً، حتى يكتشف مدى تعفن هذه الأجهزة القمعية، التي تعتمد كليًّا على مزاجية الشرطي والطرف الذي يرغب في الإنحياز له. وهذا الأمر يعتمد على كون أحد الطرفين من أقارب الشرطي أو طائفته أوملته، أو فيما إذا تلقى الشرطي رشوة أو تهديد من شخص متنفذ.

أما آلية عمل الشرطة الجبانة حسبما رصدتها أنا شخصيًا في إحدى الدول العربية، التي تدعي الشفافية والديمقراطية من خلال ثلاث حالات متشابهة على مر عشرة سنوات، فهي مستبدة، ولنفرض أن المواطن في كل الحالات كان مخطئًا نوعًا ما إلى غير مخطئ. دون أن يكون مجرمًا أو عنده سجلاً إجراميًا فكيف تعاملت الشرطة مع هذه الحالات؟

الحالة الأولى،

تاجر أحذية وألبسة في وسط البلد يبيع حذاءً قيمته 30 دولارًا لرجل من جنسية أسيوية. في اليوم التالي، يأتي الأسيوي مع زوجته لاسترجاع الحذاء، فيرفض التاجر ويستدل بيافطة تدل على سياسة عدم الإرجاع، فما يكون من الأسيوي إلا الذهاب إلى مركز الشرطة ليشكو التاجر، في وقت كان فيه رئيس المغفر غائبًا وتاركًا خلفه شرطيًا صغيرًا في السن لينوب عنه. ورغم أن هذه المسألة ليست من اختصاص الشرطة أصلاً، إلا أن المناوب المسؤول قرر التدخل وذهب إلى التاجر.

وحين وصل إلى المحل طلب من التاجر هويته وبمصاحبته إلى المغفر، فما كان من التاجر إلا وأن يرفض الأمرين معًا لعدم وجود مذكرة مع الشرطي. حينها ذهب الشرطي وعاد مع قوة مكافحة الشغب لاعتقال التاجر. فاعتذر التاجر فورًا قائلاً أنه سيذهب مع الشرطة طوعًا دون تكبيل. لكن الشرطي وقوته المصاحبة له ردت بالإعتداء على التاجر ضربًا وركلاً وتنكيلاً وتهديدًا.

ولما صار التاجر في المغفر، تم الإعتداء عليه مجددًا وحبسه. وبدأ الشرطي المناوب بإيكال التهم إليه مهددًا إياه ورافضًا كل وساطات التجار التي استمرت طوال الليل. بل قام الشرطي بنسب تهمة التحرش بزوجة الزبون الأسيوي للتاجر ومقاومة الشرطة والإعتداء عليهم بالضرب وملفقًا تهمًا خطيرة كالإرهاب وتهديد أمن الدولة. ولم يكتف بذلك، بل بدأ بإجراءات عمل تقارير مزورة عند الطب الشرعي لكي يثبت أنه وطاقمه تعرضا للضرب من قبل التاجر، لكن غاب عن باله أن محل التاجر مزوّد بالكاميرات، التي من السهل أن تثبت إفتراء رجل الأمن هذا.

ورغم أن التاجر لم يكن على خطأ ولم تكن هذه القضية من اختصاص الشرطة أصلاً، إلا أنه وقع ضحية استبداد هذا الشرطي، الذي أصر على تعليمه درسًا. ولعل دوافع الشرطي التي نتكهن بها هي ثلاثة؛ الشرطي قليل الخبرة وأراد استعراض عضلاته، الشرطي يرغب في نيل سلع مجانية من التاجر، لكن التاجر يرفض. عنصرية الشرطي تجاه التاجر الذي ينتمي إلى إثنية ثقافية مختلفة هي دونية عند الشرطي، الذي ينتمي إلى إثنية متنفذة تتسم بالعنصرية أيضًا. ولا يخفى أن شخصية هذا الشرطي سادية، تتلذذ بتعذيب الآخرين.

أما كيف تم حل المشكلة بشكل غير عادل، فذلك اقتضى تجميع وساطات كثيفة للتوسل بالشرطي مرارًا وتكرارًا لإخراج الشاب من الحبس، حيث تدخلت قيادات عشائرية، وتم الإصلاح بين التاجر والزبون الأسيوي في المحكمة، حيث أعاد التاجر ثمن الحذاء للأسيوي! وكان يتوجب حصول ذات الأمر بين التاجر والشرطي، إلا أن الشرطي خلف بالحل العشائري أيضًا واختفى في اليوم الذي كان يفترض فيه الصلح.

وهنا حاول بعض أفراد عائلة التاجر اللجوء إلى محامي، لحل هذه المسألة في القضاء. وقاموا برفع معنويات التاجر بدعوته إلى عدم الخوف ومواجهة الشرطي في القضاء. بل أنهم شجعوه على اللجوء إلى منظمات حقوق الإنسان والصحافة، لخطورة هذا الشرطي عليه وتهمه الملفقة، إلا أن التاجر وهو أب لأربعة أطفال لم يحتمل فكرة حبسه عدة أشهر أو سنوات على يد هذا الشرطي المستبد. بل إن أفراد عائلته الآخرين أعربوا عن خوفهم من قتل الشرطي للتاجر، في حال فوزه بالقضية ضد الشرطي. كما أن التاجر هو المعيل الوحيد لأسرته ولا يحتمل فكرة الإبتعاد عنهم. ولم يكف الشرطي شره عن هذا التاجر، حيث حذره من إقحام أي محامٍ في القضيه، وقال له: "إياك إياك أن تحضر محاميًا، وإلا سأريك الويل". وكأنه لم يره الويل!
وهكذا اضطر التاجر للجوء للحل العشائري مرة ثانية، وهو في هذا تحت إمرة الشرطي، الذي أرغمه على توقيع تعهد وما زال الحبل على الجرار، ولا زال هذا التاجر الشاب تحت رحمة هذا الشرطي الفاسد!



#سندس_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة
- الشرطة العربية: إضرب، فليس غيرك مستبد!
- المرأة العربية 10: حرية المرأة بين مطرقة التحرر وسندان الذكو ...
- عزيز لعمارتي : الصالون الأدبي ببروكسل الواجهة الثقافية للمنت ...
- المرأة العربية 9: علياء المهدي، كابوس مصر
- مداخلتي عن الهجرة في الصالون الأدبي ببروكسل
- باريس وأضواؤها الساطعة وزقاقها المرعبة
- المرأة العربية 8: الواعظات يضعن أياديهن في عِش الدبابير
- المرأة العربية 7: يوم المرأة وأمومة الأم العربية
- المرأة العربية 6: أمينة ليست شرف أحد وجسدها ملكها
- المرأة العربية 5: الجسد والطالعات من قمقم الشهوة
- المرأة العربية 4: النضال بالجسد العاري
- المرأة العربية 3: من التعري الكلي إلى النقاب
- الملكة إليزابيث ملكتي وقدوتي
- المرأة العربية 2: الملكة إليزابيث الثانية ملكتي وقدوتي
- لا تلقي قذارتك الأقذر على الطاهرات
- المرأة العربية 1: الفضيلة والرذيلة والحريّة
- لا ترمي قذارتك الأقذر على الطاهرات يا منال
- يوم لندني غامر بالحرية
- التحرر الحقيقي 1: تجربة الرجل الأسود


المزيد.....




- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...
- لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
- اعتقالات واقتحامات بالضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة تل الرميدة ...
- المقررة الاممية البانيز: مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت غير كا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سندس القيسي - الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة؟