|
عندما تصر م.ت.ف على أن تكون -كابو-
مصعب بشير
الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 15:53
المحور:
القضية الفلسطينية
الكابو Kapo: هم سجناء في المحتشدات النازية إبان الحرب العالمية الثانية، لكنهم يعملون لصالح السجانين النازيين ويقومون بتعذيب بقية السجناء والتنكيل بهم مقابل الحصول على طعام أكثر وملابس مدنية وغرف خاصة. كان هنالك كابو من كل أصناف المعتقلين بما في ذلك من اليهود. كلما زادت وحشية الكابو تجاه بني جلدته زاد رضى النازيين عنه. ليس جديدا على أحد أن منظمة التحرير الفلسطينية التي لم يختر الشعب الفلسطيني ممثليه فيها والتي لم تجر في تاريخها أية انتخابات ديمقراطية، باتت منذ توقيع اتفاق أوسلو مجرد أداة في يد دولة الإحتلال الإسرائيلي. فالمنظمة عن طريق "السلطة الفلسطينية" تعمل على حفظ أمن إسرائيل وتبديد أي محاولة ثورية فلسطينية بكل وسائل القمع والإضطهاد في مقابل حصول كبار مسؤوليها ومسؤولي "السلطة" على النزر الأعظم من أموال الضرائب التي يدفعها الفلسطينيون وعلى أكثر المنح المالية الدولية، لكي يعيش هؤلاء المسؤولون وأسرهم حياة باذخة ويقضوا إجازاتهم خارج البلاد متمتعين بالمرور السريع عبر الحواجز والمعابر الإسرائيلية، ومستفيدين أيضا من "إمتيازات" لهم ولأسرهم بحيث يحصل أبناؤهم على أفضل تعليم في أفضل الجامعات في العالم وأيضا على أفضل الوظائف وأعلاها في هرم ما يعرف بالمؤسسات الفلسطينية. إن ما تقوم به م.ت.ف مع الشعب الفلسطيني في داخل المعازل العرقية التي باتت مغلقة منذ توقيع إتفاق أوسلو والتي يمتلك الجيش الإسرائيلي مفاتيح أبوابها من الخارج، شبيه بما كان يقوم به الكابو داخل المحتشدات التي كان عناصر ال SS النازيون يمتلكون مفاتيح أبوابها.
لقد بات الغلو المضطرد في الفاشية لدى الإسرائيليين (وهو إزدياد في درجة النوع نفسه، لا تحول إلى نوع جديد) يتطلب مازوشية وخضوعا أكثر من قبل م.ت.ف وقمعا أكبر من قبل "السلطة" للشعب الفلسطيني، ففروض الولاء والطاعة صارت أكثر رغم أن الكابو الفلسطيني لا يخفي تأمله في الحصول على مفاتيح المعزل/المحتشد ليجعله دولة ذات سيادة و"إيجاد حل عادل" للآجئين من بني جلدته. ليس الأمر بالغريب ففي المحتشد النازي كانت سادية ال SS تتطلب المزيد من الخنوع من قبل الكابو الذي يلجأ للإمعان في تعذيب بقية السجناء لينال إستحسان السجان، وهكذا دواليك، مزيد من سادية السجان ومزيد من عنف الكابو مع المساجين مقترنا بمزيد من التذلل للسجان.
فعلى سبيل المثال، لم يتحقق من عبارات "سلام الشجعان" و"رفع العلم الفلسطيني فوق أسوار القدس ومآذنها وكنائسها" التي استخدمها ياسر عرفات لتنويم الفلسطينيين مغناطيسيا، شيء سوى حرس شرف وبساطا أحمرا كان يمشي عليه عرفات مرتين يوميا، فقد قابلها "صديق" عرفات في السلام إسحق رابين بالتأكيد أمام الكنيست عام 1995 بعد توقيع إتفاق أوسلو بأنه سيجعل الفلسطينيين يديرون شؤونهم داخل كيان أقل من دولة في أقل من حدود 1967 دون القدس.
واستمرار على نفس النهج، فإن كل ما يقوم به محمود عباس مهندس أوسلو من تقديس للتنسيق الأمني ومنعه لأي فعل يهدد إسرائيل، يقابل بمزيد من الإستيطان والعنف السادي من قبل السجان الصهيوني. وفي نفس السياق جاءت مشاركة أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف وإلياس زنانيري نائب رئيس لجنة م.ت.ف للتواصل مع الجمهور الإسرائيلي بأمر من عباس لتؤكد أن م.ت.ف كابو وفي جدا، مستعد كما قال مجدلاني لأن يذهب إلى آخر العالم من أجل السلام. ربما كان يقصد مجدلاني بعبارته نهاية العالم.
شهد مؤتمر هرتسيليا الأخير الذي اختتم أعماله في مدينة أقيمت على أرض فلسطينية هجر أهلها، وتحمل إسم مؤسس المنظمة الصهيونية، نقاشا وتدارسا عميقين في عدة محاور لعل أبرزها ما يجب على إسرائيل فعله في المنطقة من تحالفات وأيضا محاربة حركة المقاطعة وسحب الإستثمارات ومعاقبة إسرائيل BDS التي مانفكت تحرز نصرا وراء آخر خاصة في ما يتعلق بنزع الشرعية عن إسرائيل. بيد أن م.ت.ف كعادتها لم تفوت الفرصة في منح السجان الصهيوني الشرعية بالمجان وبيع الوهم لبقية المساجين الفلسطينيين.
باختصار شديد، مقابل الفتات المتمثل في مصالح قياداتها واسترضاء لإسرائيل تقوم م.ت.ف بسحق الشعب الفلسطيني وفي كل مرة تنزل م .ت.ف من سقفها يزداد تجبر السجان الصهيوني. ماحدث في مؤتمر هرتسيليا السادس عشر من مشاركة م.ت.ف وبعض الفلسطينيين، مؤشر على أن العلاقة المرضية بين الكابو الفلسطيني وسجانه الصهيوني لافكاك منها إلا بتمرد شامل داخل المعزل العرقي الفلسطيني لتكتمل حلقة المقاطعة من الخارج والثورة من الداخل. ليس الأمر بالهين ولا يبدو أن بقية المساجين الفلسطينيين قادرين على ذلك، حاليا.
#مصعب_بشير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفاعل ديمونة، تشرنوبيل القادم
-
إنها كوباني وليست عين العرب
-
إسرائيل نائبا للجنة الأمم المتحدة لإنهاء الإستعمار- إنجاز دب
...
-
حصان السلفية الجهادية الأسود...داعش
-
تعقيب على مقال: -لماذا ندفع ثمن المحرقة؟!-
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|