أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - عصام شعبان حسن - فلاحو مصر غاضبون: -من يشتري القمح ؟














المزيد.....

فلاحو مصر غاضبون: -من يشتري القمح ؟


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 15:49
المحور: الصناعة والزراعة
    




تعد مصر من أكثر الدول المستوردة للقمح عالمياً بحسب إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة "الفاو". وقد ساهمت سياسات التحرير الاقتصادي في قطاع الزراعة إلى تكريس هذا الوضع. وقد انسحبت الدولة تدريجياً من لعب دور تخطيطي للحاصلات الزراعية، وكذلك قلصت دعمها للقطاع ككل. هكذا، ترك الفلاح فريسة لقوى السوق، وأخذ يعاني من ارتفاع مستلزمات الزراعة من ماكينات ومبيدات. كما أدى تراجع دور وزارة الزراعة والجمعيات والتعاونيات الزراعية إلى زيادة الأزمة، فهجر ملايين الفلاحين أراضيهم، وتحولوا إلى أجراء يعملون في قطاعات البناء والتشييد، وبذلك همش الفلاحون وازدادت أزمتهم الاقتصادية، ما ترك أثراً بالغاً على معدلات الإنتاج الزراعي. كما سمح التراجع في إنتاج المحاصيل إلى تحكم المستوردين في غذاء المواطنين. كل ذلك عمق الأزمة الاقتصادية، إذ أن تراجع الإنتاج الزراعي أثر سلباً ليس على الأمن الغذائي المصري وحسب، بل أيضاً على الصناعات المرتبطة بالقطاع الزراعي، وعلى رأسها صناعتا الغزل والنسيج والصناعات الغذائية.
وقف الأسبوع الماضي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فخوراً بما أنجز في مشروع استصلاح المليون فدان. هذا المشروع الذي بدأ بزراعة 10 آلاف فدان من القمح، في الوقت الذي كان محصول القمح يتراكم أمام منازل الفلاحين لعجزهم عن بيعه وتوريده لوزارة الزراعة، كما تجمهر عدد من الفلاحين بعدة محافظات أمام الجمعيات الزراعية، مطالبين بتصريف محصولهم. شملت الأزمة معظم المحافظات، وناقش البرلمان المصري المشكلة، وتلقى وزير الزراعة هجوماً عنيفاً من النواب الذين اتهموا الوزارة بإهدار محصول القمح وإذلال الفلاحين، متسائلين عن مجموعات المصالح التي تستفيد من الأزمة على حساب الفلاحين.

لم تمنع تركيبة مجلس النواب الغالب عليه تأييد السلطة، تجلي أزمة القمح في مناقشات البرلمان واستجوابه لوزير الزراعة، حيث عبر النواب عن غضب الفلاحين في دوائرهم، فقال أحدهم: "الناس بتضربنا بالطوب".
تقف أسباب متنوعة وراء هذه الأزمة، على رأسها السياسات الزراعية التي طبقت سابقاً. فغياب التخطيط وتراجع دعم الإنتاج الزراعي، والإجراءات والقرارات المتخبطة للدولة المصرية فيما يخص المسألة الزراعية من أهم هذه الأسباب.

تعلل كل من وزارتي الزراعة والتموين بأن الأماكن المجهزة لاستقبال القمح غير كافية، وكأن الدولة لم تكن على علم بقدوم موسم الحصاد الذي تحتفل به رسمياً في كل مرة يقف رئيس الدولة ليتفاخر بالإنجازات التي تحققت.
هذا جزء من جوانب مشهد يشكل جزءاً من أزمة الغذاء في مصر. فلاحون يكدحون ويكسد محصولهم وحكومة لا تهتم بتوفير الغذاء لمواطنيها. إلى ذلك تقف أيضاً خلف الأزمة، مجموعة مصالح تستفيد من هذا الوضع. إذ أن مافيا الاستيراد تكسب المليارات سنوياً، خاصة وأن نسبة العجز في إنتاج القمح تتجاوز النصف، وتعتمد مصر على الاستيراد من الخارج. ما يزيد الأعباء على موازنة الدولة.
وبعد هذه المشاهد البائسة، هل يمكن أن نصدق أن مشروع استصلاح زراعة مليون ونصف فدان، هو مشروع جاد وحقيقي سيؤتي ثماره وينفذ في المرحلة المقبلة حقاً؟ هل يمكن أن نتوقع نهضة زراعية في ظل استمرار سياسات هدر قيمة إنتاج المحاصيل والتخلي عن دعم الفلاحين فيما يتعلق بمستلزمات الزراعة الأساسية؟

إن نهضة قطاع الزراعة وتوفير الغذاء أمران لا يتعلقان بشعارات تدور في الفراغ أو تستخدم للدعاية السياسية، بقدر إعادة الدولة إلى دورها التخطيطي الزراعي، للتوسع في زراعة المحاصيل الغذائية وأولها القمح، وتوفير مستلزمات الزراعة والتشجيع على إقامة التعاونيات الزراعية، وتجريم الاحتكارات ومواجهة مجموعات المصالح التي تنهب الدولة وتستفيد من أزمة تراجع قطاع الزراعة. إن موسم الحصاد كان بمثابة عيد للفلاح المصري، ومازال الاحتفال به تقليداً مصرياً سنوياً، لكن لم يبق من هذا الاحتفال بسبب الأزمات والإخفاقات في قطاع الزراعة سوى أغنيات من زمن مضى. لم يعد الفلاح المصري الآن يصنع الخبز وينشد الأغاني، بل أصبح لسان حاله "مين يشتري القمح مني".
ربما يأتي اليوم الذي نصنع فيه الخبز والأمنيات.


16 مايو 2016



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دواء المصري في قبضة التجار
- نقابة الصحفيين. مصر تحاصر حصارها
- الأرقام تكشف أوهام سماسرة المال
- التمرّد يواجه الاستبداد
- العمّال العرب: هموم واحدة ومطالب مشتركة
- الاقتصاد مدخل السيادة المصرية
- عطش فى بلد النيل
- كيف تُحوِّل اقتصاداً إلى جمعية إحسان؟
- أنظمة تنتج البطالة وتبررها
- المهمّشات فى فصول الاحتجاج العربي
- من فصول العطش والموت في مصر
- الثورات العربية مستمرة والاقتصاد أساسها
- مدخل اقتصادي للقضايا النسوية
- عن عنف السلطة المسكوت عنه
- نظام السيسي يمنع الانتقاص من سلطاته ونسبة المشاركة بالانتخاب ...
- الشباب وسلطة 30 يونيو
- مصر: عام من قمع الحريات وعودة الدولة البوليسية
- الأجور والثورات
- نهب الفلاحين وتدمير الزراعة في مصر.. أزمة الأسمدة نموذجاً
- من يرفع أسعار الغذاء؟


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - عصام شعبان حسن - فلاحو مصر غاضبون: -من يشتري القمح ؟