|
رسالة الى الضابط السابق مصطفى أديب
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 03:11
المحور:
المجتمع المدني
رسالة مفتوحة الى الضابط السابق مصطفى أديب -------------------------------------------------- أخي مصطفى العزيز ، تعلمنا النضال والدفاع عن مواقفنا من واقعنا ، ولم نأخذه من الكتب ومن نضال الآخرين ، وهذا هو الفرق بين النضال الجذري المتأصل في الذات والخارج منها كما تخرج الأغصان من أصلها الشجرة ، وبين أغصان البلاستيك التي يبرع في لصقها الصينيون بالشجرة المصنعة . كثيرون من حذروني من التعامل معك ، وانت أيضا نبهتني الى ذلك ، وكأني طفل صغير أو معارض يبغي قلب نظام الحكم وتأليب الرأي العام الوطني والدولي ضد نظام يقضم نفسه بنفسه ولا يحتاج في نظري الى معارضين او انقلابيين . بينما أنا مواطن بسيط أبيع الخبز ووالدتي بالشارع العام ، غير أن نقيصتي في نظرهم وشموخي في عيني ، هو عشق الكتابة وحب الابداع والانتصار للقيم الانسانية الراقية . هذا هو أنا ، اما الحكم ومناصب الحكم ومزايا الحكم تركتها لمرضى ومهووسي الحكم . هل تدرك صديقي أني سخرت مبتسما من رجائك للأصدقاء المشاركة في التوقيع على عريضة التضامن . ولنزع أي لبس ومحوه ، أشد على يدك لهذه المؤازرة وهذه المناشدة . فقد اوضحت لي بما لايدع مجالا للشك مدى احباطك وصدمتك من واقع السلطة بالمغرب ، فردود أفعالنا مرتبطة طردا بقوة ايماننا بالقضايا والمواقف التي نعبر عنها وانعكاساتها ونتائجها التي تؤول اليها في النهاية . الشعب المغربي يا صديقي ، بمثقفيه الأشباه ، وحقوقييه السماسرة ، ومناضليه الموتى ، الا من رحم ربي من ثلة من أولئك الصادقين الذين لا تعدمهم ملة ولا ثقافة ، صار يخاف من ظله ، يخاف أن يساند مظلوما من طينتنا فيسرق منه مشعل النضال ، ويخطف منه وهج النجومية . هكذا تنحل معادلات الابدال العقابي الذاتي . ويتحول الخوف الى عقاب بعيد وقريب . ذلك لأن العقاب البعيد ، والذنب المستبطن ، يحملهم الى الارتياب في ذاتهم ، وليس في الآخرين ، هكذا يتحول الدفاع عن القيم الانسانية التي يتغنون بها في تدويناتهم وكتاباتهم افتراضا ، الى قيد وخوف وتوجس حين تتاح لهم فرصة التعبير عنها في قضية معاشة وحقيقية تطرق جدران الواقع بعنف يكاد يلامس باب الموت لولا غموض لايدركه الا الراسخون في عشق الحياة أمثالك أخي مصطفى . هل تدرك أيها المناضل الانساني أنني اليوم فقط تشربت مرارة احباطك وصدمتك من واقعتك بداية الالفية الجديدة ، فبقدر ما يكون ايمان الانسان بقضية ما قويا بقدر ما يتمسك بها الى آخر رمق وبكل ما أوتي من أسباب الضعف القوي . أنا ضعيف وأشهد بذلك ، وأنت أيضا ضعيف ، وحتى وان لم تشهد بذلك أنا أشهد به ، فلو كنا قويان لانتزعنا حقوقنا البسيطة منذ البداية ، ولصرفنا انتباهنا الى بناء بيت سعيد وحياة بسيطة ، وعلاقات لاتشوبها أفكار الآخر القابع في مخيلتنا قسرا وجبرا . لن ننتهي من هذا اللغز ، شعب مقهور في شرنقة أصوات مبحوحة ، تحت سطوة نظام لاقلب له ، نظام حقود كما قال المغيب رشيد غلام ، لا تنتظر منه شيئا . هل تعلم صديقي في الالم أن تجربة صرخاتنا نحن الاثنين ، تشبه ذلك الوله الصبياني بالغناء التلقائي والطبيعي ، وترديد المقطوعات التي نتوهمها عذبة لأنها فقط توافق جروحنا وتعبر عن انكساراتنا . تأخذنا تجاربنا الى اكتشاف عتماتنا . هل تدرك لم كتبت هذه الرسالة وهذا الاعتراف ، او قل هذه الشهادة ؟ . كتبته لأسباب عديدة ، فهنا على صفحتي يشاركني كتاباتي وتفاهاتي أكثر من مدعي ثقافة ، وأشباه مناضلين ، وكتبة التحريف والتمويه . لن اعاتب أحدا ، ولن أطلب من احد ان يناضل في مكاني من اجل قضيتي التي ناضلت من اجلها قرابة ربع قرن بأشكال مختلفة ومتنوعة ، ولم تخرج للعلن الا في هذا الأسبوع فقط من الاضراب عن الطعام . بل بالعكس أقدس الحريات ، حرية الاختيار ، حرية انتخاب حائط النضال القصير .لذة دهن الزبدة على قطعة الخبز المخزني . لن أذكر بوقوفي ومناصرتي للقضايا العادلة في وطني ، بدءا التضامن مع على المرابط وعلي انوزلا ، ومي فتيحة والقاضيان فتحي و الهيني وناطحة المتعجرفة بوطازوت وغيرهم من مناضلي كوكوت مينوت ، هي مناصرة وتضامن انساني ومبدئي ولا مقايضة في الانسانية والمبدئية ، فالانسانية كون شامل لايحتاج الى أي اضافة، والمبدئية أرضية صلبة في غنى عن مسندات حصوية دقيقة . سيدي مصطفى اديب ومن خلالك اتوجه الى السيدة الجليلة الدكتورة ام البنين السلاوي ، والأخ الهارب الذي حضر في ساعة النكبة من أقصى مدينة الأخوية والانسانية الفنان "با سعد " ، والصديق عبد الله أفتات ، والأخ احمد الزوجال ، وهشام موكادور الذي قام ببادرة فتح صفحة المناصرة الدولية AVAAZ ، والزميل المصري سيد جمعة ، والرائع العراقي حسن اوس ، هل نسيت احدا ؟ بالتأكيد نسيت العشرات ، وعذري اني حاولت ترتيب الأسماء حسب شكل الدعم وتواصله ونوعيته . وأتمنى مخلصا أن يغفر كل لي من نسيت ذكر اسمهم ، ففي مثل حالتي يظل السهو والنسيان أمران طبيعيان . ومن استحالة الأمر ارضاء الجميع .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المكلية الفرنسية الجديدة
-
هل اقتربت نهاية آل سعود ؟
-
قراءة متأنية لنبرة خطاب الملك القوية في قمة الخليج
-
حان الوقت للافلات من تبعية القادة العظام
-
قمة التفاهة أن يحتفل الشعراء بيوم عالمي للشعر
-
أوباما يعيد كتابة التاريخ بطريقته
-
عرب يوقعون بقلم اسرائيل
-
حب قديم
-
تأجيل والغاء القمة العربية هل هو حكمة مغربية او انقاذ فشل حت
...
-
الشاعر لايموت...الى مصطفى بلوافي
-
متاهات اتحاد كتاب المغرب المغلقة
-
النظام السعودي يزداد اختناقا
-
محاولة منهجية لتأسيس الذات المثقفة
-
ايران نمر الخليج القادم
-
اعدام نمر النمر بين سذاجة آل سعود ولعبة استراتيجية كبرى
-
قصيدة الاعدام
-
رسالة الى صديق غائب
-
حكايات طنجة
-
العصر الذهبي للارهاب
-
تهمتي أني شاعر
المزيد.....
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
-
إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|