أحمد الحاج علي
الحوار المتمدن-العدد: 1397 - 2005 / 12 / 12 - 09:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الحكاية الأولى :
تنشر الصحافة السورية بين فترة وأخرى بعض الأخبار والتحقيقات عن قطع الأشجار, تقوم بها بعض البلديات في المحافظات السورية فقد نشرت صحيفة تشرين في العدد 9361 تحقيقاً تحت عنوان (مجزرة بحق أشجار ألكينا التي تزين 80 % من حدائق وشوارع دمشق ) كما تنشر شكاوى مواطنين أصدقاء للشجرة بالإضافة إلى بعض المقالات لبعض الكتاب, مثال ذلك ما كتبه د . عبد الكريم عبد الصمد في العدد 9390من صحيفة تشرين تحت عنوان ( قتل الأكاسيا ) واحتجت منظمة حقوق الإنسان في سوريا على قطع أشجار الأكاسيا في إحدى شوارع حمص والتي عمرها من عمر استقلال سوريا, وتتواصل بعض الاحتجاجات, ففي يوم الخميس 17 11 2005, تجمع حشد من مواطني حمص للتعبير عن احتجاجهم وحدادهم على جريمة قطع أشجار شارع الفوطة , عدا عن عرائض احتجاجية , رفعها مئات من مواطني حمص, ورغم الوعود التي يقطعها المسئولون في المجلس البلدي للمواطنين بعدم مس أي شجرة من أشجار الأكاسيا , الاأنّ وعودهم كوعود شهر شباط ( ليس على كلامه رباط ) فقد بداْوا بقطع الأشجار عصر يوم 5 تشرين الأول الماضي, مدججين بكتيبة حفظ النظام التي هاجمت جمهور المحتشدين لتفريقهم مع تعهد المسئولين بعدم قطع الأشجار, ومرة أخرى لحس المسئولون التعهدات التي قطعوها للمواطنين, وأغاروا ليلة 6و7تشرين الأول على الأشجار, وحققوا الاْنتصار عليها بجندلتها أرضا وفي مدينة ادلب تمّ قطع أشجار معمرة من شارع المعري وشارع عبد ا لمنعم رياض ليس بقصد توسيع الشارعين إذ تمّ القطع تحت حجج واهية ما انزل الله بها من سلطان ومن هذه الحجج أنّ الأشجار تعمل على تخريب الأرصفة وتلوث الشارع بأوراقها المتساقطة وتحجب الإنارة في الليل,
وأنّ ما كتب في الصحافة حول هذا العمل الإجرامي الذي يرضع من بز التخلف لم يتعدّ رفع العتب كما أن الاْحتجاجات التي قامت بها مجموعات أهلية قليلة العدد لم ولن تشكل رادعاً لقتلة الأشجار للكف عن جرائمهم كونها كانت في الحدود الد نيا, ولم تشكل حالة ضغط كتشكيل مجموعات لحماية الشجرة بتطويقها بأجسادهم ولم يرفع المواطنون ومنظمات حقوق الإنسان دعاوى قضائية ضدهم.
الحكاية الثانية : (( حكاية تشجير قام بها الاْستعمار الفاشي الغاشم )) .
في أوائل القرن الماضي احتل الايطا ليون الفاشّيون ليبيا, متوهمين أنهم سوف يبقون فيها إلى الأبد لذلك سرعان ما غرسوا الملايين من غراس الزيتون و الكرمة بقصد تشغيل معاصر الخمور الإيطالية بالعنب الليبي, ومعاصر الزيت بالزيتون الليبي كما غرس الإيطاليون مئات الآلاف من أشجار الليمون والبرتقال واللوز والنخيل في كل منطقة, وقام الفاشست الطليان بتشجير الطرق الزراعية ورصفها وتشجيرها حتى تحميهم أثناء السير من شمس أفريقيا الحارقة كما انشاْوا المزارع وزرعوها بالأشجار المثمرة وسيجوها بأشجار العوسج وتين الصبار.
فعلوا ذلك وكاْنّ البلاد بلادهم وبعد خروج الطليان من ليبيا.
ماذا فعل الليبيون في الجماهيرية العظمى بهذه الثروة ؟
أهمل الليبيون الأشجار المزروعة, وتحولت معظم أشجار الزيتون إلى شجر حراجي وثمارها تركت طعاماً للزرازير والعصافير وقد تمّ قطع بعض هذه الأشجار لتحويلها الى فحم يستخدم في التدفئة المنزلية كما أهملوا كروم العنب وباقي الاْشجار المثمرة الى درجة أن ثمار هذه الاّشجار تذبل وتموت بينما السوق الليبي متخم بالزيوت من دول حوض المتوسط وبعصائر الفواكه المصنعة في الغرب.
ولذا كان المستعمر الاّيطالي الفاشي –وهو كذلك- قد غرس وزرع ملايين الاْشجار ثمّ نسميه الاْستعمار الفاشي فماذا نسمي ابن البلد حين يقطع شجرة مغروسة من عشرات السنين ؟ ألا يعني قطع الاْشجار ارتكاب جريمة ترتقي الى مستوى الخيانة الوطنية ؟
الحكاية الثالثة : (( مهداة الى السيد محافظ ادلب)) .
تحكي الأسطورة أن الاله السوري بعل, كان يسكن المناطق الشمالية من سوريا قريبا من ادلب وقد اختار هذه المنطقة لخصوبة تربتها, واستعداد أرضها لاحتضان أية بذرة ومدها بالعناصر الضرورية لنموها وتفتحها , وكان الاله بعل, يسقيها بمطره, ويخيفها برعوده, ويضيئها ببروقه, ليتفقدها في الليالي الحالكة الظلمة, وليحثها على النمو والتفتح والنضج , وكان الاله بعل, يطلب من الفلاحين ويلح في الطلب أن يزرعوا زيتوناً صورا نيا. وعنباَ فوعيا.ً ورماناً در كوشيا.ً وتيناً ادلبيا.ً وكرزاً ريحا ويا.ً وقد لبى سكان المنطقة دعوة الاله بعل حتى تحولت مناطق ادلب الى منا طق دائمة الخضرة, وكان الاله بعل مولعاً بالشجرة, ويعد غارسها وراعيها بحياة أرضية رضية وهانئة وفي احد المرات, طلب من سكان المنطقة, أن يشجروا التلال والجبال بالشجر الحراجي, كما أوصى بتشجير الطرق الرئيسية التي تصل المناطق ببعضها, ولم يكتف بذلك فقد ألح على الأهالي أن يشجروا الطرق الزراعية بين القرى , الا أنّ وصية الاله بعل لم تنفذ من فبل السكان مما أثار غضبه, فهجر المنطقة حزيناً غاضباً قلقا,ً وأعلن انه نفض يده من سكان هذه المنطقة الذين لا يعرفون القيمة الحقيقية للشجرة ولما سئل الاله بعل عن أسباب إصراره على تنفيذ عملية التشجير.
قال بعد أن نفخ نفخة تحولت الى عاصفة على الأرض.
إن الشجرة ملطفة لمناخكم. جالبة لمطركم , ومصفية لهوائكم, وغذاءاً لعقولكم, وعيونكم , وبطونكم , وظلاً للمتعبين منكم , وفاكهة شتائكم, ومتنزها ًلفقرائكم , وملعباً لأطفالكم , ومكاناً لمناجاة عشاقكم, وزجاجة عطركم, ومأوى لعصافيركم, وملهمة لخيال رساميكم, وجالبة السياح لبلا دكم , وقد بقيت وصية الاله بعل منذ تلك الأزمان البعيدة بدون تنفيذ وحتى اليوم الى أن تسربت في الفترة الأخيرة بعض الحكايات التي تقول, أنّ السيد محافظ ادلب, والمجلس البلدي يفكران بشكل جدي بتنفيذ وصية الاله بعل , وذلك بتنفيذ مشروع تشجير الطرق الرئيسية الواصلة بين المناطق وفي مرحلة ثانية سوف يتم تشجير جميع الطرق الزراعية لتتحول محافظة ادلب الى جنة الله على أرضه.
# أحمد_الحاج_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟