أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جلال مجاهدي - إحراق الجسد :الاسباب و الدواعي














المزيد.....

إحراق الجسد :الاسباب و الدواعي


جلال مجاهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 21:42
المحور: حقوق الانسان
    


ظاهرة إحراق الجسد هي ظاهرة قديمة أعيدت للواجهة مرة أخرى كشكل احتجاجي إثر النجاح الذي حققته حالة بوعزيزي تونس , أصبح راسخا في وعي عدد من المقهورين بالعالم العربي أنهم يملكون سلاحا يمكن أن يهددوا به الإدارات و أجهزة الدولة التي غالبا ما لا تستمع لأصواتهم و معاناتهم ولا تستجيب لمطالبهم و تقوم بظلمهم. في الغالب الأعم يبدأ هذا الانسان المظلوم الذي ينوي إحراق نفسه بالتهديد تم بعد ذلك في التنفيذ ان لم تتم الاستجابة لمطالبه , رد فعل لا يتناسب بتاتا مع الظلم اللاحق لكن تتعدد القراءات, نعم يجب التفريق بين حالات الانتحار العادية التي يضع من خلالها الفرد حدا لحياته لكونه لم يعد يطيق الحياة لأسباب مختلفة هي في باطنها نفسية اكثر منها واقعية و حالة حرق الذات فالمنتحر العادي غالبا ما يضع حدا لحياته بشكل سري بشرب السم او شنق نفسه دون علم احد او الارتماء من مكان عال في غفلة من الناس , لكن بخصوص إحراق الذات فما يميزه هو العلانية و مكان القيام به فالمنتحر احتراقا يقوم بفعله في الشارع العام و امام رمز من رموز الدولة سواء كان شخصا كرجال السلطة او مؤسسة كالبرلمان و غيره , المنتحر احتراقا بتصرفه هذا يعتبر نفسه انسانا كريما لا يرضى بالذل أمام الادارة او رجل السلطة الذي رفض الامتثال لطلبه او قام بظلمه و يعتبر لنفسه قيمة تسمو فوق الواقع او الموقف المخزي الذي تعرض له من طرف إدارة أو دولة جردته من كرامته و احترامه ,هذا الشخص يحاول أن يتحدث مع المجتمع ككل و مع الادارة الصامتة , فبارتكابه لفعل صادم للمجتمع يحاول استثارته و بانتحاره امام الادارة او احد رموز الدولة فهو يسطر متابعة في حقها و يشير لها بأصبع الاتهام باقترافها للقتل في حقه و التسبب فيه طالما ان المجتمع سيحمل مسؤولية خروجه من الدنيا لشططها و ظلمها له ,فالبوعزيزي سطر متابعة بالقتل و الظلم في حق نظام بنعلي ولن تنمحي هذه المتابعة و قام المجتمع التونسي بالاقتصاص لكرامة هذا الانسان التي هي من كرامته , الشخص الذي يحرق نفسه لم يكن ليفعل ذلك ان تعرض لنفس درجة الحرمان أو الظلم او افظع منها من جهة أخرى غير الدولة و رموزها لكن الفرق هو انه سيعتبر ذلك مجرد اعتداء و ليس نيلا ممنهجا من كرامته و احترامه , هذا الشخص لم يكن ليحرق نفسه لو وجد طريقة أخرى للتعبير عن تظلمه أو وجد جهة تأخد بحقه لكن لأنه يعرف ان صوته لن يصل امام جبروت ادارات و رجال سلطة الانظمة اللاديموقراطية , هذا الشخص يعلم أن جميع أبواب الكرامة موصدة في وجهه وأن القاعدة هي افلات المسؤولين من المحاسبة و العقاب , لا يمكن ان نلوم شخصا فقد أعز ما يملك و هي روحه بقدر ما يجب ان نلوم الانظمة المستحوذة و الظالمة التي جردت هذا الانسان من كرامته و احترامه , في الدول الديموقراطية التي تحترم نفسها لا نجد أناسا يحرقون أنفسهم بالجملة كما يحدث ببلداننا ¸ في هذه الدول يعيش الانسان بكرامة و احترام , حقوقه مكفولة و ثروات البلد تقسم بالعدل و يحضى بمعاملة حسنة امام جميع ادارات الدولة ولا فرق بين رئيس الدولة و أبسط مواطنيها و لا غرابة ان يمتطي الرئيس الحافلة او الدراجة الهوائية للتنقل أو الذهاب لعمله كغيره من المواطنين , المسؤول لديهم هو مجرد موظف يتقاضى أجره من أموال المواطنين دافعي الضرائب و لا امتياز له عليهم و كل تظلم له قنواته القانونية و المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة , فلاي سبب سيحرق هذا الانسان نفسه, لكن عندنا في الدول اللاديموقراطية الهرمية فكل شيء هرمي فالسلطة و الثروة تتركز في قمة الهرم و في اسفل الهرم شريحة عريضة من المواطنين المهضومة كرامتهم و حقوقهم و أرزاقهم و التي تعاني فداحة مشاعر اليأس و الاحباط و تستوي الحياة عندها بالممات , فالشخص الذي يقدم على إحراق نفسه لسبب رفض السلطة لطلبه أو تعرضه للظلم من طرف أحد رجال الدولة لا يعبر عن اعتراضه على الموقف في حد ذاته بل على اعتراضه على وضعه العام كمواطن مهضوم الكرامة و على النظام الظالم ككل .



#جلال_مجاهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان بين الأصل السماوي و الجيني
- الطعن في قرارات عزل قضاة الرأي المغاربة بين الإمكانية القانو ...
- قراءة نقدية للقانون رقم 127.12 المتعلق بتنظيم مهنة محاسب معت ...
- الماضويون و الفصام الزمني


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جلال مجاهدي - إحراق الجسد :الاسباب و الدواعي