أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الكبير الداديسي - الإنتاجية بين كرم رمضان والأجر مقابل العمل















المزيد.....

الإنتاجية بين كرم رمضان والأجر مقابل العمل


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 5193 - 2016 / 6 / 14 - 02:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإنتاجية بين كرم رمضان والأجر مقابل العمل
سلسلة مقالات يكتبها ذ. الكبير الداديسي
[email protected]

يردد المسلمون في كل بقاع العالم عبارة رمضان كريم ، وقد يستطردون في الحديث عن مظاهر كرم هذا الشهر ، مستشهدين بأحاديث نبوية وآيات قرآنية يتفننون في تأويلها، متفاخرين باعتبار الشهر الفضيل شهر عمل وعبادة ، وكون العمل فيه مضاعف الأجر، بل منهم من يتمنى لو كان كل العمر رمضان .. وهي شعارات إن كانت صحيحة تؤهل الدول الإسلامية إلى تحطيم الأرقام القياسية في الإنتاج والعمل، فهل فعلا تزداد الإنتاجية ويقوى العمل في هذا الشهر بالديار الإسلامية؟؟ أم أن المسلمين يكررون جملا مسكوكة حفظوها عن السلف ولا يعرفون ما يقولون؟؟
لا خلاف حول كون هذا الشهر يعد شهر عبادة بامتياز، إذ تتغير فيه سلوكات الناس وتتعدد مظاهر التعبد بالإقبال على القرآن، وملء المساجد في كل الأوقات خاصة بالليل (صلاة العشاء ، التراويح والفجر) بشكل مختلف عما هو عليه الحال في باقي أشهر السنة الذي تكاد تكون المساجد فيها خالية على عروشها إلا من بعض الأنفار، وسعي البعض إلى تغيير لباسه بما يتماشى وقدسية الشهر والتظاهر بمسوح رجال الدين .. وإن كان من يبارك الظاهرة ويحسبها من حسنات هذا الشهر، فهناك من يعتبرها نوعا من النفاق الاجتماعي، والتحايل الديني وإقناع الذات بأن صيام رمضان يمحي سيئات السنة ، وما أن ينتهي الشهر حتى يعود الناس لحال سبيلهم وحياتهم في انتظار رمضان القادم الذي سيمحو ما راكموا من سيئات..
وإذا كان في مسألة الإقبال على المساجد في رمضان وحده اختلاف ، فمسألة اعتبار شهر رمضان شهر عمل وزيادة في الإنتاجية والإنتاج مسألة فيها نظر، ذلك أن هذا الشهر يعرف تقليصا لزمن الإنتاج، وارتفاعا في الاستهلاك، وخمولا في الأجساد المنتجة :
ففي كل سنة وقبيل حلول شهر رمضان تطالعنا وزارة تحديث القطاعات العامة أو أية وزارة وصية على الإدارة في المغرب ( وربما في كل الدول الإسلامية) ببلاغات تعلن فيها ((أن مواقيت العمل بالإدارات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية ، ستتغير خلال شهر رمضان المبارك، وذلك باعتماد توقيت مسترسل للعمل من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الثالثة بعد الزوال (.وهو بلاغ يحدد فترة العمل خلال رمضان في ست ساعات في اليوم بدل ثماني ساعات في الأشهر العادية أي عمل 30 ساعة في الأسبوع بدل أربعين مما يعني ضياع ما يزيد عن 40 ساعة في الشهر، أما في المؤسسات التعليمية فتصبح الحصة الدراسية 45 دقيقة بدل ستين دقيقة مما يعني حذف ربع الزمن المدرسي أو ربع زمن الإنتاج... وقد تتضاعف هذه المدة إذا أضيف إليها الزمن المهدور الناتج عن تأخر الموظفين في الالتحاق بالعمل نتيجة إدمان السهر والاستيقاظ المبكر لأداء صلاة الفجر التي قلما يصليها معظم المغاربة في وقتها خارج هذا الشهر، ناهيك عما يهدره الموظفون من وقت في التحيات والتهاني والدردشات حول الشهر ومستجداته ومسلسلاته وبرامج القنوات التلفزية التي لا تتنافس لتقديم الجديد إلا في هذا الشهر دون غيره من الشهور... وقد يضيع بعض الوقت في الصلاة فمعظم الإدارات الحكومية والخاصة بها مساجد، أو تقدم تسهيلات لموظفيها من أجل أداء الصلاة ينضاف إلى ذلك مغادرة الموظفين لعملهم وخروجهم قبل الوقت الرسمي . فكثيرا ما تَسأل عن موظف فيقال لك سيعود بعد حين، أو خرج لصلاة الظهر أو العصر أو صلاة الجمعة وحتى إن وجد في مكتبه يكون له جواب واحد : (هذا مجرد رمضان ) بل من موظفي الدولة من حول مكتبه مكانا للقيلولة مع ارتفاع درجة الحرارة وطول السهر . مما يعني أن نصف الشهر أو أكثر قد تعطل بمعنى آخر أن نصف الموظفين تقريبا قد حصلوا على أجورهم دون أن يفعلوا شيئا ، فشكلوا نوعا من البطالة المقنعة ، ويقضون هذا الشهر كموظفين أشباح
دون نسيان أن عددا من الموظفين يفضلون الذهاب لأداء مناسك العمرة خلال هذا الشهر نتيجة المنافسة بين وكالات الأسفار وضعف تكاليف العمرة مقارنة مع تكاليف الحج الذي تضاءلت فرص الظفر به أمام كثرة الطلبات و تقليص عدد الحجاج ، فقد تجاوز عدد المغاربة المعتمرين في سنة 2011حوالي 24 ألف معتمر، كلفت الخزينة أزيد من 500 مليون درهم من العملة الصعبة ( منهم من قضى في الديار المقدسة حوالي 50 يوما ) (والعدد اليوم أكبر والكلفة اضخم ) والأكيد أن فيهم عددا من الموظفين والمسؤولين منهم من يعتمر كل سنة ( والعمرة ليست فرضا على المسلم ) كما تناقلت عدة وسائل إعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي أن عددا كبيرا من المسؤولين والموظفين الساميين يستفيدون من امتيازات لأداء مناسك العمرة مجانا و غياب المسؤولين يعني تعطيل عدد من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي يتطلب حضور رؤساء المصالح المعتمرين للمصادقة عليها، .. بل تروج أخبار عن نزوح جماعي للبرلمانين نحو الديار السعودية والدولة على أبواب استحقاقات الانتخابات التشريعية ، كما رخصت الدولة لعدد كبير من الأساتذة من حفظة القرآن والوعاظ من أجل تأطير الجاليات المسلمة بأوروبا وأمريكا تاركين طلبتهم دون امتحانات بل منهم من عجل أو أجل امتحانات الطلبة بالجامعات. ولعدد من الأطباء طل نرضاهم لشهور ينتظرون موعد فحص أو إجراء عملية جراحية ولما جاء الموعد وجد الطبيب سافر لقضاء شهر رمضان قرب قبر الرسول ...
فهل يسمح الإيمان والإسلام والصيام بخسارة و هدر كل هذه الطاقات ، في حكومة يقودها حزب أسلامي طالما شنفت أسماعنا بضرورة ربط الأجر بالعمل، وأن لا أجرة بدون عمل في رد على المضربين والحركات الاحتجاجية التي تم تحجيمها بالاقتطاع من أجر كل مضرب ، فهل تتجرأ الدول وتقتطع أجر من ذهب للعمرة وترك عمله، أم أن ترك العمل من أجل العمرة و الارتزاق بالوعظ ليس تركا للعمل؟؟
إذا كان العمل عبادة قد يفضل على الزهد والتنسك فليس مقبولا أن يسبب صيام رمضان في تعطيل أعمال ومصالح الناس الدنيوية العامة، وأن يخفض نسبة الإنتاج الوطني،ولعل هذا ما استغلته بعض الجهات التي تدعو للإفطار في رمضان بحجة الحفاظ على مستوى الإنتاج أو بحجج أخرى .
لا يتجادل اثنان حول الخلل الذي يقع في شهر رمضان بين الإنتاج والاستهلاك (ارتفاع مهول في الاستهلاك وانخفاض حاد في الإنتاج ). فقد ورد في قصاصة إخبارية لمندوبية التخطيط تأكيد ارتفاع استهلاك الفواكه بزيادة بنسبة 163 في المائة، والحليب ومشتقاته بنسبة 47 في المائة متبوعة باللحوم بنسبة 35 في المائة، ثم الحبوب بـ35 في المائة،. كما أكدت نفس القصاصة ارتفاع النفقات بنسبة 82 في المائة خلال هذا الشهر.
صحيح أن ضعف مستوى الإنتاج مرتبط بطاقة الجسم ، فالجسم الجائع والعطشان والمحرم من إشباع الغرائز قد يكون إنتاجه أقل . لكن المشكل الأكبر مرتبط بالعادات والممارسات الخاطئة التي يمارسها كثير من الناس خلال هذا الشهر الكريم، ً فليست المشكلة في الصيام في حد ذاته، وإنما في سلوك الصائمين، فالصوم ورمضان يفترض أن يرتفع فيهما الإنتاج وتزداد المردودية ما دام الصوم يلغي وجبة غذائية – هي الوجبة الأساس (وجبة الغذاء) تقع في وقت العمل وتفرض على عدد من الناس أخذ قيلولة قصيرة، وإلغاء هذه الوجبة يفترض فيه أن يوفر وقتاً يمكن الإفادة منه لصالح الإنتاج، فضلاً عما يفترض من توفير من حجم الاستهلاك إذا أضفنا إلى ذلك تخلص الصائمين من السُكْـر و التدخين خلال رمضان وما في ذلك من ضياع للوقت والمال والطاقة و ما يسببانه من إتلاف صحي واقتصادي وبيئي، فالصوم في الواقع قد يقلل من كل هذه الأمور التي تعود بالنتائج السلبية على الفرد والمجتمع في آنٍ معاً. كما أن الصوم في مختلف الأدلة الشرعية ( نصوص قرآنية / أحاديث نبوية) يتعارض مع الكسل والخمول بل المفروض - إذا تم على حقيقته – أن يدفع صاحبه إلى الإخلاص والإتقان في العمل، والتخلي عن تضيع الأوقات في الأمور غير النافعة ، كما أن هذا شهر الشهر الكريم، شهر التكافل والتضامن والتآزر المفروض فيه أن يُنمِّي الإحساس بالفقراء ومعاناتهم، ما يدفع الصائم الحق إلى التكافل معهم، والأخذ بيدهم للرفع من مستواهم الاقتصادي، وهذا بدوره يؤدي إلى قيام نوع من التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين أفراد المجتمع . ولعل الإخلاص في العمل من أحسن مظاهر التكافل الاجتماعي فأن يتقن العامل عمله ، يسهل الموظف المسلم مهام الآخرين ويساعدهم على قضاء حوائجهم سيثبت أجر صومه ويعظمه عند ربه . وبذلك يتوجب أن يكون الصوم حافزا على البذل والعطاء وطاردا للكسل والخمول، وهدر الزمن . وليس للهروب من العمل فهل يطبق السيد رئيس الحكومة القانون الذي عاقب به الموظفين ويقتطع من أجور من تركوا عملهم وذهبوا في سياحة دينية



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان وجنون التسوق بالمغرب أو عندما تبيض الطيور أكبر من حجمه ...
- ألعاب استمتعنا بها وحرم منها أبناؤنا
- الروائيات العربيات يحلن العلاقة الحميمية ضربا من العنف والعذ ...
- في ظل غياب اهتمام الدولة بالمتقاعدين المغاربة يكرمون بعضهم ا ...
- الملتقى الدولي للسرد بآسفي حول تمثلاث العنف في السرد
- نقابة تدعو إلى معاقبة حكومة بن كيران عبر صناديق الاقتراع
- أخيرا أصبح للبنان رئيس في البرازيل والعبرة لمن يعتبر
- عندما تتحول الانتخابات لضرب من المعاناة
- أليس فيكم رشيد مختار يكيف زمن الامتحانات مع رمضان
- في الهوية الثقافية الأمازيغية
- في الرواية النسائية العراقية
- في الرواية النسائية بالجزائر ج.1
- المرأة ونشأة الرواية في الخليج
- نادي الصحافة والإعلام يحتفل بالمجتمع المدني
- نادي القلم المغربي يكرم الإبداع النسائي
- 8 مارس بنكهة فلسطسينة في ثانوية عامة بالمغرب
- نادي القلم المغربي : لقاء حول الشعر والسرد
- بواكير الرواية العربية ونظرية المركزية المصرية
- وداعا صاحب (اسم الوردة )
- نشاط: الحب، فالنتين وعلاقات التلاميذ والتلميذات


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الكبير الداديسي - الإنتاجية بين كرم رمضان والأجر مقابل العمل