|
لاوجود لنا . . . (2)
كريم عبدالله هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 5189 - 2016 / 6 / 10 - 21:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ومن اتجاه آخر ظهر لدينا بقوة (( المد اليساري )) وتكاثر اليساريون بفعل التأثير المباشر للثورة الروسية وبروز الآراء والفلسفات الى السطح (( فلسفة الأقتصاد – فلسفة التاريخ – الفلسفات المادية ذات الأصول الألمانية – هيغل – كانط – ماركس )) وتأثير الثورة الشيوعية وتنظيرات زعماء الثورة – لينين وغيره – بخصوص الطبقة الكادحة ونضال البرولتاريا وما الى ذلك من أفكار ونظريات كانت تمتلك بريقها وتماسكها وفعاليتها الى وقت قريب . كذلك ظهرت المئات من الأحزاب والحركات النضالية التي تمتلك (( وجهة نظر )) وتدعم وجودها بمناهج فكرية متعددة التوجهات والمذاهب بما فيها أحزاب اسلامية . تزايد الثوار والمثورين على الأوضاع القائمة ، وظهر المناضلين عبر هذا المسير الطويل الذين لاننفي أمجادهم وكفاحهم وسمو أهدافهم الوطنية من مختلف التيارات ، والذين تم كبحهم وتغييب نضالاتهم وانجازاتهم الملموسة وغير الملموسة بأعتى أشكال الكبح والتغييب والأقصاء . ثم غير المستعمر توجهه ، وبدل طريقته من الأستعمار المباشر الى الأستعمار غير المباشر ، وادارة مستعمراته ومخططاته عن بعد أو من خلف الستار ، أو ، أوكل متابعة شؤونه وغاياته الى أشخاص أو وجوه أو أحزاب لديها قدر من القبول تمكن بواسطتها من تحقيق مآرب ومخططات ربما أكثر فاعلية له . ظهر ملوك وظهرت زعامات وقيادات ، تم اغراقنا الى الهامة بالشعارات والهتافات والأهازيج والحماسة ، وكذلك تم اغراقنا من جهة أخرى بالصراعات والتناحرات على مختلف الأصعدة والأهتمامات . وأرهقتنا الأحداث في ظل صراع الأقطاب والقوى الكبرى والحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي ، التي لم تكن يوما باردة علينا ولازالت آثار غبارها ودخانها على صفحة وجوهنا . ظهرت (( الحداثة )) ، ثم فشلت الحداثة في توظيف ماضينا وحاضرنا وخلق وشائج من التواصل والتفاعل بينهما . وظهرت (( مابعد الحداثة )) و (( العولمة )) التي تسعى للتخلص من هيمنة تاريخنا على مستقبلنا وتحريرنا من كل قيود وضوابط تركيبتنا وتقاليدنا ونشأتنا والأنطلاق الى عالم جديد لأجل ((غد أفضل )) .
تصارعت التيارات والأحزاب والتكتلات والتجمعات وأغرقت نفسها وأغرقتنا في دوامات ليس لها آخر من الصراع والتناحر والأحتراب المباشر في بعض الأحيان ، تقاطعت الأهداف والقيم ، تقاطعت مضاميننا ومكوناتنا وتولدت لدينا سبل وطرق كثيرة للأختلاف – جديدة – أو قديمة تم تحديثها وتطريزها واطلاقها أمام الأنظار والأسماع لتتصارع وسط الحلبة . فشل الجميع . . أثبت الجميع عجزهم وعجز مشاريعهم . . وساهم الجميع في اقتيادنا نحو الهاوية التي نحن الآن فيها . . مارسوا جميعا بشكل وبآخر عملية لف الحبال حول أعناقنا . جميعها ساهمت بأن يكون الثمن (( أجيال ضائعة )) متعاقبة وتضحيات لاحدود لها من دمائنا ووجداننا الممزق . كان ثمن انقيادنا أو سكوتنا أو نكوصنا تاريخ حافل من المآسي والخيبات والخسران والفقدان والألم المتصل الذي لم ينتهي . حتى وصلنا الى ماوصلنا اليه بفعلنا نحن ، بنكوصنا وتكاسلنا وانغلاقنا واختلافنا وفرديتنا المطلقة وأنانيتنا التي ليس لها حدود (( هذا أبسط تعبير )) . تحولنا الى قطيع يتم سوقه كل حين الى محرقة أو مجزرة أو خيبة أو احباط لأجل غرض معين وهدف منشود لمحتل أو زعيم أو طاغية . وان حاولنا ، ونحاول ، أن ننهض ، ونرتق شقوقنا و(( نرقع )) الخلل الذي فينا وفي وجداننا بصورة بهية (( تبعث على الأعتزاز )) لأجل أنفسنا وبلدنا وأمتنا وشعبنا ، فسرعان ماسنجد المبرر والوسيلة لكبح هذا النهوض ، وسرعان ماسينبري من (( يقلل )) من شأن هذا النهوض ويعكر صفحته الصادقة ليجرنا من أكتافنا الى الوراء ، أو يمد ساقه في طريق نهوضنا وقيامنا وركضنا ، لنسقط أو نتعثر مجددا . تحولنا الى مسوخ وصانعي أصنام ، محبي لشهوة التسلط والتسيد علينا . . عبيد . . تحكمنا شهواتنا وحب الذات وحب الظهور في الفراغ المطلق أو في الوضع المتردي المطلق . وحين أقول لاوجود لنا فلاأعني ذلك بالمعنى الحرفي ، فنحن نمتلك كثرتنا وعددنا (( المبارك )) على وجه هذه البسيطة ولنا مانخلفه وراءنا يوميا من المخلفات والنفايات على سطح هذا الكوكب ماتنوء الجمال بحمله . سرعان مانجد لأنفسنا المبرر والمخرج الذي نعتقد انه طريق (( السلامة )) ، سرعان مانلقي بتبعية فشلنا وضياعنا ومحونا من التأثير في التاريخ والجغرافيا والأحداث والأنجازات على عاتق (( الأجنبي )) أو شماعة أفعال المحتل أو الغازي الذي ماكان سيصل الينا (( لولانا )) ، فنحن الذين ننسحب الى الخلف دائما ونترك له الأبواب مفتوحة ، بنكوصنا وتراخينا ، واستسلامنا دائما للأمر الواقع .
. . . . انتهى . . . .
#كريم_عبدالله_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لاوجود لنا . . . (1)
-
من جد لم يجد
-
بين ملك هاشمي وسلطان نجدي : تبعثرنا
-
سقوط القلعة
-
النشيد الفلسطيني (( قراءة نقدية في رواية - مصائر - للكاتب -
...
-
ماتحمله معك
-
الكتابة في درجة -40 (( قراءة نقدية في رواية - كيف تقتل الأرن
...
-
تبديل أذرع الفساد
-
الحبل حول رقابنا مجددا
-
راشد الذي لم يزرع
-
لو (( حريج )) لو (( غريج))
-
هل تحولنا الى تماسيح ؟
-
لكي ننهض من الخراب (( كراس الأصلاح - اطار وآليات الأصلاح الم
...
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|