أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - رمضان (المصرى) ورمضان (العربى)















المزيد.....

رمضان (المصرى) ورمضان (العربى)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5188 - 2016 / 6 / 9 - 23:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا اختلف رمضان (المصرى) عن رمضان (العربى)؟
طلعت رضوان
ما مصدرأغنية ((حلويا حلو))؟
كيف كان الاحتفال برمضان جزء من نسيج الثقافة القومية؟
أثبتَ علماء الأنثروبولوجيا أنّ الشعوب تختلف خاصة فى أسس الثقافة القومية لكل شعب، وأبسط تعريف لها هو ((مجموع أنساق القيم التى ابتدعها شعب من الشعوب عبر تاريخه المُـمتـد)) وتشمل سلوكه الحياتى واحتفالاته وطقوسه..إلخ. وتأكــّـد ذلك فى استقبال شعبنا لشهر رمضان ، حيث انتشار الفرق الغنائية (الشعبية) فى كل محافظات مصر. والسهر يمتد (من بعد الفطار حتى قرب وقت السحور) والأغانى تجمع بين العاطفية والدينية ، خاصة الأغانى التى تمتدح الرسول أو آل البيت ، خاصة على بن أبى طالب والسيدة زينب والحسين.. إلخ. ولعلّ ذلك يُـفسـّـر ظاهرة الأغانى التى كتبها شعراء مشهورون لعد كبير من المطربين ، مثل محمد عبدالمطلب ومحمد رشدى ومحمد الكحلاوى.. إلخ. وأشهر تلك الأغانى ((رمضان جانا.. أهلا رمضان)) ومعنى ذلك أنّ المؤلفين (الرسميين والمشهورين) توحـّـدوا مع المؤلفين (الأميين) الذين أبدعوا العديد من الأغانى والمواويل (مجهولة المؤلف)
ولكن أهم ظاهرة فى (رمضان المصرى) هى ظاهرة أطفال الأحياء الشعبية الذين يطوفون شوارع وحارات الحى والأحياء المُـجاورة، وهم يُـغنون أغانيهم التى انفرد بها شعبنا ، ومن بين تلك الأغانى أغنية ((حلو يا حلو.. رمضان كريم يا حلو.. فك الكيس وادينا بقشيش.. أحسن نروح وما نجيش.. يا حلو)) فهل سأل أحد من المتعلمين المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة نفسه، عن مصدركلمة (حلو) من أين أتى بها الأطفال؟ الاجابة تكمن عند من درسوا اللغة المصرية القديمة بمراحلها الثلاث (الهيروغليفية/ الديموتيكية/ القبطية) ومن بينهم الباحث عصام ستاتى الذى درس وأتقن اللغة المصرية القديمة بجانب عدة لغات حية ، حيث فسّـر مصدر كلمة (حلو) فكتب ((كلمة حلو من حلول القبطية، بمعنى تهنئة أو مباركة)) وهكذا عندما يغنى الأطفال ((حلويا حلو.. رمضا كريم يا حلو)) فإنهم يستقبلون شهر رمضان بالرحيب والتهنئة بقدومه. وقد رسم الستاتى الكلمة كما وردت فى اللغة القبطية. كذلك يغنى الأطفال (وحوى يا وحوى إياحه.. إلخ) ومصدرها فى اللغة القبطية (واح- واح- أيوح) بمعنى استقر يا قمر أو لا تغيب يا قمر. وهى مُـكوّنة من واح بمعنى استقر، وأيوح بمعنى قمر. وكان المصريون القدماء بقولونها عندما يغيب القمر، أو يحدث خسوف ، لأنهم كانوا يعتقدون أنّ الخسوف جاء نتيجة غياب إيزيس عن الوطن وهى تبحث عن زوجها أوزير، فكان الأطفال فى مصرالقديمة يغنون تلك الأغنية من أجل عودتها.. إلخ (اللغة المصرية الحالية- هيئة قصورالثقافة- عام 2016- ص29)
مظهرآخرمن مظاهر(رمضان المصرى) هو تبادل (العزومات) سواء بين أفراد الأسرة الواحدة أو بين الأصدقاء والجيران، وقد يرى البعض أنّ هذه الظاهرة موجودة عند العرب، وهذا صحيح ، ولكنها ليستْ بكثافة وحميمية (الطابع المصرى) حيث أنها تكاد تتكرّر طوال شهرالصيام. وخصوصية أخرى حيث تعزم أسرة (مسيحية) أسرة (مسلمة) على الفطار. وهذا ما حدث معى شخصيـًا ، حيث عزمنى صديق (مسيحى) أنا وأسرتى على الفطار مع أسرته. وكان يشترى معى (ياميش رمضان)
الاحتفال برمضان جزء من نسيج الثقافة القومية المصرية، مثل الاحتفال بالأولياء والقديسين الذى وحـّـد شعبنا، لدرجة أنْ يحضر المسلمون موالد القديسين، والعكس صحيح، كما أنّ السيدة المصرية (المسيحية) تُـقـدّم النذور للسيدة زينب ، والسيدة المصرية (المسلمة) تـُـقـدّم النذور للسيدة العذراء، وهى الظاهرة التى رصدها علماء الاجتماع أمثال د. سيد عويس، وعلماء الأدب الشعبى أمثال د. عبدالحميد يونس. وكان من رأيهم أنّ مظاهر احتفال شعبنا بشهر الصيام (رغم أنه مناسبة دينية) إلاّ أنْ الاحتفال (فى حد ذاته) هو (طبيعة مصرية) وأنّ الحضارة المصرية حضارة اتصال وليس انقطاع (سيد عويس- الازدواحية فى التراث الدينى المصرى- عام1981- ص22) كما أنّ ظاهرة الموالد رغم مظهرها الدينى ، تؤكد على أنّ الثقافة القومية المصرية ثقافة إتصال ، وذكر عالم المصريات (محرم كمال) عن احتفال شعبنا بمولد سيدى أبوالحجاج بالأقصر أنّ ضريح هذا الولى داخل مسجد أقيم على جزء من معبد الإله آمون. وكما كان الإله يخرج فى احتفال مهيب من معبده مرة كل عام فى سفينته المقدسة فيطوف أرجاء مدينته التى يتولاها بحمايته، فإنّ سيدى أبوالحجاج يخرج هو أيضًا مرة كل عام (آثار حضارة الفراعنة فى حياتنا الحالية- سلسلة الألف كتاب الأولى عام 1956- دارالهلال- عدد 38من ص 73- 79)
وتنعكس الحضارة المصرية- كذلك- على شعبنا المعاصر لنا الذى أطلق على السيدة زينب بعض الصفات التى أطلقها جدودنا على الإلهة إيست (أى إيزيس) مثل صفة (الطاهرة) من بين صفات عديدة (أنظرعلى سبيل المثال: أدولف إيرمان فى كتابه " ديانة مصر القديمة" ترجمة د. عبدالمنعم أبوبكر، د. محمد أنورشكرى- مكتبة الأسرة عام 97ص 484) كما أطلقوا على الحسين صفة (سيد الشهداء) وهى الصفة التى أطلقها جدودنا على أوزير. وذكر هيرودوت أنّ من عقائد المصريين ((من مات غريقــًـا مات شهيدًا وأنّ أوزيريس إمام الشهداء)) (هيرودوت يتحدث عن مصر- ترجمة د. محمد صقرخفاجه- هيئة الكتاب المصرية- عام 87ص 199)
وكتب د. سيد عويس عن الصلة بين الإمام الشافعى كقاضٍ يرأس المحكمة الباطنية وبين الإله أوزير كقاضٍ لمحكمة الإله الأعظم فى مدينة الأموات التى يرأسها)) وذكر أيضًا (( إنّ مكانة الآلهة المصرية انتقلتْ فى فترات التحوّل فى تاريخنا المصرى بعملية توفيقية إلى الأنبياء والقديسين ثم الأولياء)) (المصدرالسابق- ص 17)
وذكر د. سيد عويس أنّ شعبنا تربطه علاقة وثيقة رغم تعدد الأديان : فنجد سيدة مسيحية تصوم شهر رمضان كى ينجح ابنها أو تزور السيدة زينب، وبالعكس تجد سيدة مسلمة تصوم صيام العذراء أو تزور مارى جرجس أو القديسة دميانه (أنظركتاب أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر- مجموعة دراسات إعداد طلعت رضوان– هيئة الكتاب المصرية- عام 99ص 81) والنتيجة المُستخلصة هنا أننا نحن المصريين نتاج ثقافة قومية واحدة، هى التى وحّدتْ بيننا رغم اختلاف المعتقد الدينى، لا فرق بين مولد السيد البدوى ومولد ماربرسوم ومولد السيدة زينب ومولد السيدة العذراء إلاّ فى كلمات الأغانى التى هى استلهام متوارث عن حياة القديس أو الولى، بالاضافة إلى إطلاق سمات الثقافة القومية المصرية على هذا الولى أو ذاك، سواء كان هذا الولى شخصية حقيقية أو أسطورية. كما أنّ الموسيقى التى تُصاحب كلمات الموال أو القصيد الدينى من إيقاع واحد ومن ذات النبع المصرى القديم، خاصة فى استخدام المنشد المسلم والمنشد المسيحى الناى المصرى، وأنّ تلك الألحان هى امتداد للألحان التى كانت تـُعزف فى المعابد المصرية، وهو الأمر الذى أكده كثيرون من المهتمين بالموسيقى فى مصرالقديمة. وذكر د. سيد عويس ((لايمكن أنْ أنسى دراستى مع الموسيقى سليمان جميل. رحنا ندرس حلقة (الزكر) وجدنا وزيرًا سابقــًـا، وهذا عم فلان بائع متجول ، طوابير فى الحضرة الصوفية، وجدنا الكلام أحدث من اللحن، اللحن كنسى والكلام إسلامى فى مدح الرسول والحسين والأولياء)) (المصدرالسابق ص 85) ولعلّ مظاهر احتفال شعبنا بشهر رمضان ، تـُـذكــّـرنا بمظاهر احتفالنا بمولد نبى الإسلام ، حيث أنّ العرب يرفضون الاحتفال بمولد نبيهم ، بينما شعبنا أصرّ على الاحتفال به ، لأنه يتسق مع ثقافتنا القومية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يجرؤ النظام على الغاء قانون (تطوير الأزهر) ؟
- متوالية لصق اسم (الله) بالحاكم
- ما جذر العداء لغير المسلمين ؟
- مغزى لصق اسم (الله) كصفة للحاكم
- هل النظام الحالى اختلف عن الأنظمة السابقة ؟
- أليستْ المعاهد الأزهرية معامل لتخريج الإرهابيين ؟
- قتل الحرية الفردية فى مسرحية الزومبى
- مصر دائما مغلقة لاستقبال (الغزاة) الفاتحين
- شكسبير والغوص فى النفس البشرية
- 2- مصر المنكوبة بخيراتها
- مصر المنكوبة بخيراتها
- الأديبة هدى يونس والغموض الفنى
- لماذا كرّستْ الأحاديث لعبودية ؟
- فؤاد حسنين على: مثقف من طراز نادر
- فكرة (رب الكون) وعلاقتها بالبشر
- العرب وعلم الآثار
- لماذا هاجم السلمون ترامب ؟
- علماء أوروبا وكشفهم للترتث العربى
- لماذا الدولة المصرية (موش دولة) ؟
- هل الشخصية الاعتبارية لها ديانة ؟


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - رمضان (المصرى) ورمضان (العربى)