كريمة الحفناوى
الحوار المتمدن-العدد: 5188 - 2016 / 6 / 9 - 14:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كمثل شجرة ممتدة الجذور فى أرض مصر، كثيرة الخضرة والنماء والثمار والعطاء، شاهندة. نلجأ إلى ظلها لنشعر بالحنان والأمان فى قيظ الصيف وحر الأزمات. وفى برد الشتاء نجرى لنجلس بجانبها ونحس بالدفء.
شاهندة، فلاحة مصرية جميلة الملامح بلونها الخمرى من لون ماء النيل. خصبة فى عطائها كأرض مصر الطيبة. شجاعة جسورة صلبة، صوت الفلاحين الغلابة. شاهندة، مسيرة كفاح من أجل الحق والعدل والحرية. شاهندة، الصلابة فى وجه الشدائد والمكاره والمظالم. تتغلب على الألم، والذى كثيرا ما نالها فى حياتها، تتغلب عليه بالتفاؤل والابتسامة والأمل.
عندما سقط زوجها شهيدا فى معركته ضد الإقطاع فى كمشيش منذ خمسين عاما حملت الراية، راية نضال الفلاحين فى أرض المعركة، فى وجه الإقطاع الظالم. واستمر النضال من أجل تحسين أحوال الفلاحين وأحوال الزراعة المصرية. لم تتوان لحظة أو تسترح. تجوب أنحاء البلاد وتدافع عن مصر الأم وتقف مع قضايا الإنسان فى كل زمان ومكان فى عدد كثير من البلدان العربية والدولية.
راية الدفاع عن قضايا الأمن القومى المصرى ضد التطبيع وضد الاحتلال الصهيونى فى أرض فلسطين. ومع اندلاع ثورة يناير تراها فى الميدان بين رفيقاتها تبث فيك الحماس والشجاعة فى كل المواقف. تصدت للظلم والفقر والقهر والاستبداد. تحملت الكثير فى حياتها وواجهت بشجاعة كل المآسى التى تعرضت لها مع بنت وولدين، هم أبناؤها.
شاهندة مقلد حفرت اسمها بجوار الرائدات من سيدات مصر. ولآخر لحظة فى حياتها، ولآخر نفس يخرج من صدرها، ولآخر نبضة من نبضات قلبها، تدافع عن حقوق الفلاحين فى اتحاد الفلاحين الذى بدأت تأسيسه هى والرفاق الراحلون عريان نصيف وعبد المجيد الخولى.
رحلت عنا بجسدها، ولكن الشجرة المثمرة تستمر لسنوات طوال. تعلو وتورق وتطرح ثمرا. يا كمشيش، فى وداع ابنتك شاهندة رأيت الدموع الحزينة تنهمر من عيون الرجال والنساء والصغار والكبار. ياكمشيش، المسيرة مستمرة لأجل حقوق الغلابة، لأجل مستقبل الأولاد والبنات الصغار، لأجل ما نزرع أرضنا ونكتفى باحتياجاتنا من الغذاء بإنتاج أرضنا، ولا نمد يدنا حتى يكون قرارنا مستقلا.
ياكمشيش من قلب الألم الذى يعتصر قلوبنا على فراق الحبيبة شاهندة كما علمتنا. سنستمر بكل الشجاعة والجسارة نحمل هموم هذا الوطن، وهموم المظلومين والمهمشين حاملين راية النضال لتنتقل من جيل إلى جيل.
شاهندة، الحياة الحافلة التى تغلبت على الحزن بالابتسامة والفرح. وعلى الظلمة بنور الشموع. وعلى الألم بالبهجة والأمل. كانت دموع شاهندة قريبة. وبالرغم من دموعنا القريبة التى لن تجف، إلى أن نلقاكِ نعدك باستمرار الراية مرفوعة.
دكتورة كريمة الحفناوى
#كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟