|
هل فقدنا الهوية الوطنية
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 5187 - 2016 / 6 / 8 - 16:56
المحور:
المجتمع المدني
لعل موضوع الهوية الوطنية الاكثر جدلا في العالم ، حيث يصعب تحديد ماهيتها وعناصرها ، رغم ان نظرية هوفسد تستند الى الابعاد الثقافية ومدى تاثيرها على قيم المجتمع بما يحقق اندماج الفرد بالمجموعة . . ولكنني ارى بكل بساطة ان الهوية الوطنية هي شعور الفرد بالولاء للوطن وحبه للناس الساكنين فيه . وهذا لايعني تطابق نظرة الناس الى بعضهم البعض او تشابه ثقافاتهم وعاداتهم او لغاتهم ، بل يعني توافق الناس على مثل عليا تتعلق بالمكان والافراد القاطنين فيه . ان هذا الشعور الجمعي تجاه الارض والسكان هو الذي يحدد حبنا للوطن ، وهو الذي يمنحنا الهوية الوطنية . . ان الولاء والاخلاص للوطن قد اكتسبناه من ابائنا وترسخ على مدى التاريخ المشترك . وبالاعتماد على هذا الاساس نرى ان الهوية الوطنية في العراق قد اهتزت بعد الاحتلال الامريكي عام 2003 ، حيث تم ترويج مفاهيم وافكار تحط من القيم الوطنية وعلى وفق منهجية مقصودة للقضاء على الشعور الوطني واحلال مشاعر وولاءات بديلة اخرى . فاصبح الولاء الى مناطق محددة او طائفة دينية او قومية او احزاب . . ونقوم بالدفاع عنها ، لانها تمثل لنا في هذه الفوضى مساحة الامان والاستقرار النفسي بعد ان تم تهديد وجود الفرد العراقي وتهديد كيانه واسرته ومستقبله ، ولم يعد الوطن يجمعنا . ان اختلاف الولاءات والدفاع عنها قد ادت بنا الى اختلاف الراي واشهار السلاح بوجه الاخر الذي لايوافقنا على هذا الراي ، واخذنا نتحدث داخل الوطن الواحد بمنطق ( نحن وهم ) ، وهذا اخطر مايمكن ان يواجه شعب من الشعوب . . فكلمة نحن كانت تعني نحن العراقيون . اما الان فتعني نحن الحزب او الطائفة او القومية او الدين . . . وكاد ينقطع الخيط الذي كان يجمع حبات الوطن ، كالمسبحة او القلادة الجميلة التي كنا نتزين بها . ومن هذا القبيل يريد الكورد الانفصال عن العراق ، لان الحكومة المركزية لا تلبي حاجاتهم الاساسية . واهل نينوى يريدون الحكم الذاتي لان المركز يمارس التفرقة تجاههم . واهل البصرة يتجهون نحو الكونفدرالية لان المركز يستاثر بخيرات المدينة وهي محرومة من ابسط الخدمات . والتركمان يريدون الحكم الذاتي في كركوك لتجنب الذوبان في مجتمعات قومية اخرى . وهكذا . . . كما ان بعض العراقيين يروجون لعقائد دول على حساب عقيدة المواطنة العراقية مثل هذا الذي يمجد قاسم سليماني وذاك يروج لافكار السفير السعودي ، او يتبنى من منطق ديني وطائفي اطروحات اردوكان المتناقضة والمتخلفة . وهكذا نتبنى عقائد غريبة عن عقائدنا ، ونهمل قيمنا ووطنيتنا العراقية . ومن منطلق هذا الواقع الاليم نتسائل ما الذي يعيدنا الى منطق المواطنة العراقية . . هذا المنطق الذي يعني حبنا لمنتخب كرة القدم العراقية ، وتعلقنا بالشاعر بدر السياب او سفرات كوردستان ، او زيارة مراقد الامامين الحسين واخيه العباس عليهما السلام . ومشحوف الاهوار ، والمقام العراقي ، والالحان العراقية الجميلة . . . لعل الامر لم يفت بعد ، حيث يمكننا تأصيل روح المواطنة من خلال بعض الخطوات التي تساعدنا على ترسيخ مفهوم المواطنة العراقية ، وايقاف منطق التعصب والعداء الذي ابتلينا به . . ومن هذه الخطوات : اولا _ الخطاب الاعلامي الموحد ، الذي يركز على المشتركات بين فئات المجتمع العراقي ولا يثير مواطن الخلاف والاستهجان . ثانيا _ القضاء على المظاهر المسلحة ، واعادة تشكيل جيش عراقي موحد وقوي ، يشترك فيه كل المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم المناطقية او الدينية او الطائفية . ثالثا _ مجلس الخدمة العامة الذي يحدد فيه وصفا للوظائف وتعيين المواطنين على وفق متطلبات وشروط الوظيفة ، وليس على وفق القرابة او الانتماء الى حزب او طائفة . رابعا _ اصدارقانون المواطنة الذي يعاقب الاشخاص الذين يثيرون النعرات الطائفية او القومية ، مع تشديد العقوبة اذا كانت الجريمة بدافع عرقي او طائفي او ديني . خامسا _ تشجيع الفعاليات الفنية والمسرحية والثقافية التي ترسخ روح المواطنة وايثار الفرد في خدمة المجتمع . سادسا _ اعداد مناهج تربوية لمختلف المراحل الدراسية تؤكد على مفاهيم المواطنة واحترام العلم العراقي والنشيد الوطني . سابعا _ التركيز في دور العبادة كافة على غرس روح المواطنة ، واعتبار حب الوطن من الايمان . . وتجنب اثارة المواضيع الخلافية بين افراد المجتمع الواحد . ان تعميق روح المواطنة بين الافراد وخصوصا الاجيال الجديدة سيحدد لنا الهوية الوطنية العراقية . اذ من دون هذه الهوية الوطنية سوف لن يكون لنا اي اعتبار من شعوب العالم .
ادهم ابراهيم
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمر باريس . . . ما اشبه اليوم بالبارحة
-
ديموقراطية البنادق والتضليل
-
الطريق المسدود . . والسيناريوهات المحتملة
-
الدراسات الحديثة للتاريخ
-
الدين . . بين العقل والقلب
-
مشروع المالكي الجديد
-
امريكا . . . من ابو طبر الى اوراق بنما
-
تحالف القوى . .. الموقف الانتهازي
-
التكتلات السياسية . . . والبركان القادم
-
ماذا بعد الدين .. ؟
-
مقتدى الصدر .. والروح البروسية
-
حكم الشيعة
-
السياسات الدافعة للفرقة والتقسيم
-
مافيش فايدة . . . دي شعب زلط
-
اين هو الاسلام . . . ومن هو المسلم
-
من الموصل 1959 الى الموصل 2016 . . .محنة شعب .
-
حول الميليشيات السنية
-
تداعيات فشل الحل السياسي في سوريا
-
اوهام الاصلاح . . . وحتمية الثورة
-
من دبش ... . الى هوشيار
المزيد.....
-
منظمة اليونيسف: إسرائيل قتلت أكثر من 100 طفل في لبنان خلال 1
...
-
منظمة اليونيسف: 690 طفلا اصيبوا في الاسابيع الستة الاخيرة بس
...
-
منظمة اليونيسف: العمليات الاسرائيلية تتجاهل التحذيرات الدولي
...
-
تعزيزات عسكرية واعتقالات جماعية في إقليم أمهرة الإثيوبي
-
الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة راح ضحيتها 21 شهيدا وعشرات ا
...
-
إصابة فلسطيني واعتقال 3 وسط مواجهات مع قوات الاحتلال بنابلس
...
-
حركة حماس: قصف الاحتلال مسجدا يؤوي نا زحين بدير البلح والمجا
...
-
غاز مسيل للدموع واعتقالات تتخلل مظاهرات حول العالم في ذكرى ا
...
-
نحو 300 ألف يتظاهرون في لندن دعما لفلسطين في الذكرى الأولى ل
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون من أجل إطلاق سراح المحتجزين ووقف
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|