|
مسائل يجب البدء فيها فلسطينيا
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 20:51
المحور:
القضية الفلسطينية
مسائل يجب البدء فيها فلسطينيا عماد صلاح الدين
الضربة الحقيقية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في مشواره النضالي، هي عملية تسويق الدعم المالي للقيادة الفلسطينية، من خلال ما يسمى الدول المانحة والتمويل الأجنبي. اعرف أن هناك وجهة نظر – وباستمرار- حول إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعن ضرورة الحاجة للتمويل. واعرف - من الأساس- أن لا القيادة الفلسطينية بزعامة الشهيد ياسر عرفات قصدت ذلك الشراء ولا القيادة الحالية، لكنها أخطاء السياسة والرؤية رغم النوايا السليمة والدفق الحماسي الوطني الموجود باستمرار عند القيادة. لكن المعروف اجتماعيا وقبل أن يكون سياسيا، أن الفئات الفقيرة والتي تبحث عن نهضتها وتقرير مصيرها، عليها أن تعتمد على نفسها أولا وأخيرا، وعليها أن تبدأ في بسيط الأعمال قبل الطموح إلى ما هو أعلى أو أرقى منها، وعليها أن تراكم باستمرار وباحتمال، وان تبحث عن التطور والفائدة في كل اتجاه، وان يكون محيطها هي الجهات الأقرب من ناحية المشابهة المادية والاجتماعية؛ ليفرض التعاون والتكاتف نفسه فيما بينها بمشترك الظرفية التي يشتركون فيها، لان المغامرة فوق ذلك سواء في سياق الجهد أو الأمل والطموح أو السياق، من خلال محيط أقوى ومرتفع غالبا ما ينقلب بالضد حيث الحلم يكون مجرد خيالات والمجهود عبثيا لا يناسب واقع الإمكانية والحضور، هذا بالإضافة إلى احتمالية انقضاض المحيط الأقوى على المحيط الصغير والمبتدأ، وحتى النصيحة والتوجيه من المحيط الأقوى ربما تكون قاتلة ومبددة لمصير تلك الفئة الفقيرة والمبتدئة في مسار التطلع نحو حياة مصونة وكريمة؛ وذلك بسبب اختلاف الرؤية والإمكانية والظرفية، وكذلك نوازع النفس الإنسانية التي لا تعرف حدودا ولا موانع ولا كوابح، في المنافسة وإزاحة من هو اقل شأنا من المشهد الحاضر على الأقل. نحن الفلسطينيين على أزماتنا المستعصية، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ذي النزعة التطهيرية والاجلائية، سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي، وبارتباط هذا الاحتلال بمشاريع غربية وأمريكية هي نفسها الدول المانحة والاحتلال نفسه، هو المتحكم في مصدر المدخول الأساسي من خلال مقاصة الضرائب والجمرك، سلمنا رقابنا لهذه الجهات ونتلقى أيضا النصائح والتوجيهات منها في رسم السياسة المالية والاجتماعية، وهي جهات في الأساس معادية وليس فقط أقوى أو ما هو موجود بالطبيعة ميلا أو ما هو حاضر في المعادلة الدولية من أن القوي يبتلع الصغير، وهنا بدلا من أن يعتمد الفلسطينيون على أنفسهم ذاتيا في التراكمية ولو البسيطة الاكتفائية في المجال الاجتماعي والمادي والمالي؛ ومن خلال أعمال فلاحية ومشاريع تشغيلية إنتاجية صغيرة ومتوسطة طامحة، وبالتركيز على الصحة والتربية والتعليم دون قصر الأخير على الأكاديمي منه فقط بل والحرفي والمهني والصناعي، تخلى الفلسطينيون عن هذه القطاعات وتحولوا إلى القطاع الخدمي والحكومي والعسكري، وفي حقيقة معظمه يقع تحت بند البطالة المقنعة، دون وجود عجلة إنتاجية ولو متواضعة مساهمة في تدعيم بنية الاقتصاد المقاوم للاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر الضفة الغربية مجرد سوق لبضائعه، وفي ظل ما هو قائم حاليا، أصبحت الدعوات الرسمية أو الحزبية والشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية نوعا من العبث لا طائل ولا جدوى منه؛ ما دام أن البديل الفلسطيني غير موجود والبديل العربي حتما سيكون غير موجود إذا كان الفلسطيني الأساسي غير حاضر، وقد قيل ما حك جلد مثل ظفرك. في مثل هذه الأوضاع، وفي غياب البنية الإنسانية والاجتماعية والمادية صارت الدولة المستقلة عبثا والمفاوضات عبثا وكل شيء وهميا، وصرنا نعيش في عموم الاستهلاكية الوهمية سواء في اقتناء ما لا نملك عبر القروض من سيارات فاخرة أو شقق فارهة أو غيرها من المقتنيات خصوصا التكنولوجية منها؛ وبسبب عدم التناسب بين ما يبذل وينتج وبين ما يستهلك تفشت المشاكل الاجتماعية بين الناس، وصار الذي لا يكذب يكذب تحت وطأة الديون والقروض والتفاخر الاستهلاكي والاقتناء الاختزالي الوهمي، وأصاب النسيج الاجتماعي التفسخ فوق تفسخه بفعل حالة الانقسام بين فتح وحماس، وكثرت الأمراض الاجتماعية متفاقمة في ظل أوضاع بائسة من أساسها كمجتمع يعاني التخلف والتراجع ضمن الحالة العربية ككل، وما آلت إليه أوضاعه من قابلية للاحتلال وتحققه ما بين انتداب بريطاني واحتلال وإحلال صهيوني إسرائيلي منذ قرن من الزمن، ثم ما آل إليه وضعه من التبعية المطلقة واللاحول المادي والاجتماعي والانقلاب إلى الاستهلاكية التي في ظلالها كثرت الديون وتعاظمت الأسعار وارتفعت الضرائب والرسوم بشكل هستيري، وأصبحت القدرة على الادخار حقا مفقودة لمعظم الفئات الاجتماعية باستثناء طبقة الاحتكار البرجوازي السياسي الرسمي والحزبي كفئات قيادية مع طبقة قطاع البرجوازية المالية التقليدية، وفي ظلال ذلك كله أصبحت نسب فسخ الخطوبات وحالات الطلاق في أعلى معدلاتها، و تقع لأتفه الأسباب التي لا يقبلها عقل ولا يعقلها منطق. ومن المسائل التي صارت واجب الوقت فلسطينيا لحلحلة تلك المشاكل التي اشرنا إليها في أعلاه، ولأجل صناعة بنية إنسانية فلسطينية فارضة مستقبلا باتجاه وحدة وطنية حقيقية ومشروع وطني متفق عليه وقدرة فلسطينية على الصمود في وجه الاحتلال، هذا الصمود ولو الجزئي الذي أتى بمنظمة التحرير وأوسلو وقيام السلطة والحديث عن الدولة المستقلة هو ما حصل في الانتفاضة الأولى عام 1987؛ حين كان للفلسطينيين بعض القدرة والعافية في الفلاحة والزراعة وفي العمل الإنتاجي والصناعي والحرفي البسيط سواء في مجال صناعة الصابون وزيت الزيتون أو النسيج أو صناعة الأحذية وغيرها، مع ضرورة التخلي عن ما يسمى بالدعم الخارجي وأموال المانحين والاتجاه إلى الاعتماد على الذات وطلب المساعدة العربية الممكنة والمستوردات العربية البديلة والممكنة، وكذلك يلزمنا الإقلاع عن إدمان الحالة الاستهلاكية التي ترفضها دول مثل مجموعة بريكس وليس فقط شعب واقع تحت الاحتلال مثل شعبنا الفلسطيني؛ لتتشكل البنية الاجتماعية والمادية في لملمة الصف الفلسطيني وتوحيد جهوده في مواجهة الاحتلال، والعمل على مقاطعته شموليا، وتوسيع ذلك على مستوى إقليمي ودولي، باتجاه تحقيق تقرير المصير وحق العودة، والقضاء على المشروع الصهيوني العنصري والاجلائي.
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين والسياسة... هل هو الفصل أم التمييز بينهما أم ماذا؟
-
افيجدور ليبرمان ما بين صورة السخرية وتوظيف الأسطورة
-
التطبيع الرسمي مع إسرائيل قريبا!!
-
هل وجود الدستور وإجراء الانتخابات كفيلان بمواجهة الاستبداد و
...
-
ما هي فلسفة الموقف السياسي للرئيس أبو مازن؟
-
ألأننا لازلنا نقاوم فلسطينيا وعربيا ؟؟
-
في معنى غياب الوعي والرؤية والاستراتيجيا
-
النهضة المُكلفة جدا في المجتمعات المتخلفة
-
منطقة (ج) مضمومة عمليا لإسرائيل
-
لا تجهضوا حماسَ حماسٍ وحماسَنا بحماس
-
عوامل تطّول مدى المواجهة مع العنصرية الإسرائيلية
-
وهم الانتصارات ووهم القادة العظام
-
تحطيم عبادة الأصنام العربية في الحالة المعاصرة
-
يا وطني
-
فلسطين: هل هي مشكلة الخيانة والفساد وتكفير الآخرين... أم ماذ
...
-
في رثاء الشاعر والأديب الراحل كامل فؤاد الفارس
-
هل رأس الفتاة أو المرأة عورة؟؟
-
ما الذي يجعلهم يصبرون؟؟.....حياتان ومماتان!!
-
قبل الحديث عن الوحدة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني
-
قضيتان لا تبقيان دنيا ولا دين في فضاء العرب!!
المزيد.....
-
بشخصيتين.. دنيا سمير غانم -عايشة الدور- في رمضان
-
لماذا لم يُبعد السجين الأردني في إسرائيل عمّار الحويطات إلى
...
-
سوريا: تنصيب الشرع -الجولاني- رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل
...
-
تعيين أحمد الشرع رئيسا لسوريا في المرحلة الانتقالية
-
تركيا تعلن مقتل 3 من مواطنيها بغارة إسرائيلية على الحدود الل
...
-
إعلام مصري يبرز -لاءات- السيسي الحاسمة على مقترح ترامب
-
إيطاليا تواجه اتهامات بالتنصل من التزاماتها الدولية بعد الإف
...
-
الرئيس الألماني يحذر من ارتداد بلاده إلى -عصر مظلم-
-
الدفاع الروسية: إسقاط 4 مسيرات أوكرانية فوق القرم وبيلغورود
...
-
كينيدي جونيور: أنا داعم للسلامة والتقارير الإعلامية حول اللق
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|