|
قضية الجهاد والإرهاب وواجب العلماء في الإفتاء والإلغاء!!
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 01:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما يفهم بعض الإخوة من كتاباتي عن الإسلام بأن هناك نوع من العداء لهذا الدين والعقيدة التي يعتنقها ما يقارب مليار إنسان وخاصةً إن الكثير من الإخوة يعلمون بأنني جهرت أكثر من مرة بأن؛ "لا دين لي ولا قناعات غيبية ربانية"، لكن أعيد وأقول؛ بأن لا عداء ولا بغضاء شخصي مع أي عقيدة، بل هناك رفض لبعض القناعات والأفكار والتي أجدها غير مناسبة مع مفاهيم العصر إن كان في الإسلام أو غيرها من القناعات الفكرية الدينية أو السياسية.. ومن جملة هذه المفاهيم والعقائد هي قضية الجهاد والتي تؤسس بقناعتي لفكر العنف والإرهاب في المجتمعات الإسلامية حيث هناك عدد من الآيات والأحاديث التي تدعو إلى ذلك وبالتالي ودون قراءة جديدة للقضية وإبطال فكرة الجهاد بالسيف، لتكون فقط بالكلمة، فإن مجتمعاتنا سوف تبقى حواضن تفريخ للإرهابيين.
وهكذا وبقناعتي فقد حان الزمن والمرحلة التي يخرج بها بعض "علماء ومفكري الإسلام" ليعلنوا القطيعة مع ثقافة الفكر الجهادي من خلال الغزوات والسيف وتكون الدعوة ألى الجهاد من خلال الكلمة الحسنة وهنا ربما يقول قائل: بأن هذه الدعوة هي نوع من الردة والخروج عن الشرع والعقيدة؛ كون هناك أكثر من (70) سبعون آية تدعو للجهاد في سبيل الله ومنها على سبيل المثال؛ "{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} سورة الأنفال: 72" وكذلك؛ "{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} سورة التوبة: 73".
بل هناك آيات تدعو للقتل صراحةً مثل؛ "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} سورة البقرة: 178". وأيضاً؛ "{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} سورة البقرة: 191". وكذلك؛ "{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} سورة البقرة: 216". وهكذا ومع وجود هذا الكم والعدد الكبير من الآيات _ناهيكم عن الأحاديث والفتاوي_ التي تدعو للجهاد والقتل والقتال في سبيل الله، بكل تأكيد سيكون من الصعب، بل والإستحالة أن لا تكون المجتمعات الإسلامية هي ماكينات تفريخ للمتطرفين والإرهابيين.
وبالتالي هل يمكن لنا كمجتمعات مدنية معاصرة أن نعمل قطيعة مع تلك القناعات والقيم والمبادئ البدوية الصحرواية وفكرة الغزو والسبي وقتال القبائل الأخرى من أجل الحصول على الواحات التي تساعدنا على الإستمرار بالحياة، ربما هذه هي المعضلة الحقيقية _أو إحدى المعضلات الكبرى_ أمام المجتمعات الإسلامية لتناقشها بعقلانية وموضوعية كي تقدر أن تتجاوز عصر ومبادئ القبيلة والبداوة وتدخل العصر الحديث والتقانة العلمية، حيث إن كان ما هو صحيح _الجهاد بالسيف_ بالنسبة لتلك العصور والأزمنة فهي غير صالحة ومقبولة وفق مفاهيمنا ومنطقنا العصري، بل يعتبر عنفاً وإرهاباً. وهكذا لا بد للمجتمعات الإسلامية أن تنبذ تلك المفاهيم والمبادئ من عقيدتها لتنسجم مع روح العصر، أو على الأقل أن تقوم بقراءات معاصرة لها بحيث تنسجم مع المبادئ الجديدة لحقوق الإنسان ومفاهيم الحريات العامة وبقناعتي ذلك ممكن قياساً مع ما عاشتها المجتمعات الإسلامية وحتى في عصورها الأولى حيث رأت قراءات مختلفة للآية القرآنية وبطريقة أكثر عقلانية وإنسانية.
وكمثال عن تلك القراءات المختلفة والعقلانية ما يروى عن حادثة سرقة إعرابيين لجمل نتيجة الفاقة والحاجة فيما تسمى بعام المجاعة حيث إن القانون والشرع الإسلامي يأمر بقطع اليد كحد لجريمة السرقة والآية فيها بيّنة وتقول: "(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) المائدة/38"، لكن ورغم ذلك فلم يلجأ خليفة المسلمين "عمر بن الخطاب" إلى قطع يد السارقين مادياً، بل فعلها معنوياً حيث قرأ الواقع؛ واقع الفقر والعوز والمجاعة بعقلانية ورأى بأن حاجة البقاء دفع الإعرابيين إلى سرقة الجمل لإطعام عائلتيهما وبالتالي لجأ إلى قطع اليد معنوياً؛ بأن أمر بإطعام الجائعين في البيئة الإجتماعية من خزينة مال المسلمين وبذلك تم قطع يد المحتاج إلى السرقة حيث لم يعد هناك المبرر والدافع إلى الفعل الجرمي وبذلك تم قطع اليد والكف عن اللجوء إلى سرقة أموال الآخرين من قبل الإعرابيين.
وهكذا يمكن لمجمع علماء المسلمين ومفكريها _وعلى سبيل المثال؛ الأزهر_ أن تتنطع لهذه القضية والمهمة وتأخذ على عاتقها قضية الجهاد وتعيد قراءة تلك الآيات التي تدعو للقتال والجهاد ضد (الكفار والمرتدين والجاهلين والمشركين والملحدين) وفق المفاهيم والمبادئ العصرية وحقوق الإنسان بحيث يكون قتل الكفر والارتداد والالحاد من خلال الدعوة بالكلمة الحسنة إلى العقيدة الإسلامية وبذلك يكون الجهاد والقتال في سبيل الله وإعلاء كلمته ودينه وعقيدته في العالمين قد تم.. وهكذا يكون الفقه الإسلامي قد حقق المراد من الآيات الجهادية وبنفس الوقت قد قطعنا السبيل بأولئك الذين على إستعداد لأن يكونوا قنابل موقوتة في مجتمعاتنا لعمليات إرهابية تكفيرية بحق الآخرين الذين يختلفون معه في العقيدة والإيمان.
لكن من الناحية العملية، بل وحتى الفلسفية والعقائدية؛ فهل يمكن إنجاز ذلك والدعوة لها، ألن تكون هي مقدمة لتغيير الكثير من القناعات الإيمانية والعقائدية الأخرى من قضية "الشهادة وإكرامه بالجنة والحوريات".. يبدو أن القضية أعقد وأعمق بكثير من قضية الجهاد والإرهاب في الفكر الإسلامي حيث تتعلق بالجذر الثقافي لمجتمعاتنا والتي هي بحاجة إلى تغيير الكثير من المفاهيم والعقائد لكي تنسجم مع مفاهيم العصر والمرحلة التاريخية الراهنة .. بكل شفافية إننا نحتاج إلى ثورة ثقافية فكرية في مجتمعاتنا لنعمل قطيعة مع ثقافة البداوة الصحراوية حيث إننا أبناء المدينة والعالم التقني وليس فرسان البادية العربية.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قُلّ من هو مستشارك .. أقل لك ما هي سياساتك!!
-
قوات سوريا الديمقراطية تدق المسمار الأخير في نعش مشروع أردوغ
...
-
أردوغان .. والخوازيق الأمريكية.
-
الأحزاب الكوردية والعلاقة مع الأنظمة الغاصبة لكوردستان.
-
مشاركة الكورد ..بتحرير كل من الرقة والموصل.
-
أمريكا وولادة الدولة الكوردية.
-
السياسي الكوردي وكوارث القراءات الخاطئة!!
-
الحروب الصليبية ..حقيقة تاريخية أم كذبة إسلامية!!
-
-داعش- ..منتج إسلامي وليس أمريكي!!
-
الإحتلال الكوردي.. للأراضي الآشورية؛ حقيقة أم لعبة سياسية!!
-
كوردستان .. وغزوات العرب والمسلمين.
-
(نيرون أنقرة) ..ونيران -روما الجديدة-!!
-
المجلس الكردي .. والزهايمر السياسي!!
-
قراءات ساذجة .. أم مواقف مدفوعة الثمن؟!
-
كفوا .. عن حماقاتكم السياسية!!
-
تركيا .. تريد أن تنقذ نفسها، لا أن تحل المسألة الكوردية.
-
كوردستان (سوريا) .. بين الميشيلين؛ كيلو والعفلق!!
-
كوردستان (سوريا) .. “وهم” أم حقيقة تاريخية وجغرافية؟!
-
نوروز.. في التاريخ والمعنى والدلالات؟! (الحلقة الرابعة)
-
سوريا .. ومشروع الدولة الفيدرالية.
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|