حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5185 - 2016 / 6 / 6 - 19:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كم من عبادة انقلبت إلى ضدها .
أنتهز فرصة شهر رمضان المبارك لأرفع لكل أحبتي وأهلي وأقربائي وأصدقائي ومعارفي وجميع المسلمين ، أسمى آيات التهنئة والتبريك بمناسبة حلول شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وأطلب منهم جميعهم
،أن نغض الطرف عن سلبيات بعضنا ونتجاوزها ، ونبحث عن إيجابي منها ، ونبادر بكل خير ونفتح صفحة جديدة تنسينا خلافاتنا وأحقادنا وثاراتنا القديمة ، وندعوا للمحبة والسلام بيننا ، حتى يكون لصيامنا فعل وتأثير حي ، يربط بين فكرنا الديني وواقعنا الحياتي ، بكل معاني الحب والرحمة والإنسانية التي تجعل منا "إنساناً" بكل معنى الكلمة ، يتجنب الغلظة والظلم ، ويصل الرح ، ويعفو عمن ظلمه ، وحتى لا يبقى صيامنا مجرد طقوس شكلية ، وحركات تعبدية ميكانيكية ، لا تشبع إحساسا روحيا ، ولا تروي عاطفة نفسية ، ولا تزرع في القلب حبا ، ولا تنشر في الكون جمالا ، بل تغشاه بالتوترات والمشاحنات والشجارات بدعوى العطش والجوع والتعب وأشياء أخرى تنسب للصيام ، وكأننا نحمِّل ربنا جمائل صيامنا .
وبهذه المناسبة ، أسأل الله أن يُغير رمضان من سلوكاتنا المتناقضة مع الذات والواقع ، والمتناقضة بين الأفكار المعنوية والسلوكات المادية ، وألا يبقى بيننا أحد مزدوج الشخصية متناقضا مع ذاته ، فالشخصية المتناقضة لا تبني وطناً ولا انسانا ، وأتمنى أن تملأ الرحمة وحب الخير قلوبنا طيلة شهور السنة ، وليس في هذا الشهر وحده ، الذي يحوله الكثيرون إلى مجرد مهرجان سنوي شعبي أو موسم تراثي فلكلوري فقط ، وأتمنى أن نرى الأغنياءنا يجوبون أزقة وشوارع مدننا باحثين عن الفقراء والجياع والعراة ، في كل شهور السنة ، كما يفعل بعضهم في شهر رمضان دون غيره من سهور السنة ، أو إبان الإنتخابات ، فتصدق فيهم القولة الشهيرة : "تبا لأمةٍ لا يهمها الجائع إلا في رمضان أو إذا كان ناخبا ، ولا العاري إلا إذا كانت امرأة".
ولا بأس من أن أذكر أحبتي وأهلي وأقربائي وأصدقائي ومعارفي وجميع المسلمين ، من خلال هذه التهنئة القلبية الحارة ، بأن رمضان بروحه الدينية السامية ، وبأسراره ومعانيه الإنسانية الجميلة ، ليس هو فقط هذا الشهر العابر، بل هو إمتداد لكل ذلك على بقية شهور العام كله ، وأن أفضل الصيام هو صوم القلب عن كل حقد واستئصال وفساد ، وأن الصيام لا فائدة منه مالم يُعدِّل من سلوكنا ووعينا ، فكم منا من صام عشرات الرمضانات ولم يجن من صيامه غير الجوع والعطش ، لأنه لم يجسد تقوى القلب التي هي ثمرة الصوم الحقيقية ، وإكتفى بالمباهاة بالمظهر..
وكل عام وانتم بخير أحبتي ، و كل عام والشعوب العربية بخير ، وكل عام والأمة اإسلامية بخير ، وكل عام والعالم كله بألف خير وأمن وحب وسلام ..
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟