|
حول مهمة الدعاية
محمد علي الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 5184 - 2016 / 6 / 5 - 04:12
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
حول مهمة الدعاية مقدمة "بعض العناصر التي تتدعي انها شيوعية تخلت كليا عن ترويج الخط فاصابها الاحباط واليأس واكتفت بالعمل الجمعياتي المدني فلا يجب معاداتها بل اعتبارها عناصر صديقة ومواصلة الصمود والاصرار على نشر المواقف الشيوعية والوطنية الديمقراطية رغم الحصار الاعلامي وانهيار البعض"- تعتبر الدعاية من اهم المهام الاساسية لكل حزب شيوعي وقد اولت الاحزاب اهتماما خاصا بهذا الجهاز بحيث خصصت له افضل الكوادر المحترفة واكثرها تمرسا للقيام بالدعاية للخط وتكريس التوجهات الاستراتيجية والتكتيكية المرسومة. وترتبط الدعاية بالتحريض وبمهمة تنظيم الجماهير وكذلك بتثقيف الكوادر نظريا وعبر الممارسة اليومية .لذلك تعتبر مهمة الدعاية مسألة حياة او موت بالنسبة للخط الشيوعي وللطرح الوطني الديمقراطي عموما فإن غابت الدعاية غاب التنظيم الشيوعي وفقد سلاحه الاساسي الا وهو الفكر الذي من المفروضي ان يتحول الى قوة مادية تنير نضالات الكادحين في مواجهة اعداء الثورة. ان الدعاية تنمو وتتعزز بالممارسة اليومية صلب التحركات الشعبية وهي تتطور باستمرار مع تطور المواجهات وتساهم في تطوير الخط الاستراتيجي والابداع في تطبيق اساليب العمل واي تهاون في هذا المجال يؤدي حتما الى ترك الساحة واسعة امام الاطراف الرجعية والانتهازية لبث سمومها وترويج الاوهام حول امكانية اصلاح انظمة عميلة معادية كليا لمصالح الشعب. وتعكس الدعاية مستوى تطور هذا التنظيم او ذاك فواقع القوى الثورية في تونس لم يبلغ مستوى الاحتراف اي انه لاوجود لمنظمة ثورية محترفة تسهر على استمرارية النشاط الثوري لذلك فان مهمة الدعاية لاتخضع لضوابط علمية ودراسات جدية تساهم في تطوير الفكر وتبسيطه فتظل الدعاية موسمية مرتجلة تتسم اساسا بردود الفعل ولاتخلق الحدث بل تلهث وراءه وتكتفي ببعض المواقف العامة والسطحية لاتعكس معاناة الجماعير ولاتحمل بدائل مقنعة. فما هو محتوى الدعاية خلال مرحلة التحرر الوطني وماهي الاساليب الممكنة وفق استعدادات القوى الثورية ومستوى تطور التجربة الجماهيرية؟ -1- محتوى الدعاية يطمح الشيوعي الى عالم افضل دون استغلال الانسان للانسان لكن الظروف الموضوعية تحتم عليه التفاعل ايجابا مع واقع صراع الطبقات وخاصة مع مستوى تطور تجربة الجماهير الصامدة في علاقة بواقع القوى الثورية الذي يشهد ضعفا فادحا امام الهجمة الامبريالية والرجعية العربية. ورغم هذا الضعف ورغم الحصار وانهيار العديد من العناصر البرجوازية الصغيرة فانه بالامكان مواصلة المشوار والسير ضد التيار وبالتالي الاصداع بالمواقف الشيوعية حول كل مايحصل عالميا وعربيا وقطريا. وتتميز الدعاية الشيوعية عن الدعاية الليبرالية وعن اليسار الليبرالي لانها اولا تدعو الى مجتمع خال من الاستغلال وتحمل الروح الكفاحية التي تعد الجماعير الى المواجهات المستقبلية وتنطلق من واقع الجماهير ومعاناتها اليومية وتحاول بصفة تدريجية اقناع ابناء الشعب بالقطع مع الدعاية الرجعية والانتهازية وتبني الدعاية الشيوعية المدافعة الحقيقية عن مطالب الشعب وتطلعاته نحو التحرر.وفي حين تعمل الدعاية الاصلاحية الى ابقاء الشعب في اطار النظام الرجعي القائم التي تدعي اصلاحه من الداخل فان الدعاية الشيوعية تطرح البديل عن نظام الفساد والاستبداد والعمالة وترفع شعار "لاخوف لارعب السلطة ملك الشعب" او الشعب يريد اسقاط النظام لاترميمه" تنطلق الدعاية الشيوعية من الحياة الملموسة للكادحين ومصالحهم المشتركة وخاصة من نضالاتهم وتجربتهم الخاصة وتحاول وفق مبدأ "من الجماهير والى الجماهير" توجيه النضالات نحو القطع مع روح التوافق مع الاعداء ودعم التوجه الكفاحي من اجل تحقيق المكاسب وترسيخها وهو سلوك يتناقض كليا مع البيرقراطية النقابية والاحزاب البرلمانية المعارضة التي تستغل نضالات الجماهير بهدف المزايدة والتناحر على المواقع . يرتبط محتوى الدعاية كما اسلفنا بمطالب الشعب الملحة في علاقة بقضية التحرر من الهيمنة والتخلف اي بالمسألة الوطنية والديمقراطية التي تطبع المرحلة الحالية.فلابد من الانصهار في الجماهير والتعرف على مشاغلها اليومية والحديث معها على غلاء المعيشة وواقع الصحة العمومية وخاصة غلاء الادوية وظروف التعليم التي يشتكي منها الابناء وواقع النقل العمومي وظروف العمل الصعبة التي لاتحترم ابسط قوانين الشغل و البطالة والاوساخ في الاحياء خاصة الشعبية الخ...وانطلاقا من مثل هذه المشاغل اليومية يقع التطرق الى من يقف وراء تدهور اوضاع الجماهير وفضح السياسات اللاوطنية التي تتبعها الحكومات العميلة وبالتالي تبيان ان الرشوة والبطالة والفساد والتهاب الاسعار...سببها الاساسي هو طبيعة هذا النظام الذي باع الخيرات واستغل عرق جبين الكادحين ويريد ان يدفع ابناء الشعب فاتورة ازمته وسرقاته وفساده واهداره للمال العام. ان الدعاية الشيوعية تهتم اذا بكل ما يحصل من احداث من وجهة نظر ثورية لاعلاقة لها بالدعاية الليبرالية يسارية كانت ام يمينية فهي تقف دوما الى جانب نضال الشعوب والبروليتاريا في العالم وتفضح سياسة العملاء الذين باعوا البلاد للاحتكارات الامبريالية وتقترح الحلول الملموسة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وهي حلول تخدم مصالح الشعب وتدافع عن اقتصاد وطني يقضي على الازمات الكامنة في انظمة الاستعمار الجديد. يجب على الدعاية الشيوعية ان تكون ملموسة قريبة من الجماهير تراعي محدودية وعيها وتجربتها وتتجنب التسطيح والشعارات الفوقية والمبادئ العامة وتطرح الحلول المناسبة لكل مشكلة انتفض من اجلها الشعب وتقنع ابناء الشعب بحتمية النضال من اجل تحسين اوضاعهم على درب التحرر وتشجهم على التضامن والصمود والوحدة في مواجهة المخططات الاستعمارية. كما يجب على الدعاية ان تعتمد دراسات معمقة في كل المجالات وان تعمل على تبسيطها عبر المناشير والمطويات والورقات الطائرة والتدخلات في الاجتماعات ...واختيار الشعارات المناسبة في كل فترة من اجل تجنيد الجماهير حولها وتحويلها الى سلاح لن تقدر الرجعية او الانتهازية على محوه. -2- أساليب الدعاية ان الاشكال الرئيسية للدعاية والتحريض الشيوعيين في اشباه المستعمرات هي: اولا الاتصال المباشر اي المحادثات الشخصية المباشرة والمساهمة في التحركات الشعبية والاحتجاجات اليومية وفي الاجتماعات النقابية والجمعياتية و في الحلقات والاجتماعات الجماهيرية والاعتصامات و في مواقع السكن والعمل وحتى في الشارع في ظروف معينة. وفي هذا الاطار من واجب الشيوعي ان يتواجد حيث يتواجد الجماهير وان يحضر كل التحركات والنضالات الجماهيرية ويحاول قدر الامكان الفعل فيها. ثانيا تتم الدعاية باشكال مختلفة عبر الصحافة الحزبية التي تشمل الجريدة او المعلقات والملصقات او المطويات والمناشير والاقراص والفيديو ويعمل الشيوعي على ايصال مثل هذا الادب الى الجماهير المعنية بالاعتماد على الذات الثورية في المعامل والاحياء والارياف والمؤسسات وان يحرص على ضمان دورية معينة تساهم في ارتباط الجماهير بالموقف الشيوعي والطرح الوطني الديمقراطي ثالث تنظيم الاجتماعات والحلقات والنشاط في الجمعيات غير الحكومية لتشجيع ابناء الشعب على الانخراط في النضال باعتباره الخيار الوحيد رابعا استغلال كل الامكانيات الشرعية من اجل ترويج الادب الشيوعي وتجارب الشيوعيين وحركات التحرر مع الحرص على تبسيطها وتلخيصها كما يجب ترويج الفكر العلمي والتقدمي ونقد الفكر الغيبي المتخلف الذي يجسده الاسلام السياسي خاصة... -3- واقع الدعاية الشيوعية في تونس لقد عرفت الدعاية الشيوعية في تونس اوجها في السبعينات ومنتصف الثمانينات بحيث تكفلت هياكل مختصة ومحترفة بهذه المهمة وانجزت العديد من الدراسات حول طبيعة المجتمع والحركة النقابية من محمد علي الحامي الى عاشور وتاريخ تونس وطبيعة حزب الدستور وواقع الارياف وتاريخه والعديد من التحقيقات والنصوص حول صندوق النقد الدولي ومفهوم ميزانية الدولة والمسالة القومية الخ واستغلت الحركة الشيوعية آنذاك الامكانيات الشرعية لاصدار الانتاج في الصحافة الاسبوعبة بصفة دورية وفي دور النشر كما اعتمدت المناشير التي كانت توزع ليلا في الاحياء الشعبية والارياف والمصانع واعتمدت كذلك الملصقات التي كانت في كل المؤسسات ومحطات النقل العمومي وكان العنصر الشيوعي متواجدا في جل النقابات والمؤسسات والارياف ودون سرد تفاصيل التجربة السابقة او محاولة تقييمها نقول ان واقع الدعاية الشيوعية الان لم يبلغ بعد مستوى الاحتراف وانه يتسم بالموسمية والهواية بما انه يفتقد الى منظمة ثورية محترفة وبالتالي الى جهاز دعائي محترف وقار قادر على متابعة المستجدات واستباق الاحداث. فلا تتمتع الحركة الثورية عموما بجريدة يومية ولااسبوعية ولاتصدر الفصائل الشيوعية دراسات يمكن اعتمادها لانتقاء الشعارات الضرورية في كل مرحلة ويظل حضور الثوريين عرضيا في بعض التحركات حسب الاعلام الافتراضي وحسب الواقع المعيش.فقد تمكنت البيرقراطية النقابية من عزل العديد من الثوريين وعمل المجتمع المدني عل محاصرة الجمعيات غير الحكومية المناضلة ورفضت الصحافة الرسمية نشر النصوص الثورية المعارضة للحوار الوطني والانتقال الديمقراطي ولم يعد من مخرج امام القوى الثورية سوى الاعتماد على النفس في نشر الفكر رغم الحصار الرجعي والانتهازي (علما وان بعض المواقع التي تدعي الثورية والوطنية الديمقراطية ترفض نشر النصوص الشيوعية الماوية وتصنصرها آليا) يكمن الحل الوحيد في اعادة الاعتبار للمنظمة الثورية وللدعاية الشيوعية في توحيد العناصر الشيوعية الماوية في تنظيم واحد والاستفادة من التجارب المختلفة وبتوحيد كل العناصر النزيهة يمكن مضاعفة الطاقات والامكانيات البشرية والمادية والتواجد في مختلف الجهات والقطاعات وبالتالي امكانية الفعل باكثر نجاعة في مجرى الصراع الطبقي والنضال الوطني وتركيز هياكل مختصة في عدة مجالات قادرة على ضمان اسمرارية الدعاية والتحريض والتنظيم. لذلك ندعو من جديد العناصر النزيهة المقتنعة بالفكر الى الحسم في زعامات ترفض الحوار بدوافع ذاتية لاعلاقة لها بالماركسية اللينينية الماوية . محمد علي الماوي 4 جوان 2016
الدعاية مهمة وجهاز دون دعاية لاحديث عن التحريض والتظيم الدعاية تمهد تربة التنظيم دعاية تلربط الجزء بالكل
#محمد_علي_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنفرق بين التناقضات العدائية والتناقضات صلب الشعب
-
مؤتمر النهضة وفق توصيات اجتماع باريس
-
حقيقة -الاوطاد- في تونس
-
في ذكرى انتفاضة الحوض المنجمي 2008
-
توجهات تكتيكية (نداء الشعب)
-
التكتيك الانتهازي للجبهة الشعبية -تونس-
-
تونس:ضد الاستقطاب الثنائي-من أجل خيار شعبي
-
تونس- انتفاضة الحرية والكرامة
-
لابديل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية
-
كيف يحاول افاكيان التحريفي تمرير نظرية التحّول السلمي؟
-
المادية الجدلية أقوى من هذيان أفاكيان التحريفي
-
شطحات أفاكيان -الفلسفية-
-
-الخلاصة الجديدة- ليست الا تحريفية في ثوب جديد
-
بوب افاكيان,الإبن المدلل للبرجوازية يحرف الماوية
-
لابد من معاقبة الرجعيين-ماو تسي تونغ-
-
1 ماي يكشف التملص من الهوية الشيوعية
-
دفاعا عن الماوية وضد الدغمائية التحريفية
-
موضوعات حول المسألتين الوطنية والكولونيالية
-
المسألة التنظيمية-مقتطف-
-
تونس: الترويكا تجدد نفسها
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|