|
الظاهر والباطن في المسيحية وجهنم نموذجا
لؤي ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 21:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اولا : الرموز في المسيحية ( علم الباطن دون ظاهر النص )
من الصعب أن تجد شرحا واحدا متفق عليه بين الطوائف المسيحية قديما وحديثا ؛ هذه حقيقة يدركها وبسهولة الباحث المبتدىء فضلا عن المخضرم ؛ وعندما أقول شرحا فإنني أعني ما يعرف بالتفسير عند المسلمين لآيات القرآن الكريم ؛ وهذا يقابله الكتاب المقدس عند المسيحيين ؛ والأمر الآخر يجب أن نفرق بين الرموز التي يعتقد أربابها أنها تشير إلى أمر باطني غير ظاهر من النص ؛ وبين ما يعبر عنه بالرمز أو يرمز إلى شيء بعينه ؛ فالروح القدس مثلا عند الأرثوذكس وهو الاقنوم الثالث له رموز تشير إليه في الكتاب المقدس بحسب مفهوم وآراء الأرثوذكس ؛ فهو أي الروح القدس الزيت والماء العذب الصافي وهو المطر وهو النهر وهو أيضا الحمامة !! ؛ والأخيرة الأكثر شيوعا في الاستعمال وليس بالاستدلال من نصوص الكتاب المقدس ؛ وليس موضوعي الآن تجسد الاقنوم الثالث الروح القدس على غرار الاقنوم الثاني الابن !! مع طرافة مثل هذا الموضوع لكن بوقت آخر ربما نبحث حينها الطرفة بشمولية ؛
بل إن الارثوذكس أيضا يعتقدون أن للأرقام والأعداد رموزا بعينها تعبر عنها !! لكن وفق ما تراه الكنيسة وتقليدها وآراء قدماء آبائها القديسين !! ولعل هذا يفسر لنا منبت ومنبع ما يعرف بالأسرار السبعة إياها !! ؛ كما أننا قبل أيام تحدثنا عن نبوءات العهد القديم المزعومة ومحاولة ربطها من قبل أصحاب العهد الجديد بسلاح الرموز والاشارة !! ؛ فواقعا الرموز كتعبير عن امور عقائدية صرفة غطت مساحة من عقل المتلقي ! وسواء أخذت ظاهر المعنى أو باطنه ؛ وأيضا إشارة نبوءة مزعومة أو تعضيدا لفهم يراد ترسيخه في عقل المتلقي ؛
لكن حتى لا أكثر الحديث في هذه الجزئية ؛ أقول : إن ما يعرف عند المسلمين بعلم التأويل أو ظاهر النصوص وباطنها المقصود منها هو ذاته تقريبا عند المسيحيين ؛ وهنا أقصد اللاهوتيين منهم وشراح الكتاب المقدس تماما عند المفسرين المسلمين من فقهاء ومحدثين ؛ أي سواء مدرسة الفقهاء أو أهل الحديث ؛
لكن الرموز التي أقصدها في موضوعي هنا ما عبر عنها صراحة البابا شنودة الثالث في إحدى محاضرات الوعظ قائلا : الكتاب المقدس مملوء بالرموز ؛ لكي تفهمه - يقصد الكتاب المقدس - لابد أن تفهمها ؛ يقصد فهم الرموز المزعومة !! لكن البابا شنودة الثالث أكد على ما قلته قبل أيام والآن بشأن رموز العهد القديم والتي تحققت في العهد الجديد ! وبالتالي لا يتذاكى علينا أحد بمحاولة الفصل بين العهد القديم والجديد !! ؛
إذن الرموز التي أقصدها هنا ليست ما قلتها في اول كلامي والتي ترمز لشيء بعينه على سياق التعريف عنه وضربت مثلا بالروح القدس !! ؛ بل اقصد بها هنا النصوص نفسها بين ظاهرها الحرفي وباطنها ومعناها الحقيقي بتصور أصحابها !! وأنها ترمز لشيء معناه في الباطن مختلف ومغاير لظاهر النص !! ؛
يقول الأب متى المسكين : تبقى موهبة معرفة الكلمة على أسس صحيحة من الإنجيل وبفهم وإدراك صحيح بحسب الفكر الإنجيلي اللاهوتي ؛ يقصد الأب متى بالضبط ما قاله القديس هيلاري - الملقب باثناسيوس العرب - : أن الكتاب ليس في قراءته بل في فهمه !! ؛ وهنا يتضح لنا الفرق بين المدرسة الحرفية للكتاب المقدس ؛ والمدرسة الرمزية الأخرى والمناقضة لها تماما ؛ وحتى لا تستغرب مني كل هذا التمهيد وقد يكون مل البعض أوجز لك المحور الثاني والأخير ؛
ثانيا : جهنم في الكتاب المقدس
جهنم ككلمة سبق لغيري التحدث عنها كمعنى كتابي وما يقصد بها وأصلها بل وفصلها ومكانها في التأريخ ولا حاجة للتكرار ؛ لكن إشارة بسيطة عنها لا تضر ولا تبعث الملل ؛
أصل الكلمة وادي هنوم والذي كان جنوب وغرب أورشليم في العهد القديم ؛ وكانت ترمى به الجيف والنفايات أي بمثابة مكبا لها وتحرق ؛ ولهذا كان مكانا للأوبئة والدود والاوساخ .. إلخ ؛ كما كان مكانا لتقديم الذبائح البشرية للإله مولك ؛ والمهم أنه كان حدا فاصلا بين نصيبي يهوذا وبنيامين ؛ أي كان ممرا ومعبرا مخيفا بين النصيبين ؛
ولهذا يرى الأرثوذكس أن جميع النصوص الخاصة والمتعلقة بالعذاب في الحياة الابدية رمزا عن حالة غير مخلوقة !! أي أنها ليست مكانا وحيزا صغيرا كان أو كبيرا ؛ لكن حتى يخرجوا من إشكال قيامة الأموات بأجسادهم وقت الدينونة قالوا يوجد مكان لكن ليس للعذابات !! ؛ ولا يحتاج لدود ولا نار !! ؛ والمضحك أنهم قالوا أيضا :عندما نقول إن الملائكة تسكن السماء فإننا لا نعني مكانا جسديا لكن بالأحرى مكان اسمي من العقل والفهم !!
والسؤال : -
ماذا فعلوا بهذه النصوص من الكتاب المقدس : 1- سفر يشوع بن سيراخ إصحاح 14 والعدد 12 : أذكرك أن الموت لا يبطىء ؛ ألم يبلغك عهد الجحيم !! 2- قبل وفاتك اصنع البر فإنه لا سبيل إلى التماس الطعام في الجحيم !! ؛ نفس السفر السابق والاصلاح لكن العدد 17 ؛ 3- تتمة سفر دانيال 1 / 88 : ونجانا من وسط أتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار !!!! 4 متى 5 / 30 : إن كانت يدك اليمنى تعثرت فاقطعها والقها عنك ؛ لأنه خير لك ان يهلك أحد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم !! وبالطبع غيرها الكثير .
#لؤي_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افتراءات وليد عطو والجنس في القرآن
-
البراق في الكتاب المقدس !!
-
النحل في الكتاب المقدس
-
البقرة في الكتاب المقدس ويسوع !
-
الكتاب المقدس والإنسان مسير أم مخير ؟
-
القدر وكتابة المقادير في الكتاب المقدس
-
ملائكة العرش والقتال في الكتاب المقدس
-
وضوء وغسل وسجود في الكتاب المقدس !
-
إله الكتاب المقدس البشري والنبي ....
-
أنا والجنس والكتاب المقدس والأفلام الإباحية
-
إله الكتاب المقدس والأمر باغتصاب الاطفال
-
دياثة وزنى واغتصاب إخوة في الكتاب المقدس
-
لماذا يجب لمس ذكر وخصيتي البابا قبل تنصيبه ؟
-
أقنوم إنساني ومجمع خلقيدونية ورشيد المغربي
-
قديسون من قدماء المسيحيين مثليو الجنس (1)
-
الكتاب المقدس خرافات وإباحيات أم روحانيات ؟!
-
العلمانية وصراع الأديان ومصر نموذجا
-
واشنطن الإرهابية تعالج التطرف الإسلامي !!
-
النظام الأردني نكث عهده بتعليق الإعدامات
-
واشنطن وضرورة محاورة الإخوان الآن .
المزيد.....
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|