الياس ديلمي
الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 18:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل أن يخلق الله السؤال كنت أعيش في صنـدوق ..
قبل أن يعي العقل ماهية السؤال كنت أحمد الله على نعمة الصـندوق ..
قبل أن يُجعل العقل كنت أحيى حياة الذي ينتظر مكافئة أخروية كجزاء لصبري على المكوث في ذلك الصنـدوق ..
قال لي أبي أنّ الصندوق هو مركز الكـون و عندما تتحمل و تصبر على العيش فيه سيكافئك الله بالخروج من اعلاه و تلك هي الجنة الموعودة ، و لمّا تتذمر و تتمرد و لا ترضى بالعيش فيه سيعاقبك الله بالخروج من أسفلـه و تلك هي جهنّـم .
أحيانا و تحت جنح الظلام اسمع دقّــات خفيفة تصدر من خارج الصنـدوق ..
يا ويلتاه .. الشيطان يقرع طبـول الحرب و المكر و الخديعة ..
أخبرني أبي أن الأصوات الخارجية هي فتن و حيل الشيطـان لأخراجك من رحمة الصندوق و اسقاطك عمدا في ظلماته ، فلا رجعة لك و ستسقط فيما بعد في لهيب جهنّــم .
انها وسوسات الشيطان فاحذرهــا يا بنيّ ، و لا تتبع خطواتـه ، و لا يغرّنـك التفكيـر في مصدر تلك الأصوات ..
هكذا اوصانـي أبي ..
أمرني أبي بأن أنهـض ليلا و خاصّـة في جزئـه الأخير لعلّـي أظفـر بشرف سمـاع امنيـاتي و تمنيـاتي من طـرف الله الذي أخبرنــي أبي بأنّـه ينزل للصندوق و يضع أُذنـه لكـي تصله دعواتــي .
أمرنـي أبي بأن لا تشغلني تلك الطبطبات الخارجيّـة ليلا و و نصحنـي بالاشتغال بدعـاء ربّ الصندوق ..
ذات ليل نهضت لأٌمارس مهنـة دعـاء الله ، فقد حـان وقت نزولــه ، و ساغتنم فرصة اطـلاق سلسلة من الأذكـار و الأدعيـة قبل صعــوده ..
فجـأة سمعت دقّـاتا خفيفة ، و أصواتا بعيـدة ، أنه الشيطــان ...
سمعت صوتا يقــول :
اين كان هذا الله قبل أن ينزل ؟
هل هو قليل السمـع ؟
هل يسمعك في أوقات الساعات الأخـرى في النهار ؟
هل بمقـدوره الولـوج الــى الصندوق ؟
هل نزوله لصندوقي ليلا يحرم غيري من شرف الاستماع الى دعواته ؟
ازدادت وتــيرة القرع و الــدّق على الصندوق من خارجـه ، و ارتفعـت الأصــوات التي كانت تطرح تلك التساؤلات ..
يا الــهي ما العــمل ؟ سأجعل أصابعـي في آذانـي ، و سأستعيذ بك من الشيطـان الرجيــم ..
انّهــا الفتنة يا الله ، يريــد الشيطــان أن يخرجنــي من الصندوق الذي منّه الله علـيّ الى عالـم الظلمات المجهــول ...
( يتبع )
#الياس_ديلمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟