أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الياس ديلمي - حفريات قلم ( مدخل )














المزيد.....

حفريات قلم ( مدخل )


الياس ديلمي

الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 02:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هو مجرّد قلم يحتوي على مداد ليقوم بالخـطّ على الورق ..
هي مجرّد كتابات ، حروف منقوطة و مشكولة ، تبحث عن من يقوم بقراءتها ..
القلم سلاح ضعيف من أوّل وهلة ، لكن الحرف الذي يخطّه قـويّ البنية ، عظيم الهمّة ، شجاعٌ مقدامٌ ثاقب الرؤيــة ، يصلح للمهمات الصّـعبة ، و أيضا لاسـتغفال العامّة ، دون أن ننسى أنّـه أيضا يُستخدم لزعزعة عروش الخاصّـة ..
هو للظلام نـور ، يقوم بانارة الكهوف و الأغوار ، كذلك يقوم بتسطير الأخبار ، بين العلم و الجهل يختار ، و امام المعرفة يحتار ، لكنّه امام العلم يستلّ سيفه الـبتّار ..
هو للعقل نـار ، يقوم بتعذيب الألباب ، كذلك يحرق الجهل بتقديم الأسباب ، لأن حجته دامغة ، و خربشاته لاذعة ، اما تحرّكاته فهي زوبعـة ..
سألني أحدهم : ما بيمينك ؟ فقلت : هو قلمي ، أكتب به و أُدافع عن نفسي ، و كذلك أحفر به ..
قال : و ما تحفر به ؟ قلت : الأصنام . تعجب مني السائل فقال : علمت أنك من المنادين بكسرها ، فهل تغير الحال ؟ قلت : بل تغير المقال ، ما انا بناحتٍ للصنم و لا بناقشٍ له ، بل مجرد حافـرٍ …
القارئ لهذه الأسطر سيتساءل قائلا : لماذا كلّ هذه الأهميّـة و الاهتمـام بالقلـم ؟
القلـم له علاقة بالانسان ، لان ربّـه علّمه بـه ما لم يعلم ..
لما تقوم بتقليم أظافرك فانّك تقوم بالتخلّص من الجزيئات التي لا نفع منها ، و ذلك بعد أن تقوم بتجزيئ الأظـافر الى جزيئات صغيرة فنقلِّم الزوائـد و نرميها و نترك الاصول التي نحتاجهـا ، و هكذا يكـون التقليم بالقلم ..
منذ أن وعى الانسان و هو يستقبل معلومات لا تُعدّ و لا تُحصى و لكي لا تتراكم عليه و لا تتكدّس وجد طريقة عقليّـة تساعده في عملية الفرز و الغربلة ، فتعلّم المعلومات التي لم يكن يعلمها و كذلك علم الأسماء كلها و تعلّم خصائصها ، و هذا كلّه بفضل القلم الذي تعلّم و علِِم به ..
لولا القلم لمات الانسان غرقا في بحر المعرفة ، و لتكدّست المعلومات حوله ، فتتحوّل الى أصـنام و أوثـان تُعبد و تُقدّس فلا يكون بمقدورنا التخلّص منها ..
بعد ان تمّ تعليم الانسان بالقلم كلّ الأسماء التي ستساعده في مهمة الاستخلاف في الارض ، تنقّل و انتشر مع اقرانه في كامل انحاء الارض ، فبدأت حياته تتطـوّر بشكل منتظم الى ان تم بناء المعابد و صناعة الأكفان التي بها تمّ تحنيط المعرفة ، و تغليف عملية التفكير بثوب المقدّسات ..
من هنا ظهرت الأصـنام ، و تم ابتكار الفن الذي يقوم بنحتها ، و ظهر الكهنة الذين تصدُّوا لمهمة نحت الأسمـاء و اطـلاقها على الأصنام بأنـواعها ..
مع مرور السنين ، عاد بالانسان الحنين ، لكن الى ماذا ؟
الى حب الاغتراف من بحر المعرفة ، بعد أن شاخ و هو قابع في بحيرة راكدة ، مُوحشة و مُظلمة ..
لكنّه اصطدم بتحديات كبرى ، فهاله صلابة الأصنام العظمى ، التي أعاقت وصوله الى بحار المعرفة ، فقـرّر تحطيمها و كسرها بالأدوات المتاحة لديه ..
كان تحطيم الأصنام للانسان حلا ناجعا ، و للكاهن خبرا فاجعا ، فكانت الضريبة باهضة جدا تتراوح بين القتل و النفي و الحجر ، و لهذا فان أول ضريبة هي ضريبة فكريّة و ليست نقديّة ..
توالت الضربات الموجعة للأصنام ، و تواترت الأخبار المفجعة للكهنة ، فتسارعت وتيرة صناعة الأصنام ، و سُنّت قوانين تمنع ازدراء الاوثان ، و تم بناء المعابد على انقاض المساجد ..
ازداد عطش الانسان و حُبّـه للشرب من بحار الحكمة ، فاحتاط الكاهن و قرر زيادة انتاج أكفان تحنيط المعرفة ..
قُرعت طبول الحرب ، و تم اعلان موت الحب ، مُنع الكلام ، و سُفّهت الأحلام ، و سُجن الانسان في الظلام ..
تطوّرت أسلحة القتال ، و اخترعت أدوات الجدال ، سِهام و نِبال ، سلالم و حِبال ، و الصراع قائم الى يومنا هذا لا يزال ..
تغيرت استراتيجيات الانسان القابع في الكهوف ، فهو يريد الخروج الى حيث النور هروباً من جحيم الظلمات ، بوابة الكهف مصنوعة من أعتى الأصنام و أشدّها بأسا محنطة بقوانين المعبد و دساتيره الصارمة و محاطة باسلاك كهربائية قاتلة …
مِعول الهدم لا يُجدي ، فأس التحطيم لا ينفع ، لم نستطع له نقبا ، ظاهريا القضية ميؤوس منها ، و عقليا الظلمات لا مفر منها ..
سيستعين الانسان بسلاحه القديم ، و الذي به سيجيد عملية التهديم ، هذه المرة سيتجاوز الاصنام ، و سيجد ثغرات في قوانين المعبد الصارمة ، و سيقوم بقطع الكهرباء عن الأسلاك القاتلة ، و يقوم بخرق و حرق اكفان تحنيط المعرفة ..
سيستعين بالمداد لزعزعة عرش فرعون ذي الأوتاد ، و ان انتهت الكمية سينقش بالقلم في الصخور ، حتى وان حاول الكهنة خنقه بروائح البخور ..
سيقوم بحفريات بالقلم ، و لن يستعين بعبارة ( افتح يا سمسم ) ، سيحفر و يحفر ثمّ يحفر حتى يزيل بوابة الكهف فيدخل النور او يخرج هو اليه ..
هي حفريات طفيفة ، بالنسبة للكاهن هي سخيفة ، و لصبيتهم هي طريفة ، و لذوي العقول هي رصينة ..
نحفر النُّصوص بجملها و الفاظها و كلماتها و حروفها لعلنا نستخرج منها ما ندك به بوابة الكهف دكّاً ، فنخرج الى النور افواجاً ..
لا تُخيفنا قدسيّة النصوصْ ، فلسنا لصوصْ ..



#الياس_ديلمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عازف المزمار و الاطفال (4)
- عازف المزمار و الاطفال (3)
- عازف المزمار و الاطفال (2)
- عازف المزمار و الاطفال (1)
- كيف نقرا القران و نتدبره ؟ (2) : الترتيل .
- كيف نقرا القران و نفهمه ...(1) / ( المفردة القرانية )
- رحلة سريعة الى زمن خير القرون ( السلف الصالح )
- حقيقة يوم عاشوراء ...
- الصراط ...حقيقة ام خرافة ؟!
- الناقة عند الله ... اية من الايات ام جنية من الجنيات ؟
- الحور العين ... ثمرة فاكهة ام حسناء فاتنة ؟
- كيف اصبح محمد الها (2)
- كيف اصبح محمد الها (1)


المزيد.....




- قادة يهود في بريطانيا يرفعون الشعار ضد نتنياهو
- شاهد.. آلاف المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بالقدس المحتلة! ...
- مفتي القاعدة السابق يتحدث عن نمط حياة بن لادن وإدارته للتنظي ...
- إقتحام الأقصى والمسجد الابراهيمي
- الفاتيكان: معماري كاتدرائية ساغرادا فاميليا -على طريق القداس ...
- تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على نايل سات وعرب سات بأشارة ...
- اللواء سلامي: الجيش مع حرس الثورة الإسلامية سور منيع للبلاد ...
- عكرمة صبري: الأقصى يُستباح من اليهود المتطرفين
- -لست واهمًا.. ما أقوله يحدث-: رئيس الوزراء السابق إيهود أولم ...
- عاجل | مصادر للجزيرة: بدء اقتحامات مستوطنين للمسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الياس ديلمي - حفريات قلم ( مدخل )