منظمة أخدوت ( الوحدة ) الأناركية - إسرائيل / فلسطين
الحوار المتمدن-العدد: 5181 - 2016 / 6 / 2 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب هذا المقال استنادا إلى مقابلة مع عمال فلسطينيين عند نقطة تفتيش بيت لحم
العمال الفلسطينيون هم أحد أكثر الفئات الاجتماعية تجاهلا و تهميشا , على كل الصعد : السياسية , الاقتصادية أو الاجتماعية . يعاني كل العمال الفلسطينيين تقريبا على يد جهات مختلفة : السلطة الفلسطينية , الدولة الصهيونية , و أصحاب العمل الإسرائيليين و الفلسطينيين . من اللافت للنظر أن حقوق هؤلاء العمال و استقرار حياتهم و مستقبلهم يكاد يغيب عن سياسات هذه القوى المتنازعة , و لا يعط أيا منهما أية أهمية لقضية هؤلاء العمال , كما أن قضيتهم لا تبحث كما يجب في إطار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية . بحسب مكتب الإحصاء الفلسطيني المركزي فإن عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل هو حوالي 105 آلاف عامل يشكلون حوالي 2,2 % من قوة العمل في إسرائيل و حوالي 11,7 % من قوة العمل في الضفة الغربية .
من هو العامل الفلسطيني ؟
العامل الفلسطيني هو العامل ضمن مناطق الخط الأخضر ( إسرائيل ) و الذي يحمل الهوية الفلسطينية و يعيش داخل مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أو في قطاع غزة . العرب الإسرائيليون أو عرب القدس ( الذين يحملون هويات إسرائيلية ) يعتبرون عمالا إسرائيليين .
تصاريح العمل :
بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى خاصة في عام 1991 صدر قرار إسرائيلي بالحد من حرية الحركة بين الضفة و القطاع و مناطق داخل الخط الأخضر . لذلك أصبح من الضروري على كل فلسطيني يريد أن يذهب إلى اسرائيل بشكل قانوني أن يحصل على تصريح عمل . يقسم العمال الفلسطينيون حسب شرعية عملهم و بالتالي إمكانية حصولهم على حقوقهم إلى قسمين : العمال الفلسطينيون الشرعيون الذين يملكون تصاريح عمل و يشكل هؤلاء 64 % من العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل . تنطبق قوانين العمل الإسرائيلية على هؤلاء بقرار الحكومة الإسرائيلية لعام 1970 و بنود اتفاقية باريس لعام 29 - 4 - 1994 , التي حددت أوضاع العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر . الفئة الثانية هم العمال الفلسطينيون غير الشرعيين ( الذين يتسللون تهريبا إلى إسرائيل ) و يشكل هؤلاء حوالي 36 % من مجموع العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل . محكمة نتانيا أقرت بحقوق هؤلاء العمال لكن غالبا ما يجري تجاهل حقوقهم . شروط التقدم للحصول على تصريح عمل تتغير لتصبح أكثر تعقيدا مع كل سنة , لتزيد من معاناة العمال الفلسطينيين الذين لا تتطابق أوضاعهم مع هذه الشروط ( أن يكونوا غير متزوجين , شبان , أو متزوجين لكن دون أولاد .. الخ ) لتدفعهم إلى دخول إسرائيل بشكل غير شرعي - حسب قوانين البلد - مع ارتفاع معدل البطالة في المناطق المحتلة , ليصل عدد العمال غير الشرعيين في إسرائيل إلى ذروته مؤخرا و يترافق ذلك مع تفاقم استغلال المهربين لهؤلاء .
نفس الاستبداد , طغاة مختلفون
يتعرض العامل الفلسطيني لاضطهاد جهات مختلفة تسعى إلى زيادة أرباحها على حسابه . من جهة أخرى , فإن قوانين و سياسات دولة إسرائيل المتغيرة دائما و استمرار احتلال المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 يزيد من الضغط على حياة العمال الفلسطينيين مهددا استقرارهم و ليحرمهم في كثير من الأحيان من إمكانية الوصول إلى مكان عملهم و ممارسة أعمالهم بحرية . يحدث هذا عندما يفرض الجيش الإسرائيلي إغلاقا على المناطق المحتلة . كانت الدولة قد سعت للتقليل من عدد العمال الفلسطينيين بعد حرب الخليج و استبدالهم بعمال أجانب . يعمل العمال الفلسطينيون اليوم في الأعمال الأكثر مشقة كأعمال البناء و الخدمات . كما قلت سابقا اعترفت الحكومة الإسرائيلية بحقوق العمال الفلسطينيين و زعمت أنها أعطتهم حقوقا متساوية مع نظرائهم الإسرائيليين , و أن أي تمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين هو ضد قوانين الدولة . و اتخذت عدة إجراءات في عدة مجالات لحماية العمال من الاستغلال , لكن , كم هي صحيحة هذه المزاعم ؟ هل العمال الفلسطينيون يساوون بالفعل نظراءهم الإسرائيليين ؟ كم من هذه القوانين يطبق بالفعل على الأرض ؟ بنظرة متفحصة على قانون العمل الإسرائيلي يمكنك أن تجد بسهولة ثغرات يمكن من خلالها مشاهدة التمييز الواضح بين العمال الفلسطينيين و الإسرائيليين , بما أن قانون العمل الإسرائيلي يمنح صاحب العمل الإسرائيلي الحق في إلغاء تصاريح العمل للعمال الذين يعملون عنده في أي وقت يشاء , الذي يعني حرمان العامل من حقه في المطالبة بأية حقوق إذا منع من دخول أراضي إسرائيل , و الذي يعني أنه لا يمكنه أن يرفع قضية ضد رب العمل الإسرائيلي أو ضد السلطات المفترض أن تدافع عن هؤلاء العمال , مما يجبر العمال الفلسطينيون على توكيل محامين إسرائيليين ليمثلوهم في هذه النزاعات . و كثير من هؤلاء أصبح ضحية نصب المحامين أنفسهم . قال العامل الفلسطيني : "نشب خلاف بيني و بين رب عملي , و فوجئت في اليوم التالي أن تصريح عملي في إسرائيل قد تم إلغاؤه , كان علي أن أوكل محامي إسرائيلي و بعد أشهر طويلة من الانتظار و التوقيع على عدة أوراق قانونية باللغة العبرية التي لا أجيدها , اكتشفت أن المحامي قد عقد صفقة مع رب العمل و قبض منه مالا باسمي" . القانون الإسرائيلي أيضا يمنح رب العمل الإسرائيلي الحق في التعاقد مع عمال جدد وفق عقود قديمة تكون غالبا على نمط "تنازل عن حقوقك و احصل على العمل" , و تتضمن تعهدا من العامل بعدم مقاضاة رب العمل في حال انتهك رب العمل قانون العمل مثل تجاوز الاقتطاعات العقابية المقررة . يقول قانون الحد الأدنى للأجور أن "كل عامل أو مستخدم يبلغ 18 عاما أو ما فوق إذا استخدم لعمل بدوام كامل , له الحق في الحصول على راتب لا يقل عن راتب الحد الأدنى للأجور , كل شهر أو اسبوع أو يوم" . لكن هذا القانون يصبح نافذا فقط إذا تجاوزت فترة عمل العامل ما يسمى بالحد الأدنى الذي يعادل 186 ساعة عمل , و هنا توجد ثغرة أخرى في قانون العمل , حيث أن قسيمة الأجر الذي يحصل عليه العمال الفلسطينيون تختلف عن قسائم الأجور التي يحصل عليها العمال الإسرائيليون , حيث تتضمن عمودا عن عدد ساعات و أيام العمل الأسبوعية للعمال الإسرائيليين و أيام العمل الأسبوعية للعمال الفلسطينيين و هنا يأتي دور المشغلين الإسرائيليين و الفلسطينيين في التزوير و سرقة العمال في وضح النهار . قانون حوادث العمل الإسرائيلي يميز بشكل واضح بين العمال الفلسطينيين و الإسرائيليين . بما أن المخاطر التي تواجه العمال الفلسطينيين في طريقهم إلى و من عملهم تتجاوز الحدود التي يغطيها هذا القانون , فالحوادث التي تتسبب بها انتهاكات الجيش الإسرائيلي غالبا ما يجري تجاهلها و تسقط القضايا المرفوعة بسببها أمام المحاكم . كما أن القانون يحدد طريق تحرك العامل فإذا اضطر الأخير لتغييره و لو بسبب اضطراري أو إذا توقف في سيره هذا و لو فقط لمراجعة بنك أو تناول الطعام و تعرض لحادث , فإن هذا الحادث لا يعتبر عندها حادث عمل . كما قلت سابقا فإن قانون العمل يخلق الظروف المساعدة لأرباب العمل لينتهكوا حقوق العمال . أكثر من ذلك فإن أصحاب العمل لا يكترثون كثيرا بقانون العمل في حالة العمال الفلسطينيين لأنهم إذا قاموا بإلغاء تصريح العمل لهذا العامل فإن هذا يسهل عليهم أكل حقوقهم و تجاهلها . أيضا يعتبر الجهل بحقوقهم و باللغة العبرية أحد العوامل المهمة لخسارة العمال الفلسطينيين الكثير من حقوقهم إذ إنهم غالبا ما يوقعون على عقود عمل تخولهم الحصول على أجور يومية فقط . هذا يعني تحرير رب العمل من الالتزام بعدد ساعات عمل أقصى في اليوم ( 8 ساعات ) و زيادتها إلى 10 ساعات و هكذا لا يدفع للعامل مقابل ساعات العمل الإضافية تلك . قسيمة الأجر هي خط الدفاع الأول للعامل و لذلك فهي أول ما يهاجمه رب العمل الإسرائيلي , حيث يقوم بعض هؤلاء بتزوير هذه القسائم بإنقاص عدد أيام العمل الأسبوعية ليحصلوا على تخفيضات من ضريبة الدخول , و دائرة المدفوعات , و الضمان الوطني على حساب العامل و الاستفادة من قسيمة الأجر الخاصة بالعمال الفلسطينيين و تقليل ساعات العمل الأسبوعية لتكون أقل من الحد الأدنى ( 186 ساعة عمل ) كيلا يضطر رب العمل للالتزام يالحد الأدنى للأجور . أيضا فإن المشغلين ( أو أرباب العمل ) الفلسطينيين ( مثل المتعاقدين في أعمال البناء ) يصبحون شركاء في الجريمة لأن الربح الذي يحصلون عليه من مستخدميهم الإسرائيليين يجري تقاسمه مع هؤلاء طالما وافقوا على اتفاق مسبق بالبقاء صامتين في حالة انتهاك قانون العمل تحت غطاء القانون القبلي أو العشائري الذي يطبق في بعض أجزاء الضفة الغربية . يجبر العامل على التزام الصمت و على الإذعان إذا لم يكن عضوا في عائلة قوية أو كبيرة . كما هو الحال بالنسبة للعمال غير الفلسطينيين , على الرغم من الاعتراف بحقوق هؤلاء أيضا , فإن عدم وجود عقود عمل و قسائم الأجور المختلفة تجعلهم غير قادرين أيضا على المطالبة بحقوقهم و بالنتيجة لا يستطيع هؤلاء العمال حتى أن يحتكموا إلى قانون الحد الأدنى للأجور أو الضمان الصحي و الاجتماعي أو تغطية حوادث العمل مما يؤدي لحصول هؤلاء العمال أيضا على أجور منخفضة جدا و ظروف عمل سيئة جدا .
انتهاكات جيش الدفاع الإسرائيلي
صورة العمال الفلسطينيين المحتشدين بكثافة عند نقطة تفتيش بيت لحم انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي . قارن كثير من الناشطين بين ظروف هؤلاء الفلسطينيين عند نقاط التفتيش هذه بأوضاع الغيتوهات في ألمانيا النازية . بعد أن رأينا مباشرة حقيقة هذه الأوضاع على الأرض عند نقطة تفتيش بيت لحم و الطريقة التي يعامل بها الجنود الإسرائيليون هؤلاء الفلسطينيين بما في ذلك العنف الجسدي , و الإهانات اليومية , و التعليقات العنصرية و التمييز الصارخ , يمكننا أن نقول أن هذه المقارنة ليست منصفة حتى . على العمال أن يغادروا بيوتهم إلى مكان عملهم في وقت مبكر جدا من الصباح لكي يصلوا إلى نقطة التفتيش قبل فترة الازدحام الكبرى . قال العامل الفلسطيني ( م . م . ) "أنتهي من عملي في كفر سابا عند الرابعة مساءا و أصل إلى بيتي في الخليل عند السابعة مساءا . في اليوم التالي علي أن أغادر بيتي عند الرابعة فجرا لكي أتجنب فترة الازدحام عند نقطة التفتيش , هذا يترك لي ساعتي فراغ فقط يوميا" . يعتبر البعض أن السبب الأساسي في هذا الازدحام عند نقطة التفتيش هو عدم رغبة الجنود بالقيام بعملهم بشكل مقصود . يقوم الجنود بتعطيل الحركة عند نقطة التفتيش بالقيام بأعمال استفزازية كالحديث مع جندي آخر أو التظاهر بالقيام بعمل آخر . يعترف بعض الجنود "لقد تلقينا أوامر بتشديد الإجراءات و تعطيل الحركة" ( عند نقطة التفتيش ) . بعضهم يعتبر أن نقاط التفتيش هذه قد وضعت بحيث تعطل حركة آلاف الفلسطينيين خلالها كل يوم , سواء طريقة بنائها أو طريقة تفتيش الجنود غير المنتظمة للناس . من النادر أن يقف جميع الجنود عند أكشاك التفتيش , عادة ما يقوم بهذه المهمة عسكري أو اثنين فقط . عدا عن أن بعض الجنود يختارون أحيانا بعض الفلسطينيين لتفتيشهم بشكل اعتباطي , و قد "يعتقلون" المشتبه به لثلاثين أو أربعين دقيقة في غرفة مغلقة و يجبرونهم على خلع كل ملابسهم و يعيدون تفتيشهم مرتين . بالنسبة للجنود نفسهم يمكنك أن تلاحظ حالات من الانتهاك اليومية التي يقومون بها , تعليقات بعضهم عنصرية و مهينة . بعضهم يصرخ في وجه الفلسطينيين و قد يصل بهم الأمر إلى استخدام العنف الجسدي . العامل الفلسطيني ( م . ه . ) في مستوطنة جبل أبو غنيم ( هارهوما ) "تعرضت للكثير من السخرية على الحواجز من قبل العسكر , بعضهم دعاني اسامة , بعضهم يتهمني أني عضو في داعش . في يوم قريب عندما كنت أقوم بعملي هاجمتني قوة من حرس الحدود الإسرائيلي و قيدوني و رموا بي على الأرض و رفعوا بنادقهم في وجهي . بعد ساعة قالوا لي أن ذلك كان تدريبا فقط و أنهم آسفون "لإزعاجي" . لكن المشكلة أصعب مع العمال غير الشرعيين . هناك حالت مسجلة عن تكسير عظام , تعذيب , إصابات بالرصاص الحي , في كل مرة تقريبا يضرب فيها حرس الحدود عمالا فلسطينيين غير شرعيين ألقوا القبض عليهم .
المستوطنات و عمال المناطق الصناعية
الحقوق من كل الأطراف المعنية . تعتبر السلطة الفلسطينية المستوطنات غير شرعية و لذلك لا تعترف بشرعية حقوق عمال المستوطنات . ما يثير السخرية أن قانون العمل الأردني ما زال ساري المفعول على هؤلاء رغم قرار محكمة العدل العليا الإسرائليية عام 2007 بتطبيق قانون العمل الإسرائيلي عليهم , و بالتالي لا تنطبق عليهم قوانين الحد الأدنى للأجور , الحد الأقصى لساعات العمل الأسبوعية , الضمان الصحي و الاجتماعي , الخ , عليهم . يمكنك أن تتخيل حجم الاستغلال الذي يتعرضون له لهذا السبب .
نقلا عن
http://anarkismo.net/article/29324
https://unityispa.wordpress.com/
#منظمة_أخدوت_(_الوحدة_)_الأناركية_-_إسرائيل_/_فلسطين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟