|
الفدرالية في سورية خيار خاطئ
محمود جديد
الحوار المتمدن-العدد: 5179 - 2016 / 5 / 31 - 13:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
----------------------------------- ندرك جيّداً أنّه لابدّ من وجود قواسم مشتركة بين الاستراتيجية الأمريكية والأهداف والطموحات السياسية لحزب الاتحاد الديمقراطي حتى يحظى بالدعم العسكري من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، وباصطفائها له كقوة عسكرية معتمدة من بين مئات الفصائل والتشكيلات المسلّحة في الساحة السورية.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، ماهو مضمون هذه القواسم ووجهتها ؟ وهل هذا التقاطع بالمصالح والأهداف له طابع الديمومة، أم ظرفي ينتهي بإنجاز ناجح لمعركة الرقّة وتوظيف ذلك في الانتخابات الأمريكية القادمة ؟ ممّا لا شكّ فيه ، أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي ، ووحدات حماية الشعب التابعة له ، من أكثر الفصائل تنظيماً وعصرنة وعلمانية ، وانضباطاً في الساحة السورية وهذا ما افتقده الأمريكان بين صفوف الجماعات المسلّحة الأخرى ، وبالتالي، فالتعامل معه أكثر ضماناً وسهولة وفعاليّة ... كما أنّ أهداف هذا الحزب المعلنة والمطالبة بإقامة فيدرالية عمودها الفقري الأكراد الموالون له ، ومزركشة بألوان عربية وسريانية ..الخ ، تتقاطع مع المصالح الأمريكية ، وتشكّل الأرضية المحورية للقواسم المشتركة والمنطلق التالي لاستنساخها في محافظات سورية أخرى رغماً عنها.. وهذه الصيرورة المبتغاة ، ومهما حسنت النوايا ستؤدّي إلى إقامة حكومة مركزية ضعيفة في دمشق مستقبلاً، وقوات مسلّحة محدّدة العدد، ومحدودة التسليح بسقف يكفي لفرض الأمن في الأراضي السورية فقط ، وهذا السيناريو المستقبلي المحتمل يُريح ويُسعِد الكيان الإسرائيلي في حال نجاحه ، كما يضمن توفّر البيئة المناسبة لبؤرة توتر جديدة مستقبلاً بين العرب والأكراد في سورية، وبين هذا الوليد الخديج وتركيّا ، ومن هنا نجد تفسيراً لاهتمام الصهيوني المعروف برنار ليفي والجوّ الودّي القائم مع حزب الاتحاد الديمقراطي مؤخّراً والذي ما كنّا نتمنّاه لهم ... وعلى كلّ حال ، فالمرجّح أن تكون العلاقة الأمريكية مع هذا الحزب ظرفية مفتوحة على الاستمرارية لحقبة يتوقف مداها على الفترة التي تحتاجها الإدارة الأمريكية لتوظيفها في المنطقة والعالم ، وعلى ردود الافعال السورية المحلية ، والإقليمية وخاصة التركية منها .. إنّنا في حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي نختلف مع الأخوة في حزب الاتحاد الديمقراطي حول مسألة الفيدرالية ، وربّما نحن من أكثر الأحزاب تعاطفاً مع حقوق الشعب الكردي في الأقطار التي يتواجد فيها .. ونحن على قناعة أنّ طرحها والترويج لها ، وتناقضات التصريحات الكردية حولها، والانعكاسات السياسية في سورية الناجمة أو المحتملة قد خلق إرباكاً وقلقاً لدى القيادة السياسية لهذا الحزب .. ولا نعتقد أنّه سيكون للفدرالية المنشودة مايكفي من التأييد والشعبية في الأوساط السورية ، وخاصّة في ظلّ الشواهد والبراهين على إعطاء الطابع الكردي لتجربة الإدارة الذاتية المجسّدة في قسم مهم من محافظة الحسكة من حيث التسميات الجديدة للمناطق والبلدات، وتغيير أسماء الشوارع، والبرامج الدراسية ، وسن القوانين ، ورفع العلم الكردي حصراً ، مع العلم أن مقوّمات إنشائها الجغرافية والديمغرافية ، والقومية والإثنية غير متوفّرة بالحد الذي تستطيع فيه إقناع الآخرين (خارج قسم من الوسط الكردي ) بفكرة إقامتها ، ولا سيّما أنّها مفتوحة على كلّ رقعة يصل إليها مقاتلو وحدات حماية الشعب وحلفائها( وفق تصريحات مسؤولين من حزب الاتحاد الديمقراطي) ، فالأكراد يشكّلون نسبة صغيرة من تعداد سكانها، وتضمّ قسماً مهمّا من مساحة سورية، ومعظم خيراتها النفطية والزراعية ومصادرها المائية .. وهذا يقطع الطريق على أيّة إمكانية لأي حاكم في دمشق السكوت عن الموضوع والتسليم بالأمر الواقع المفروض في ظرف استثنائي صعب قد يراه البعض في الأوساط الكردية فرصة سانحة لا تعوّض ويجب اقتناصها ، ومن الصعب تكرارها ، غير أنّ الخطأ بالحسابات قد يجلب كوارث جديدة لسورية ، ويفتح معارك محتملة طويلة الأمد بين الأخوة السوريين تشكّل وحدات حماية الشعب أحد أطرافها الرئيسية ..وهاهي ملامح تشير إلى ذلك على ضوء رفض بعض العشائر العربية لهذه الفيدرالية منذ الآن وقبل ولادتها القسرية، والتحركات التركية على الحدود مع سورية ، والرصد لما يجري من نشاط لوحدات حماية الشعب وحلفائها ، والأخبار التي تفيد بوجود دعم ناري تركي، وبالعتاد والذخائر للفصائل المحسوبة على تركيا بهدف مواجهة داعش وهذه الوحدات في الوقت نفسه .. وتزداد خطورة إنشاء الفيدرالية إذا لعب حزب الاتحاد الديمقراطي الدور كاملاً في الاستراتيجية الأمريكية وحلف الناتو بعد تحرير الرقّة والتقدّم باتجاه دير الزور بهدف توسيع الرقعة الجغرافية لتلك الفيدرالية وإدخالها في إطار الصراع الأوسع الدائر في المنطقة ، لتصبح رقعتها الجغرافية أكثر من نصف مساحة سورية وحاجزاً بين الحدود العراقية والسورية ، وخصماً وعائقاً لأيّة خطوة وحدوية أو تقارب جدّي بين البلدين ، وجداراً يقطع الطريق على أي تنسيق أو تكامل بينهما يكون معادياً للكيان الصهيوني في فلسطين .. وأخيراً ، فإنّنا نناشد الأخوة في الاتحاد الديمقراطي سحب ورقة الفيدرالية من التداول في الساحة السورية ، لأنّها لن تجلب لهم ولسورية سوى المزيد من الويلات والدم والدمار والأحقاد ، كما نناشدهم أن لا يدعوا إلى تسويقها في محافظات أخرى ضد رغبة أبنائها وكلّ الوطنيين السوريين المخلصين لهذا القطر العربي العزيز ، وذلك بهدف تبريرهم للفيدرالية التي ينشدونها ، وغطاء سياسياً وإدارياً لها .... وفي الوقت نفسه ، فلتتكاتف وتتوحّد كلّ الجهود الوطنيّة الخيّرة على طريق التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل في سورية الذي يرتكز على دستورعصري يضعه أبناؤه ويصون حقوق كافة المواطنين دون تمييز ، ويضمن لكل أبناء قومية أو إثنية تعلّم لغتهم الأصلية إلى جانب اللغة العربية ، اللغة الوطنية والرسمية ، ويتحدّث بها مع مٓ-;-ن يفهمها ، ويُنشئ الإذاعة والقناة التلفزيونية الي يريدها، كما يكفل هذاالدستور حقوقهم القومية والثقافية الأخرى، عند توفّر المبرّرات والمقوّمات المشروعة ، بعيداً عن التفرّد والاستئثار.. وبما يصون حقوق الجميع ...
#محمود_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات سريعة حول خطاب عزّت الدوري
-
شروط ومتطلّبات الحل السياسي في سورية
-
الشروط التعجيزية عدوة الحلّ السياسي
-
عملية عسكريّة نوعيّة ذات أبعاد استراتيجيّة
-
تقدير موقف عسكري موجز بعد الضربات الجوية الروسية
-
الضربات الجوية الروسية وانعكاساتها على الحلّ السياسي
-
دوافع وآفاق التدخّل العسكري الروسي في سورية
-
بلاغ سقوط القنيطرة 1967 عنوان الهزيمة العسكرية
-
توءمة الهزيمة العسكرية عام 1967
-
- الحشود الإسرائيلية ، والمصرية عام 967 بين الحقيقة والواقع
...
-
دوافع عدوان حزيران 1967 ، حقائق ووقائع
-
التهديدات التركية بين الديماغوجية والبراغماتية
-
مهاجمة داعش لعين العرب ( كوباني ) وتل أبيض ثانية تعبير عن مأ
...
-
اليمن المنكوب في عين عاصفة الحقد ، ماالعمل ؟
-
اليمن : انتفاضة ثانية قصيرة الأجل ( الحلقة الثانية )؟
-
اليمن غير السعيد حقائق ووقائع قبيل العاصفة
-
غزوة رفات الجد العثماني ومسمار جحا التركي
-
الاعتداءات الإسرائيلية - بلطجة - للتوظيف الداخلي والخارجي
-
جولة أفق في الساحة الفلسطينية
-
آفاق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية القادمة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|