|
راشد الغنوشى يتخلى عن الحاكمية لله
شريف مانجستو
الحوار المتمدن-العدد: 5178 - 2016 / 5 / 30 - 14:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدا للجميع أن الشيخ - راشد الغنوشى لجأ لخيار التعايش على أُسس ديمقراطية ، بدلاً من التوجه مباشرةً نحو الراديكالية . فالراديكالية دائماً تأخذ البلاد إلى ويلات الجحيم الحتمى . لقد أعلنها بجلاء أن الفصل بين الدعوة والدولة أمرُُ إلزامى ، فهكذا تصريح أحدث زلزال فكرى داخل أوساط تيار الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط ، وخصوصاً أصحاب الانتماء لجماعة الإخوان المُسلمين . فالشيخ - راشد الغنوشى معروف بانتمائه الفكرى لجماعة الإخوان المُسلمين ، وأنه يُمثل تيار الإصلاح داخل الفكر الإسلامى ، وله دور تصالحى بين الديمقراطية و الإسلام ، حيث طرح تصورات خاصة بمبدأ الشورى أثناء العهد النبوى والعهد الراشدى ، وفى عهد الرئيس -بورقيبة قام الشيخ -راشد الغنوشى بتوجيه اللوم اللاذع له ، بسبب تغاضيه عن مبدأ الشورى لصالح توجهات ماركسية قادمة من بلاد تطل على البحر الأسود . وذهب إلى المنفى فى أواخر الثمانينيات بعد صراعه المرير مع السُلطة العلمانية ، وذهب إلى السودان ( تلك الدولة التى عقدت الصُلح بين المؤسسة العسكرية والإسلام السياسى ) ومنها إلى بريطانيا ، حيث استقر فى إحدى ضواحى لندن العاصمة .وبدأ الرجل فى طرح أفكاره التنويرية بخصوص الإسلام والديمقراطية ، وكان له دور فاعل فى القضية الفلسطينية ، حيث استخدم الخطاب التصعيدى الذى يُخاطب الوجدان الدينى لدى القوم ، فكان يذهب إلى قضية تحرير القدس من منظور محدود ، حيث كان يرى أنه لا يوجد إلا حركة حماس فى المشهد ، وبهذا الطرح يكون قد أصبح فى حالة تماهى مُبينة مع طرح جماعة الإخوان المُسلمين . حيث يرتكز هذا الطرح على فكرة الحاكمية لله ولو بأدوات غربية ، و تحرير القُدس من أيدى اليهود . وفى أعقاب ثورة تونس الخضراء ضد حُكم الرئيس -بن على عاد الشيخ -راشد الغنوشى وكان عوداً حميداً للتيارات الإسلامية بكل درجاتها فى تونس ، ولكن هذه العودة رسخت تخوف لدى التيارات العلمانية داخل تونس ، وتصوّر البعض أن عودته تتشابه فى المُطلق مع عودة الإمام الخومينى إبّان ثورة الشعب الإيران ضد الطاغية - محمد رضا بهلوى .وبدأ راشد الغنوشى فى ترتيب البيت داخل ( حركة النهضة ) حتى وصلت إلى الحُكم وفقاً لاتفاق جمع كُل الأطياف السياسية فى تونس. وكان من الطبيعى أن تقوم جماعة الإخوان المُسلمين على سبيل الترويج السياسى لوسطيتها الأيديولوجية ، بالدعاية الجادة للشيخ -راشد الغنوشى ، وتقديمه على أنه الوجه المتسامح للجماعة فى مواجهة أشباح التطرف و أشباح الاستبداد . ولكن بعد سقوط جماعة الإخوان المُسلمين فى مصر، نتيجة الرفض الشعبى لطرحها الإقصائى ولخطابها الطائفى الممجوج ، وجدنا الشيخ -راشد الغنوشى فى وضع انسحابى وكأنه يخشى السقوط المُدوّى كالذى حدث لجماعة الإخوان المُسلمين فى مصر ، وبدأ فى التراجع عن فكرة الهيمنة والسيطرة على مفاصل الدولة ، وهذا يؤكد أننا أمام رجُل لديه قدر من الفهم والتخطيط الاستراتيجى ، فهو بهكذا تصرف أنقذ ( حركة النهضة ) من أى محاولات انقلابية عليها ( شعبية -عسكرية) .وبعد وصول حركة نداء تونس إلى سُدة الحُكم بدى له أن الديمقراطية تستلزم من الجميع أن يتخلى عن مشروعات طوباوية غير واقعية . فغالباً الخطوات التى يتخذها المرء للخلف قد تقوده إلى الأمام يوماً ما . ففى سياق التشوّه الحاصل لفكرة الحُكم باسم الإله فى مُحيط الشرق الأوسط ، وفى ظل ابتذال هكذا مفهوم ، وجد الشيخ -راشد الغنوشى نفسه فى حالة من الضيق والغضب . فبدأ يستعيد أفكاره التويرية التى تتعايش مع الأفكار العلمانية ، وقام بالتصريح بأن السياسة يجب أن تكون فى واد والدعوة فى وادٍ آخر . وبهذا الإسلوب تكون قد انتهت المظلومية الدينية لدى التيار الإسلامى فى تونس ،وبالتالى تكون جماعة الإخوان المُسلمين فى حيرة من أمرها بسبب هذا التناول الفُجائى لقضية الخلافة والحاكمية ، من قِبل أحد المُفكرين الذين كانوا دائماً فى الطليعة الإسلامية . فالحاكمية لله تعيشُ فقط فى عقول التيارات الراديكالية دينياً ، لأنها ترى الحق من منظورها كأنه عين اليقين . فهل بعد تلك الصفعة المُدوّية تعود باقى التيارات الدينية إلى الواقع ؟..أرجوا ذلك بالتأكيد .
#شريف_مانجستو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فقه الاضطهاد
-
مصر ستتقدم ولابد
-
البناء والهدم فى نظام السيسى
-
الخطر
-
ثورة الضمير الإنسانى
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|