أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح2














المزيد.....

وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5177 - 2016 / 5 / 29 - 16:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نعود مرة أخرى لأصل القضية والمراد من العبادة وهدفها وقبل ذلك علينا أن نطلع ولو بشكل سريع على مفهوم العبادة كونه جوهر النص وروح القضية التي نناقشها مع ملاحظة أن النص الديني في مناسبات عديدة صرح أن الله الرب الخالق لا يلتفت لعبادة أو عدم عبادة الإنسان، إلا بالقدر الذي يمنح الإنسان غائية العبادة وهي تحصيل السكينة النفسية والذاتية لكي ينعم بمصدات اللا توازن في الوجود، هنا نجد الحرص الديني على العبادة متعلق بالإنسان وغير متعلق بالرب إلا في ناحية الامتثال لتلك الغائية البعيدة التي كثيرا من الناس لا تدرك معنى أن تكون عابدا.
العبادة بالنصوص المنزلة لا تعني الطقوس مطلقا ولا تعني أن تؤمن بالخالق والقدرة والحساب والأجل والغيب، العبادة مكون متشابك ومعقد وطويل ومتعدد الأتجاهات والرؤى أصله سلوك فكري يعني في الأخر الاستجابة لدعوة أطلقها الرب أو الألة لغرض تنفيذ مهمة في الوجود، كلما أقتربنا أولا من فهمنا للعبادة كما يراد لها أصبح إيماننا بها أكثر جدية وأعظم أنتاجا، وكلما إنغمسنا في جزء منها وتركنا المساحة الواسعة من التفاصيل المهام الموكلة أختزلنا فكرة العبادة بجزء وقصرنا في الإيمان بها، الرسول والنبي مثلا يمكننا أن نسوقهما قدوة حسنة ليس من باب ما يؤدي من تكاليف وواجبات بموجب العقيدة ولكن بمقدار ما يلعبه من دور إنساني في تحرير الإنسان من أوهامه ومن عبوديته المجنونة كجانب رئيس ومهم.
العبادة قبل أن تكون مظهر خارجي حسي يستقطب إحساس الأخر به هو تربية عقلية ولجم للذات المتفرعنة التي ترى في نفسها ووجودها الجانب المهم في الحياة، لذا فالعبادة هي محاولة أخلاقية لكبح الأنا ومحاولة إشراكها بفعل نحن وتغيب للحوافز التي تمنحها التعالي وتشجعها على التفرد حين توقن أنها ستتعرض للنقد والمعايرة وحتى المحاربة بقيم صارمة لا يمكن التلاعب بها أو الأحتيال عليها، الدين واحد من أهم وسائل تعديل السلوك البشري وحفظ الطبيعة في تصرفات الإنسان، الطبيعة بمعناها الأصل الجمعي للإنسان القائم على أداء وظيفة الفعل الإيجابي، وإلا عد خلق الإنسان ووجوده عبث وبطر لا موجب عقلي وعلمي له إن لم يكن صاحب رسالة إيجابية في وجوده.
العبادة واحدة من أهم أستراتيجيات البشر للحفاظ على بقاءه الدائم وتطويره والأستمرار في محاولة أكتشاف الأنسب من خلال البحث عن أس الفضيلة والخيرية والأحسنية، قد تتجسد هذه المفردات فقط بالشعور بأنه مؤمن بوجود قوة تحاسب وتعاقب وتثيب، أو يترجم هذه المفردات من خلال سلوكيات تزرع في قلبه هذه المفاهيم وفي عقله تنمو طريقة أكثر جدية للبحث عن الأفضل, لذا كان الخطاب أعبد ربك حتى تصل لمفاهيم اليقين المتعالي من دورك الوجودي أيها العابد، فتتحول إلى نبي ورسول وسوبر عقل يملك القدرة على الفعل الإيجابي بأعلى درجاته من خلال العقل الذي يحتمي بأثيرية الدين من دوافع النفس وقوة الأنا الذاتية المسئولة عن الفوضى والتحريف والإفساد.
العبادة أيضا أستجابة لنداء يتعقلون ويتفكرون ويتدبرون وبالتالي لا تعني عبادة الإنسان المستنسخة والتقليدي أي نوع من هذه المفردات، بل الإصرار عليها هو ضد مبدأ التعبد وتطوير شكلية ونوعية الإيمان وأسترجاع لقيم الغير مهما كانت هذه الطقوسية شديدة التأثر بالنموذج المطروح، العبادة تركيز على التدين العقلي والتدبر الموصل لحقائق وجوهرية الأفكار ثم الأنتقال من درجة المؤمن العادي إلى المؤمن المتيقن المؤمن الذي يصنع وعيا يقينيا يرتقي بإيمانه درجات الكمال ويتحرر من خوفه من العقاب وطمعه بالأجر إلى درجة الإنسان المطلق الذي لا يترك كل موضوع أو فكرة أو ظاهرة دون أن يخضعها لقانونها الأصلي وبذلك يصنع وجودا مفسرا ومعلل وخالي من الأوهام والخيالات والمجهولية المغيبة والغيب الذي لا يدركه عقل.
اليقين المطلوب هنا هي نتيجة الإيمان بالعبادة وما تمخض منها سواء بالفعل أو بالترك وكلاهما ينتظر نتيجة وكلاهما بحاجة لها للقياس في ما تمخضت عنه رحلة الوجود، لذا فالمؤمن عندما يحصد درجة نجاح ما سيكون عامل دفع لغيره ومن لا يؤمن وينال درجة الفشل سيكون رادعا لغيره، هذا طراز من العبادة الإيجابية، ولو أفترضنا الحالة المعاكسة أن المؤمن الذي لم يخوض التجربة بإيمانه الإيجابي سيفشل في الحصول على اليقين الذي يجعل منه أنموذج للأخر ويفشل في الإستفادة من عبادته بالمحصلة النهائية، كذلك الذي لا يؤمن وينجح في تجربته ويقدم نموذجا يقينيا يدعم الإيمان بالتعبد من خلال الإستفادة من نتائج التجربة للمجتمع ككل والإنسان كفرد وإن خسر جزء مهم كان من الممكن أن بكون أثره على النتيجة المتحققة عظيما ولكنه أيضا حقق هدفا إنسانيا مشتركا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح1
- قضية رأي في التفكر والجنون ح2
- قضية رأي في التفكر والجنون
- فكرة الدين والوجود تناقض أو صورة ناقصة؟.
- تنبؤات مجنونة من طفولة عاقلة
- الفكرة المهدوية وغياب رؤية النهاية
- الإرهاب بطريق الوهم
- مكابدات الحزن والفرح في وطن حزين
- آينشتاين النبي ..... مفهوم العقل في العقل
- العمل السياسي في العراق بين المهنية والتلقائية
- العشوائيات السكانية .... القنبلة التي تهدد الأمن الأجتماعي
- القبانجي الليبرالي بزي السلفيين
- العقل في دائرة الروح
- أكاذيب حول موقف الإسلام من المرأة _ الإمامة مثالا.
- الناس على دين ملوكها.
- حكاية الأربعاء
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير ...
- الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح1
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح2


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح2