|
بين سيادة القانون وسيادة العرف
أمير مجدى
الحوار المتمدن-العدد: 5176 - 2016 / 5 / 28 - 22:34
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
لماذا اتصل السيد مصطفى بكرى عضو مجلس النواب بالانبا مكاريوس اسقف عام المنيا ليطلب منه مقابلة وفد برلمانى بخصوص ازمة قرية الكرم؟؟ ولماذا بعث الازهر بوفد من الائمة الى القرية؟ انه سؤال مركب عفوى برئ يجعلك تقابله بسؤال أخر عن مستقبل دولة القانون فى مصر!!!. ان ملامح الشخصية المصرية تطغى على شخصية رجل السياسة وطباع رجل الشارع تسود على طباع رجل الدولة فى السياسين فى مصر. ويتجلى ذلك فى ميلهم للعرف اكثر من تطبيق القانون. فرحلة رجال البرلمان الى المنيا فى النهاية تصب فى اتجاه التصالح على غير اساس العدل وسيادة القانون وهو منطق لايختلف كثرا عن منطق بيت العائلة ولا عن وفد الازهر وهم لايختلفون جميعا عن منطق شيخ القبيلة .فالنظام السياسى اذن القائم على القانون يتحرك فى اطار النظام القبلى القائم على العرف وهذا ليس تقليلا من القبيلة ولكنه هزيمة للدولة القانونية وانحصارا للمد الحضارى وامتدادا للمد القبلى. مما يدلك على ان كثيرين من النخبة غير اوفياء لدولة القانون والاهم لديهم هو الخروج فقط من الازمة والعبور من عنق الزجاجة للحفاظ على صورة النظام ولكن ذلك سيكون باسقاط هيبة الدولة. فهؤلاء جميعا لا يختلفون عن الشيخ والقس اللذين يحاولون اقناع الجميع بانتهاء الازمة مع نهاية كل ازمة. ان رهان المستقبل هو على دولة القانون القائمة على المواطنة والعدالة والمساواة وفرض النظام وليس نظام الفرد او بالادق نظام شيخ القبيلة. فمن الخطورة بمكان محاولاة استغلال اى قيم او معانى وطنية او اخلاقية او اعراف القبيلة للضغط على المظلومين فى اتجاه التسوية لانه فضلا على ان ذلك تصرف غير اخلاقى يحاول استخدام الاخلاق لصالح جانب واحد فهو لن يزيل الاحساس بالظلم ويرد الشعور بالاهانة ويجبر الكرامة المكسورة. ناهيك عن تفاقم الاحساس بعدم الانتماء لدى الاقباط وشعورهم بتخلى الدولة عنهم والاستهتار بحقوقهم واختيار اسلوب بدائى للتعامل معهم ولحل مشاكلهم على الرغم من ان الدولة تملك القنوات القانونية لمعالجة الازمة. الا انها لاتحترم كرامة وشعور الانسان القبطى وتكتفى بمعالجة ازماته بجلسة على الحصيرة تجمع ضابط وزوج من رجال الدين واصحاب المشكلة ولفيف من المتطرفين .ويبدو الموقف لاولئك المتطرفين غريبا فماذا يريد هؤلاء الاقباط واى حقوق يطلبونها الا يكفى اننا سمحنا لهم بالبقاء معنا فى وسطنا الا يكفيهم انهم يخالفون دين الاغلبية الا يكفيهم انهم لايوفون الجزية !! وفيما ان الموقف يدعوهم للعجب من الاقباط ناكرى الجميل يدعونا للاحساس بالحاجة الى التقئ . فضلا عن ان ذلك سيفضى الى تفاقم سلطة التيار المتطرف وتوحش سطوته وتمكينه من هدفه مع ملاحظة طبعا ان سلطته نفسها قد تتناطح مع سلطة دولة او تفوق سلطة الدولة كما وصل اليه الحال فى ازمة كنيسة شهداء ليبيا التى تحاول فيها الدولة ان تجد من يتوسط لها لدى السلفيين للسماح ببناء كنيسة صدر بها قرار جمهورى .ولكن هذا ما سيؤدى اليه استخدام هذا الاسلوب فى حل مثل هذه النزاعات فضلا عن انها النوع الوحيد تقريبا من النزاعات التى يتم حلها بمثل هذه الطريقة وهذا اصلا يدل على التمييز العنصرى ضد الاقباط من الدولة والمجتمع فعلينا ان لاننسى انهم يعلمون جيدا ان هذه الطريقة العرفية هى الطريقة المثلى لتضييع حقوق الاقباط. فتطبيق القانون حتما سيفضى الى العدالة بيد ان البعض ياخذ الموضوع فى اتجاه الحل العرفى قهرا للاقباط اكثر منه ايمانا باخلاق القرية وسياسة القبيلة وقد لايكون مؤمن اصلا بهذه الطريقة القزمة ولكن الكراهية والتعصب قد تبرر له تفويت الفرصة على هؤلاء المظلومين لنيل حقوقهم.ناهيك عن كل ذلك فان الحاكم يمارس السلطة بناء على العقد الاجتماعى الذى يحدد التزامات الحاكم ومنها الالتزام والخضوع وتطبيق القانون مما يعد انتهاكا صارخا للاتفاق بين النظام السياسى والمجتمع الذى اختاره لينفذ له رغبته ويحقق ارادته . فكيف ياتى النظام الان وينفذ اسلوبا قضائيا غير اللذى ارتضاه الشعب فى العقد الاجتماعى . اليس يعد ذلك استبدادا وتقويضا للحكم الديمقراطى وهدما لمبدأ المساواة الذى نادت به الثورات. واريد ان انوه ان مثل هذه الحوادث لابد ان لاتترك للمسئولين المحليين فهم مجرد سكارتاريا تتلقى تعليمات لتادية عملها الاساسى فكيف يمكنها ان تدير ازمة من هذا النوع مع ملاحظة ان هذا المسئول الصغيركل مايهمه البقاء على كرسيه وفى سبيل ذلك هو لايتوانى عن اسلوب الانكار والتسويف والتهدئة وتوزيع المسئولية بالتساوى على الجانى والضحية. فضلاعن ان هذا النوع من المسئولين قد يكون اصلا واحدا من الجناة او قد يكون مخترقا بالفكر المتطرف ويتواطا ضد الضحية. على الدولة الان ان تولى جهدا عميقا لمحاولة وقف هذا النمط البدائى من المحاكمات وان تنضج وتنمو وتتخلص من حالة المراهقة اللتى تحيا فيها وتتعامل كدولة ناضجة تتفنن فى احقاق العدالة واقرار المواطنة والمساواة لتنجح فى التخلص من فيرس الالتهاب الوبائى الطائفى.
#أمير_مجدى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يساند ويدعم النضالات والاحتجاجات ال
...
-
أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث
...
-
صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي
...
-
م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم
...
-
تصاعد المواجهات بين الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان، ومق
...
-
أكبر جامع في ألبانيا والبلقان.. شاهد: -نمازجاه- في تيرانا ما
...
-
باكستان: مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|