رشيد عوبدة
الحوار المتمدن-العدد: 5176 - 2016 / 5 / 28 - 16:24
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
الموت ... طبعا هو لغز انطولوجي، لكنه بالأساس رهان تجدد الحياة، والحياة محاطة بسياج من الاسئلة المولدة للمعرفة، و المعرفة طبعا شقاء لهذا اعتبر الموت لحل لعذاباتنا... فما قيمة حياة يستغرقها الحي في استنزاف حيز الحياة المتاح له في الكراهية و التطاول مادام الموت هو مآله الاخير...
كل الثقافات تحتفي بالموت باعتباره احتفاء بالخلود الابدي الذي شكل مطمح البشرية منذ القدم، مادام ان الانسان بطبعه محب للحياة حتى و لو كرهها، فكلما ضاقت حياته الإمبريقية احتمى بالحياة الميتافيزيقية، لأنه ليست هناك مغادرة ابدية صوب العدم بعد الوجود، فالإنسان لا يموت، مادام ان الذي يخضع لحتمية التحلل الطبيعية هو البدن، الذي يتم التخلص منه دفنا او حرقا ... اما الانسان، الذي لا تختزل هويته في ما هو جسدي، فهو حي دائما لان ذكراه تظل حاضرة بشكل راسخ في الحياة الجماعية، لهذا امنت بعض الديانات بنظرية التناسخ و الحلول، كما امنت ديانات اخرى كثيرة بوجود عالم اخر بعد الموت رسمت له الثقافات و الحضارات صورة العالم المثالي الذي لا يدرك حسيا و هو يبدأ بعد انتهاء صلاحية الحياة الحسية هذه... فما يسمى بالموت – حسب الفيلسوف الالماني ايمانويل كانط - لا يمكن ان يقطع عمل الانسان لأن عمله ينبغي أن ينجز ما دام يتعين عليه ان يقوم بمهمته، فليس هناك حد للحياة بل هناك الخلود.
على ايقاع خواطر الموت ليس باعتباره هادما للذات بل باعتباره املا في تحقيق الخلود، ومعجزة الطبيعة و طاقة العبور الايمانية ، تم تكريم الفقيد "سي محمد اليمني" من طرف جمعية مدرسي الفلسفة (فرع اسفي)، على اعتبار ان الفقيد عمل قيد حياته مدرسا لمادة الفرنسية، العربية، الفلسفة والترجمة، ثم مديرا للثانوية الإعدادية الطيب بنهيمة (وافته المنية يوم 19 نونبر 2015)، والذي من خلال شهادات الرعيل الاول من رفاقه و تلامذته يعتبر نموذج الاستاذ الذي افنى حياته في العطاء.
#رشيد_عوبدة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟