أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي البعزاوي - مؤتمر النهضة: تغيّر الخطاب وظلّ المشروع















المزيد.....

مؤتمر النهضة: تغيّر الخطاب وظلّ المشروع


علي البعزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5175 - 2016 / 5 / 27 - 08:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



عقدت النهضة منذ أيام مؤتمرها العاشر تحت شعار الفصل بين الدعوي والسياسي من أجل نهضة تونسية لحما ودما معتدلة ولا تحتكر الإسلام دون التخلي عنه كمرجعية. أي النهضة كحزب سياسي مدني على شاكلة الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا.

فلنحاول قراءة ما حصل خلال هذا المؤتمر وبلورة الاستنتاجات الاساسية حول هذه المسالة. وبمعنى آخر، هل نحن حقيقة أمام حزب سياسي مدني أم أنّ المسألة لا تتعدّى حدود الشقشقة اللفظية؟

مؤتمر استعراضي

المؤتمر العاشر لحركة النهضة حشد الأنصار والضيوف من الداخل والخارج لمواكبة الافتتاح وملء قاعة رادس لإقناع الرأي العام داخليا وخارجيا بأنّ الحركة هي الأكبر والأعرق مثلما عبّر عن ذلك الغنوشي في خطابه الافتتاحي وأنها قوية وموحّدة ومفتوحة للجميع بما في ذلك الطيف التجمعي.

مؤتمر النهضة يذكّرنا بالمؤتمر الذي نظمه إسماعيل السحباني وأنفق عليه الأموال الطائلة ليهيمن على الاتحاد العام التونسي للشغل ويفرض انتخابه مباشرة من النواب حتى يصبح أكبر من المكتب التنفيذي للمنظمة.

لقد أغدقت حركة النهضة من أجل إنجاز مؤتمرها العاشر ما يقارب التسعة مليارات من المليمات مدّعية أنّ لديها أكثر من مائة ألف منتم ساهموا جميعا في تمويل المؤتمر بما في ذلك إيواء الضيوف وتأمين تنقّلهم.

مؤتمر النهضة هو مؤتمر استعراضي بكلّ المقاييس والهدف هو إطلاق رسائل بأنّ الحركة قوية وجديرة بقيادة البلاد وأنها قادرة على تجميع كلّ أطياف المجتمع وتعمل من أجل استقرار البلاد وتجاوز أزمتها الخانقة. وفي هذا السياق تحدّث الغنوشي في الافتتاح عن توزيع الأراضي على الشباب وحل مشاكل الفقر والبطالة ومراجعة سياسة التداين المفرط. حتى أنّ بعض المتابعين صرّح بأنّ النهضة لم تترك شيئا للجبهة الشعبية إذا ما استثنينا الموقف من المديونية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو الخلفية الحقيقية لهذا البهرج الاستعراضي وهل تمّ ذلك للتغطية على المضمون والقرارات؟

حصيلة المؤتمر

أوّلا لابدّ من الإشارة إلى أنّ النهضة لم تكن موحّدة مثلما أرادت إظهاره. فالقياديان سمير ديلو وعامر العريض كانا غاضبين ولم يشاركا في الافتتاح. والصراع كان على أشدّه من أجل الفوز بمنصب رئاسة المؤتمر التي سقط فيها عرّاب التيار البراغماتي والذراع اليمينى لراشد الغنوشي نور الدين البحيري لفائدة وزير الداخلية السابق علي العريّض المحسوب على الشق المتصلب.

من ناحية أخرى، عبّرت بعض الأصوات النسائية عن استيائها من التمثيل الضعيف للمرأة داخل المؤتمر، إضافة إلى أنّ هياكل جهوية بأكملها قرّرت مقاطعة الافتتاح لأنّ المقرّرات جاهزة مسبقا والمؤتمر شكلي ولا يمثّل سلطة القرار الحقيقية.

كما أنّ مجلس الشورى الجديد يضمّ في صفوفه الصحبي عتيق والحبيب اللوز والصادق شورو ووليد البناني وهشام العريض المقرب من السلفيين وعبد اللطيف المكي والهاروني وآخرون من المحسوبين على الصقور. في حين ذهب إلى ظنّ الكثيرين أنّ بعض هؤلاء وخاصة اللوز وشورو سيغادران مؤسسات النهضة ليتفرغا للعمل الدعوي. وقد اضطرّ الغنوشي إلى استعمال سلطته المعنوية والتاريخية ليفرض حقه في تعيين القيادة العملية للنهضة الممثلة في المكتب التنفيذي بعد أن صوّتت أغلبية أعضاء مجلس الشورى لصالح اعتماد آلية الانتخاب بدل التعيين. لقد وصل الأمر برئيس الحركة إلى التهديد بالانسحاب لفرض ما يريده وتضمينه في النظام الداخلي حتى يصبح طليق اليدين في اتخاذ القرارات والمبادرات رغم أنه مقيّد بمجلس شورى يجمع كلّ القيادات التاريخية للحركة التي لن تسمح له بالتصرف على هواه.

حقيقة الفصل بين الدّعوي والسّياسي

قبل الدخول إلى جوهر الموضوع لابدّ من إبداء ملاحظة حول غياب تصريحات واضحة من قيادات النهضة تعبّر عن طلاق حقيقي بين النهضة والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين. كما أننا لم نسمع ولم نقرأ انتقادات واضحة لسلوك الرئيس التركي الإخواني اردوغان في تعامله مع المجموعات التكفيرية التي قدّم لها كلّ العون سواء بالسّماح لها بالتسلل داخل التراب السوري أو عبر تسليحها بمعدات وأسلحة متطوّرة مقابل شراء النفط والغاز المهرّب من دير الزور والرقة.

وهذا يعبّر في حدّ ذاته على أنّ القطيعة مع حركة الإخوان المسلمين أو الإسلام السياسي تبقى مجرّد شعارات لا علاقة لها بالواقع.

كما أنّ اعتماد الإسلام كمرجعية فكرية للحركة متّفق عليه داخل النهضة ولم يطرح ما يخالف ذلك داخل المؤتمر العاشر. إضافة إلى أنّ تصريحات الغنوشي وغيره من القيادات بما فيها المحسوبة على التيار المعتدل عبّرت عن ذلك بصريح العبارة باعتبار أنّ مرجعية الحركة الدينية من الثوابت التي لا يمكن مجرد الجدل حولها. لقد عبّر الغنوشي في خطابه الافتتاحي عن استغرابه من محاولات استبعاد الدين من الشأن العام ونوّه بالفصل الأوّل من الدستور الذي يعتبر الإسلام دين الدولة.

إنّ الفصل بين الدّعوي والسياسي يبقى إذا مجرد تقسيم إجرائي في إطار توزيع للأدوار بين شقّ داخل حركة النهضة متفرّغ لكلّ ما هو شأن سياسي وحكم وإدارة للحياة العامة وبين ما هو دعوي فكري ستختصّ فيه جمعيات وأذرع إعلامية ومجموعات تنشط داخل المساجد وخارجها والتي ستجد هامشا أكبر من حرية الحركة باعتبارها من الناحية القانونية لا تلزم القيادة السياسية للنهضة.

هذا الفريق الأخير سيجد بطبيعة الحال دعما خفيّا أو غير مباشر من التنظيم حتى يلعب دوره في التسويق للمشروع الاستراتيجي لحركة النهضة والمتمثل في أسلمة المجتمع والدولة.

النّهضة تقول ما لا تفعل

لقد خبر الشعب التونسي حركة النهضة خلال الحقبة النوفمبرية إبّان تشكيل "هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" حيث ساهمت الحركة في كتابة وبلورة ورقات تؤكّد على المساواة بين الجنسين وعلى ضرورة دعم مكاسب المرأة وتطويرها في اتجاه المساواة في حرية المعتقد والضمير والفصل بين الدين والسياسة.

لكنّ الحركة سرعان ما تنصّلت من تلك الاتفاقات بمجرد وصولها إلى الحكم وتشكيل الترويكا. كما خبرها أخيرا في الصراع من أجل تحييد المساجد ردا على تنامي النشاط الإرهابي. حيث انتصرت الحركة لبعض الأئمة المتشدّدين من أمثال رضا الجوادي وتمسّكت بموقفها الداعي إلى رحيل الوزير عثمان بطيخ الذي أصرّ على ضرورة تحييد المساجد.

النهضة لن تتخلّى عن مشروعها الاستراتيجي (أسلمة المجتمع والدولة) الذي يعتبر جزء من مبررات وجودها وتطوّرها كحركة، بالإضافة إلى أنّ أغلبية أنصارها وأتباعها جاؤوا إليها وانتظموا في مؤسّساتها على قاعدة هذا المشروع. لكنهم يتفهّمون استحقاقات المرحلة وضرورة الانحناء دون انكسار وبأقل الخسائر إلى حين مرور العاصفة.

الأيام والأشهر القادمة ستكون كفيلة بفضح حقيقة نوايا حركة النهضة. فالحقيقة وحدها ثورية.



#علي_البعزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دكتاتوريّة الأغلبيّة أم -دكتاتوريّة الأقلّيّة-
- أيّ خطر يمثّله المشروع التكفيري؟


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - علي البعزاوي - مؤتمر النهضة: تغيّر الخطاب وظلّ المشروع