أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبد الحسين شعبان - الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟















المزيد.....

الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 21:02
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


الطفولة المعذّبة في العراق: إلى أين؟
عبد الحسين شعبان

الأطفال هكذا يموتون في العراق. نعم بكل بساطة، فحياة الأطفال العراقيين هي الأسوأ في العالم، وليس هذا مجرّد تكهّن أو استنتاج لفريق ضد آخر، مما تعصف به الساحة السياسيّة من نقاشات وجدالات واتّهامات، بل هو استنتاج مدعوم بمعلومات موثّقة صدرت في دراسة أكاديمية نشرتها دروية سيرجري، ذكرت فيها: "أن واحداً من كل 6 أطفال، جرحى في العراق أصيبوا بسبب الحرب، مقارنة فقط بين كل 50 طفلاً مصاباً في العالم".
والرقم مخيفٌ وغريبٌ، وهو يعني أن سدس الأطفال هم من المصابين، فكيف يمكن تصوّر حال مجتمع يكون فيه الجيل الجديد "الفتيان والفتيات" الواعدين هم من المعوّقين والمرضى المعلولين جسدياً والمعطوبين نفسياً، إنّه من أسوء حالة للطفولة في العالم، حسب اعترافات لمنظمات دولية معنيّة بالصّحة والطفولة والأمومة والمرأة وحقوق الإنسان والثقافة والسّلام واللاّعنف والتّسامح على المستوى العالمي.
والأطفال لا يعانون من الحرب فحسب، فهناك نسبة تزيد عن 20% من الأمييّن بينهم، ويتم التّسرب من مقاعد الدرس، وخصوصاً في المراحل الأولى، وهو أمر يكاد يكون شائعاً بسبب أعمال الإرهاب ونزوح مئات الآلاف من مناطقهم بعد هيّمنة داعش عليها، وخصوصاً من أبناء الرمادي وصلاح الدين، إضافة إلى الموصل وديالى، وهناك عشرات الآلاف من أطفال الشّوارع ومن المتسوّلين، ومن الذين يتم تسخيرهم لأعمال تتنافى مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، مثل الاتجار بالبشر أو تعاطي المخدرات أو تجنيدهم لأعمال إرهابية أو في إطار مشاريع دينية أو طائفية، أو غير ذلك، من خلال عملية غسل أدمغة على نحو ممنهج، خصوصاً أجواء مشبّعة بالتعصّب والتطرّف وضدّ الآخر، وكل آخر غريب، وكل غريب مريب، وذلك في ظلّ دعاوى بالتأثيم والتّحريم والتّجريم، كما يتعرّض الكثير من الأطفال للاغتصاب الجنسي، ويضيع بعضهم بين المطارات والقاطرات وفي البحار وعلى أرصفة دول الجوار، وبلدان المنافي البعيدة، في هجرة نحو المجهول.
كل شيء في العراق يكاد يكون غريباً، فهو من أكثر البلدان في العالم فساداً مالياً وإداريّاً، وهو ما تؤكد منظمة الشفافية العالمية في تقاريرها السنوية. وهو من أكثر البلدان إرهاباً وعنفاً، ويكفي القول: إن تنظيم داعش الإرهابي لا يزال يحتلّ أجزاء مهمّة من الأرض العراقية. وهو من أكثر بلدان العالم طارداً للكفاءات، خصوصاً بعد اغتيال مئات العلماء والأكاديميين. وهو من أكثر البلدان التي تعرّض فيها الإعلاميون للاغتيال والخطف حسب اتحاد الصحفيين العالمي واتحاد الصحفيين العرب.
ليس هذا فحسب، بل هو من أكثر بلدان العالم في عدد اللاّجئين حسب المفوضية الدولية لشؤون اللاّجئين، وهو من أكثر الدول التي شهدت نزوحاً داخلياً، حيث بلغ عدد النازحين ما يزيد عن 3.400 (ثلاثة ملايين وأربعمائة ألف نازح) من عدد من المحافظات أبرزها: الأنبار، والموصل، وصلاح الدين وديالى، وهو من أكثر البلدان انقساماً على مستوى السّلطة، فالبرلمان معطّل، وهو لا يزال يترنّح بين موالاة ومعارضة، في حين تشهد البلاد موجة جديدة من التفجيرات وأعمال العنف، والوزارة لا تزال عائمة، والطائفية تضرب أطنابها، والانقسام الإثني قائم على قدم وساق، وبغداد بعيدة عن إربيل حتى أن هناك تنازعاً حول عائدات بعض المناطق، حيث تتصدر المزاعم مطالب كل فريق.
وبعد ذلك، فبغداد هي من أكثر المدن تدنّياً في مستوى العيش، حسب التصنيف العالمي للمدن وفقاً لتقويم العام 2016، في حين احتفظت العاصمة النمساوية فيينا للعام السابع على التوالي بالصدارة، بينما احتلّت بغداد المرتبة الأخيرة. ويقيس التصنيف العالمي اختياره للمدن من خلال ضمان الأمن والاستقرار السياسي ومعدل الجريمة وتطبيق القوانين والعلاقات بين الدول المضيفة والدول الأخرى.
وجاء في دراسة سيرجري أن الأطفال المصابين بسبب الإرهاب والعنف، سواء بطلقات نارية أو متفجرات أو شظايا هم أكثر عرضة 10 مرات للوفاة والإعاقة مقارنة بالمصابين لأسباب أخرى. وكان فريق الدراسة قد أجرى مسحاً ميدانياً في بغداد العام 2014، بخصوص الإصابات وأنواعها بين الأطفال دون سن الثامنة عشر، إضافة إلى مدى توفر الرعاية الصحية التي حصلوا عليها والواجب الحصول عليها منذ العام 2003 والعام 2014.
والأرقام التي ذكرتها الدراسة تكاد تكون مرعبة:
فمن بين 900 عائلة يصل عدد أفرادها إلى 5148 شخصاً قال المشاركون، أن هناك 152 طفلاً مصاباً، أي 28% من مجموع الإصابات (في مناطق الصراع). ومن بين الأطفال المصابين بسبب الحرب بشكل مباشر كانت النسبة 15% (بسبب طلقات نارية أو شظايا أو متفجرات)، في حين أن النسبة العالمية للعنف بين الأطفال لا تزيد على 2%.
وبدلاً من توجّه الحكومة لمعالجة الأمر ووضع سياسة حمائية ووقائية من العنف والإرهاب، فإنها في ظلّ الصراعات المحتدمة أقدمت على إغلاق قناتين فضائيتين، قالت إنهما تحضّان على إذكاء التوتّرات الطائفية التي تؤدي إلى العنف، الأمر الذي اعتبرته بعض الجهات المعنية مساساً بحرّية التّعبير وانتهاكاً لها، تستخدمه القوى المتنفّذة في الحكومة العراقية، كلّما تعرّضت إلى أزمة أو شعرت بحجم الاحتجاج الشعبي.
صحيح أنّ بعض الجهات الإعلامية تلعب بطريقة غير مهنية على بعض الأوتار الطائفية الحسّاسة، لكنّ إجراءات المنع وحجب حرّية التّعبير، لا تعالج أصل الظاهرة وأسبابها، وهي ليست سوى هروباً من مواجهة المشاكل التي يعاني منها العراق، خصوصاً استمرار ضعف وتدهور هيبة الدولة، وفشل خطط الإصلاح وبقاء نظام المحاصصة الطائفية ـ الإثنية، إضافة إلى ظاهرة الفساد المالي والإداري المتفشّي، وكذلك استشراء ظاهرة الميليشيات وانتشار السلاح خارج المؤسسات الحكومية المسؤولة عنه، سواء باسم الحشد الشعبي أو غيره.
وكان كبير الباحثين لدراسة مجلة سيرجري آدم كوشنير من كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة في بالتيمور قد قال: إن منظمات الإغاثة تميل إلى التركيز على المتفجرات والإصابات الكبيرة (العنيفة)، لكن الجهود ينبغي أن تبذل في مجال إعادة الإعمار وإصلاح الطرق وتوفير التوعية بشأن المصادر المحتملة للإصابات العارضة، وهنا لا بدّ من وضع استراتيجيات الوقاية من الإصابات والتدريب على الإسعافات الأولية وإعادة التأهيل.
وبالطبع، لا يمكن إنقاذ الطفولة من الوضع البائس الذي تعيش فيه، بدون إنقاذ العراق من وباء الطائفية ونظام المحاصصة ووضع حد لفايروس الإرهاب وحمّى العنف، والعمل على انتشاله من براثن الفساد والتشظّي، ناهيك عن التداخلات والاستقطابات الإقليمية والدولية التي تؤثر في وحدته ومستقبله.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع مجلة كولان الكردية
- كوابح التغيير في العراق
- عدوى التعصب الديني
- اتفاقية سايكس بيكو: الاتفاقية الحرام
- أسئلة ودلالات لحكايات النزوح العراقي
- عن فكرة الانتماء والهوية العراقية
- استراتيجية واشنطن وأولويات بغداد
- متى يعاد الاعتبار للسياسة عراقياً؟
- العراق.. تدوير الزوايا ومعادلات القوة
- الزبائنية وما في حكمها!!
- العربي أبو سلطان -محمد الهباهبه-: حالم لم يفارقه حلمه
- الماراثون العراقي والعودة إلى المربع الأول
- اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»
- الفلوجة وسريالية السياسة العراقية
- محمد السمّاك :الشاب الثمانيني الذي يسيل من يراعه عطر الفلسفة
- «غوانتانامو» وتسييس العدالة
- وليد جمعة : كان يشرب من دمه كأنه النبيذ!
- «وثائق بنما» وتبييض الأموال
- ثلاثة سيناريوهات محتملة في العراق - حوار مع جريدة الزوراء
- اللاجئون السوريون وهواجس التوطين


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبد الحسين شعبان - الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟