فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 15:49
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
الموضوعة الخامسة : بناء الدولة والنظام السياسي :
جاء في هذه الموضوعة عشرة مهام وأهداف آنية يناضل الحزب من أجل تحقيقها في المرحلة الراهنة لبناء الدولة والنظام السياسي والمقصود ببناء الدولة والنظام السياسي هو الدولة المدنية القائمة على المؤسسات الديمقراطية .رغم ان هنالك مهام من هذه العشرة المثبتة في البرنامج هي بحاجة الى تدقيق و اعادة صياغة لحصول تغيرات تقتضي إعادة تدقيقها .الا ان هذه المهمات بمجموعها تحظى بأ همية وأولوية في نضال الحزب في المرحلة الراهنة , وما يمكن تسليط الضوء عليه هو ما جاء في المهام رقم 1 و4 و5و6 و10 .
الفقرة رقم 1- ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية في البلاد، وبناء مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية، على أسس ديمقراطية وفقاً لقواعد المواطنة والكفاءة والمهنية والنزاهة، بعيداً عن المحاصصات ونزعة التحزب الضيق، وأن يكون السلاح بيد الدولة حصراً.
الفقرة رقم 4-توطيد واستكمال البناء الديمقراطي وترسيخه بما يضمن إقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية، والفصل بين السلطات، وتأمين استقلال القضاء، وتفعيل مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين أمام القانون وضمان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم العامة والخاصة، كما جاءت في الدستور ولائحة حقوق الإنسان الدولية .
الفقرة رقم 6- نبذ نهج المحاصصات والتوظيف السياسي للدين، وإنهاء مظاهر الاستقطاب الطائفي، وتكريس الوحدةالوطنية.
الفقرة رقم 10- السعي لتعديل الدستور باتجاه تعزيز مضامينه وجوانبه المدنية الديمقراطية.
ارى ان هذه المهام المثبتة في البرنامج تمثل مرتكزات فكرية ديمقراطية وقانونية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية المنشودة , ويلاحظ انها صيغت بشكل علمي وواقعي دقيق لظروف البلد , وانها تجسد مصالح الشعب والوطن العليا وهذا ما يؤكد على دقة قراءة الواقع العراقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والقومي . ان التمعن في المهام العشرة يلاحظ وجود ترابط بينها وكأنها سلسلة حلقات يكمل بعضها الآخر من هنا تكمن صحة سياسة الحزب الشيوعي العراقي ونهجه ووجهة نضالة . وان رسم السياسة في الحزب لا تقتصر فقط على القراءة الصحيحة للواقع وانما هي ايضاً مشاركة ديمقراطية ساهمت وتساهم فيها كل منظمات الحزب ورفاقه في صياغتها, مسترشدة بذلك بالفكر الماركسي كدليل عمل . ولا بد من الاشارة هنا الى ثلاث ملاحظات مهمة :
الملاحظة الاولى : أكدت التجربة انه لا يمكن بناء دولة المؤسسات الديمقراطية الا بأنهاء المحاصصة الطائفية والاثنية وهذا ما أشارت اليه مهمات الحزب في هذه الموضوعة.
الملاحظة الثانية : ان الدولة المنشودة لايمكن ان تكون دولة مدنية فقط وانما دولة مدنية ديمقراطية .
الملاحظة الثالثة : ان بناء مؤسسات الدولة تتطلب الحاجة الى تشريعات قانونية ديمقراطية من هنا تكمن أهمية المهمة رقم 10- السعي لتعديل الدستور باتجاه تعزيز مضامينه وجوانبه المدنية الديمقراطية.
ان الحراك الجماهيري الذي شاركت فيه منظمات الحزب الشيوعي العراقي والتيار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني وناشطون اعلاميون ومثقفون وشبيبة ونساء وطبقات وفئات واسعة من المجتمع , أسهم بدور فاعل وواسع في نشر مفهوم الدولة المدنية على الصعيد الاعلامي والجماهيري في المجتمع العراقي , وذلك من خلال الشعارات التي رفعها الحراك الجماهيري , ان هذه الجماهيرية الواسعة لمفهوم المدنية , تؤكد على تفهم و قناعة غالبية طبقات وفئات المجتمع العراقي بالدولة المدنية الديمقراطية , وهذا اهم نجاح اعلامي وجماهيري حققة الحراك الجماهيري . حيث تبنى الحراك الجماهيري وجهة سلميةلأنهاء نظام المحاصصة الضار بمصالح الشعب والبلد. وتشييد على أنقاضة بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية,على اساس الافكار المدنية الديمقراطية , وهنا اصبح شعار الدولة المدنية الديمقراطية يحظى بشعبية واسعة في المجتمع كبديل عن دولة المحاصصة الطائفية والاثنية وفي هذا الظرف الراهن .
هنا يطرح سؤال هل ان الكتل المتحاصصة تؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية ؟ الجواب ارتباطاً بمصالح هذه الكتل الطائفية والاثنية وارتباطاً بفكرها اللاديمقراطي انها فقط على الصعيد الاعلامي تعلن انها ضد المحاصصة ومع بناء الدولة المدنية , ولكن في الممارسة انها تعارض المحتوى , المحتوى هو الديمقراطية . ان كل قوى الاسلام السياسي على الصعيد العربي والاقليمي توظف هذا المفهوم لغرض الوصول الى السلطة فقط والامساك بها , وتخفي على الشعوب رغبتها في فرض الانظمة الشمولية التي تسعى اليها . وهذا ما أكدته تجارب عربية مثل مصر وتونس والمغرب والجزائر وليبيا ..... الخ حتى القوى القومية توهم الشعوب بأنها مع الدولة المدنية الديمقراطية وانها تحارب التطرف الديني بينما هي تمارس التطرف السياسي والهيمنة والاستبداد والغاء الآخر والتهميش والاقصاء ومصادرة الحقوق والحريات .لكن الحقيقة العلمية والواقعية الساطعة تؤكد ان للدولة المدنية الديمقراطية جمهور واسع في المجتمع العراقي يتناما يوماً بعد آخر ويضم في صفوفة طبقات وفئات واسعة بما فيها مناصرين من قواعد هذه الكتل المتحاصصة , وان للدولة المدنية الديمقراطية مبادئ وشروط وقواعد ومعايير ديمقراطية وهذا هو جوهر ماجسده برنامج الحزب ومثل المشروع الوطني الديمقراطي لبناء الدولة المنشودة . ان النضال من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية يحظى اليوم بجماهيرية واسعة في المجتمع العراقي . وبرنامج الحزب يعتبر سلاح فكري للمضي في طريق النضال الجماهيري لبناء الدولة المنشودة , وما أكدته ايضاً تجارب الشعوب في البلدان المعمورة بنجاحها في بناء دول مدنية ديمقراطية , وأوربا مثالاً من هذا الناحية العملية والقانونية والفكرية ان هنالك عدد من المعايير العلمية والفكرية الواضحة والمجربة و التي لا بديل عنها ومنها :
1- الالتزام بمبدأ التداول السلمي للسلطة السياسية ويكون الاحتكام لصناديق الاقتراع في ظل قانون للأنتخابات ديمقراطي. وفي ظل قانون للاحزاب ومفوضية او هيئة قانونية مستقلة وانهاء التدخلات والدعم الخارجي لهذا الطرف او ذاك , ولا يوجد احتكار للسلطة .
2- - بناء المؤسسات الديمقراطية التنفيذية والتشريعية والقضائية وضمان استقلال القضاء وضمان حرية الاعلام . وتبنا المؤسسات الامنية والعسكرية على اساس النزاهة والكفاءة والوطنية . والدولة المدنية لا تربط الدين بالسياسة لكنها لا تتعارض مع الدين , في الدولة المدنية يتحرر الدين من التوظيف السياسي له وتضمن الدولة احترام كل الاديان والشعائر الدينية ودور العبادة .
3- المساواة بين المواطنين واحترام وضمان الحقوق والحريات بما فيها حقوق القوميات والمعتقدات , وتكون الدولة مظلة قانونية لجميع المواطنين. لا يوجد استبداد واستئثار وتهميش وظلم والغاء واقصاء وعنف وارهاب وفساد .
4- احترام حقوق المرأة بشكل خاص وحقوق الانسان القانونية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والمدنية وحرية الرأي والمعتقد والتعبير والتظاهر والتنظيم . اني هنا لا أريد ان أذكر اكثر من ذلك لأجل ان أؤكد على ميزات الدولة المدنية الديمقراطية وانها تمثل وتعبر عن مصالح الشعب والوطن العليا . ان العيش الكريم والرفاة الاقتصادي والحرية والديمقراطية والتطور العلمي والاقتصادي والازدهار والمساواة والعدالة الاجتماعية التي تعيش في ظلها البلدان التي بنت دولها المدنية الديمقراطية هي شاهد حي على أحقية وصواب سياسة الشيوعيين العراقيين ونضالهم الطويل مع جماهير شعبهم من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية . وما جاء في برنامج الحزب من نقاط ومهام هي مرتكزات قانونية وفكرية ديمقراطية تلبي مصالح الشعب والوطن العليا في الحاجة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية .
يكون من المفيد هنا تقديم مقترح : في هذه الموضوعة بناء الدولة والنظام السياسي اقدم مقترح وهو ان تثبت وظيفة الدولة المدنية الديمقراطية مع هذه المهام , بدلاً من ذكرها في ابواب عدة في مجال الخدمات والضمان الاجتماعي والسياسة الاقتصادية وفي مجال الحركة النقابية والشبيبة والنساء .... الخ . وذلك لأجل الاختصار وتجنب الاطالة في البرنامج , وهذا يساعد المواطن على سرعة فهم البرنامج وتبنية اني ارى ان اهم هذه الوظائف هي :
1- في الدولة المدنية الديمقراطية الحكومة مسؤولة امام الشعب في الالتزام بتحقيق وظائفها ومنها : المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ,توفير فرص العمل لكل مواطن ومواطنة قادر ومؤهل للعمل , والنهوض في الاقتصاد الوطني وتطويرة بقطاعاته الثلاث القطاع العام والمختلط والقطاع الخاص وتحقيق التنمية المستدامة .
2- تحقيق الامن والاستقراروالقضاء على الارهاب ومكافحة التطرف والفساد ووضع ضوابط قانونية على الخطاب السياسي والديني المتطرف , ونشر العلم والمعرفة وبناء وتطوير المؤسسات التربوية والتعليمية المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز البحوث .
3- توفير المؤسسات الصحية من مستشفيات ومستوصفات في المدن والارياف وتأمين الضمان الصحي والضمان الاجتماعي وانهاء الفقر والبطالة والامية والمرض والتهميش والاقصاء.
4- وتوفير الخدمات منها الكهرباء والماء والسكن والنقل والمواصلات والمواد الغذائية .... الخ .
5- وضع حد للتدخلات الاقليمية والدولية وانهاء تقاطعاتها ومصالحها السياسية والاقتصادية في العراق ووضع ضوابط قانونية على الخطاب السياسي والديني المتطرف .
ان النضال الجماهيري السلمي الذي يمثلة الحراك الجماهيري الشعبي واتساعة لا بديل عنه لتخليص الشعب والوطن من نظام المحاصصة وأزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والقانونية , واقامة نظام سياسي ديمقراطي جديد يبني الدولة المدنية الديمقراطية .
23-5-2016
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟