|
يزدا بين الطموح و الواقع
وسام جوهر
الحوار المتمدن-العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 15:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السويد 2016-05- 23
بلا شك تعد النكسة الايزيدية في سنجار في الثالث من اب الاسود نقطة تحول تاريخية في حياة المجتمع الايزيدي في العراق و كوردستان. الماساة و الفاجعة كانت اكبر بكثير من كل التخيلات و الانتهاكات قد تجاوزت كل القيم الانسانية. سيسجل التاريخ هذا الحدث البشع كنقطة عار على جبين كل من تسبب في هذه الجريمة بشكل او باخر. وجد الايزيديون انفسهم متروكين لوحدهم يواجهون مصير بقائهم من عدمه في ارض الاباء و الاجداد ... تكونت جماعات و جمعيات و منظمات هنا و هناك تحاول ان تجد مخرجا للازمة، والحق يقال لم تكن ظروف عمل هذه المجموعات تترك الكثير من الخيارات امام النشطاء من بني ايزيدا .... و بعد ان كاد اليأس ان يشل من قوى المجتمع الايزيدي برزت الناجية الناشطة نادية مراد لتحمل كل المعاناة على اكتافها متسلحة بشجاعة فاجئت الكل و الجميع، وهي تضع وجها للضحية المجهولة، وجها يلمسه المجتمع الانساني و يرى فيه كل الالام و المعاناة التي تعرض لها السنجاري الايزيدي ... ففتح لها ابواب المجتمع الدولي كما لم يحلم به احدا ... لقد صالت و جالت هذه الفتاة السنجارية الايزيدية من قرية كوجو المفجوعة، في عواصم العالم تطرق ابواب صناع القرار في المجتمع الدولي تحمل اليهم رسالة مجتمع صغير امن مسالم تعرض الى اقصى و اقسى درجات الظلم من قتل و سبي و تشريد دون ذنب ... اذن شائت الاقدار ان تكون نادية المهدي المنتظر لتضع الايزيديين على طاولة المجتمع الدولي ... واي ابداع ابدعت الفتاة التي كانت قد خرجت للتو من اتون الجحيم تسرد قصتها و قصة اهلها و شعبها المرة تلوى الاخرة دون كلل او ملل مما نالت اعجاب الناس اينما حلت. قلة من كان يعلم في الايام الاولى ان خلف نادية تقف مجموعة من الشباب الايزيدي الغيور ... مجموعة انفلقت من الكل الايزيدي الذي تاه في نقاشات بيزنطية عقيمة تلف و تدور في حلقات فارغة تكيل التهم لهذا و ذاك ، يتخبط في جراحه. هذه المجموعة التي نعرفها اليوم تحت اسم يزدا انتهجت نهجا عمليا براغماتيا يركز الجهد على تقديم العون الملموس و الفوري للمحتاجين و المعوزين. نعم شكلت مجموعة يزدا و خلف الكواليس فريق عمل يدعم نشاط نادية مراد و يعمل في ذات الوقت على ترسيخ دعائم عمل و نشاط ايزيدي مؤسساتي عالمي واجبه و غايته الكبرى ان يكون لوبيا حقيقيا يدعم القضية الايزيدية محليا و اقليميا و عالميا. براينا لقد نجحت يزدا رغم التحديات و رغم الاحباط الذي كان يسود على المجتمع الايزيدي وقدمت في فترة و جيزة ما عجز الكثيرون لسنين و سنين. على الذين ينتقدون يزدا لسبب او لاخر ان يطرحوا بديلا افضل ... اتمنى على المجتمع الايزيدي و شبيبته على وجه الخصوص التخلي من كل شوائب الثقافة الانهزامية وان يحتكموا الى العقل لا العاطفة في نقد كل مشروع خيري يهدف الى مد يد العون الى المحتاجين. ليس من العقل بمكان ان تجروا يزدا الى نقاشات و صراعات دونكشيتية في امور سطحية و شكلية ... ان تعتز بهويتك فذلك حق مشروع لا بل واجب على كل ذي عقل، و لكن ان يتحول هذا الاعتزاز الى مواقف متشنجة و متعصبة تحت يافطة القومية الايزيدية وعلم ايزيدخان و تحرج منظمة انسانية كيزدا بان تاخذ موقفا من هذا المصطلح و طروحاته السياسية فانك بذلك و من حيث تدري او لا تدريا تضع العصا في دواليب الحركة .... لا يزايد علينا احدا في مسالة القومية الايزيدية ، اذ اوضحنا راينا في هذه المسالة تفصيلا ووضوحا و قبل سنين ولا زلنا من ذلك الراي .. اي الايزيدية هوية جامعة لهذا المكون دينا و ارضا و قومية، وشاء من شاء وابى من ابى ... لكن نذكر بان القومية مفهوم سياسي و جديد في تاريخ الانسانية و عليه فالمتشدد الايزيدي على القومية انما يثبت ما نقول بان القومية مصطلح سياسي اكثر مما هو اجتماعي. بينما تنتهج يزدا نهجا مدنيا انسانيا براغماتيكيا لتضغط على اصحاب القرار السياسي محليا و اقليميا و دوليا ليس من الحكمة و الانصاف ان نجرها الى متاهات سياسية ... فيزدا ، علي الاقل كما اريدها انا و اتمنى على قادتها ايضا، تتعامل مع الدول و الحكومات والهيئات و المؤوسسات، دون ان تكون هي حزبا سياسيا ...و عليه ليس من مصلحة القضية الايزيدية ان ندفع بها الى احضان الاصفر او الاخضر او اي لون سياسي اخر ... بل عليها ان ترى و ان تتفاعل مع كل الوان الطيف السياسي ...اتمنى على قادة يزدا الثبات على نهجهم هذا ... و حسنا فعلت يزدا وهي تعلن على لسان الاستاذ مراد انها اي المنظمة عملية و من ادراكها ووعيها لحجم المصيبة ، فهي لا تنصح و لا تمانع الايزيدي من الهجرة اذ تترك ذلك القرار للانسان الفرد وهي تقدم له المساعدة في كل الاحوال و حسب الممكن المستطاع ...كما اسجل اهمية اصرار يزدا على عدم التنازل عن ارض ايزيدخان تحت اية ذرائع و اشكالات ... قبل ان نحكم على الغير علينا ان ندرك بان الظروف المحلية الاقليمية صعبة جدا وهي بالكاد تاخذ الصوت الايزيدي في المعادلة السياسية و توازناتها السائدة ... و ليس هناك افضل من الوسطية لتكون الساحة السياسية بكلها مفتوحة للعمل الانساني المدني و سيكون من الغباء جدا ان تعادي المنظمة اية جهة سياسية عدا قوى الشر و الارهاب طبعا ... السياسة ليست اخلاقيات بل فن الممكنات لتحقيق المصالح و عليه فالسياسيون جميعهم في الشرق و الغرب يصيبون و يخطاون ... و ان كنت معاتبا لرفيقك في كل الامور فلن تجد الصديق الذي لا تعاتبه ... اي كان موقفك و تقييمك للكارثة لا بد لك من التعامل مع الدول و الحكومات فليست بالصراخات العاطفية تحقق ما تصبو اليه بل بالعمل الجاد و ليس نادرا بالديبلوماسية و كل ما يتاح لك من اليات العمل المشروعة. على يزدا من جهتها ان تخرج من طور الصدمة و الارتباك وان تتحمل مسؤوليتها في احتواء الانسان الايزيدي وهمومه و مشاكله و ان تعمل على اساس "ساعد الناس لكي يساعدوا انفسهم" ... نفهم ان بعض من مسؤولي يزدا مرتبكين الى حد ما خوفا من ان يتم اختراق يزدا من عناصر لا تشاطرهم الرؤية ... لكن هذا الخوف لا يجب ان يؤدي الى شلل وتقوقع في العمل. حذارى من السقوط في نرجسية على اثر النمو السريع و الكبير ليزدا و في الوقت الذي نبارك الوجه الشبابي و النسوي للمنظمة نحذر يزدا من المبالغة هنا الى حد تنزلق فيها المنظمة الى الجانب المقابل للتطرف و التمييز ... فالانسان هو الاس و الاساس بغض النظر عن الشكل و الجنس و اللون و الى غير ذلك من الصفات الثانوية الاخرى. اريد ان تكون يزدا رافدا من روافد النهضة الايزيدية التنويرية لبناء الانسان الايزيدي الجديد في ظل الايزيدية الجديدة و المتجددة ...وهناك الكثير و الكثير من العمل لكي يتحقق هذا المشروع العملاق.... اشد على كل يد في يزدا او في اي تشكيلة او صيغة عمل تعمل على تحرير الانسان من عبوديته نحو افاق مستقبلية مشرقة ...
#وسام_جوهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البارزاني يخير الايزيديين ويا ليته لم يفعل
-
قوة حماية ايزيدخان و ضبابية الرسالة السياسية
-
قوة حماية ايزيدخان تحت المجهر
-
الاء الطالباني: ترمين الناس بالحجارة و بيتك من زجاج؟!
-
رقص على جراح سنجار بسمفونية من الانبار
-
نادية مراد تؤدي رسالة انسانية ... ادعموها و لا تنهشوها !
-
اعادة بناء الانسان اليزيدي ، New Ezidism
-
مؤتمرات المصالحة و حوارات الاديان تجسد الطائفية و لا تعالجها
-
المفكر اياد جمال الدين جسر بين الديني و الدنيوي
-
قراءة في رسالة عادل مراد الى شعب كوردستان
-
تعقيب على : التصيّد بالمياه العكرة مهنة الصيادين الفاشلين ن
...
-
السيد مسعود البارزاني و استفتاء الاستقلال ...!
-
كنت خير رؤية اخرجت للناس ... تامرين بالتعددية
-
العلمانية خير رؤية لبناء الدولة
-
بئس التسيس في الدين و التدين في السياسة
-
نادية مراد ... شاهد على العصر
-
دعاء يزيدي...!!!
-
الاحتلال الامريكي للعراق من السلاح النووي الى النصر
-
القومية الايزيدية ...حق مشروع
-
مات صدام ...هل سيعيش العراق؟
المزيد.....
-
-المعادن النادرة مقابل المساعدات العسكرية-.. ترامب يكشف ملام
...
-
الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة بعد تأكيد ترامب فرض رسوم جمر
...
-
ترامب يطالب أوروبا بزيادة المساعدة لأوكرانيا
-
-بوليتيكو-: قلق كبير يعيشه نظام كييف إزاء تقارب المواقف الرو
...
-
السعودية واليابان توقعان مذكرتي تفاهم حول إنشاء مجلس الشراكة
...
-
-رويترز-: الولايات المتحدة تستأنف ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا
-
-Senego-: فرنسا تبدأ في سحب قواتها من السنغال
-
الرئيس الجزائري يندّد بـ-مناخ ضار- في العلاقات مع باريس
-
عشية زيارته إلى تركيا... الشرع يؤكد أن تنظيم انتخابات في سور
...
-
النائب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون يدعو إلى ق
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|