|
التوقيع الفلسطيني
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5169 - 2016 / 5 / 21 - 21:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
معروف أن أعتى قاض شرعي ، وأكبر مأذون رسمي ، لن يستطيعا إتمام عقد النكاح ، ما لم يسمعا كلمة الموافقة من ذات العروس نفسها ، وليس من ولي أمرها ، الذي يفترض به أن يكون وكيلها في هذا الموضوع ، ولهذا دلالة وهي أن صاحب العلاقة فقط هو الذي يمرر الصفقة أي صفقة ، وأعنى بالحديث ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي تنتظر الذبح من الوريد إلى الوريد بسكين عربية ثلمة. ما أود قوله من خلال هذه المقدمة أن أحدا مهما كان وضعه الدولي ، أو منصبه السياسي ، أو ثقله العسكري ، أو ثراه المالي ، يستطيع التوقيع على شطب القضية الفلسطينية ، في حال أصر صاحب القرار الفلسطيني على عدم التوقيع على صك الإستسلام ، ولنا في الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني الراحل بالسم ياسر عرفات ، خير مثال على ذلك. لقد سجل الراحل عرفات موقفا متفردا لن ينساه التاريخ ، وهو أنه رفض التنازل والتوقيع على أركان القضية الفلسطينية الرئيسية وهي حق العودة والقدس ، رغم كل ما تعرض له من قهر وإذلال ، وقد واجه الموقف برجولة وفوّت على المتربصين بالقضية سوءا الظفر بتوقيعه . ففي قمة كامب ديفيد 2000 التي حضرها كل من الزعيم الفلسطيني عرفات ، والرئيس الأمريكي الأسبق "أبو مونيكا" بيل كلينتون ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك ، وإستمرت لأسبوعين ، وجرت في ظروف قهرية وعصيبة بالنسبة للوفد الفلسطيني ، حاول الأمريكان والإسرائيليين الضغط على الرئيس الفلسطيني عرفات ، بشتى الطرق ، ومنها محاولة إغتياله في "التواليت" ، إذ إغتنموا فرصة دخوله "التواليت" وأقفلوا عليه الباب بالمفتاح من الخارج ، ظنا منهم أنه سيموت قهرا وغيظا وكمدا ، ولكن الله سلم ، وكانت إرادة الله أقوى. بعد خروجه من "التواليت" صادر الأمريكان هواتف الوفد الفلسطيني وفي المقدمة هاتف الرئيس عرفات ، حتى لا يتصلوا بأحد أو يتصل بهم أحد من الخارج ، في محاولة للتضييق عليهم ، وقطع الصلة لهم بالخارج ، ومع ذلك لم يبدل الرئيس عرفات موقفه ، وأصر على أنه صاحب حق ، وأنه لن يتنازل أو يساوم على هذا الحق ، ولم يستجب لكافة ضغوطهم. طلبوا منه التنازل عن حق العودة ، فأوهمهم بالموافقة ، ورحب بالفكرة ، وعندما وضعوا له الأوراق التي سيوقع عليها أمامه ويثبت تنازله عن قضية شعبه ، ضحك وقال : احضروا لي توقيع السيد عصمت عبد المجيد ، وعندها سأوقع ! فأخبروه أن عصمت عبد المجيد مصري ، وأنهم يتحدثون في شأن فلسطيني ، لكنه أجابهم بحنكة صانع القرار الذكي : إن حق العودة واللاجئين هي قضية عربية ، وأن السيد عبد المجيد هو رئيس الجامعة العربية ، فإن وقع العرب عليها فإنه سيصادق على توقيعه . بعد ذلك طلبوا منه التوقيع على التنازل عن القدس والأقصى ، فكرر نفس اللعبة عليهم ، وأعلن موافقته على ذلك ، وعندما وضعوا الوراق أمامه للتوقيع عليها وتثبيت تنازله ، قال لهم أن عليهم أن يحضروا توقيع الرئيس الإيراني محمد خاتمي ، فجن جنونهم وقالوا له أن السيد خاتمي إيراني ، وأن القدس فلسطينية ، لكنه أجابهم بذكاء القائد المحنك ، أن القدس قضية إسلامية ، وأن السيد خاتمي هو رئيس قمة المؤتمر الإسلامي آنذاك ، فإن وقع المسلمون ممثلين بخاتمي على بيع القدس ، فإنه سيصادق على توقيع السيد خاتمي. عندها جن جنون الأمريكيين على وجه الخصوص لأن كلينتون تعهد لباراك أنه سيحشر عرفات ويحصل منه على تنازلات لإسرائيل ، مقابل قيام إسرائيل بطي ملف "مونيكا"، التي وضعوها أمامه وورطوه معها وفيها والقصة معروفة للجميع ، كيف نصحه محاموه اليهود أن ينكر وينفي صلته بها ، إلى أن أحضروا له فستانها الأزرق وعليه بقع حيواناته المنوية . قام مدير السي آي إيه آنذاك جورج تينيث بتهديد الرئيس عرفات بالقول :ألا تعلم أن أمريكا تغير الحدود والرؤساء ؟ وقد صرخ الرئيس عرفات في وجهه وقال مخاطبا الرئيس كلينتون : سامع يافخامة الرئيس ، إن تينيث يهددني بالقتل وانا أدعوك لحضور جنازتي ! ولكن كلينتون طلب من مصوره الخاص أن يلتقط له صورا مع القادة الفلسطينيين الجدد ومن ضمنهم محمد دحلان . ومع ذلك عاد الرئيس عرفات إلى مقاطعة رام الله طاهرا مطهرا من دنس الخيانة ، ولم يوقع ، ولم يرضخ للضغوط ، وإندلعت إنتفاضة جديدة أطلق عليها إنتفاضة الأقصى جرى عسكرتها ، وسارعت إسرائيل إلى إنهائها ، وقد تقرر وضع السم ل"العجوزين " عرفات وشارون ، وتم قتل عرفات ، لكن العقيدة اليهودية تحرم قتل اليهودي ، فإكتفوا بتغييبه عن الواقع وعاش فترة على الأسلاك والمغذيات إلى أن فارقت روحه الحياة. الكل من "العرب" يريد حل مشاكله الداخلية على حساب القضية الفلسطينية ، والكل مازوم هذه الأيام ، ويريد بيع القضية الفلسطينية بثلاثين من النحاس الخردة ، عل وعسى ان يجد له قبولا عن مستدمرة إسرائيل وأمريكا ، ونسمع في الأخبار أنهم يعملون على إعادة كتابة ما أطلقوا عليها سابقا "مبادرة السلام العربية " التي تبناها مؤتمر قمة بيروت 2002 ، ورفضها عربيا الرئيس اللبناني الأسبق الرئيس المقاوم إيميل لحود ، فيما ركلها شارون بقدميه ورد على أصحابها بإعادة إحتلال العديد من المدن الفلسطينية ، وكانت تدعو إلى المصالحة مع إسرائيل وتعهدت بجلب كافة الدول العربية والإسلامية وعددها 57 دولة للتطبيع مع إسرائيل ، وفتح فضاءاتها الأرضية والمائية والجوية أمام إسرائيل . سؤالي :هل القيادة الفلسطينية الحالية قادرة على المواجهة ؟ فإن كانت قادرة فمرحبا بها ، وإن لم تكن فلتغادر مواقعها حفظا لماء الوجه ، وحتى لا يقال أن الفلسطينيين تنازلوا عن حقهم ، كما قيل زورا وبهتانا أنهم باعوا أرضهم !!!!!!!!!!!!
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكرى النكبة .. ليلة فرح فلسطينية في -الأرثوذكسية-
-
الطاقة المتجددة في الأردن
-
-المحرر - ..سيمون بوليفار
-
الشراكة السياسية في الوطن العربي
-
دول الشرق الأدنى تؤكد على ضرورة إحلال السلام لمحاربة الجوع
-
المدير العام للفاو: حيثما يوجد جوع لا يمكن أن يتحقق السلام ا
...
-
المؤتمرات الإسلامية – المسيحية ..العودة إلى جذور المحبة
-
خلال المؤتمر الإقليمي الثالث والثلاثين للفاو لمنطقة الشرق ال
...
-
ستيلّا
-
-الفاو- تسعى لتوسيع نطاق مبادراتها الإقليمية الثلاث للتصدي ل
...
-
كلمة المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المت
...
-
المبادرة الإقليمية حول ندرة المياه
-
السلام على السودان وأهله
-
محاضرة حول الأزمة اليمنية والسيناريوهات المحتملة لعبد الناصر
...
-
الشجاعة والإقدام: المفكر الاستراتيجي عبدالله التل -أنموذجا ً
...
-
قوانين للعمل الإغاثي الخليجي والعربي لتلافي -عشوائية التنفيذ
...
-
افريقيا المتأسرلة..أين العرب؟
-
الدراجون الأردنيون إكتشاف جنان الأردن
-
اختتام مؤتمر -الاتجاهات المعاصرة في مؤسسات التعليم: إصلاح وت
...
-
-التعويض -مقابل السلام
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|