|
الاختلالات المالية بالمغرب
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:18
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الاختلالات المالية بالمغرب بين التفاؤل المفرط و دق نواقيس الإنذار يبدو أن الهم الذي يشغل وزير المالية المغربي، فتح الله والعلو، هو البحث دائما و أبدا على التوازنات الماكروإقتصادية حتى و لو أدى الأمر إلى التضحية بالنمو و التنمية. و قد يقبل المرء بهذا مؤقتا إن كان هذا الاختيار يحقق النتائج المراد تحقيقها، أي القضاء على الاختلالات ، لكن ما لا يمكن قبوله هو التضحية بالنمو و بالتنمية دون تحقيق أي تقدم هيكلي بخصوص التوازنات الماكروإقتصادية. فحسب أغلب المحللين الاقتصاديين لن و لم تتجاوز نسبة النمو 2 ، 1 في المئة سنة 2005 بالمغرب. و بالرغم من ذلك يبدي وزير المالية تفاؤلا يفوق الحدود بقوله أن المهم هو تحقيق التقدم في تقوية التوازنات الجوهرية. إلا أن المعطيات المتوفرة من شأنها معاكسة هذا القول بالتمام و الكمال. فمصاريف الدولة سنة 2005 كانت ثقيلة و ثقيلة جدا، إذ أن سياسة المغادرة الطوعية ستكلف خزينة الدولة ما يناهز600 مليون دولار برسم سنة 2005 فقط، أما صندوق الموازنة عليه صرف 600 مليون دولار كذلك لتغطية الفارق بفعل ارتفاع أسعار النفط. و هذا علاوة على وجوب أداء 150 مليون دولار سنويا ابتداءا من 2006 إلى صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية... و هذه كلها مصاريف أثقلت كاهل الميزانية، و ستنتج لا محالة انعكاسات متتالية، بل هزات مالية. كما أن المغرب ليس في مأمن تام من الجفاف. و هذه الاختلالات الظرفية تنضاف إلى الاختلالات البنيوية التي أضحت معروفة الآن لدى العام والخاص، لا سيما تلك المتمظهرة في عجز الميزانية التي ما فتئ يتعمق على امتداد 3 سنوات الأخيرة و الذي تجاوز نسبة 5 في المئة. و هناك كذلك المديونية التي وصلت إلى ما نسبته 67 في المئة من الناتج الداخلي الخام ( بأرقام سنة 2005 حسب مصادر فرنسية). و عموما إن الإشكالية الأساسية تكمن في كون المغرب يصادف صعوبات جامة في تعبئة و توسيع موارده ( المتمدة أساسا على الضرائب) هذا في وقت تفوق مصاريفه مصاريف الدول القريبة منه من وجهة الدخل المقارن. فمن الملاحظ أنه على امتداد 10 سنوات مثلت كتلة الأجور ما يناهز 36 في المئة من الناتج الداخلي الخام، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 10 في المئة في البلدان المشابهة للمغرب. كما أن المصاريف العسكرية تناهز ما تفوق نسبته 4 في المئة من الناتج الداخلي الخام وهي مصاريف مازالت غير قابلة بالمرة للمناقشة بالمغرب بفعل عقلية تكرست لدى نوابنا الذين يبدو أنهم أجبلوا على اعتبار بعض المصاريف من قبيل تحصيل حاصل ما عليهم إلا المصادقة عليها جملة و تفصيلا دون النبس بكلمة و إلا كانت وطنيتهم أو ولاءهم للوطن قاب قوسين أو أدنى. و أغلب المحللين الاقتصاديين يرون حاليا ضرورة اعتماد حلول عبر أعادة النظر في المنظومة الضريبية، لا سيما بخصوص الضريبة على القيمة المضافة عبر تحديد نسبة موحدة و التخلي عن الاعفاءات أو التقليص منها، و تغيير منظومة الضريبة العامة على الدخل بالتخفيف على الأجور الدنيا و رفع نسبة الضريبة بخصوص الأجور الطيطانيكية، لا سيما تلك التي لا تتناسب و حركية أليات إنتاج الثروات المضافة بالمغرب، و كذلك الحرص على تدبير الشركات بشكل أكثر جدوى و فعالية. و هذه ، في نظرهم، إجراءات من شأنها أن تحسن في القريب العاجل موارد الدولة. لكنها إجراءات لا تروق وزير المالية المغربي الذي يصر على القول بأن الوضع بخير و "العام زين" و بالتالي لا داعي للقلق، فالأمور سائرة نحو التحسن باستمرار، و يبدو أن هذا التحسن لا يعاين معالمه إلا هو عكس ما يلاحظه عامة العباد. و للتدليل على ذلك يقول الوزير أن متوسط نسبة النمو على امتداد 3 سنوات بلغ 6 ، 4 في المئة فيما بين 2001 و 2004 مقابل 6 ، 1 في المئة بين 1997 و 2000 و يتوقف السيد الوزير عند هذا الحد كالذي يتوقف عند "ويل للمصلين" إذ أنه يخفي توضيح أسباب ذلك حيث يتجنب عمدا توضيح أن نصف عجز الميزانية سنة 2004 قد تم تمويله بفضل مداخيل الخوصصة ( التي اندثرت بتمويل لم يساهم و لو قيد أنملة في إنتاج ثروات مضافة و بذلك ذهبت عوائد قطاعات استراتيجية ،ضحى الشعب من أجل إقامتها على طول سنوات خلت، هباءأ منثورا). و بالتالي فإن التحسن الذي طبل له و غيط السيد الوزير لم يكن إطلاقا نتيجة لآلية مستديمة فعلية سوف تتكرس في اتجاه التحسن، و إنما لم يكن، و حصرا، إلا نتيجة لموارد استثنائية و ليس دائمة انتهى مفعولها توا دون أن تترك أي أدنى بصمة في البنية الإقتصادية للبلاد أو في إحدى آليات حركيته الآنية أو المستقبلية. و هنا بالضبط تنكشف عورة هذا التحصيل الذي تم التطويع به يمينا و يسارا بثقة في النفس فاقت الحدود. و ذلك باعتبار أنه لا يمكن، و هذا بإجماع المحللين الاقتصاديين، الاعتماد على الثقل الضريبي و لا على الموارد الاستثنائية للخوصصة كبرهان على أن الأمور تسير نحو التحسن. و هذا ما أكده كذلك تقرير البنك الدولي في الموضوع، و الذي أقر، باعتماد طريقة دبلوماسية غير محرجة، بأنه بالرغم من النتائج المحققة فإن عجز الميزانية لا زال قائما و بقوة و سوف يسير نحو المزيد من التعمق على المدى المتوسط على الأقل. فهل و الحالة هذه ، علينا بترويج التفاؤل المفرط أم دق نواقيس التحدير للنظر فيما يجب النظر إليه و إعادة النظر في ما يستدعي إعادة النظر؟ هذا هو السؤال. إدريس ولد القابلة صحفي بجريدة المشعل المغربية
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغرب و اليهود و الموساد3
-
القضاء و جادبية الاستثمار بالمغرب
-
الملكية المغربية
-
الملك محمد السادس البرغماتية العقلانية
-
الملك و التاريخ
-
نساء مدينة القنيطرة بالمهجر
-
تعريف الفساد... كفى فسادا باراكا من الفساد
-
الحرب ضد الحشيش بالمغرب
-
الخوصصة و الفساد...هل من علاقة بينهما؟
-
المال و مشروع قانون الأحزاب المغربي
-
حقوق الإنسان بالمغرب
-
الشباب المغربي و تحدي هجرة الكفاءات
-
أي مستقبل للإسلام في الديار الأوروبية؟؟؟
-
مجرد كلمة
-
المغرب: المطلوب توحيد اليساريين المغاربة و ليس وحدة القيادات
-
اتحاد كتاب الانترنت العرب على الدرب يسير
-
خصخصة صناعة السكر بالمغرب
-
البطالة بالمغرب
-
مجرد كلمة...هل من تغيير وزاري بالمغرب؟
-
ليس هناك دخان بدون نار...
المزيد.....
-
تحطم طائرة قرب مركز تسوق في فيلادلفيا.. وكاميرا جرس الباب تو
...
-
أمريكا: تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا.. وشاهد عيان: -رأيت كر
...
-
شولتس: حرب كييف سبب أزمتنا الاقتصادية
-
قناة السويس: مؤشرات على عودة الاستقرار للبحر الأحمر
-
سوريا تلجأ لوسطاء لاستيراد النفط
-
مركز قطر للمال سجل أعلى نمو بعدد الشركات في 2024
-
كندا والمكسيك على موعد مع تعريفات ترامب غدا
-
سعر الغاز في أوروبا يتجاوز الـ 570 دولارا لكل ألف متر مكعب ل
...
-
تعزيز التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا: من المستفيد؟
-
مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية يترك منصبه بعد خلاف مع حلفا
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|