أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله - عمدة لندن الجديد، مسلم أم علماني؟














المزيد.....

عمدة لندن الجديد، مسلم أم علماني؟


رفعت عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 5168 - 2016 / 5 / 20 - 00:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عمدة لندن الجديد، مسلم أم علماني؟!‏
مؤخرًا رشح حزب العمال الانجليزي أحد أعضائه الذي له دور وأثر ملموس وشعبية في أوساط المجتمع البريطاني لمنصب ‏عمودية العاصمة لندن.‏
هذا الرجل هو ابن لمهاجر باكستاني مسلم، ومع ذلك فاز على مرشح حزب المحافزين الذي هو انجليزي أبًا عن جد، فضلاً ‏عن كونه مسيحيًا.‏
بالمقاييس الشرقية المعمول بها في بلادنا لا وجه للمفاضلة بين مرشح هو من المواطنين الأصليين بالإضافة لكنه يتبع دين ‏الأغلبية وهذا فارق ضخم يصب بمعاييرنا في صالح ذلك المرشح، ومرشح ليس من المواطنين الأصليين، فهو ابن لوافد ‏شرقي يتبع دينًا هو دين أقلية بالمجتمع الانجليزي. لذا من منظورنا الشرقي كان منتظرًا أن يُمنَى هذا الأخير بهزيمة قاسية، ‏ولكن العكس هو الذي حذث فابن المهاجر الباكستاني المسلم فاز وأصبح عمدة واحدة من أهم المدن الأوروبية على الإطلاق ‏‏(مدينة لندن عاصمة بريطانيا).‏
عندنا في مصر وفي غيرها من الدول التي تقول عن نفسها أنها دول إسلامية رغم أنه لا يجوز وصف دولة بالإسلامية أو ‏المسيحية أو بأي دين لأن الدين هو دين للأفراد والشعوب وليس للدول. أقول في مصر وفي غيرها هلَّل البعض لفوز صادق ‏خان ذي الأصول الباكستانية المسلم بمنصب عمدة لندن، وعدُّوا الحدث نصرًا للإسلام والمسلمين.‏
رد الفل هذا يذكرنا ببطل الملاكمة الأمريكي الزنجي "كلاي" الذي اعتنق الإسلام في إطار حرية العقيدة في المجتمع ‏الأمريكي العلماني فركز العرب والمصريون على كون بطل الملاكمة مسلم كأن كونه أصبح مسلمًا أهَّله للفوز على منافسيه!!‏
في غمرة الفرحة والزهو بالبطل الرياضي المسلم نسي الجميع أو تناسوا أن الذي صنع البطل هو موهبته وتدريبه وقوة ‏ساعديه وإصراره على الفوز وليس إسلامه فالدين لا يخلق بطلاً رياضيًا!!‏
شعوبنا المهووسة تهلل وتملأ الدنيا صخبًا وضجيجًا احتفاءًا بكل ما هو إسلامي!!‏
نعود لصادق خان عمدة لندن الجديد، هذا الرجل فاز بمنصبه الكبير، وهزم منافسًا من وجهة نظرنا ووفقًا لتقاليدنا وما هو ‏معمول به في بلادنا هو الأقدر وهو صاحب الفرصة الكبيرة في الفوز، ولكن معاييرنا وتقاليدنا وما هو معمول به عندنا ليس ‏له قيمة واعتبار في المجتمع الانجليزي ولا في كل المجتمعات التي تقول عن نفسها بصدق أنها مجتمعات حديثة.‏
صادق خان البريطاني الباكستاني المسلم فاز في سباق محكوم بمعايير الكفاءة والمواطنة والمساواة والعلمانية .‏
في القرن الثامن عشر ذهب الفيلسوف الانجليزي "جون لوك" إلى أن الدولة ليس من مهامها أن تُعِّد الناس للذهاب للسماء أو ‏الجنة بعد الرحيل من الأرض، وإنما مهمتها أن تدير شئون ومصالح الناس الدنيوية، وأن تعمل على تطويرها وترَّقيها. وهذا ‏يعني وقوف الدولة على الحياد في قضية الدين، فالدولة بوصفها كيانًا اعتباريًا ليس لها دين ولا يعنيها أن يكون الناس ‏مسلمين أو يهود أو مسيحيين أو بغير دين. كل اهتمامها هو رعاية شئون ومصالح الناس ومنها الشئون الدينية فتوفر حرية ‏العقيدة وحرية العبادة وتحفظ حق كل طائفة دينية في بناء دور العبادة الخاصة بها، وتمنع بالقانون تَغوُّل طائفة كبيرة على ‏أخرى صغيرة. وهذا يعني مفهوم المواطنة فالفرد لأنه مرتبط بأرض الدولة وحائز على جنسيتها هو مساوٍ في الحقوق ‏والواجبات لكل مواطن آخر ولا مجال للتمييز الديني أو العرقي أو الطبقي فالكل متساوون.‏
هذه هي روح الحداثة التي تحكم الدول والمجتمعات الحديثة، وهي التي فتحت الباب على مصراعيه أمام شخصية صادق ‏خان الانجليزي الباكستاني المسلم ليصبح عمدة لندن على معيار الكفاءة والمواطنة والمساواة والعلمانية.‏
يأتي هذا الحدث الجميل فيعيد للذاكرة مشاهد محزنة من الواقع المصري المُر، فلن ننسى قول الرئيس السادات: "أنا رئيس ‏مسلم لدولة مسلمة"‏
ولن ننسى في حكومة م. عصام شرف بعد خلع مبارك حين عينت الحكومة محافظًا مصريًا مسيحيًا لمحافظة قنا خرج ‏السلفيون وعامة الناس وقطعوا خط السكة الحديد فأزعنت الحكومة وتراجعت عن تعيين المحافظ المسيحي.‏
ولن ننسى رفض طالبات مدرسة صناعية بالمنيا تعيين مديرة مسيحية بمدرستهنَّ فأزعنت وخضعت الوزارة والإدارة.‏
هذه مجرد أمثلة قليلة لواقع عام مظلم ينتمي للعصور الوسطى حين كان الدين هو الحاكم للعلاقة بين الحاكم والرعية، فمن ‏كان على دين الدولة والسلطان كان له الإمتيازات ومن كان على دين آخر كان له التمييز ضده والتهميش بل والإضطهاد، ‏تلك الروح المظلمة التي تحكمنا من قبور العصور الوسطى الظلامية مازالت تحكمنا وتتحكم فينا وتحكم سلوك وفعل ‏المسئولين والناس.‏
ننظر للغرب العلماني ونتحصر ونقول بنفسٍ مُرَّة: متى نرى عندنا ما عندهم؟!‏
صادق خان البريطاني الباكستاني المسلم صار عمدة لندن لأنه هو والمجتمع والناس هناك علمانيون.‏

رفعت عوض الله
كاتب وباحث



#رفعت_عوض_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقتل جوليو رجيني والروح الشرقيه
- عيش حريه عداله اجتماعيه كرامه انسانيه
- الشرطه والدوله والمصريون
- خطيئة الغرب ومقتلة باريس الاخيره
- مصر رايحه لفين
- فشل السلفيين ونظام الحكم في الانتخابات البرلمانيه
- روسيا والحرب الدينيه
- السعوديةواسرائيل
- المسيحية كم اراها
- الحزب العلماني والحزب الديني
- الأصولية الأسلامية والحضارة الإنسانية
- الاصولية الاسلامية والحضارة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت عوض الله - عمدة لندن الجديد، مسلم أم علماني؟