غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 16:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الارتــبــاط الــزانـي بين الدولار والليرة السورية
رد على مقال الزميل ضيا اسكندر المنشور بالحوار المتمدن بتاريخ 17 آذار 2016 بعنوان " ما هي غايتهم من رفع أسعار صرف الدولار في ســـوريــة "
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=517313
آه.. وألف آه يا ابن البلد الذي ولدنا فيه أنت وأنا.. لنتساءل مرة أخرى معا ماذا تبقى من (الوحدة والحرية والاشتراكية) التي حكمت بـهـا سلطات هذا البلد.. ووصل سعر الدولار اليوم إلى أكثر من سبعمائة ليرة سورية. ونائب ببرلمان هذا البلد قريب مقرب من وزير (عدلها) يضرب ويغتصب ويعتدي على قاضية جاءت إلى بيته لتنفيذ حكم حجز مالي عليه؟؟؟...
ماذا تبقى من هذا البلد؟... وأكثر من نصفه بيد داعش والنصرة.. وبقية عصابات متفرقة تقطع الأعناق والأرواح والأرزاق باسم شريعة عمرها خمسة عشر عام من عتمة بلا نهاية... نصفه محترق متفجر مهدم... وأكثر من نصف شعبه مهجر, ميت, معاق, جائع, مظلوم, أو مهجر... يتفرج عليه من يشاء.. ويقرر أموره من يشاء من رئيس عصابة بحي بلا ماء أو كهرباء.. أو شيخ أمي جاهل.. يحكم ويزوج ويطلق صبية سبية بيعت بعشرة دولارات...
إذن يا صديقي لماذا تهتم وتحزن وتشتكي لأجل انهيار اقتصاد البلد, وانهيار ليرته.. بعد انهيار البلد. وانهيار كيان شعبه, وانهيار أخلاق البشر.. إن كان نائب ببرلمانه قريب من وزير عدله, لا يحترم قضاءه ولا يحترم عدله... وأنت تتباكى على اقتصاده وعلى ليرته التي لم يعد يتعامل بها غلام صغير يبيع كل الليل محارم ورق, وأخوه الأكبر يبيع ورق تمسيح مؤخرة(عذرا لبذاءة الصورة)..بالدولار.. بالدولار الذي كتب عليه "بالله نحن نؤمن In God We Trust"... ولم يعد أحد من هذا الشعب يؤمن بأي شـيء.. أي شـيء.. سوى برغيف الخبز المفقود وبالدولار.. بعدما ضاع كل شيء من الوحدة والحرية والاشتراكية.. بمقبرة المجهولين والفقراء!!!...
بعد قراءة هذه المداخلة الحزينة الواقعية الحقيقية اليائسة البائسة.. إن استوعبوا وفهموا جزءا بسيطا من معانيها وغايتها.. سوف ينهال أنصاف الأصدقاء وحلقاتهم وتابعيهم بانتقاداتهم المريرة ضدي, بتهمة انهيار العزيمة القومية مطالبين بإطلاق أحكام الاقصاء والتخوين وإهانة عزيمتهم الوطنية.. هم الذين وصلوا إلى بلد الأمان هنا, بحقائب مليئة بالدولارات والأورويات.. تاركين هناك بضعة ليرات سورية, بلا أية قيمة... موزعين التعاليم والوطنيات والقوميات والحكم والموعظات, وانتقاد الانتقادات... لتثبيت الزعامات وجمع الحلقات حول " الوحدة والحرية والاشتراكية " كأنما شعبنا لم يبتل بــحــرب آثمة غبية مجرمة حرقت البلد بسببهم.. وابتلت مما ابتلت.. من أخطائهم وفساد زعاماتهم وحلقاتهم هناك طيلة أكثر من خمسين سنة.. حتى انهار نصف البلد بايدي داعش, وأبناء داعش, وحلفاء داعش وحاضنات داعش!!!......
يا سيد ضيا اسكندر, بدلا من التباكي على اقتصاد البلد الذي ازدهر بالماضي, خدمة لانتفاخ حلقات التماسيح.. تعال نسأل عن الثكالى والأطفال والشيوخ والفقراء والمهجرين ومن ماتوا.. كل من ماتوا بلا سبب بهذا البلد..وخاصة جنودنا وشبابنا الذين ماتوا لحماية البلد من جحافل الغباء والتعصب الديني.. هؤلاء هم الذين يستحقون التساؤل عن مصيرهم.. لا ليرة البلد... ما العملة بلا حياة يا رجل.. ما العملة بلا خبز ولا ماء ولا أمان ولا كهرباء.. يا إنسان؟؟؟...
هناك من يقول لي أنظر إلى المقاصف.. أنظر إلى المطاعم الفخمة.. أنظر إلى الأعراس الباهظة.. بدمشق واللاذقية وطرطوس...كل الملذات المظهرية.. ظــاهــرة.. وأنا أجيبهم.. وفي زارا.. وفي الرقة وفي دير الزور وفي حمص وحلب.. وفي تــدمــر.. نعم في تدمر.. وحتى على بضعة كيلومترات من دمشق... هل تتذكرون من شنقوا ومن صلبوا في تدمر؟؟؟... أم هل تنسون وتتناسون شقاء من يسميهم الخبراء أو المحللون الاختصاصيون بالحروب الغبية : Victimes Collatérales ضـحـايـا جـانـبـيـة؟؟؟!!!... كم أعداد هذه الضحايا الجانبية.. خلال السنوات الخمس الماضية.. خلال كل السنوات الماضية؟؟؟.. منذ ما سمي استقلال هذا البلد حتى اليوم؟؟؟... تساءلوا... تساءلوا... هل تقدمنا نحو النور والحريات الإنسانية.. أم ركبنا حمار الزمن بالمقلوب.. وعدنا إلى داحس والغبراء والعصبيات والإثنيات.. حتى وصلنا إلى داعش وأبناء داعش وحلفاء داعش وحاضنات داعش.. حتى أصابنا العمى والغباء والموت... وابتلينا بداعش والعمى والغباء والموت...
ـــ يا أستاذ ضيا اسكندر.. أناديك أستاذ, لأنني أعرف أنك تحمل شهادة حقوق, رغم وظيفتك كعامل بشركة كهرباء اللاذقية.. وأنت تقول :
(بعض كبار قوى النهب والفساد الذين يقرؤون الأوضاع السياسية جيداً، أدركوا أن التسوية السياسية باتت وشيكةً. وقد لا يكون لهم دوراً في مستقبل سورية كما يطمحون. فسارعوا إلى تبديل عملتهم الوطنية بالدولار تمهيداً لمغادرة البلاد..)
يا صديقي وهل تعتقد أن هؤلاء التماسيح المنتفخين من أسياد الفساد, قد انتظروا خمسة سنوات من هذه الحرب الغبية الآثمة, حتى يهربوا غالب أموالهم وما نهبوا, حتى يحولوها إلى دولارات وجنيهات استرلينية وأورويات, ويهربونها إلى أوروبا وبنوكها.. وحتى يشتروا جنسيات أجنبية لضمانها وتأمين أرباحها.. وما تبقى لهم من ممتلكات ومخزنات على ارض الوطن.. كانت تــؤمــن تحويلها يوميا إلى عملات أجنبية, بما لهم من علاقات وصلات وواسطات ووجاهات واتصالات مع البنك المركزي السوري, وما تبقى منه لم يسرق ولم ينهب بعد.. أو لم يوزع على الأحباب والأصحاب...
بالإضافة أنه لا تسوية سياسية لا اليوم ولا غدا ولا بعد غد... ولا حاجة لانتظار ليلة القدر لإعلان وصول هذا الحل السياسي (الوهمي) الذي يوهمنا بــه العرابون الكبار كالجزرة.. حتى نتبعهم ونأمل بالحل السياسي الوهمي الموعود...
ورحم إله فقراء الليرة السورية.. أيام زمان... آه وألف آه يا زمــان... والفقراء السوريون وحدهم لم يعودوا ينتظرون لا الليرة السورية.. ولا أي حل سياسي.. ولا ليلة القدر... ولا الوعود... ولا مواعظ وأوهام مسلسلات " بـــاب الـــحـــارة "... آه على غباء "باب الحارة" التي كانت جزءا من عملية إغراقنا بالغباء والعمى.. وجــرنــا إلى قبول عملية تغبية شعب بكامله.. حتى لا يرى ولا يسمع ولا يفهم!!!..........
*************
عـــلـــى الــــهــــامــــش :
ــ ما زال بعض النقاد المحترفين المحليين, يلومونني عدم انضمامي إلى حلقات " جــمــع الــشـمــل " إطالة و ردا لانتقاداتي السابقة لها. وما كان صمتي عنها.. سوى نوع من الانتظار والتفرج.. حتى تظهر النتائج... ولكن البعض اعتبر حتى صمتي, نوعا من الاهتمام بفكرة لا تستحق كل الاهتمام.. ونظرا لانغماسها بلا أي إنتاج يستحق الاهتمام, سوى الاجتماعات الصالونية, والطعامية والمطعمية.. ابتعدت أكثر.. لأرى أكثر.. أطلت صمتي وما زلت أنتظر.. ولــم أر أي شــيء... أي شـيء.
وتأكدت أنني لن أر أي شــيء... وتأكدت خـــاصــة أنه حقا ما من شــيء يجمعني مع "جـمـع شــمــلــهــم" لا فلسفة ولا فكر ولا سياسة.. ولا فــن ولا كتابة ولا قصة ولا تاريخ مشترك... لا شــيء.. لا شـيء سوى أننا ولدنا من سنوات بعيدة في بلد واحد, لا تربطني منه ــ معهم واشتراكا ــ أية ذكريات طيبة صحيحة...
ذكرياتي الحقيقية.. ذكرياتي الصحيحة.. هنا ولدت.. هنا أصدقائي وعائلتي وأولادي و أحفادي.. وأصدقاؤهم من هذا البلد... لا يوجد فيها أية شـائبة... عندما نجتمع.. نختلف... نتفق... ولكننا لا نصرخ.. نتكلم كلنا نفس اللغة.. ولدينا كلنا نفس المستوى.. نحب نفس الروايات.. ونفس الفنانين.. ونحب ونكره نفس الكتابات والكتابات والسياسات.. ونــحــب هذا البلد الذي نعيش فــيــه.. ونسعى للملمة نكساته وتحسين سياساته.. ونعرف أسرار سياساته.. أستطيع الاستماع بلذة كتابات أصغر أحفادي منتقدا أشهر الفلاسفة المعاصرين ساعة بعد ساعة... هنا لذتي.. هنا حياتي مع هذه الحلقات من أحفادي وأصدقائهم... بعد أن عرفت سنينا وسنينا جميع طبقات البشر.. من أفقرهم فكرا وثقافة.. حتى أغناهم منصبا وعلما ونفاقا أو خبرة وخيرا وموهبة وصدقا.. أو العكس.. من العامل والحاجب والمزارع البسيط.. حتى أعلى المناصب وأغناها فكرا ومنصبا وقوة ومالا...
لا حــاجــة لي حقا, وبعد اليوم, أي ميل للتجمعات الهيتروكليتية وغيرها.. وخاصة التي تدعي إنقاذ بلد مولدنا.. والالتقاء بأفرادها... لــم نــعــد نتكلم نفس اللغة... ولا يجمعنا أي فــكــر.. ولا أي هــدف.. ولا أية غــايــة.. ولو كانت تحمل أسماء طنانة أو طوباوية ذات عشرات النعوت السحرية... لأن صفحتي معها.. أغلقت.. أغلقت أبدا... لأن طرق تعابيرنا ومشاعرنا وأساليبنا نحوه مختلفة كليا وجذريا... وكتاباتي "بالحوار" وغيره.. هي صوتي وما أتمكن من أجله... نقطة على السطر... انـــتـــهـــى!!!...
بانتظار طلوع شمس آخر لكل من أحبهم... قبلة إثر قبلة... وتمنيات بسعادة حقيقية كاملة.. وتحية إنسانية مهذبة.. بلا حدود.................
غـسـان صــابــور ــ لــيــون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟